المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصلح جائز بين المسلمين ، إلا صلحا حرم حلالا ، أو أحل حراما



هالة السلفية المصرية
18-May-2012, 05:08 PM
الصلح جائز بين المسلمين ، إلا صلحا حرم حلالا ، أو أحل حراما
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
عن عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الصلح جائز بين المسلمين ، إلا صلحا حرم حلالا ، أو أحل حراما . والمسلمون على شروطهم ، إلا شرطا حرم حلالا ، أو أحل حراما » رواه أهل السنن إلا النسائي .
جمع في هذا الحديث الشريف بين أنواع الصلح والشروط - صحيحها وفاسدها - بكلام يشمل من أنواع العلم وأفراده ما لا يحصى بحد واضح بين .
فأخبرأن الأصل في الصلح : أنه جائز لا بأس به ، إلا إذا حرم الحلال ، أو أحلالحرام . وهذا كلام محيط ، يدخل فيه جميع أقسام الصلح . والصلح خير ، لمافيه من حسم النزاع ، وسلامة القلوب ، وبراءة الذمم .
فيدخل فيه : الصلح في الأموال في الإقرار ، بأن يقر له بدين ، أو عين ، أو حق ، فيصالحه عنه ببعضه أو بغيره .
وصلح الإنكار ، بأن يدعي عليه حقا من دين ، أو عين ، فينكر . ثم يتفقانعلى المصالحة عن هذا بعين أو دين ، أو منفعة أو إبراء ، أو غيره : فكل ذلكجائز .
وكذلك الصلح عن الحقوق المجهولة ، كأن يكون بين اثنين معاملةطويلة ، اشتبه فيها ثبوت الحق على أحدهما أو عليهما ، أو اشتبه مقداره ،فيتصالحان على ما يتفقان عليه ، ويتحريان العدل .
وتمام ذلك : أنيحلل كل منهما الآخر ، أو يكون بين اثنين مشاركة في ميراث أو وقف ، أووصية أو مال آخر : من ديون ، أو أعيان ، ثم يتصالحان عن ذلك بما يريانهأقرب إلى العدل والصواب .
وكذلك يدخل في ذلك : المصالحة بين الزوجينفي حق من حقوق الزوجية : من نفقة أو كسوة أو مسكن أو غيرها ، ماضية أوحاضرة ، وإن اقتضت الحال أن يغض أحدهما عن بعض حقه ، لاستيفاء بقيته ، أولبقاء الزوجية ، أو لزوال الفضل ، أو لغير ذلك من المقاصد ، فكل ذلك حسن .كما قال تعالى في حقهما : { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَابَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } . [ النساء : 128 ]
وكذلكالصلح عن القصاص في النفوس ، أو الأطراف بمال يتفقان عليه ، أو المعاوضةعن ديات النفوس والأطراف والجروح ، أو يصلح الحاكم بين الخصوم بما تقتضيهالحال ، متحريا في ذلك مصلحتهما جميعا .
فكل هذا داخل في قوله صلى الله عليه وسلم :« الصلح جائز بين المسلمين » .

فإن تضمن الصلح تحريم الحلال ، أو تحليل الحرام ، فهو فاسد بنص هذا الحديث ،كالصلح على رق الأحرار ، أو إباحة الفروج المحرمة ، أو الصلح الذي فيه ظلم. ولهذا قيده الله بقوله تعالى : { فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِوَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [ الحجرات : 9 ]
أو صلح اضطرار كالمكره ، وكالمرأة إذا عضلها زوجها ظلما لتفتدي منه ،وكالصلح على حق الغير بغير إذنه وما أشبه ذلك ، فهذا النوع صلح محرم غيرصحيح .
وأما الشروط : فأخبر في هذا الحديث أن المسلمين على شروطهم ،إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا ، وهذا أصل كبير ، فإن الشروط هي التييشترطها أحد المتعاقدين على الآخر مما له فيه حظ ومصلحة ، فذلك جائز ، وهولازم إذا وافقه الآخر عليه ، واعترف به .
وذلك مثل إذا اشترطالمشتري في المبيع وصفا مقصودا ، كشرط العبد كاتبا ، أو يحسن العملالفلاني ، أو الدابة هملاجة أو لبونا ، أو الجارح صيودا ، أو الجارية بكراأو جميلة أو فيها الوصف
الفلاني المقصود .
ومثل أن يشترطالمشتري : أن الثمن أو بعضه مؤجل بأجل مسمى ، أو يبيع الشيء ويشترط البائع: أن ينتفع به مدة معلومة ، كما باع جابر بن عبد الله الأنصاري للنبي جمله، واشترط ظهره إلى المدينة .
ومثل أن يشترط سكنى البيت ، أو الدكان مدة معلومة ، أو يستعمل الإناء مدة معلومة ، وما أشبه ذلك .
وكذلك شروط الرهن والضمان والكفالة هي من الشروط الصحيحة اللازمة .
ومثل الشروط التي يشترطها المتشاركان في مضاربة ، أو شركة عنان ، أو وجوه، أو أبدان ، أو مساقاة ، أو مزارعة : فكلها صحيحة ، إلا شروطا تحللالحرام ، وعكسه كالتي تعود إلى الجهالة والغرر .
ومثل شروط الواقفين والموصين في أوقافهم ووصاياهم من الشروط المقصودة : فكلها صحيحة ، ما لم تدخل في محرم .
وكذلك الشروط بين الزوجين ، كأن تشترط دارها أو بلدها ، أو نفقة معينة أو نحوها ، فإن أحق الشروط أن يوفى به هذا النوع .

من كلام الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ــ رحمه الله تعالي ـــ
كتاب ... بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار