المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قال الشيخ عبد الله البخاري رعاه الله كلمة وهي (لا تكن بوقًا للشر وسببًا في خزن علم الشيخ عنك)



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
20-Apr-2012, 12:17 AM
قال الشيخ عبد الله البخاري رعاه الله كلمة وهي
(لا تكن بوقًا للشر وسببًا في خزن علم الشيخ عنك)











قال سائل: هل تكرار السؤال على عدد من المشايخ هل هو عملٌ جائز؟، أو يعتبر من البحث عن الرخص وما يوافق الهوى؟.

الجواب: الحقيقة يا إخوتاه: من الأمور المهمة قبل أن أجيب على هذا السؤال.

هناك آداب للطالب-طالب العلم-له آداب تلزمه مع ربه وتجب عليه فيما بينهوبين ربه-جلَّ في علاه-، وهناك آداب تلزمه فيما يجب بينه وبين شيخه، وهناكآداب تلزمه وتجب عليه فيما بينه وبين أقرانه وزملائه، وهناك آداب تلزمهوتجب عليه فيما بينه وبين نفسه.

فمن الآداب-بارك الله فيكم-ونحن نحتاج وليس هذا التذكير بها والتنبيه عليهايعني: أن الأمر مَعْدَم!، ليس كذلك، لكنَّه مهم، ولولا أنه مهم ما ذكرهالعلماء وضمَّنوه في كتبهم، أليس كذلك؟، فقلَّ أن تجد كتابًا في علومالحديث إلَّا ويتكلم عن آداب الطالب والشيخ.

بل أفرد هذا البحث بمؤلفات، ولا أدلَّ على هذا من كتاب الإمام الخطيب (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)، وكتاب الإمام ابن عبد البر (جامعبيان العلم وفضله)، وكتبَ العلماء مِمَّن جاء بعدهم كابن جماعة في كتابهالعظيم (تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم)، وكتبَالزرنوجي-رحمه الله-في (آداب الطلب وطريق التعلم)، وغير ذلك، ومن أواخرهموليس هو آخرهم العلَّامة الإمام عبد الرحمن بن ناصر السعدي-رحمه الله-في (رسالة في أدب العالم والمتعلم) وهي رسالة لطيفة حَرِيَّةٌ بالعناية،وغيرهم من العلماء؟، فيحتاجه الطالب دائمًا.

قال ابن سيرين: (...كانوا يتعلمون الأدب والسَّمْتَ كما يتعلمون العلم...)،يتعلمون الأدب والسَّمْت كما يتعلمون العلم، ولعلَّ بعضكم قد قرأ في بعضالتراجم أن بعض العلماء أو بعض الولاة يأتون لأبنائهم بالمؤدِّب، صحيح؟،يعني: يعلِّمهم الأدب، فالإنسان يحتاجه دائمًا-بارك الله فيك-.

ومن الآداب في هذا المقام: (حسن السؤال وأدب السؤال)، وهذا كانت لي فيهكلمة قبل نحو من شهر أو أكثر قليلًا في أحد الجوامع في المدينة بين يديدرسنا للعمدة-عمدة الأحكام-نظرًا لكثرة ما رأينا من بعض الأسئلة.

طبعًا! السؤال طرحه له أدب، طريقة الطرح لها أدب، صياغته...إلى آخره،فأفردنا نحوًا من نصف ساعة في المأثور عن السلف في أدب السؤال وبيان هذاالأمر وأهميته.

ومِمَّا ذكر بعض أهل العلم أنه قال: (...ما وصل من وصل إلَّا بالْحُرْمَة،وما حرم من حرم إلَّا بترك الْحُرْمَة...) يعني: الاحترام، (...ما وصل منوصل...) يعني: في العلم إلِّا بالاحترام، وتبجيل الشيخ، واحترام نفسهواحترام العلم الذي يتحمَّله، نعم (...إلَّا بالْحُرْمَة...)، (...وما حرممن حرم إلَّا بترك الْحُرْمَة...).

وكان بعضهم لَمَّا كان يسأل بعض العلماء ويناكفهم في بعض الأسئلة تأسف قال: (...قد خزن عليَّ علم كثير...)، يخزن على الطالب علمُ الشيخ بسبب سوءالسؤال، ويحرم الجواب والعلم بسبب عدم ماذا؟، مراعاة أدب السؤال.

ولهذا قال الإمام ابن القيِّم: (...وإذا سألت فاسأل تفقهًا لا تعنتًا، ولاتقل الأمر غيبي قلبي...) خاصٌّ بماذا؟، بالقلب، نعم من يريد التفقه والتعنتأمرٌ قلبي لكن الله-جل وعلا-يعلم السر وأخفى، ويظهر هذا التعنت من التفقهعلى فلتات اللسان وعلى فلتات البنان، وضح؟.

فالإنسان قد يسأل ويكثر السؤال هنا وهنا، هذا مذموم عند العلماء، مِمَّاذمَّه العلماء التكرار، التكرار خاصة إذا كان الجواب قد جاءك شافيًا كافيًاواضحًا لا لبس فيه ولا غموض والجواب أتى على السؤال، فلِمَ البحث؟، هلالبحث عن المخارج؟، أو التتبع للرخص؟، فمن تتبع الرخص تزندق انتبه!.
وهؤلاء الذين يكثرون من مثل هذا يخشى عليهم من اتباع الهوى، وركوب سبيلالشيطان، وللعلَّامة ابن حزم-رحمه الله-كلام نفيس في أحوال السؤالوالسائلين، في كتابه (الأخلاق والسير في مداواة النفوس)، هذا داء يحتاج إلىدواء، هذا داء يحتاج إلى ماذا؟، دواء، عالج نفسك الحمد لله أنت حيّتستطيع، صحيح؟، أحجم إذا كنت تفعل هذا والعياذ بالله تتبعًا ونحو ذلكوتعنُّتًا فأحجم.

ومن الأوجه التي ذُمَّ فيها وجه السؤال: أن تسأل الشيخ لتمتحنه!، لماذا؟،لتمتحنه، فكم هذا مذموم محقَّر عند العلماء، فاربأ بنفسك أيها الطالب ولاتحرم العلم بمثل هذه المسالك.

ومن أدب السؤال أيضًا، نعم، ومن أدب الشيخ ومن حقه على الطالب أن يراعي متىيسأل، وكيف يسأل، نعم، متى يسأل وكيف يسأل ولا يكرر لِيُمِلَّ الشيخ منهفَيَمَلُّ، وإذا مَلَّ الشيخ كان ذلك سببًا للضجر.

جاء عند الخطيب في الجامع: (...قد أكثروا على عبد الله بن المبارك...) قدأكثروا على مَنْ؟، على الإمام عبد الله بن المباركحدِّثنا...حدِّثنا...حدِّثنا كلَمَا جاء يا شيخ حدِّثنا...حدِّثنا، فتضجَّرالإمام وظهر ذلك على ماذا؟، على ملامحه فقال بعضهم الذين شعروا: (...ياأبا عبد الرحمن تؤجر...) يعني: إن حدَّثتنا إيش؟، تؤجر مثلما يقولون لنا ياشيخ احتسب، اصبر يا شيخ إن شاء الله في أجر كبير لا بد من الصبر!، والصبرموجود والتذكير به في هذا المقام غير حسن، لا بد أن تعرف متى تذكِّر إناحتيج إلى التذكير هذا، قالوا: (...يا أبا عبد الرحمن تؤجر...) يعني: عندماتحدِّث الطلاب إن شاء الله يأتيك أجر فاحتسبنا.

قال الإمام ابن المبارك الجواد المجاهد المتفق عليه جمعت فيه خصال الخير،قال-رحمه الله-: (...الأجر كثير وأبو عبد الرحمن وحده...)، أبو عبد الرحمنإيش؟، وحده، يريد ليس منه يعني: زهدًا منه في الأجر لا، يريد-رحمه الله-أنطلبة العلم والطالبون كثير وتحديثهم فيه أجر كبير وأبو عبد الرحمن وحده لايتحمل يتعب، هو إنسان بشر يعتريه ما يعتري البشر صحيح؟، فلا تضجروه بمثلهذا الأسلوب، وهذا تأديب منه-رحمه الله-، وضح يا إخوتاه؟.

فالحذر الحذر من مثل هذا التتبع أو البحث عن الوقيعة بين المشايخ وأهلالعلم، بعضهم يبحث عن الفتن صحيح؟، بل بعضهم من صفاقة وجهه وقلَّة حياءهوأدبه-وقلها ولا تبالى-أنه يضرب كلام أهل السنة بعضه ببعض بأسمائهم!، يسألالإمام ابن باز-عبد العزيز بن باز-عن مسألة ثمَّ يقول: ولكن يا شيخ! قالالشيخ ابن عثيمين كذا، صحيح؟، قال فلان كذا من العلماء، هذا دلالة بيِّنةعلى الصفاقة وقلَّة الأدب مع قلَّة العقل، ومثله يجب أن يؤدب لأنه باحث عنالفتنة.

قد تقول: يا شيخ لعله لا يعني يريد الخير، نقول: كم مريد للخير لم يصبه ولم يوفق إليه.

فاحرص، احرص يا أخ يا طالب العلم أن تكون بوقًا للشرّ، فحسن السؤال وحسنطرح السؤال مهم جدًا، قد يخزن على الطالب علم كثير بسبب سوء السؤال، بسببإيش؟، سوء السؤال.

وأعطيكم-مَرَّة-والوقائع كثيرة: اتصل بي رجل من خارج البلاد-شاب من إحدى البلدان-، وانظر في وقت غير مناسب.

قلت: يا أخانا أعتذر إليك هذا جوابي.

قال: يا شيخ عندي سؤال!.

قلت: والله ما أستطيع الآن، حتى حلفت له يمينًا وأنا غير مضطر، مشغول ما أستطيع، تعذرني إلى بعد العصر.

قال: يا شيخ عندي سؤال!.

قلت: يا أخي أنا ما أستطيع.

طيب، ما هو الدليل أنك لا تجيب إلَّا بعد العصر، يقول لي: ما هو الدليل على أنه لا تجيب إلَّا بعد العصر؟.

قلت: الدليل هو: (أنك صفيق!) هداك الله، بما أنك تعرف الأدلة فلِمَ تتصل لتسأل عن الحلال والحرام؟!.

ماذا نفعل لأمثال هؤلاء؟، وأمثالهم كثير جدًا، يحرم الإنسان، بل هؤلاء-مع الأسف-قد يكونوا سببًا لحرمان آخرين، صحيح؟، أليس كذلك؟.

كم من المشايخ يمتنع الآن عن الجواب عن الأسئلة بالهاتف؟، كثير جدًا إن لميكن أكثرهم إن لم يكن جُلُّهُم صحيح؟، لِمَا تولد عن مثل هذا البابمِمَّاذا؟، من المشاكل والفتن الذي لا يحسنها-أعوذ بالله-لا يحسنون العلمولا أدب العلم، وهذا محروم، هذا هو المحروم، وحَرَمَ مَنْ؟، غيره، فيتحمَّلالوزر.

وكما يقال: لا تقل يا شيخ من لهؤلاء؟، لهم من يعينهم بإذن الله، كيف كانواقبل أن توجد الهواتف، فيكونون بعد عدم إجابة المشايخ على الهواتف، والحاضرأولى من الغائب، الحاضر أولى من الغائب أليس كذلك؟، وأوجب في إجابته منالغائب.

فعلى كل حال-بارك الله فيكم-: انتبهوا إلى مثل هذا، وهذا والله أمرٌ مخيف ومُزْرِي ويعني-سبحان الله-نذير شرّ نعوذ بالله منه[1].

لسماع المادة الصوتية:
(لا تكن بوقًا للشر وسببًا في خزن علم الشيخ عنك)

قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الجمعة الموافق: 4/ ربيع أول/ 1433 للهجرة النبوية الشريفة.



[1] (شرح أصول السنة للإمام أحمد/ الشريط التاسع/ لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحيم البخاري-حفظه الله-)

أبو عبد الله المعتز بالله الجيلالي السلفي
21-Apr-2012, 11:13 AM
بارك الله فيك