المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إياك وما يعتذر منه للشيخ جمال أبو فريحان الحارثي



أبو عبد المصور مصطفى الجزائري
18-Jun-2012, 12:47 AM
http://www.noor-alyaqeen.com/mlafat/7.gif

إياك وما يعتذر منه

http://www.al-amen.com/gasd.gif

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فقد ابتليت المجتمعات ـ المسلمة ـ اليوم بنشر الشائعات الكاذبة ونقلها وتداولها بين الناس ولا يخفى على كل ذي لبٍ وعقل ما للشائعات الكاذبة من مخاطر كبيرة وآثار وخيمة على الفرد والمجتمع، فهي المثبطة لِهمَم المؤمنين وعزائمهم وإما تُقلق المسلمين كحادثة الإفك التي طعنت في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي أحزنت قلوب المؤمنين وأفرحت قلوب المنافقين وأعداء الدين، وما هي إلا مجرد شائعة مختلقة بيّن الله تعالى كذبها في كتابه العزيز، فقال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ..}.

فترويج الشائعات والأكاذيب الملفّقة لا شك أنها إفساد للمجتمع، وما أكثر الشائعات التي تُطلق في أوساط الناس ، إما مقصودة وإما غير ذلك.

وقد ذم الله تعالى الشائعات وترويجها فقال تعالى: { وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ } وهم الذين ينطقون بالأخبار الكاذبة حبا للفتنة، وقد تكون من المسلمين غفلة فيخبرون المؤمنين بما يسوءهم.

فمن الشائعات الكاذبة ما يكون ظاهرها مُفرح ولكن عاقبتها مهلكة ومدمّرة، كالشائعة التي انتشرت أن كفار قريش قد أسلموا، وذلك بعد الهجرة الأولى للحبشة، كانت نتيجتها أن رجع عدد من المسلمين إلى مكة، وقبل دخولهم علموا أن الخبر كذب، فدخل منهم من دخل وعاد من عاد، فأما الذين دخلوا فأصاب بعضهم من عذاب قريش ما أصابهم.

ومن الشائعات الكاذبة ما يكون ظاهره مُحزن ومُؤلم؛ فتكون سبباً في انهيار الجيوش، كما حصل في معركة أحد، عندما أُشيع بين المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم قُتل؛ فتّ ذلك في عضد بعض المسلمين.

وأكثر ما تكون الشائعات وسرعة سريانها في المجتمع؛ بين النساء قال تعالى: { وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ }

فالغالب فيهن كوكالة الأنباء مجرد ما تتلقى خبر مثل هذا إلا و هو في البلد منتشر .

ومن الشائعات التي تفتّ في عضد المجتمع: ما يُثار من أن فلان مات أو فلان في العناية المركزة، وخاصة إذا كان من علماء الأمة المعتبرين الذين يتأثر بهم المجتمع المسلم ويحزن به ويفرح بالخبر الأعداء.

فحذاري من الشائعات التي تُرسَل عبر الجوال وأخرى عبر النت ـ سواء من الذكور أو الإناث ـ من غير تثبت ولا تحري للحقيقة والصواب فيها, فكم أقلقت مثل هذه الشائعات المؤمنين وأقضت مضاجعهم.

وهناك فئات وأصنافاً من الناس في كل مجتمع، فمنهم من قلوبها مريضة يتعمدون نشر هذه الشائعات من أجل الفتنة وبث الرعب والقلق في المجتمع المسلم، فمهنتهم ووظيفتهم وهوايتهم نشر الشائعات في أوساط الناس.

ومنهم من هو صاحب استعجال لا غير وخطف الكلام من أفواه البشر من غير تثبت ( كسبق خبر )، فهؤلاء وجَّهَهم الله تعالى وبين لهم ما يصنعون وأمرهم بالتثبت والتبين في الأمر، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }.

فهؤلاء لم يُكلفوا أنفسهم بالاتصال بالمعني والاستفسار منه أو من هو قريب منه حتى يزيل الغبش عنهم، أو على الأقل يتوقفون عن النشر حتى يأتيهم الخبر اليقين.

والأصل في المسلم أن يمسك لسانه عمّا لا يعنيه، فليس كل ما يُسمع يُقال،

وقد أرشدنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى ما فيه السلامة لنا في الدنيا والآخرة فقال:
( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ). متق عليه.

وجعل صلى الله عليه وسلم تحديث المرء بكل ما يسمعه من الشائعات؛ كذباً، فقال عليه الصلاة والسلام:
( كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ). رواه مسلم.

فلماذا تتلقف أيها المسلم وأيتها المسلمة الكلام سواء من أفواه المتحدثين أو من صفحات "النت" أو من الرسائل عبر برامج التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها وصورها؛ فتنشره ثم تحتاج إلى الاعتذار عن ذلك وقد لا يفيد الاعتذار لأن الخبر قد طار في أرجاء المعمورة بضغطة زر ، وقد قال صلى الله عليه وسلم:


( إِيَّاكَ وَمَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ ).

أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4/326ـ327) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

وصححه الألباني في "الصحيحة" (1914) و "صحيح الترغيب والترهيب".


هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.




كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الأحد 27/ 7 / 1433هـ.



قابل للنشر

أبو خالد الوليد خالد الصبحي
10-Jul-2012, 10:10 PM
بارك الله فيك وجزى الله الشيخ جمال الحارثي خير الجزاء