المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير قوله تعالى: ﴿ وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ﴾



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
20-Mar-2010, 04:37 PM
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ؛ من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد : قال الأستاذ حكمت بن بشير بن ياسين - أستاذ التفسير في كلية القرآن الكريم والدراسات العليا بالجامعة الإسلامية - في كتابه "التفسير الصحيح" (2/285-286، ط1، 1420هـ، دار المآثر بالمدينة النبوية) في تفسير قوله تعالى : ﴿ وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ﴾ :
قال النسائي : أنا يحيى بن حبيب بن عربي : نا حماد ، عن عاصم ، عن أبي وائل قال : قال عبد الله : خط لنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوماً خطاً، وخطه لنا عاصم - فقال: " هذا سبيل الله " ، ثم خط خطوطاً عن يمين الخط وعن شماله فقال لهذه السُّبُل : "وهذه سُبُل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه"، ثم تلا هذه الآية : ﴿ وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ﴾ للخط الأول ، ﴿ ولا تتبعوا السبل ﴾ للخطوط ، ﴿ فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلكم تتقون ﴾.
(التفسير 1/485 ح 194)، وأخرجه أحمد في مسنده (1/435، 465) والدارمي في سننه (1/67-68، ب في كراهية أخذ الرأي)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 1/181 ح 7)، والحاكم في مستدركه (2/31http://www.al-amen.com/images/smilies/icon_cool.gif من طرق عن حماد بن زيد به. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وحسن إسناده الألباني في (ظلال الجنة 1/13).
قال الترمذي : حدثنا علي بن حُجر السعدي : حدثنا بقية بن الوليد ، عن بُحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نُفير ، عن النواس بن سمعان الكلابي قال : قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن الله ضرب مثلاً صراطاً مستقيماً، على كنفي الصراط داران لهما أبواب مفتحة، على الأبواب سُتور وداعٍ يدعو على رأس الصراط وداع يدعو فوقه ﴿والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ﴾ والأبواب التي علي كنفي الصراط حدود الله فلا يقع أحد في حدود الله حتى يُكشف السِّتر، والذي يدعو من فوقه واعظ ربه ".
(السنن 5/144 ح 2859 - ك الأمثال، ب ما جاء في مثل الله لعباده). وقال: غريب، ولكن في (تحفة الأشراف ح 11714): أنه حسنه، وأخرجه النسائي (التفسير 1/568 ح 253) عن علي ابن حجر وعمرو بن عثمان، وأحمد (المسند 4/183) عن حيوة بن شريح. كلهم عن بقية به. وأخرجه أحمد (المسند 14/182-183)، والحاكم (المستدرك 1/73) من طرق عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه به. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولا أعرف له علة. ووافقه الذهبي. وقال ابن كثير:إسناد حسن صحيح (التفسير 1/2http://www.al-amen.com/images/smilies/icon_cool.gif، وقال الألباني: صحيح (صحيح الترمذي ح 2295).
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله: ﴿ ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ﴾ قال: البدع والشبهات والضلالات.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: ﴿ فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ﴾ وقوله ﴿ أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ﴾ [سورة الشورى: 13]. ونحو هذا في القرآن. قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله.
قال أبو طيبة : قد عارضت هذه الأحاديث بأصولها ، فوجدت في حديث عبد الله بن مسعود عند النسائي هذه السبل غير مسبوق اسم الإشارة بلام الجر كما (2/485، ط1، 1410هـ، مؤسسة الكتب الثقافية) ، في حديث النواس عند الترمذي "سوران" بدل " داران" كما في (4/539، ط1، 1998م، دار الغرب الإسلامي) وهي كذلك عند الطبراني في مسند الشاميين من الطريق نفسها ، ولفظه عند أحمد (13/485، ط1، 1416هـ ، دار الحديث ) عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ، وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلَا تَتَنفرجُوا ، وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ ، فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ؛ قَالَ : وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ ؛ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ ، وَالصِّرَاطُ : الْإِسْلَامُ ، وَالسُّورَانِ : حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ : مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ: كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ: وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ " .
وأما أثُر مجاهد فهو كذلك في تفسيره ، ولكن عند الدارمي والطبري وابن أبي حاتم وابن أبي بطة في الإبانة الكبرى والمروزي في السنة والبيهقي في المدخل والسيوطي في الدر والحافظ في المطالب العالية بلفظ : البدع والشبهات بدون كلمة الضلالات .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.