المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جديد: اليوم بالكلمة وغدًا بالسَّلاح .. هكذا الإخوان المسلمون



أم دعاء السلفية الفلسطينية
02-Apr-2012, 02:56 PM
اليوم بالكلمة (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)وغدًا (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)بالسَّلاح (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/).. هكذا (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)الإخوان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)المسلمون

أخبرني أحدهم ذات مرة أنَّ تقييم الإنسان لا بدَّ أن يكون من خلال كونه إنسانًا من دون النَّظر إلى أيدلوجيَّته الفكريَّة، فقلت له: أخي الكريم لا تستطيع أن تفصل بين الإنسان ومنظومته الفكريَّة، فالإنسان كائن معقَّد يموج بالكثير من المؤثِّرات التي تحكم تصرفاته، والمنظومة الفكريَّة هي جزءٌ من هذه المؤثِّرات، بل هي من أكثرها تأثيرًا على الإنسان؛ لأنها ترسم له الخرائط التي يسير عليها للوصول إلى الأهداف وتُحدِّد له الوسائل المتَّبعة في ذلك، قد لا يظهر هذا التأثير المباشر لبعض هذه الأيدلوجيَّات في بعض الظُّروف أو قد يظهر بصور ضبابيَّة غير واضحة الملامح أو قد يظهر بصور عموميَّة تذوب فيها خصوصيَّات تلك المنظومة، ولكن إذا أتيحت لها ظروفها خرجت إلى حيز الوجود بصورها الواضحة وكشفت عن حقائقها المكنونة.

والإسلام هذا الدين الحنيف أرسى أسمى التعاليم والقيم والأخلاق، ودعا المجتمع المؤمن إلى الوئام والتآخي والتواصي حتى شبَّههم وجعلهم كالجسد الواحد الذي لا يقبل التفرق والتمزق، جسدًا يتحلَّى بالمناعة الحصينة ضد الأفكار الغريبة التي تريد الإضرار بهذا الجسد وإضعافه، فهو لا يريد للمؤمن أن يعيش رجلا في الظل يُضمر في أعماقه أو مع فئةٍ معينةٍ: أيدلوجيات فكرية غريبة تعمل وراء الأستار أو حتى في وضح النهار على خلخلة وحدة المجتمع وتماسكه، وربما تلجأ هذه الفئات في مقابل تحقيق مكاسبها الفئويَّة والتغرير ببعض ضعفاء النفوس إلى استخدام (شعارات براقة) تُخفي بها عن الأنظار محركاتها الأيدلوجيَّة الحقيقيَّة وأجنداتها الخفيَّة.

وتكمن الخطورة هنا إضافة إلى هذا: في تمحور هذه الفئات الخفيَّة في عقول (جَمْعيَّة) تضع لهم حدودًا لا يستطيعون تجاوزها وتوجب عليهم السَّمع والطَّاعة والبيعة وتُملي عليهم مسبقًا الالتزام بحدود هذه الدوائر الفكريَّة المغلقة المريبة التزامًا كاملاً.
فها هو حسن البنَّا مؤسِّس الإخوان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)المسلمين يُعدِّد أركان بيعة الإخوان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)العشرة فيذكر من ضمن هذه الأركان (الطَّاعة).
ثُمَّ يقول موضِّحًا هذا الرُّكن:”وأريد بالطاعة: امتثال الأمر وإنفاذه توًّا في العسر واليسر والمنشط والمكره, وذلك أنَّ مراحل هذه الدعوة ثلاث:

المرحلة الأولى: مرحلة التعريف: بنشر الفكرة العامة بين الناس, ونظام الدعوة في هذه المرحلة نظام الجمعيات الإدارية, و مهمتها العمل للخير العام، وسيلتها الوعظ والإرشاد تارة وإقامة المنشآت النافعة تارة أخرى, إلى غير ذلك من الوسائل العملية, وكل شعب الإخوان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)القائمة الآن تمثل هذه المرحلة من حياة الدعوة, وينظمها القانون الأساسي, وتشرحها وسائل الإخوان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)وجريدتهم, والدعوة في هذه المرحلة عامة.
ويتصل بالجماعة فيها كل من أراد من الناس متى رغب المساهمة في أعمالها ووعد بالمحافظة على مبادئها, وليست الطاعة التامة لازمة في هذه المرحلة بقدر ما يلزم فيها احترام النظم و المبادئ العامة للجماعة.

المرحلة الثانية: مرحلة التكوين: باستخلاص العناصر الصالحة لحمل أعباء الجهاد وضم بعضها إلى بعض, و نظام الدعوة – في هذه المرحلة –صوفي بحت من الناحية الروحية, وعسكري بحت من الناحية العملية, وشعار هاتين الناحيتين (أمر وطاعة) من غير تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج, وتمثل الكتائب الإخوانية هذه المرحلة من حياة الدعوة, وتنظمها رسالة المنهج سابقا, وهذه الرسالة الآن، والدعوة فيها خاصة لا يتصل بها إلا من استعد استعدادا تاما حقيقيا لتحمل أعباء جهاد طويل المدى كثير التبعات,وأول بوادر هذا الاستعداد كمال الطاعة.

المرحلة الثَّالثة: مرحلة التنفيذ:وهي مرحلة جهاد لا هوادة فيه، وعمل متواصل في سبيل الوصول إلى الغاية، وامتحان وابتلاء لا يصبر عليهما إلا الصادقون, ولا يكفل النجاح في هذه المرحلة إلا كمال الطاعة كذلك، وعلى هذا بايع الصف الأول من الإخوان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)المسلمين في يوم 5 ربيع الأول سنة 1359هـ.
وأنت بانضمامك إلى هذه الكتيبة, وتقبُّلك لهذه الرسالة, وتعهدك بهذه البيعة, تكون في الدور الثاني, وبالقرب من الدور الثالث , فقدّر التبعة التي التزمتها، وأعدّ نفسك للوفاء بها”.
انتهى كلام حسن البنَّا من كتاب (مجموع رسائل حسن البنَّا) ص362.

فهذا كلامٌ واضحٌ بيِّنٌ لا لبس فيه ولا خفاء من مؤسِّس الإخوان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)المسلمين نفسه يقرِّر فيه بكلِّ صراحةٍ أن دعوته تقوم على إنشاء البيعات وتقديم الولاءات والالتزام بكمال الطاعة والالتزام بشعار (أَمْرٌ وطَاعَة) من غير تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج.
ويقول حسن البنَّا أيضًا:”القائد جزء من الدعوة، ولا دعوة بغير قيادة، وعلى قدر الثقة المتبادلة بين القائد والجنود تكون قوة نظام الجماعة وإحكام خططها، ونجاحها في الوصول إلى غايتها، وتغلبها على ما يعترضها من عقبات وصعاب (فأولى لهم طاعةٌ وقولٌ معروف)، وللقيادة في دعوة الإخوان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)حق الوالد بالرابطة القلبية, والأستاذ بالإفادة العلمية, والشيخ بالتربية الروحية, والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة, ودعوتنا تجمع هذه المعاني جميعا, والثقة بالقيادة هي كل شيء في نجاح الدعوات” [(مجموع رسائل حسن البنَّا) ص364].

وحينئذٍ فلا تكمن الخطورة فقط في نمط هذه الأيدلوجيَّة الفكريَّة وما فيها من الوبال على المجتمع، بل ينضاف إلى ذلك تمحور أصحاب هذه الأيدولجيَّة حول (عقل جَمْعِيٍّ) يُطبق عليهم بأقفال السمع والطاعة لقائد الجماعة، وتقديم الولاء والبيعة له من غير تردد ولا مراجعة ولا شك ولا حرج.

وحينئذٍ يُقال وبعبارة دقيقة: إذا كانت محاولة خلخلة نظام المجتمع وتجريده من تمسكه بالدين الحنيف والعادات والتقاليد الحميدة الموروثة عن الأجداد بزعم تحرير العقول الفرديَّة من سيطرة العقل الجمعي للمجتمع؛ ليكون الفرد بناءً على هذا عُرضةً للإصابة بأي مرض فكريٍّ في هذا العالم وفريسةً سهلةً جاهزةً لأصحاب الأيدلوجيَّات والأجندات المريبة؛ إذا كان هذا الأمر يُعدُّ من أسباب زعزعة أمن واستقرار وسلامة وتماسك المجتمع؛ فإنَّه يُقال بالمقابل: إنَّ استيراد عقول جَمعيَّة والتمحور حولها تحت أيدلوجيَّات فكريَّة مريبة وبثَّها في المجتمع بصور سرية أو علنية؛ هو أيضًا من أكبر أسباب زعزعة أمن واستقرار وسلامة المجتمع، والحقُّ وسطٌ بين من غلا في العقل الفردي حتى جعل تحرُّره هو التمرُّد على قيم هذا المجتمع ومبادئه وتراثه وبين من أتى إلى المجتمع بعقليات جَمْعيَّة غريبةٍ لخلخلة أمنه واستقراره وتفريق كلمته وتحقيق مكاسب فئويَّة.

ولا تكمن الخطورة في هذا فحسب، بل ينضاف إلى ما سبق كلِّه احتواء بعض هذه الأيدلوجيَّات على بند غايةٍ في الخطورة، وهو استخدام السلاح والقوَّة للسَّيطرة على المجتمع وقلب أنظمة الحكم.

وفي هذا يقول حسن البنَّا مؤسِّس الإخوان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)المسلمين بعد أن ذكر أهميَّة القوَّة:”ولكنَّ الإخوان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)المسلمين أعمق فكرًا وأبعد نظرًا من أن تستهويهم سطحية الأعمال والفكر، فلا يغوصوا في أعماقها، ولا يَزِنُوا نتائجها، وما يُقصد منها، وما يُراد بها، فهم يعلمون أنَّ أوَّل درجةٍ من درجات القوَّة قوَّة العقيدة والإيمان، ثُمَّ يلي ذلك قوَّة الوحدة والارتباط، ثُمَّ بعدهما قوة السَّاعد والسَّلاح، ولا يصحُّ أن توصف جماعةٌ بالقوَّة حتى تتوفَّر لها هذه المعاني جميعًا”.

إلى أن قال حسن البنَّا بصريح العبارة:”وبعد كلِّ هذه النَّظرات والتَّقديرات أقول لهؤلاء المتسائلين: إنَّ الإخوان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)المسلمين سيستخدمون القوَّة العمليَّة حيث لا يُجدي غيرها، وحيث يثقون أنَّهم قد استكملوا عدَّة الإيمان والوحدة، وهم حين يستخدمون هذه القوَّة سيكونون شرفاء صرحاء وسيُنذرون أوَّلاً، وينتظرون بعد ذلك، ثُمَّ يُقدمون في كرامةٍ وعزَّة، ويحتملون كلَّ نتائج موقفهم هذا بكلِّ رضاء وارتياح” [(مجموع رسائل حسن البنَّا) ص 135 و136].
هكذا يصرِّح حسن البنَّا وببساطة بأنَّ قوَّة السَّلاح هي درجةٌ من درجات قوَّة الجماعة، وأنَّ استخدام الجماعة للسَّلاح واردٌ حيث لا يُجدي غيره.

ويؤكِّد حسن البنَّا هذه القضيَّة أيضًا في موضع آخر حيث يقول:”وهل يمليه سيرة الأجلاء الأفاضل من علماء الأمة الإسلامية الذين كانوا يقتحمون على الملوك والأمراء أبوابهم وسُدودهم, فيقرعونهم ويأمرونهم وينهونهم ويرفضون أعطياتهم، ويبيّنون لهم الحق، ويتقدمون إليهم بمطالب الأمة,بل ويحملون السلاح في وجوه الجور والظلم” [(مجموعة رسائل حسن البنَّا) ص288].

وما احتجَّ به حسن البنَّا من هذه الأفعال الفرديَّة على تسويغ الخروج واستخدام السلاح مخالفٌ لنصوص الكتاب والسنة والإجماع الذي نقله غير واحدٍ من أهل العلم على تحريم الخروج على الأئمَّة أبرارًا كانوا أو فجَّارًا، وليس هذا موضع استعراض الأدلَّة، فهي معلومة لدى الكثيرين.

ويقول حسن البنَّا أيضًا في موضع آخر مؤكِّدًا هذه القضيَّة أيضًا وهو يشرح ركن (العمل) التي هي من الأركان العشرة التي يبايع عليها الإخوان (http://vb.noor-alyaqeen.com/t24897/)المسلمون:”فإذا قصَّرَتْ (أي الحكومة) فالنصح والإرشاد، ثم الخلع والإبعاد” [(مجموع رسائل حسن البنَّا) ص361].

وهكذا تتركَّب الأيدلوجيَّات المريبة من طبقات فكريَّة سميكة ابتداءً من نمط الأيدلوجيَّة نفسها وبنودها الفكريَّة، ومرورًا بالعقل الجمعي الذي يتكتَّل حوله التابع والمتبوع وبالخصوص المقيَّد بأقفال البيعة والالتزام والطاعة، وانتهاءً بأحد أخطر البنود وهو استخدام السلاح لزعزعة المجتمع واستقراره.

وحينئذٍ فإنَّنا نستحضر جميعًا الكلمات التاريخيَّة الحكيمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي – حفظه الله ورعاه – في خطابه المعروف، فكم كان حكيمًا ذا نظرٍ ثاقبٍ وبصيرةٍ نافذةٍ في سبر أغوار الأيدلوجيَّات الخارجيَّة وتأثيرها المدمِّر على المجتمع، وكم كان عطوفًا شفيقًا وهو يُحذِّر الشَّباب من الاغترار بهذه الأيدلوجيَّات والانسياق وراءها، لم تكن أبدًا كلمات قيلت على عواهنها، بل كانت كلمات موزونةً خرجت من رحم الحقيقة وسبرت أغوارها بمنتهى الشفافية والوضوح، كانت باختصار صيحة أب غيور على أبنائه وبلده.

كاتب إماراتي