المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المصالح في الصلاة على الغايب الصالح



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
04-Jul-2012, 03:49 PM
صلاة الغائب ومشروعيتها



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.


أما بعد:


فسبب كتابتي هذه؛ أنه يحدث بلبلة لدى بعض الشباب المتحمسين ـ ولا أقول بعض طلبة العلم ناهيك أنّ ذلك يحدث عند المشايخ والعلماء ـ في مسألة الصلاة على الغائب، فالبعض نجد فيه شدة في الحكم وكأن المسألة ارتكاب محرم أو إتيان منكر، فتجده يُنكر على من صلى على الميت الغائب، وقد يترك الصلاة على الغائب حتى وإنْ أمر ولي الأمر، وهذا من جهلة بالشريعة.


لن أطيل النفس في المسألة وسأختصر قدر المستطاع.


۞۞۞



قال ابن حجر في "الفتح" ( 3/ 188) ـ على حديث أَنَس
" أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيّ .. ـ: "
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت الْغَائِب عَنْ الْبَلَد ، وَبِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَجُمْهُور السَّلَف ، حَتَّى قَالَ اِبْن حَزْم : لَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَد مِنْ الصَّحَابَة مَنْعه " .


۞۞۞


وسئل الإمام ابن باز


ما حكم صلاة الغائب؟
وهل تجوز أن تصلي على من لم يدفن بعد؟


الجواب:


الصلاة على الغائب فيها تفصيل: بعض أهل العلم يرى أنه لا يصلى على الغائب إذا كان قد صلي عليه في بلده، وبعضهم يرى الصلاة عليه، لكن إذا كان الغائب له شأن في الإسلام كالنجاشي رحمه الله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي لما مات في بلاده وأخبر به الصحابة وصلى عليه صلاة الغائب، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى على غيره.


فإذا كان الغائب إمام عدل وخير صلى عليه صلاة الغائب ولي الأمر، فيأمر بالصلاة عليه صلاة الغائب، وهكذا علماء الحق ودعاة الهدى إذا صلي عليهم صلاة الغائب فهذا حسن، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي.


أما أفراد الناس فلا تشرع الصلاة عليهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل على كل غائب، إنما صلى على شخص واحد وهو النجاشي؛ لأن له قدما في الإسلام، ولأنه آوى المهاجرين من الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة؛ آواهم ونصرهم وحماهم وأحسن إليهم، وكانت له يد عظيمة في الإسلام، ولهذا صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم لما مات وصلى عليه الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم.


فمن كان بهذه المثابة وله قدم في الإسلام يصلى عليه، مثلما صلى المسلمون في هذه البلاد على ضياء الحق رئيس باكستان رحمه الله؛ لما كان له من مواقف طيبة إسلامية، فقد أمر ولي الأمر أن يصلى عليه في الحرمين، وصلي عليه؛ لأنه أهل لذلك، لمواقفه الكريمة وعنايته بتحكيم الشريعة وأمره بها وحرصه على ذلك، نسأل الله لنا وله العفو والمغفرة.


والمقصود أن من كان بهذه المثابة في حكام المسلمين وعلماء المسلمين إذا ماتوا في بلاد الغربة أو في بلادهم أيضاً شرع للمسلمين الغائبين عنهم أن يصلوا عليهم صلاة الغائب لقصة النجاشي المذكورة، والله ولي التوفيق".
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (13/ 158 ـ 160)


۞۞۞


وقال في "فتاوى نور على الدرب" ( 14 / 35 ـ 36):


" صلاة الغائب فيها خلاف بين العلماء، والأقرب والأظهر من حيث الدليل أنه لا يصلى على الغائب إلا إذا كان من المعروفين بشيء ينفع المسلمين، كعالم كبير نفع المسلمين،كأمير نفع المسلمين مثل ما صلى النبي على النجاشي؛ لأنه نفع المسلمين أسلم ونفع المسلمين المهاجرين إليه، هذا يصلى عليه صلاة الغائب، وليس كل ميت يصلى عليه صلاةالغائب، إنما من له شهرة في الإسلام وقدمٌ في الإسلام ونفعٌ للمسلمين من عالم وأميروكبير نفع المسلمين لا مانع من أن يصلى عليه صلاة الغائب، كما فعله -صلى الله عليه وسلم- في النجاشي، فإنه لما بلغه خبره أخبر المسلمين وصلوا عليه صلاة الغائب، ولم يكن يصلي على عامة الناس -عليه الصلاة والسلام".


۞۞۞


وصلاة الغائب على من له فضل وسابقة على المسلمين؛ مذهب الشافعية ومذهب للإمام أحمد في رواية نقلها شيخ الإسلام كما في "الاختيارات " (ص 87) ، و"الفتاوى الكبرى" (4/444) وفي طبعة (5/ 360) حيث قال الإمام أحمد: "إذَا مَاتَ رَجُلٌ صَالِحٌ صُلِّيَ عَلَيْهِ". وَاحْتَجَّ بِقِصَّةِ النَّجَاشِيِّ. واختار هذا القول أيضاً المرداوي في "الإنصاف" (2/ 533)، وابن قدامة في "المغني" (2/ 355، 391)، وابن حزم في "المحلى" (5/ 169)، والفوزان في "المنتقى" (3/ 95) فقال: " الصحيح أن الصلاة على الغائب تشرع إذا لم يصل عليه في الموضع الذي مات فيه؛ كما في قصة النجاشي، وكذلك من كان له شأن في الإسلام؛ كالعلماء والقادة الصالحين الذين قدموا للإسلام خدمة عظيمة، أما المسلم العادي الذي قد صلي عليه في موضع موته؛ فلا داعي أن تصلى عليه صلاة الغائب".


وذُكر أنه اختيار السعدي ـ وحتى لا أُتشبع بما لم أعط ـ لكني لم أقف عليه في وقت البحث.


۞۞۞


تنبيه :


المعروف أن اختيار العثيمين لهذه المسألة كاختيار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم مشروعية صلاة الغائب لمن صليَ عليه حاضراً، ولكنه يرى الصلاة عليه إذا أمر بها ولي الأمر طاعة لله تعالى بطاعة ولي الأمر، حيث جاء عنه رحمه الله لما مات الملك خالد يرحمه الله و أُمر بصلاة الغائب عليه؛ فعل امتثالاً لولي الأمر.


فنقول أين انتم يا مندفعين ومتعالمين من هذه المواقف السلفية ؟؟؟


والله أعلم .


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.


۞۞۞



كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
ليلة الإثنين 28/ 7/ 1433هـ.

أبو محمد عبدالرحمن الفارسي
04-Jul-2012, 04:51 PM
جزاك الله خير