المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : توكل تُسَقْ إليك الأرزاق بلا تعب



هالة السلفية المصرية
27-Apr-2012, 02:33 AM
توكل تُسَقْ إليك الأرزاق بلا تعب
*****************************

عَنْ عُمرَ بن الخطَّابِ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :
(( لَو أَنَّكُم تَوكَّلُون على اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَما يَرزُقُ الطَّيرَ ، تَغدُو خِماصاً ، وتَروحُ بِطاناً )) رواهُ الإمام أحمدُ والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابنُ ماجه وابنُ حبَّان في " صحيحه " والحاكِمُ ، وقال التِّرمذيُّ : حَسَنٌ صَحيحٌ .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي - رحمه الله تعالى - معلقاً ع...لى هذا الحديث العظيم :( واعلم أنَّ تحقيق التوكل لا يُنافي السَّعي في الأسباب التي قدَّر الله سبحانه المقدورات بها ، وجرت سُنَّته في خلقه بذلك ، فإنَّ الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكُّل ، فالسَّعيُ في الأسباب بالجوارح طاعةٌ له ، والتوكُّلُ بالقلب عليه إيمانٌ به ... ) إلى أن قال - رحمه الله تعالى - : ( ومنها ما يَخرِقُهُ لِقليلٍ من العامة ، كحصول الرِّزق لمن ترك السعي في طلبه ، فمن رزقه الله صدق يقين وتوكل ، وعَلِمَ من الله أنَّه يَخرِقُ له العوائد ، ولا يُحوجه إلى الأسباب المعتادة في طلب الرزق ونحوه ، جاز له تَركُ الأسباب ، ولم يُنكر عليه ذلك ، وحديث عمر هذا الذي نتكلم عليه يدلُّ على ذلك ، ويدلُّ على أنَّ النَّاس إنَّما يُؤتون مِنْ قلَّة تحقيق التوكُّل ، ووقوفهم مع الأسباب الظاهرة بقلوبهم ومساكنتهم لها ، فلذلك يُتعبون أنفسَهم في الأسباب ، ويجتهدون فيها غاية الاجتهاد ، ولا يأتيهم إلاّ ما قُدِّر لهم ، فلو حَقَّقوا التوكُّلَ على الله بقلوبهم ، لساقَ الله إليهم أرزاقهم مع أدنى سببٍ ، كما يسوقُ إلى الطَّير أرزاقها بمجرَّدِ الغدوِّ والرواح ، وهو نوعٌ من الطَّلب والسَّعي ، لكنه سعيٌ يسيرٌ .
وربما حُرِمَ الإنسانُ رزقَهُ أو بعضَه بذنب يُصيبه ، كما في حديث ثوبان ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( إنَّ العبدَ ليُحرَمُ الرِّزق بالذَّنب يُصيبه )) .
وفي حديث جابر ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : (( إنَّ نفساً لن تموتَ حتى تستكمل رزقها ، فاتَّقوا الله وأجملوا في الطَّلب ، خُذوا ما حلَّ ودعوا ما حَرُم )) .
وقال عمر :بين العبد وبين رِزقه حِجاب ، فإن قنع ورضيت نفسه ، آتاه رزقُه ، وإنِ اقتحم وهتك الحجاب ، لم يزد فوقَ رزقه .
وقال بعض السَّلف : توكل تُسَقْ إليك الأرزاق بلا تعب ، ولا تَكَلُّف .
قال سالم بن أبي الجعد : حُدِّثْتُ أنَّ عيسى - عليه السلام - كان يقول :"اعملوا للهِ ولا تعملوا لبطونكم ، وإيَّاكم وفضولَ الدُّنيا ، فإنَّ فضولَ الدُّنيا عند الله رجز ، هذه طَيرُ السماء تغدو وتروح ليس معها من أرزاقها شيء ، لا تحرث ولا تحصد الله يرزقها ، فإنْ قلتُم : إنَّ بطوننا أعظم من بطون الطير ، فهذه الوحوش من البقر والحمير وغيرها تغدو وتروح ليس معها من أرزاقها شيءٌ لا تحرث ولا تحصد ، الله
يرزقها " . خرَّجه ابن أبي الدُّنيا ) .
كتاب / جامع العلوم والحكم
للعلامة / ابن رجب الحنبلي - رحمه الله تعالي