المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حقيقة الانتماء للشيخ الدكتور محمد بازمول سلمه الله



أبو الوليد خالد الصبحي
26-Mar-2010, 04:46 PM
حقيقة الانتماء



إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله، من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ?.

?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ? (آل عمران:102).

?يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً? (النساء:1).

?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً? (الأحزاب:70- 71).

أما بعد: فإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أمّا بعد :

فهذه محاضرة ألقيتها في مسجد الشيخ السبيل بكدى، جوار المحكمة الشرعية، بمكة المكرمة، وذلك مساء الجمعة 17/7/1430هـ، وهي بعنوان:

(حقيقة الانتماء)

وذلك أن الوطنية انتماء، ورابطة تجمع، وللناس في اعتبار هذه الرابطة مذاهب شتى؛

فمنهم من يجعل محل الاجتماع والانتماء هو الأرض. فكل من انتمى إلى الأرض المعينة فهو من أهل الوطن.

ومنهم من جعل محل الانتماء والاجتماع هو القومية، فكل من انتمى إلى هذه القومية المعينة فهو من أهل الوطن.

ومنهم من جعل الدين محل الانتماء والاجتماع، فكل من انتمى إلى هذا الدين المعين فهو من أهل الوطن.

ومنهم من جعل الوطن هو الدولة، فكل من انتمى إلى دولة معينة فهو من أهل الوطن.

وقد صوّر بعض الناس الانتماء إلى الوطن والوطنية مطلقاً وثنية عصرية، وبعضهم يخلخل في كل انتماء؛

وليتحرر المقام، فإني سأتكلم عن معنى الوطنية ثم أبين موقف الإسلام من جملة من الانتماءات، ومن ثم اذكر ضوابط الانتماء المعتبرة في الإسلام، وأختم برد الشبهات التي تثار في ذلك، وقد أدرت المحاضرة على العناصر التالية:

- معنى الانتماء.

- المؤمنون أخوة.

- الانتماء إلى القبيلة .

- الانتماء إلى الأسرة.

- الانتماء إلى الوطن والأرض.

- الانتماء إلى الدولة.

- الانتماء إلى الحزب والجماعة والمذهب.

- الانتماء إلى المهنة والصناعة.

- ضوابط الانتماء.

- شبهات وردها .

وإليك البيان:

معنى الانتماء

الانتماء هو الانتساب والاعتزاء.

والسؤال : هل يحرم الإسلام أو يمنع أن ينتسب المسلم إلى كل ذلك؟

وبالتحديد : هل الانتساب إلى الوطن والدولة مما يحرم على المسلم؟

هل الوطنية صورة من صورة الوثنية المعاصرة كما يزعم بعض الناس؟

والمقصود هنا : بيان حكم الانتساب إلى الدين والقبيلة والأسرة والوطن والدولة والحزب والجماعة والمذهب والمهنة. و ضوابط ذلك.

إنما المؤمنون أخوة

الانتماء إلى الأمة المسلمة أصل مقرر في الشرع.

فالمسلمون أمة عدول، قال تبارك وتعالى: )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ( (البقرة:143).

وهم خير الأمم، قال تعالى: )كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ( (آل عمران:110) .

وهم اتباع ملة واحدة، اتفق عليها جميع الأنبياء، ينتسبون إليها، ويجتمعون عليها، قال تعالى: )إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ( (الأنبياء:92)، و قال تعالى: )وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ( (المؤمنون:52).

والمؤمنون أخوة، في الدين والولاية، قال تعالى: ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ? (الحجرات:10).

وسمانا الله مسلمين، قال تعالى: ?وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ? (الحج:78).

ومن فروع هذه النسبة الانتماء للسلفية، فإن ذلك لا مانع منه، بل الانتساب إلى السلفية هو الانتساب إلى الإسلام على ما كان عليه الرسول e وأصحابه.

نعم؛ لا ينبغي أن يكون في الانتساب إلى السلفية معنى التحزب والولاء والبراء على غير ما كان عليه الرسول e وأصحابه، فإن هذا مذموم، وهو معنى الحزبية المقيتة!

والانتماء إلى الإسلام في مقابلة الملل الأخرى.

والانتماء إلى السنة في مقابلة البدعة والشيعة.

والانتماء إلى السلفية في مقابلة المناهج الدعوية البدعية التي عليها أصحاب الجماعات المختلفة!

وقد يحتاج المسلم أن يقول عن نفسه أنه مسلم سني سلفي!



الانتماء إلى القبيلة

الانتساب إلى القبيلة أمر أقره الشرع.

يكفي في الدلالة على ذلك قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ? (الحجرات:13).

قال البغوي (ت514هـ) رحمه الله في تفسيره: " ?يَا أَيُّهَا النَّاس، إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى? يعني آدم وحواء أي إنكم متساوون في النسب.

?وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا? جمع شعب بفتح الشين، وهي رؤوس القبائل، مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج، سموا شعوبًا لتشعبهم واجتماعهم، كشعب أغصان الشجر، والشعب من الأضداد يقال: شَعَبَ، أي: جمع، وشعب أي: فرق.

?وَقَبَائِلَ? وهي دون الشعوب، واحدتها قبيلة وهي كبكر من ربيعة وتميم من مضر.

ودون القبائل العمائر، واحدتها عمارة، بفتح العين، وهم كشيبان من بكر، ودارم من تميم.

ودون العمائر البطون، واحدتها بطن، وهم كبني غالب ولؤي من قريش.

ودون البطون الأفخاذ واحدتها فخذ، وهم كبني هاشم وأمية من بني لؤي.

ثم الفصائل والعشائر، واحدتها فصيلة وعشيرة، وليس بعد العشيرة حي يوصف به.

وقيل: الشعوب من العجم، والقبائل من العرب، والأسباط من بني إسرائيل.

وقال أبو روق: "الشعوب" الذين لا يعتزون إلى أحد، بل ينتسبون إلى المدائن والقرى، "والقبائل": العرب الذين ينتسبون إلى آبائهم.

?لِتَعَارَفُوا? ليعرف بعضكم بعضًا في قرب النسب وبعده، لا ليتفاخروا.

ثم أخبر أن أرفعهم منزلة عند الله أتقاهم فقال: ?إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ? قال قتادة في هذه الآية: إن أكرم الكرم التقوى، وألأم اللؤم الفجور"اهـ([1]).

وجاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ مَنْسَأَةٌ فِي أَثَرِهِ"([2]).

فالانتساب إلى القبيلة والشعب أقره الإسلام، وعلى هذا جرى الأمر فقد كان الصحابة ينتسبون إلى قبائلهم وأقوامهم، أمام الرسول e ولم ينكر شيئاً من ذلك.

الانتماء إلى الأسرة

والانتماء إلى الأسرة، بأن ينسب الولد إلى أبيه، مما أقره الإسلام.

وقال تعالى: ?ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً? (الأحزاب:5).

بل وحذر e من أن ينتسب الولد لغير أبيه.

عن أبي ذر رضي الله عنه: أنه سمع النبي e يقول: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه - وهو يعلمه - إلا كفر ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ معقده من النار"([3]).

الانتماء إلى الوطن والأرض

الانتماء إلى الأرض محل المولد، وحب الوطن مما أقره الإسلام.

عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ الزُّهْرِيَّ أخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ e وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ: "وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ"([4]).

وباستقراء تصرفات أهل العلم تجدهم مجمعين على أن النسبة إلى البلد والوطن محل المولد سائغ عندهم، فهذا مثلاً فلان المكي مولداً، الشامي منشأ، المصري وفاة! وكتب التراجم وطبقات الرواة مليئة بهذا!

الانتماء إلى الدولة

هو الانتماء إلى الجماعة المسلمة تحت ولي الأمر المختار أو المتغلب، الذي يقيم شرع الله فيهم، وجواز هذا محل إجماع عند أهل العلم.

قال أحمد بن حنبل (ت241هـ) رحمه الله: "والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر، ومن ولي الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين".اهـ([5]).

وقد قال ابن تيمية الحراني (ت728هـ) رحمه الله: "والسُّنّة أن يكون للمسلمين إمام واحد والباقون نوّابه، فإذا فرض أن الأئمة خرجت عن ذلك لمعصية من بعضها وعجز من الباقين أو غير ذلك فكان لها عدة أئمة لكان يجب على كل إمام أن يقيم الحدود ويستوفي الحقوق"اهـ([6]) .

ولما ذكر ابن كثير (ت749هـ) رحمه الله هذه المسألة في تفسيره([7]) قال: "وهذا يشبه حال الخلفاء من بني العباس بالعراق، والفاطميين بمصر، والأمويين بالمغرب"اهـ.

وقـال محمد بن عبد الوهاب التميمي (ت1206هـ) رحمه الله: "الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء ولولا هذا ما استقامت الدنيا لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم"اهـ([8]) .

وقال الشوكاني (ت1250هـ) رحمه الله: "لما اتسعت أقطار الإسلام، ووقع الاختلاف بين أهله، واستولى على كل قطر من الأقطار سلطان؛ اتفق أهله على أنه إذا مات بادروا بنصب من يقوم مقامه. وهذا معلوم لا يخالف فيه أحد، بل هو إجماع المسلمين أجمعين منذ قبض رسول الله r إلى هذه الغاية"اهـ([9]).

ومعنى هذا أن الانتماء إلى الدولة والقومية على أساس الدين أمر معتبر شرعاً، و لا محظور فيه.

وبناء على ما تقدم أقول:

الوطنية في الشرع : هي انتماء المسلم إلى الأرض التي ولد فيها، والدولة التي يعيش معها، والقومية التي ينتسب إليها، على أساس الدين.

أو هي الانتماء إلى الأرض برباط الدين بما لا يخالف الشرع.

والمواطنة : هي تفعيل هذا الانتماء؛ فحب الوطن (بمعنى : أرض المولد، ومحل الإقامة) من الإيمان، ولزوم الجماعة والسمع والطاعة لولي الأمر من مقتضيات الإسلام، والقومية التي ينتسب إليها تراعى في حدود ما جاء به الشرع.

مقومات الوطنية :

وعليه؛ فإن مقومات المواطنة :

- تفعيل الشعور بالانتماء للأرض أو للدولة أو للقومية.

- لزوم الجماعة، والسمع والطاعة لولي الأمر.

- عدم مخالفة الإسلام في شيء من ذلك.

فهذه الأمور الثلاثة هي مقومات المواطنة، وقد جاءت هذه المعاني واضحة في النظام الأساسي للحكم السعودي([10]).

وقد جاء في الحديث عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلَاثًا:

يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا.

وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا.

وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ.

وَيَسْخَطُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ"([11]).

ففي هذا الحديث النبوي الشريف، البدء بأساس الجماعة وأصله:

أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً.

والاعتصام بحبل الله، الذي هو الجماعة، وعدم التفرق.

ومناصحة ولي الأمر.

وهذه الثلاث قد نص عليها في حديث عن زيد بن ثابت t قال : سمعت رسول الله r يقول: "نضر الله امرءاً سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره ، فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث خصال لا يَغِلُّ عليهن قلب مسلم أبدا: إخلاص العمل لله ، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تحيط بهم من ورائهم… " الحديث([12]).

و هذه الخصال الثلاث قد جمعت ما يقوم به دين الناس ودنياهم.

قال محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "لم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسبب الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها"اهـ([13]).

وإن أساس الجماعة ، وائتلاف القلوب ، الثابت أمام إرهاب الفتن، هو التوحيد؛ والوطنية بهذا المفهوم الشرعي تحقق ذلك.

eالانتماء إلى الحزب والجماعة والمذهب

مما جرى عليه أهل العلم تسويغ النسبة إلى المذهب أو الجماعة أو الحزب، وفي كلامهم على هذا تارة يشيرون إلى كونه مذموماً وتارة يسكتون؛

فالانتساب إلى المذهب والجماعة والحزب إن كان مصحوباً بالتعصب وجعل ذلك أو شخصاً متبوعاً غير الرسول e محلاً للولاء والبراء، أو كان الحزب أو المذهب ينضوي على مخالفات شرعية، فإن هذا الانتماء محلاً للذم لا للمدح، والنسبة إليه مذمومة، كمن ينتسب إلى مذاهب أهل البدع والأهواء، أو إلى أحزاب ذميمة، تقوم على التعصب.

مع تنبيههم إلى أن النسبة إلى المذهب والجماعة والحزب ليست ملزمة للمسلم، إلا الانتساب الذي يحصل به تمييز السنة من البدعة، والحق من الباطل!

والله سبحانه ذكر الأحزاب، فوصف أهل العلم والإيمان بأنهم حزب الله، فقال تعالى: ?وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ? (المائدة:56).

وذم أهل التفرق والاختلاف والتحزب، الذين فارقوا الأمة الواحدة أمة الإسلام، قال تعالى: ?يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53)? (المؤمنون:51- 53).

ونهى الله سبحانه وتعالى عن اتباع سبيل المتحزبين المخالفين للدين، فقال تعال: ?فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ? (الروم: 30-32).

ووصف الذين تحزبوا وخالفوا الدين بأنهم حزب الشيطان، قال تعالى: ?اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ? (المجادلة:19).

وبين أن المؤمن المتبع للدين، المفارق لطريق الكافرين هو من حزب الله: ?لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ? (المجادلة:22).

وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: أَنَّهُ قَامَ [خطيبا] فَقَالَ: أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَامَ فِينَا فَقَالَ : "أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْجَمَاعَة"([14]).

وهذا الحديث يبين أن الافتراق الذي يخالف أهله ما عليه الرسول e وأصحابه أنه تفرق واختلاف مذموم، وهذه الفِرَق متوعدة بأنها في النار، كما في هذا الحديث!

قال ابن تيمية رحمه الله: "فمن جعل شخصا من الأشخاص غير رسول الله e من أحبه ووافقه كان من أهل السنة والجماعة، ومن خالفه كان من أهل البدعة والفرقة - كما يوجد ذلك في الطوائف من اتباع أئمة في الكلام في الدين وغير ذلك - ؛ كان من أهل البدع والضلال والتفرق.

وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله e، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله وأعظمهم تمييزا بين صحيحها وسقيمها، وأئمتهم فقهاء فيها وأهل معرفة بمعانيها واتباعا لها تصديقا وعملا وحبا وموالاة لمن والاها ومعاداة لمن عاداها، الذين [يردون] المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم، إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول e، بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه"اهـ([15]).

قال ابن تيمية رحمه الله : "وأما تقليد المستفتى للمفتى؛ فالذي عليه الأئمة الأربعة وسائر أئمة العلم: انه ليس على أحد ولا شرع له التزام قول شخص معين في كل ما يوجبه ويحرمه ويبيحه، إلا رسول الله e؛

لكن منهم من يقول: على المستفتى أن يقلد الأعلم الأورع ممن يمكنه استفتاؤه.

ومن هم من يقول: بل يخير بين المفتين.

و إذا كان له نوع تمييز فقد قيل: يتبع أي القولين أرجح عنده بحسب تمييزه، فإن هذا أولى من التخيير المطلق.

وقيل: لا يجتهد إلا إذا صار من أهل الاجتهاد.

والأول أشبه.

فإذا ترجح عند المستفتى أحد القولين: إما لرجحان دليله بحسب تمييزه، وأما لكون قائله أعلم وأورع فله ذلك وان خالف قوله المذهب"اهـ([16]).

الانتماء إلى المهنة والصنعة

ليس في الشرع ما يمنع ذلك.

فيقال: فلان النجار.

وفلان الحداد.

وفلان الصباغ.

وفلان الخراز.

وفلان الإسكافي.

أو فلان الجزار.

أو الخباز.

ونحو ذلك.

بشرط أن لا يكون في نسبة الرجل إلى هذه المهنة أو الصنعة قصد الإزدراء، أو قصد التنقص، وأن تكون المهنة أو الصنعة مما يحصل بها صاحبها الرزق الحلال، فالصنعة والمهنة ليست بعيب!

وهذا محل إجماع كما تراه واضحاً في تصرفات أهل العلم في كتب التراجم!

ضوابط الانتماء

انتماء المسلم إلى جميع ما تقدّم، مضبوط في الشرع بالضوابط التالية:

الضابط الأول

الأصل المعتبر في الإسلام هو الانتماء إلى الدين، قال تبارك وتعالى: )يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ( (الحجرات:13).

الضابط الثاني

و لا اعتبار للقومية إذا خالفت الدين، سواء كانت قومية عامة أم خاصة، وكذا غيرها مما ينتسب إليه، قال تبارك وتعالى: )لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( (المجادلة:22).

الضابط الثالث

أن يتجنب في هذا الانتماء كل ما يخالف الشرع، لما روته عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ"([17]).

ومن ذلك :

تعلم الأنساب للطعن فيها.

عن أَبي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ وَقَالَ النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ"([18]).

و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ"([19]).

ومن ذلك التعصب للمذهب أو للحزب أو للجماعة، فيما يخالف الدين. وتقدّم التنبيه على ذلك.

شبهات وردها

الشبهة الأولى

الأمة المسلمة أمة واحدة، والانتماء للوطن يفرق بينهم، ويلغي مفهوم الأمة الإسلامية الواحدة؛

قال تبارك وتعالى: )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ( (البقرة:143).

وقال: )كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ( (آل عمران:110) .

وقال: )إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ( (الأنبياء:92) .

وقال: )وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ( (المؤمنون:52).

ومن المعاني المقررة في الشرع : أن المؤمنين في كل مكان أخوة، وهذا بنص القرآن العظيم: ]إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[ (الحجرات: من الآية10).

وأن المسلم يشعر بأخيه المسلم في كل مكان.

وأن لا حدود تفصل بين المسلمين.

ويقول الشاعر:

أخـي في الهند أو فـي المغربي أنا منك أنت مني أنت بي

لا تسل عـن مولدي عن نسبي إنه الإسـلام أمي و أبي

و الحدود من صنع الاستعمار!

ويترتب على ذلك ما يلي:

القضية الأولى :

بما أن الحدود الدولية من رسم الاستعمار.

وبما أن ولي الأمر يستعمل هذه الحدود للتفريق في الأنظمة بين المسلمين، خارج وداخل هذه الحدود.

إذا ولي الأمر صنيعة للاستعمار!!

القضية الثانية :

بما أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وبما أن ولاة الأمر يضعوا نظاماً يفعِّل هذه الحدود.

إذا لا طاعة لولاة الأمر في ذلك، وهذا حال ولاة الأمر في جميع العالم الإسلامي.

وبناء على هذا؛ فإن الوطنية والانتماء إلى الوطن أو الدولة أو القبيلة أو الأسرة أو أي شيء آخر معنى ينافي الإسلام!!

وللرد على هذه الشبهة، أقول:

انتماء المسلم إلى أخيه المسلم وولاؤه له، لا يتنافى مع انتمائه إلى بلده وقوميته ودولته بما لا يعارض شرع الله تعالى، كما أن انتمائه إلى قوميته لا يتنافى مع انتمائه إلى دولته وأمته، بما لا يخرج به عن شرع الله.

ولنأخذ مثالاً لهذا: مكة المكرمة والمدينة النبوية، ينتمي إليهما كل مسلم، فهو يستقبل القبلة في كل صلاة، ويقصد مكة مرة في عمره على الأقل للحج، ويحرص على الصلاة في مسجد الرسول e لنيل الفضل والأجر في ذلك، فهل يتنافى هذا مع انتمائه إلى قوميته ودولته وبلده؟!

وكذا الانتماء إلى الدولة والوطن محل المولد والنشأة، لا يتنافى مع الانتماء إلى أمة الإسلام، طالما يراعي في ذلك حدود الإسلام !

هذا الرد المجمل، أمّا المفصل، فأقول:

تأمل - يا رعاك الله - في هذه النتائج الخطيرة، المترتبة على هذا الطرح المجمل لقضية هي في أصلها صحيحة، ولكنها تحتاج إلى تبيين وتوضيح، والإغراق في طرحها يؤدي إلى ترسيخ معان غير مرادة شرعاً.

ولتبيين الأمر من الناحية الشرعية أقول:

الدولة الإسلامية انقسمت إلى دول و دويلات منذ انتهاء دولة بني أمية؛ فقد كانت الدولة العباسية في المشرق، وقامت الدولة الأموية في المغرب بالأندلس، ولم ينكر العلماء ذلك، ولم يزعم أحد أن لا ولاية لهذه الدولة أو تلك على رعاياها.

بل انقسمت الدولة العباسية إلى ولايات متعددة، ولكل دولة حدودها، ونظامها، ولم يقل أحد من العلماء في ذلك الوقت: إن هذه الحدود بين الدول، باطلة، و لا اعتبار بها!

فإقرار الحدود بين الدول، وإقرار انعقاد الولاية في كل جهة، لمن تغلب عليها محل إجماع بين أهل العلم.

قال أحمد بن حنبل (ت241هـ) رحمه الله: "والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر، ومن ولي الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين".اهـ([20]).

وقال ابن تيمية الحراني (ت728هـ) رحمه الله: "والسُّنّة أن يكون للمسلمين إمام واحد والباقون نوّابه، فإذا فرض أن الأمة خرجت عن ذلك لمعصية من بعضها وعجز من الباقين أو غير ذلك فكان لها عدة أئمة لكان يجب على كل إمام أن يقيم الحدود ويستوفي الحقوق"اهـ([21]).

وقـال محمد بن عبد الوهاب (ت1206هـ) رحمه الله: "الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان له حكم الإمام في جميع الأشياء.

ولولا هذا ما استقامت الدنيا لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم"اهـ([22]).

وقال أيضاً رحمه الله: "من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا، ولو كان عبدا حبشيا ، فبين النبي r هذا بيانا شائعا ذائعا ، بوجوه من أنواع البيان شرعا وقدرا، ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند أكثر من يدعي العلم ، فكيف العمل به؟! "([23]) .

وقال الشوكاني (ت1250هـ) رحمه الله: "لما اتسعت أقطار الإسلام، ووقع الاختلاف بين أهله، واستولى على كل قطر من الأقطار سلطان؛ اتفق أهله على أنه إذا مات بادروا بنصب من يقوم مقامه. وهذا معلوم لا يخالف فيه أحد، بل هو إجماع المسلمين أجمعين منذ قبض رسول الله r إلى هذه الغاية"اهـ([24]).

وحتى في مسألة الجهاد، لما صورها الفقهاء، وذكروا محل جهاد الدفع، وقع تصويره على أساس أن للمسلمين بلداناً متعددة، فقالوا: إذا هجم الكفار على أهل بلد أو حاصروهم، وجب على أهل البلد دفعهم، فإن عجزوا وجب على الذين يلونهم نصرتهم، فإن عجزوا وجب على الذين يلونهم نصرتهم، حتى يعم الوجوب الجميع!

وأنت إذا نظرت إلى عبارة الفقهاء وجدتها قائمة على أساس التسليم بالحدود لكل بلد، وأن الحكم يختلف من بلد إلى بلد؛ من ذلك:

أن البلد المعتدى عليه يجب على أهله جهاد الدفع، والبلدان التي تليه يجب عليها النصرة لا جهاد الدفع.

أن البلدان تختلف بحسب قدرتها وقوتها على النصرة، لذلك ذكر العجز.

وهذا فيه التسليم بقضية أن المسلمين في كل بلد يختلف حالهم وحكمهم عن البلد الآخر.

والخلاصة :

أن قضية : أن المسلمين أخوة.

وأن لا حدود بين المسلمين.

وأن الحدود من صنع الاستعمار.

هذا حق؛ ولكن لابد من التفصيل فيه، ليعرف ويتبين، حتى لا تبنى عليه أحكام باطلة.

فإن المسلمين أمة واحدة؛ لكن لا ينافي ذلك الحدود بين دولة مسلمة وأخرى.

و لا ينافي ذلك أن ينظر الإمام فيما هو الأفضل والأكثر حظاً لأهل بلده، كالأب مع عياله، وأسرته، فهل ينافي كون المسلمين أمة واحدة، أن يهتم كل رب أسرة بما يصلح شأن أسرته ورعيته؟! كذا الوالي في كل دولة من دول المسلمين.

و لا ينافي ذلك أن يجب الجهاد على بعضهم دون بعضهم، لأن أهل البلد المداهمة أو المحصورة إذا عجزت وجبت نصرتها مع القدرة على التي تليها، ومن لا قدرة له لا تجب عليه النصرة، إذ القدرة مناط التكليف.

و لا ينافي ذلك صحة وانعقاد الولاية لكل من تغلب على أهل جهة، مقيماًً فيهم شرع الله، إذ ولي الأمر في الشرع هو الإمام الأعظم، ومن تغلب على أهل جهة، وصلح له الأمر، وهذا محل إجماع!

و لا ينافي ذلك الانتماء إلى الوطن، والسمع والطاعة لولاة الأمر، والسعي بالنظر فيما فيه عز الوطن ورفعته، بين الدول، بل هذا من مقتضى أن المسلم ينتمي إلى هذه البلد دون الأخرى، المهم أن لا يكون في هذا الانتماء ما يخالف الشرع؛ فالوطنية انتماء إلى الأرض برباط الدين بما لا يخالف الشرع.

والرسول e حن إلى بلده، في وقت كان الشرك والكفر هو المتغلب عليها؛

عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءِ الزُّهْرِيَّ أخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ e وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ: "وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ"([25]).

وعليه فإن لهؤلاء الولاة السمع والطاعة في المعروف، و لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق!

و لا يجوز الخروج عليهم.

و لا تهييج الناس عليهم.

فإن قلت : يا أخي أنت تضخم الأمر، وتأتي بأشياء لا وجود لها إلا في خيالك!

فالجواب: هذا الذي ذكرته لك، هو واقع ملموس، أليس لدى الكثير من الدعاة، خصوصاً المعاصرين من أصحاب المناهج الدعوية المخالفة، اعتقاد أنه ليس للمسلمين اليوم جماعة يرجعون إليها، ذات ولاية ببيعة شرعية!

وأنه ليس في الأرض اليوم جماعة للمسلمين, بالمراد الشرعي للجماعة، التي ورد في النصوص الشرعية ذكرُها والحثُّ على لزومها، وتحريمُ الخروج عليها.

وبناءً على هذا الاعتقاد الفاسد يوجبون على الأمة الإسلامية أن تسعى لإيجاد الجماعة حسب هذا المفهوم الباطل.

بل يرون السعي في إيجادها ونصب الإمام العام فرض عين، على كل فرد مسلم، حتى توجد الخلافة العامة، التي تدين لها الأمة كلها، من أدناها إلى أقصاها، للخليفة فيها بالولاء والنصرة والمرجعية([26]).

ويترتب على هذا التأصيل؛ اعتقاد فاسد وهو: أن الجماعة غير موجودة الآن؛ لأن الآراء منذ قرون عديدة لم تتفق على إمام واحد لجميع المسلمين بعقد بيعة شرعية([27]).

ويترتب على هذا المعتقد الضال الفاسد أمور منها:

إباحةُ الخروج على جميع الحكومات الإسلامية حتى حكومة المملكة العربية السعودية؛ لأن المسلمين لم يتفقوا كلهم على أن يبايعوا إمامها إماماً عاماًّ لجميع المسلمين، فذلك حسب هذا المعتقد الفاسد يبيح لهم اعتبار الحكومات غير شرعية لأنها متعددة، واعتقاد عدم وجود حكومة شرعية للمسلمين اليوم.

ويترتب عليه المخالفة التامة لسنة الرسول r، في تحديد المراد الشرعي بالجماعة.

ويترتب عليه منازعة ولاة الأمر في ولاياتهم، أي منازعة الأمر أهله، وهذا لا يجوز.

وقد ترتب أيضاً على ذلك المفهوم الباطل، ما تسميه بعض الجمعيات الدعوية ضابطاً لشرعية عمل أي جماعة دعوية أخرى، وهو: أن يكون عملها "مما يؤيد الإمام العام، ويكون عوناً له، في الواجبات التي ألقاها الله على عاتقه، من إقامة شرع الله في الأرض، والجهاد في سبيله"([28]).

واختم بأن هذا الطرح يخالف الإجماع المنعقد بوجوب البيعة لمن تغلب على المسلمين في جهة وأقام فيهم شرع الله تعالى، وقد حكى هذا الإجماع الشوكاني ومحمد بن عبدالوهاب رحمهم الله([29]).

وأليس هناك من دعى إلى ضرورة الانتماء إلى الجماعات الإسلامية، زاعماً أن جماعة المسلمين، هي هذه الجماعات الإسلامية القائمة الآن ، المعروفة بأسمائها وقادتها ونظمها وأعضائها. كالإخوان المسلمين، وجماعة التبليغ ، وحزب التحرير، وغيرها ، من الجماعات الإسلامية القائمة الآن، المعروفة بأسمائها وقادتها ونظمها وأعضائها.

قالوا: لأنها كلها ليست إلا وسائل للدعوة جائزة.

وقالوا: إنه لا يضير المسلم أن يختار من هذه الجماعات - التي ليست إلا وسيلة للدعوة - جماعةً ، يراها أقرب إلى الحق والصواب!!

و يريدون بهذه الجماعات تحقيق الطريق إلى الجماعة الأم بزعمهم!([30])

فهل يقال : إن هذا الكلام خيال لا يوجد إلا في الذهن؟!

الشبهة الثانية

الانتماء إلى الوطن يقرر الولاء والبراء على أساس القوميات أو الحدود الجغرافية، وهذا ينافي ما قرره الإسلام، من أن المسلم يوالي المسلم، ويتبرأ من الكافر، حتى ولو جمعه به النسب، أو العرق، أو الأرض!

وللرد على هذه الشبهة أقول:

هذا صحيح، إذا كانت الوطنية مجرد انتماء إلى قومية أو إلى أرض أو إلى دولة، دون مراعاة أحكام الشرع الإسلامي، ولذلك قيدت الوطنية بأن تكون على أساس الدين، ومعنى ذلك أن المعتبر في ذلك ما لا يخالف الشرع الإسلامي.

الشبهة الثالثة

الوطنية يدعى إليها كسبيل للوحدة والانتماء بين أصحاب الأرض الواحدة، لا فرق بين مسلم وكافر!

وللرد على ذلك أقول:

هذه الوطنية ليست هي الوطنية التي نقررها هنا، إنما نقرر الوطنية التي هي انتماء المسلم إلى الأرض التي ولد فيها، والدولة التي يعيش معها، والقومية التي ينتسب إليها، على أساس الدين؛ فكل ما خالف الدين وعارضه لا يؤخذ به، و لا يتبع، و لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

الشبهة الرابعة

كيف تقرر الوطنية بمعنى الانتماء إلى الدولة وقد تكون الدولة متلبسة بمفسقات ومخالفات؟

وللرد على هذه الشبهة أقول:

يكفي لرد ذلك أن نورد بعض الأحاديث عن الرسول e التي تبين وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر وإن كانوا على فسق أو فجور ما لم نر كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان.

عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ r قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ r فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ"([31]).

ووجه الدلالة : أن الرسول أمر بالسمع والطاعة لولي الأمر و أن لا ننازع ألأمر أهله ما لم نر كفراً بواحاً، ومعنى ذلك وجوب السمع والطاعة لولاة ألأمر وإن فسقوا وإن فجروا، لأن هذا ليس بكفر مخرج من الملة!

وأوضح من الحديث السابق ما جاء عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ e قَالَ : "خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ.

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟

فَقَالَ : لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ".

وفي رواية: "خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ.

قَالُوا : قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟

قَالَ : لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ.

لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ .

أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ"([32]).

وعن أَبِي سَلَّامٍ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟

قَالَ : نَعَمْ. قُلْتُ : هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ؟

قَالَ : نَعَمْ. قُلْتُ : فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ؟

قَالَ : نَعَمْ. قُلْتُ : كَيْفَ؟

قَالَ : يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ.

قَالَ : قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟

قَالَ : تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ."([33]).

وتابع أبا سلام خَالِد بْنِ خَالِدٍ الْيَشْكُرِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ زَمَانَ فُتِحَتْ تُسْتَرُ حَتَّى قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِحَلْقَةٍ فِيهَا رَجُلٌ صَدَعٌ مِنْ الرِّجَالِ حَسَنُ الثَّغْرِ يُعْرَفُ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ رِجَالِ أَهْلِ الْحِجَازِ قَالَ: فَقُلْتُ: مَنْ الرَّجُلُ؟

فَقَالَ الْقَوْمُ : أَوَ مَا تَعْرِفُهُ؟!

فَقُلْتُ : لَا. فَقَالُوا : هَذَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ r.

قَالَ فَقَعَدْتُ وَحَدَّثَ الْقَوْمَ فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ r عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي سَأُخْبِرُكُمْ بِمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ: جَاءَ الْإِسْلَامُ حِينَ جَاءَ فَجَاءَ أَمْرٌ لَيْسَ كَأَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَكُنْتُ قَدْ أُعْطِيتُ فِي الْقُرْآنِ فَهْمًا فَكَانَ رِجَالٌ يَجِيئُونَ فَيَسْأَلُونَ عَنْ الْخَيْرِ فَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ شَرٌّ؟

فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ : قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

قَالَ : السَّيْفُ. قَالَ : قُلْتُ : وَهَلْ بَعْدَ هَذَا السَّيْفِ بَقِيَّةٌ.

قَالَ : نَعَمْ تَكُونَ إِمَارَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ وَهُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ.

قَالَ : قُلْتُ : ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ : ثُمَّ تَنْشَأُ دُعَاةُ الضَّلَالَةِ فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةٌ جَلَدَ ظَهْرَكَ وَأَخَذَ مَالَكَ فَالْزَمْهُ وَإِلَّا فَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جِذْلِ شَجَرَةٍ.

قَالَ : قُلْتُ : ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ : يَخْرُجُ الدَّجَّالُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَهُ نَهَرٌ وَنَارٌ مَنْ وَقَعَ فِي نَارِهِ وَجَبَ أَجْرُهُ وَحُطَّ وِزْرُهُ وَمَنْ وَقَعَ فِي نَهَرِهِ وَجَبَ وِزْرُهُ وَحُطَّ أَجْرُهُ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ مَاذَا قَالَ ثُمَّ يُنْتَجُ الْمُهْرُ فَلَا يُرْكَبُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ الصَّدْعُ مِنْ الرِّجَالِ الضَّرْبُ"([34]).

فهذه النصوص تقضي بوجوب السمع والطاعة لولاة الأمر وإن فسقوا أو ظلموا أو فجروا أو جاروا، وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة في ذلك.

يقول الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في رسالته لأهل القصيم: "وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله. ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته وحرم الخروج عليه"اهـ([35]).

الشبهة الخامسة

الانتماء إلى الدولة والوطن معناه الالتزام باتباع الأنظمة التي يأتي بها الحكام، وهذه الأنظمة من الحكم بغير ما أنزل الله فكيف نتبعهم فيها؟ لا نطيعهم في هذه الأنظمة مثل نظام المرور والجوازات والبلديات ونحوها، لأنها من باب الحكم بغير ما أنزل الله تعالى.

أو أن طاعة الإمام في الأمور الشرعية فقط أما المباحات والمندوبات فلا تجب !

وللجواب على هذه الشبهة أقول: قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى : "هذا باطل و منكر بل يجب السمع و الطاعة في هذه الأمور التي ليس فيها منكر بل نظمها ولي الأمر لمصالح المسلمين يجب الخضوع لذلك والسمع و الطاعة في ذلك لأن هذا من المعروف الذي ينفع المسلمين"اهـ([36]) .

و قال الشيخ عبيدالرحمن المباركفوري رحمه الله:" الإمام إذا أمر بمندوب أو مباح وجب"اهـ([37]) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :"إذا أمروا بأمر فإنه لا يخلو من ثلاثة حالات :

الحالة الأولى : أن يكون مما أمر الله به فهذا يجب علينا امتثاله لأمر الله به و أمرهم به لو قالوا : أقيموا الصلاة وجب علينا إقامتها امتثالاً لأمر الله و امتثالاً لأمرهم قال تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ( (النساء: من الآية59).

الحالة الثانية : أن يأمروا بما نهى الله عنه و في هذه الحالة نقول سمعاً و طاعة لله و معصية لكم لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق مثل أن يقول : لا تصلوا جماعة في المساجد فنقول : لا سمع و لا طاعة.

الحالة الثالثة : أن يأمروا بأمر ليس عليه أمر الله و رسوله r ولا نهي الله و رسوله r : فالواجب السمع و الطاعة لا نطيعهم لأنهم فلان و فلان و لكن لأن الله أمرنا بطاعته و أمرنا بذلك رسوله عليه الصلاة و السلام قال :"اسمع و أطع و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك"([38])"اهـ([39]).

تمت والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.




--------------------------------------------------------------------------------

([1]) تفسير البغوي (7/348).

([2]) أخرجه أحمد في المسند (2/374 الميمنية)، (الرسالة 14/456)، والترمذي في كتاب البر والصلة، باب تعلم النسب، حديث رقم (1979)، والحاكم في المستدرك (5/223، تحت رقم 7366/ علوش). والحديث قال أبو عيسى الترمذي عنه: "هذا حديث غريب من هذا الوجه ومعنى قوله منسأة في الأثر يعني زيادة في العمر"اهـ، وقال الحاكم عنه: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"اهـ، وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي: "صحيح"، وحسن إسناده محققو المسند.

([3]) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب نسبة اليمن إلى إسماعيل، حديث رقم (3508)، وأخرجه مسلم في كتاب في الإيمان باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم رقم (112).

([4]) أخرجه أحمد في المسند (4/305)، وأخرجه الدارمي في كتاب السير باب إخراج النبي e من مكة، تحت رقم (2552) (3/1632 أسد)، والترمذي في كتاب المناقب، باب في فضل مكة، تحت رقم (3925)، وابن ماجة في كتاب المناسك باب فضل مكة، تحت رقم (3108)، والنسائي في (السنن الكبرى)كتاب الحج، باب فضل مكة (4/247-248، تحت رقم 4238-4239)، وابن حبان (الإحسان9/22، تحت رقم 3708)، والحاكم في المستدرك (3/7، 280، 431).

والحديث قال الترمذي عنه: "حسن غريب صحيح"اهـ، وصححه ابن حبان والحاكم، ومحقق الإحسان، ومحقق سنن الدارمي.

([5]) أصول السنة رواية عبدوس ص64.

([6]) مجموع الفتاوى (34 / 175 ، 176).

([7]) (1/74) (ط . مكتبة النهضة بمكة المكرمة ).

([8]) الدرر السنية (9/5).

([9]) السيل الجرار (4/502). وانظر (4/512).

([10]) النظام الأساسي للحكم الصادر بالمرسوم الملكي رقم(أ/90) في 27/8/1412ه.

([11]) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب الجامع، باب ما جاء في إضاعة المال، وذي الوجهين، حديث رقم (1863)، وأحمد في المسند مثله (2/367-الميمنية) (14/399 الرسالة)، ونحوه في (2/327، 360 الميمنية) (14/78، 335 الرسالة)، وأخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة، حديث رقم (1715)، دون قوله: "وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ".

([12]) حديث متواتر. جاء هذا الحديث بأسانيد بعضها صحيحة، وبعضها حسنة وبعضها معلولة، عن جماعة من الصحابة. ينظر:رسالة ، "دراسة حديث : نضر الله امرءاً" للشيخ عبد المحسن العباد.

([13]) مسائل الجاهلية ، ضمن مجموعة التوحيد النجدية ، ط السلفية ، القاهرة ، 1375هـ ، ص236- 237.

([14]) أخرجه أحمد في المسند (4/102)، و أبو داود في كتاب السنة، باب شرح السنة، حديث رقم (4597)، والآجري في الشريعة (الطبعة المحققة) (1/132، تحت رقم 31). وصحح إسناده محقق جامع الأصول (10/32)، والألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم (204)، وذكر جملة من الأحاديث تشهد له. وأشار في نظم المتناثر ص32-34 إلى تواتره.

([15]) مجموع الفتاوى (3/347).

([16]) مجموع الفتاوى (33/168).

([17]) أخرجه البخاري بلفظ : "من أحدث في أمرنا..."، في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، حديث رقم (2697)، واللفظ لمسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، حديث رقم (1718)، وعلقه البخاري في البيوع باب النجش، وفي الاعتصام بالكتاب والسنة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ.

([18]) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة، حديث رقم (934).

([19]) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان ، باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة، حديث رقم (67).

([20]) أصول السنة رواية عبدوس ص64 .

([21]) مجموع الفتاوى (34 / 175 ، 176).

([22]) الدرر السنية (ط 5/1416هـ) (9/5) .

([23]) الدرر السنية (ط 5/1416هـ)(9/5 – 7).

([24]) السيل الجرار (4/502)، وانظر السيل الجرار (4/512).

([25]) حديث صحيح سبق تخريجه.

([26]) ينظر: رسالة ماجستير ، بعنوان : الطريق إلى جماعة المسلمين ، تقدم بها حسين بن محمد بن علي جابر، إلى شعبة السنة المشرفة ، بالجامعة الإسلامية، وقد نال صاحبها الامتياز مع الشرف، بإشراف ، الأستاذ الدكتور محمود أحمد ميرة ، نشر دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع ـ المنصورة . ش . م . م، وكتاب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة ، دراسات حول الجماعة والجماعات ، تأليف عبد الحميد هنداوي ط2/ عام 1416هـ، نشر: مكتبة التابعين بالقاهرة . ص(15-19)، (بواسطة كتاب الجماعة والإمامة).

([27]) واعتقاد أن الجماعة غير موجودة الآن اعتقاد فاسد، ومفهوم خاطئ. والتعليل لاعتقاد عدم وجود الجماعة الآن بعدم اتفاق جميع المسلمين اليوم على إمام واحد بعقد بيعة هو تعليل معلول، حيث لا يلزم من عدم الاتفاق على إمام واحد عدم وجود جماعة المسلمين، ذات الولاية ببيعة شرعية، يرجع إليها ، ويحرم الخروج عليها. (بواسطة كتاب الجماعة والإمامة).

([28]) انظر منهج الجمعية ، للدعوة والتوجيه ، (جمعية إحياء التراث الإسلامي) في الكويت ، ط2/ عام 1417هـ، ص45، س 9وما بعده . قلت: ولكن هذا الإمام العام غير موجود ، إلا في الذهن، ولا ينبغي أن يشتبه علينا وجود الذهن بوجود العين، فنظنهما واحداً، فتخلط علينا البدعة بالسنة، ولا نميز بينهما، إذ وجود الذهن ، لا حقيقة له فيما خرج عن الذهن. وما أقرب هذا الطرح من هؤلاء بالإمام المنتظر عند الذين ينتظرونه! (بواسطة كتاب الجماعة والإمامة)

([29]) وسبق قبل قليل سياق عبارتهم في ذلك.

([30]) قلت : ألا يعتبر هذه التأصيل الفاسد دعوة إلى التفرق، لأنه دعوة إلى جماعات متعددة الأهواء متباينة الآراء ، متضادة متناحرة فيما بينها، كل واحدة لا تتفق مع الأخرى، بل تبدعها أو تفسقها أو تكفرها، لأن فيها الجهمية والمعتزلة والأشعرية والماتريدية، والصوفية والخوارج، والجبرية والمرجئة، وكلها متناقضة متضادة في مناهجها وعلومها وتصوراتها، متباينة في مقاصدها ومراداتها، متفرقة في دعواتها، والقول بأنها متفقة باطل في الواقع، ولفظ خبر الرسول r يرد ذلك كما جاء عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: أَنَّهُ قَامَ [خطيبا] فَقَالَ: أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَامَ فِينَا فَقَالَ : "أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْجَمَاعَة". أخرجه أحمد في المسند (4/102)، و أبو داود في كتاب السنة، باب شرح السنة، حديث رقم (4597)، والآجري في الشريعة (الطبعة المحققة) (1/132، تحت رقم 31). وصحح إسناده محقق جامع الأصول (10/32)، والألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم (204)، وذكر جملة من الأحاديث تشهد له. وأشار في نظم المتناثر ص32-34 إلى تواتره. فإن قوله : "واحدة،...، وهي الجماعة"، وفي رواية : "هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي" ينافي التعدد المتضاد، فتعين أن تكون الجماعة واحدة، وإن تنوعت في صورها، وتعددت جماعاتها بتعدد الأماكن والأزمان والأجناس، والأحوال، كتعدد جماعاتهم ومساجدهم في الصلاة ، فهم واحد في المنهج والعلم والتصور، وفي النية والعمل والإرادة والغاية، وهم أهل السنة والجماعة.ينظر: التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية ، تأليف العلامة عبد العزيز بن ناصر الرشيد ، ط2/ص13 . لكن مع الأسف ينطلق هؤلاء الدعاة في دعواتهم إلى الله بزعمهم، من تلك المنطلقات المتفرقة، التي لا ترجع إلى مرجعية تجمعها، وينطلقون من تلك المفاهيم الخاطئة للمراد الشرعي بمفهوم الجماعة، فيأتون إلى الناس من دعواتهم المفارقة بجهالة وبغي ، وبدعة وضلالة، ويسلكون مسلك الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، وأحزاباً كل حزب بما لديهم فرحون، كالخوارج المارقة، الذين يفتاتون على أهل الإسلام والسنة، ويحرجونهم بممارساتهم الضالة باسم الإسلام ، والإسلام منها براء ، وباسم السنة والسلفية وليست من منهج أهل السنة والجماعة في شيء. ومن ذلك المفهوم الفاسد : اعتقد بعض الناس ، أننا في زمان الاعتزال، الواجب فيه الاعتزال، أخذاً بزعمهم من قوله في حديث حذيفة قال: "قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال r: فاعتزل تلك الفرقَ كلَّها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك". انظر : البخاري مع الفتح (13/35). (بواسطة كتاب الجماعة والإمامة).



([31]) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي r: "سترون"، حديث رقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، حديث رقم (1709).

([32]) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، حديث رقم (1855).

([33]) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، حديث رقم (1847).

([34]) أخرجه أحمد في المسند (5/386)، وابن حبان (الإحسان 13/298). والحديث صححه ابن حبان، وصحح إسناده محقق الإحسان. وجاء في تمام الحديث: "وَقَوْلُهُ: "فَمَا الْعِصْمَةُ مِنْهُ؟ قَالَ: السَّيْفُ" كَانَ قَتَادَةُ يَضَعُهُ عَلَى الرِّدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ. وَقَوْلُهُ: "إِمَارَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ وَهُدْنَةٌ" يَقُولُ: صُلْحٌ . وَقَوْلُهُ : "عَلَى دَخَنٍ" يَقُولُ عَلَى ضَغَائِنَ". وفائدة هذه الرواية : أن فيها متابعة لرواية أبي سلام عن حذيفة، فتجبر الانقطاع الحاصل بينهما، والله أعلم.

([35]) مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب (5/11).

([36]) المعلوم ص19. بواسطة السنة فيما يتعلق بولي الأمة ص35.

([37]) تحفة الأحوذي (5/365) . بواسطة السنة فيما يتعلق بولي الأمة ص35 .

([38]) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، حديث رقم (1847).

([39]) من شريط "طاعة ولاة الأمور" . بواسطة السنة فيما يتعلق بولي المة ص31.