المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحوال الاجتماع بين المجتمع



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
05-Jun-2012, 11:43 AM
أحوال الاجتماع بين المجتمع :


قال العلامة الشيخ محمد الأمين المختار الشنقيطي رحمه الله رحمة واسعة :
” أحوال الاجتماع :
فقد شفى فيها القران الغليل ، وأنار فيها السبيل .
- فانظر إلى ما يأمر الرئيس الكبير أن يفعله مع مجتمعه : { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } [ الشعراء : 215 ] { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ } [ آل عمران : 159 ]
- وانظر إلى ما يأمر المجتمع العام أن يفعله مع رؤسائه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [ النساء : 59 ].
- وانظر إلى ما يأمر الإنسان أن يفعله مع مجتمعه الخاص كأولاده وزوجته { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [ التحريم : 6 ] .
وانظر كيف ينبهه على الحذر والحزم من مجتمعه الخاص ويأمره إن عثر على ما لا ينبغي أن يعفو ويصفح ، فيأمره أولا بالحزم والحذر ، وثانيا بالعفو والصفح { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ التغابن : 14 ] .
- وانظر إلى ما يأمر أفراد المجتمع العام أن يتعاملوا به فيما بينهم { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [ النحل : 90 ] . وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا } [ الحجرات : 12 ] . وقال تعالى : { لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [ الحجرات : 11 ] . وقال تعالى : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } [ المائدة : 2 ] . { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } [ الحجرات : 10 ] . { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ } [ الشورى : 38 ] إلى غير ذلك .
ولما كان المجتمع لا يسلم فرد من أفراده كائنا من كان من مناوئ يناوئه ومُعادٍ يُعاديه من مجتمعه الإنسي و الجني
ليس يخلو المرء من ضد ولو … حاول العزلة في رأس الجبل
وكان كل فرد محتاجا إلى علاج هذا الداء الذي عمت به البلوى ، أوضح تعالى علاجه في ثلاثة مواضع من كتابه بين فيها أن علاج مناوأة الإنسي هو : الإعراض عن إساءته ومقابلتها بالإحسان ، وأن شيطان الجن لا علاج لدائه إلا الاستعاذة بالله من شره :
الموضع الأول : قوله تعالى في أخريات الأعراف في الإنسي : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } [ الأعراف : 199 ]
وفي نظيره من شياطين الجن : { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ الأعراف : 200 ] .
الموضع الثاني : في سورة المؤمنين قال فيه في الآية : { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } [ المؤمنون : 96 ]
وفي نظيره الآخر : { وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) } [المؤمنون] .
الموضع الثالث : في فصلت ، وقد زاد فيه تعالى التصريح بأن ذلك العلاج السماوي يقطع ذلك الداء الشيطاني . وزاد قيه أيضا أن ذلك العلاج السماوي لا يُعطى لكل الناس ، بل لا يُعطَاهُ إلا صاحب النصيب الأوفر والحظ الأكبر ، قال فيه في الآية : { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) } [ فصلت ] .
وقال في نظيره الآخر { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [ فصلت : 36 ] .
وبين في مواضع أخرى أن ذلك الرفق واللين لخصوص المسلمين دون الكافرين ، قال : { فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ } [ المائدة : 54 ] . وقال تعالى : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } [ الفتح : 29 ] . وقال : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } [ التوبة : 73 ، التحريم : 9 ] .
فالشدة في محل اللين حمق وخرق ، واللين في محل الشدة ضعف وخور :
إذا قيــــــل حلــــم قل فللحلـــم مـــــــوضع
وحلــــم الفتى فـــي غيــــــر موضـــعه جهل ” انتهى .


المصدر :
[ رسالة الإسلام دين كامل ، للشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى ، من صفحة 23 ]