المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث في الأحاديث التي ورد فيها اسم المحسن



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
24-Mar-2010, 11:08 PM
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :

فهذا بحث متواضع في الأحاديث الواردة في اسم الله المحسن

وقد ورد هذا الإسم في ثلاثة أحاديث

الحديث الأول : قال عبد الرزاق في المصنف 8603 عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن شداد بن أوس قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه و سلم اثنتين قال إن الله محسن يحب الإحسان إلى كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته

ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في الكبير (7121)

وهذا الحديث مروي في عدد من الكتب من طريق أبي قلابة عن أبي الأشعث بدون هذه زيادة ( إن الله محسن يحب الإحسان )

فقد رواه عنه اثنان

1_ خالد الحذاء

وقد رواه عنه جمعٌ أكتفي بذكر من أورده مسلم في صحيحه (1955) و (1956) منهم

أ_ إسماعيل بن علية

ب_ هشيم بن بشير

ج_ شعبة بن الحجاج

د_ سفيان الثوري

ه_ منصور بن المعتمر

و _ عبد الوهاب الثقفي

2_ أيوب السختياني

ورواه عنه اثنان

أ_ وهيب بن خالد الثقة الثبت

وحديثه عند الطبراني في الكبير (7122) حدثنا أحمد بن داود المكي ثنا سهل بن بكار

وهذا السند صحيح فأحمد بن داود المكي مترجم في تاريخ الإسلام وفيات ( 281_ 290) وذكر أن ابن يونس وثقه ولا يضره أن وهيباً رواه أيضاً عن خالد الحذاء فإنه ثقة ثبت يحتمل منه تعدد الأسانيد

تنبيهان : التنبيه الأول : تحرف اسم وهيب بن خالد إلى ( وهب ) في مطبوعة الكبير للطبراني ولا يعرف لأيوب تلميذ اسمه ( وهب ) وإنما هو وهيب

التنبيه الثاني : تحرفت نسبة المكي في مطبوعة تاريخ الإسلام ( تحقيق التدمري ) إلى ( المالكي ) وهذا خطأ والصواب ما أثبته بدليل قول الذهبي ( البصري ثم المكي ) ولا يقال (ثم ) إلا في النسب المتوافقة فإذا كان كلاهما نسبة إلى مكان أو مذهب قيل ( ثم ) ، ثم إن الطبراني ليس له شيخ اسمه أحمد بن داود المالكي وإنما هو أحمد بن داود المكي كما في معاجمه الثلاثة

ب_ معمر بن راشد وتقدم تخريج حديثه وفيه الزيادة المذكورة

ومعمر تفرد بهذه الزيادة من دون كل من روى الحديث مما يدل على شذوذ زيادته

فكيف وقد تكلموا في روايته عن أيوب

قال ابن أبي خيثمة عن ابن معين قال :" إذا حدثك معمر عن العراقيين فخالفه إلا عن الزهري وابن طاوس فإن حديثه عنهما مستقيم ، فأما أهل الكوفة وأهل البصرة فلا "

قلت : وأيوب بصري فكيف يقبل انفراد معمر عنه بهذه الزيادة من دون وهيب ومن ودون من رووا هذا الحديث عن خالد فهي زيادة شاذة ولا شك إن لم نقل منكرة _ وقد اجتنب مسلم إخراجها عمداً _ ، ثم إن معمراً لم يذكر هذه الزيادة في رواية له في مسند أحمد

وقد توبع معمر ولكن متابعة لا يفرح بها

جاء في أحاديث أيوب 25 - حدثنا يحيى الحماني ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن شداد بن أوس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله محسن فأحسنوا وإذا قتلتم فأحسنوا قتلتكم وإذا ذبحتم فليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته »

قلت : ويحيى الحماني متهم بسرقة الحديث فمثله لا يفرح بمتابعته

قال عبد الله بن أحمد قلت لأبي أن بني أبي شيبة يقدمون بغداد فما ترى فيهم فقال قد جاء إلى هنا بن الحماني وكان يكذب جهارا فاجتمع عليه الناس بن أبي شيبة على حال يصدق قلت لأبي بن الحماني حدث عنك بحديث إسحاق الأزرق قال كذب ما حدثته به قلت حكوا عنه أنه سمعه منك في المذاكرة على باب إسماعيل فقال كذب إنما سمعه من إسحاق بعد ذلك أنا لا أعلم في تلك الأيام أن هذا الحديث غريب أي وقت التقينا على باب إسماعيل إنما كنا نتذاكر الفقه والأبواب

وقال البخاري كان أحمد وعلي يتكلمان في يحيى الحماني وقال في موضع آخر رماه أحمد وابن نمير وقال يعقوب بن سفيان وأما بن الحماني فإن أحمد سيء الرأي فيه فاحمد متحر في مذهبه مذهبه أحمد من مذهب غيره

وقال أحمد بن يوسف السلمي عن ابن المديني أدركت ثلاثة يحدثون بما لا يحفظون فذكره فيهم

وقال ابن عمار قد سقط حديثه قيل له فما علته قال لم يكن لأهل الكوفة حديث جيد غريب ولا لأهل المدينة ولا لأهل بلد حديث جيد غريب إلا رواه فهذا يكون هكذا

وقال إبراهيم الجوزجاني يحيى الحماني ساقط متلون ترك حديثه فلا ينبعث

وقال ابن خزيمة سمعت محمد بن يحيى وذكر يحيى بن عبد الحميد فقال ذهب كأمس الذاهب

وقال ابن المسيب الأرغياني سمعت محمد بن يحيى يقول اضربوا على حديث الحماني بستة اقلام _ هذه كلها منقولة من التهذيب _



وللحديث طريق آخر ذكره أبو حاتم في العلل لابنه عبد الرحمن

قال ابن أبي حاتم في العلل :" 1609- وسألت أبي عن حديث ؛ رواه محمد بن بكار ، عن سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إذا ذبحتم فأحسنوا ، وإذا قتلتم فوجئوا ، فإن الله محسن يحب المحسنين.
قال أبي : هذا وهم ، إنما يروونه عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن شداد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم "

قلت : سعيد بن بشير منكر الحديث عن قتادة وروايته هذه مخالفة لروايات الثقات فحديثه وهم كما قال الإمام

الحديث الثاني : قال ابن عدي في الكامل (6/ 133) :" حدثنا ابن مكرم ثنا علي ثنا محمد ( هو ابن بلا ) ثنا عمران القطان عن قتادة عن أنس : " لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس وصلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في ثوب وقال :" إن الله محسن يحب الإحسان فإذا حكمتم فاعدلوا وإذا قلتم فأحسنوا "

قلت : محمد بن بلال التمار هذا قد تكلموا فيه وجميع مناكيره عن القطان ، وهذا الحديث بعينه استنكره عليه ابن عدي وحق له أن يستنكره فإن روايات مرض النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة ولم يرد في شيء منها أنه قال موعظةً بعد صلاته خلف الصديق ، وقد قصر من خرج الحديث من المعاصرين ولم يورده كاملاً

ومن المعلوم أن ابن عدي يورد في ترجمة الراوي قال ابن حجر في ترجمة محمد بن يونس الكديمي من التهذيب :" واورد له بن حبان وابن عدي مناكير منها حديثه عن أبي نعيم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا أكذب الناس الصباغون والصواغون "

وقال ابن عدي في آخر ترجمة محمد بن بلال :" ومحمد بن بلال هذا له غير ما ذكرت من الحديث وهو يغرب عن عمران القطان ، له عن غير عمران أحاديث غرائب "

قلت : فتأمل كيف أنه ذكر أنه يغرب عن عمران بالذات

وأما قول ابن عدي :" أرجو أنه لا بأس به " ليس تعديلاً بل ابن عدي يعني بهذا أنه لا يتعمد الكذب أو أنه ضعيف فقط ، وحتى لو عدله فقد استنكر عليه هذا الحديث

قال الألباني في الصحيحة (4|577): «ابن قيراط كذبه أبو زرعة وضعفه غيره. فكأن ابن عدي يعني بقوله أنه "لا بأس به": من جهة صدقه. أي أنه لا يتعمد الكذب. وإلا لو كان يعني من جهة حفظه أيضاً، لم يلتق مع أول كلامه "منكر الحديث...". وقال ابن حبان: "ينفرد عن ثابت بأشياء ليست من حديثه". قلت: فمثله إلى الضعف، بل إلى الضعف الشديد أقرب منه إلى الصدق والحفظ. والله أعلم».

و قال المعلمي في تعليقه على "الفوائد المجموعة" للشوكاني (ص459): «ليس هذا بتوثيق. وابن عدي يذكر منكرات الراوي ثم يقول "أرجو أنه لا بأس به"، يعني بالبأس: تعمد الكذب». وقال كذلك (ص35): «وهذه الكلمة رأيت ابن عدي يطلقها في مواضع تقتضي أن يكون مقصوده: "أرجو أنه لا يتعمد الكذب". وهذا (الموضع الذي عليه هذا التعليق) منها، لأنه قالها (أي كلمة "أرجو أنه لا بأس به") بعد أن ساق أحاديث يوسف (بن المنكدر)، وعامتها لم يتابع عليها». وقال هناك أيضاً (ص501): «لفظ ابن عدي "هو من أهل الصدق" يعني لم يكن يتعمد الكذب».


وحتى العقيلي لما ترجم له في الضعفاء (4/1204) :" يهم في حديثه كثيراً " ، وهذا جرح مفسر لا يدفع وقد فسر العقيلي جرحه بذكر عدة مناكير لمحمد بن بلال وكلها عن غالب القطان

ولا ينفعه ذكر ابن حبان له في الثقات بعد هذا ، ولو جمعت بين قول ابن عدي :" وأحاديثه قليلة " وقول العقيلي :" يهم في حديثه كثيراً " تخرج بنتيجة حتمية وهي ضعف الراوي فإن كثرة الأوهام مع قلة الحديث برهان ضعف الراوي فلا يقال أنه :" يخطيء كما أخطأ الناس " كما قال الذهبي والحال هذه

وغالب القطان نفسه فيه كلام وبعض النقاد كمثل الشيخ الألباني يحسن حديثه

الحديث الثالث : قال ابن عدي في ترجمة مجاعة بن الزبير من الكامل ثنا محمد بن أحمد بن الحسين الأهوزاي ثنا جعفر بن محمد بن حبيب ثنا عبد الله بن رشيد ثنا مجاعة بن الزبير أبو عبيدة عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عزوجل محسن فأحسنوا فإذا قتل أحدكم فليكرم قاتله وإذا ذبح فليحد شفرته وليرح ذبيحته

قلت :مجاعة هذا فيه خلاف فقد ضعفه الدارقطني وابن عدي وقال أحمد :" لا بأس به في نفسه "

فمثله هل يستشهد به ؟

الجواب : الراجح لا لأنه وإن كان ضعيفاً ضعفاً محتملاً إلى أن ابن عدي قد استنكر عليه هذا الحديث ، ولعل سبب استنكاره لهذا الحديث هو أن الحديث مشهورٌ من مسند شداد بن أوس ولا يعرف من مسند سمرة إلا من هذا الطريق



وعليه فلا يثبت حديث في هذا الباب والله أعلم ، ولأخينا الشيخ كمال العدني رسالة في هذه المسألة انفصل فيها إلى النتيجة نفسها ولم أقف عليها


هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم