تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وجوب التمسك بالمنهج السلفي والحذر من آراء المتساقطين



أبو هنيدة ياسين الطارفي
16-Aug-2012, 01:34 PM
وجوب التمسك بالمنهج السلفيوالحذر من آراء المتساقطين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و أصحابه إلى يوم الدين... أما بعد:

فلقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم فيما صح عنه أنه قال : (تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير،عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، و أي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا، لا تضره فتنة ما دامت السموات و الأرض، والآخر أسود مربدا، كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفا و لا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه). وكان النبي صلى الله عليه و سلم كثيرا ما يدعو فيقول (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).

ففي هذين الحديثين التخويف من الفتن، وبيان خطورتها على القلوب، و وجوب أن يعتصم العبد بحبل الله المتين، و بكتاب الله المبين، و سنة سيد المرسلين، فإن هذا بعد تقوى الله و رحمته هو الذي يجعل القلب أبيض قويا، يرد به الفتن، و يبصر به الحق من الباطل و السنة من البدعة.

أقول هذا تنبيها لكل مسلم أن يحذر من الفتن التي تعرض على القلوب عرض الحصير عوداً عوداً، و السالم منها من سلمه الله.

وإن من ذلك ما قام يدعو له – في هذه الأيام الجليلات و في شهر الله الفضيل شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان – الشاعر سلطان بن محمد السبهان من إباحة الأناشيد الصوفية و التمثيل، و عرض ذلك للشباب بشبه واهية، و أدلة عامة غير صريحة في الاستدلال، زاعماً أن وسائل الدعوة غير توقيفية. تاركاً ما أفتى به علماؤنا قديماً و حديثاً ببدعية هذه الأناشيد و أنها من خصوصيات الطرق الصوفية.

و قد جاءني في البيت يريد أن يجادل و يخاصم و يناقش في الأناشيد و التمثيل، و قد رفضت نقاشه لأسباب :

أولاً : اتباعاً لمنهج السلف في ترك الجدل و الخصومات، خاصة فيمن يجادل عن بدعة.

ثانياً : أن هذه المسألة قد خلص منها علماؤنا بحثاً و تفصيلاً، و حكموا ببدعتها.

ثالثاً : أن الأناشيد و التمثيل هي من أظهر شعار أهل البدع و من أبرز علاماتهم، أعني الصوفية والشيعة والإخوان المسلمون.

رابعاً : أنني أعرف ما يريد أن يتوصل إليه، و هو جعل هذه البدعة و النقاش فيها –تحليلاً أو تحريماً - من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف، و لا يثرب فيها الرجل على مخالفه، و لا تستلزم التحذير. وهذا ما قام به لاحقاً مع بعض الإخوة و قد ناقشوه فيها، و لبّس على بعضهم بشبهه التي عرضها عليهم، و قد أخطأوا في هذا، و كان الأولى بهم أن يطالبوه بالرجوع إلى كلام علماء أهل السنة، وأن يتبرأ من هذه البدعة المحدثة دون أن يجلسوا معه في خصام و جدال في هذا الأمر المحدث و الذي قد فرغ منه علماؤنا و بينوا بدعته وضلاله، وأنه من طرق أهل التصوف و الجماعات الحزبية.

بل أخبرني مجموعة من طلبة العلم الصغار أنه قد صرح بهذا و هو يلقي عليهم الشبه في هذا الأمر المحدث، حيث تكلم على مسألة الخلاف، و أنه إذا خالفك أخوك في مسألة ما فلا ينبغي الهجر و التحذير. مستشهداً بتجويز الشيخ الألباني لمسألة كشف الوجه، فانظر إلى هذا التلبيس وهذا الخلط!!

فأقول حيال هذا الرجل و ما يلقيه من شبه في إحياء بدعة عرف الناس بدعيتها، بل كثير من أصحابها تبين لهم فسادها و مخاطرها و ضلالها، أقول ديانةً لله تعالى و نصحاً لدين الله عز و جل أن الواجب على المسلم أن يتمسك بكتاب الله عز و جل و سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما كان عليه سلف هذه الأمة، و يحذر من آراء المتساقطين في هوة الجماعات و الأحزاب، والذين أتوا من قبل الجلساء، و من خفيت علينا بدعته لم تخف علينا ألفته، فكم ضيعت مجالسة أهل الأهواء بعض طلاب العلم!! و كم كانوا ضحيةً للجدل و الخصومات.

يقول الإمام أبو محمد الحسن بن علي البربهاري رحمه الله تعالى (ت : 329) : "و إذا سألك أحد عن مسألة في هذا الباب و هو مسترشد، فكلمه و أرشده، وإذا جاءك يناظرك فاحذره، فإن في المناظرة المراء و الجدل و المغالبة و الخصومة و الغضب – و قد نهيت عن جميع هذا جداً – و هو يزيل عن طريق الحق، و لم يبلغنا عن أحد من فقهائنا وعلمائنا أنه ناظر أو جادل أوخاصم."

قال الحسن البصري : "الحكيم لا يماري، و لا يداري في حكمته أن ينشرها، إن قبلت حمد الله، و إن ردت حمد الله،" و جاء رجل إلى الحسن فقال : "أنا أناظرك في الدين" فقال : "أنا عرفت ديني، فإن ضل دينك فاذهب فاطلبه." اهـ. (شرح السنة ص120). و روى اللالكائي هذا الأثر عن الحسن البصري أيضا بلفظ آخر، أن رجلاً أتاه فقال : "يا أبا سعيد إني أريد أن أخاصمك" فقال الحسن : "إليك عني فإن قد عرفت ديني، و إنما يخاصمك الشاك في دينه." وروى أيضا عن عمر بن عبدالعزيز : "من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر الشك – أو قال – يكثر التحول." (شرح اعتقاد أهل السنة 1/128).

فالواجب على المسلم عموماً و طالب العلم خصوصاً أن يتعامل مع الأحداث و الوقائع وفق قواعد السلف، فهم عن علم و فقه و بصيرة و تقوى تكلموا و قعّدوا.

ثم عليهم الرجوع إلى ما كتبه علماؤنا و ما أفتوا به حول هذه البدع و المحدثات، فلا ينبغي أن نهمل كلام علمائنا حول الأناشيد و التمثيل، و ننسفه و نبدأ من جديد بنقاش و جدال حولها لنتبع من يغلب صاحبه من شباب لم تشب لحاهم في العلم. روى اللالكائي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : "لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل كبرائهم، فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم هلكوا." (شرح اعتقاد أهل السنة 1/84).

لقد أفتى علماؤنا أهل السنة ببدعة الأناشيد، فقد قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : "الإنشاد الإسلامي إنشاد مبتدع، يشبه ما ابتدعته الصوفية." و قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله عن الأناشيد ليست من أمور الإسلام. و قال أيضا : "و من قاس الأناشيد الملحنة بألحان الغناء على رجز الصحابة رضي الله عنهم حين كانوا يبنون المسجد النبوي، و حين كانوا يحفرون الخندق، أو قاسها على الحداء الذي كان الصحابة رضي الله عنهم يستحثون به الإبل في السفر فقياسه فاسد." و قال الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله : "ما يسمونه بالأناشيد الإسلامية بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار." إلى غير هؤلاء من العلماء، إنما أوردت ذلك على سبيل المثال لا الحصر. (انظر رسالة فتاوى علماء السنة فيما يسمى بالأناشيد الإسلامية).

و أخيراً، و كما أحذر الشباب و طلاب العلم من هذه الآراء الفاسدة، فإنني أوجه نصيحةً لسلطان السبهان بأن يتقي الله تعالى عن هذا الانجراف في هوة الباطل. فلقد خرجت منا - يا سلطان – من حفر الباطن قبل سنوات و ما نعرفك إلا أنك على خير تنافح بقصائدك عن العلماء وعن الدعوة السلفية، و تنظم المتون العلمية، و كنا نقدمك بين يدي العلماء لتلقي قصائدك السنية، و قد نشرنا في إحدى الدورات العلمية إحدى قصائدك، و كنا نشركك في إلقاء الدروس، وكنت أشدنا تحذيراً من الأناشيد و التمثيل حيث كنت قد جمعت في تحريمها و بدعيتها بحوثاً، ولكنك اليوم عدت إلينا ببدعة الصوفية و الإخوان المسلمون – الأناشيد والتمثيل – تنافح عنها وتدعو لها، و تسلم قصائدك للمنشدين، و من رأى الانترنت و ما يعرض فيه من أناشيد لقصائدك وعرف حالك بين الأمس و اليوم، لا يملك إلا أن يقول كما قال الإمام ابن بطة رحمه الله : "نعوذ بالله من الحور بعد الكور، و من الضلالة بعد الهدى، و من الرجوع عن الحق و العلم إلى الجهالة و العمى."

روى اللالكائي بسنده إلى أبي مسعود أنه دخل على حذيفة فقال : اعهد إلي فقال : ألم يأتك اليقين؟! قال : بلى و عزة ربي، قال : فاعلم أن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر، وأن تنكر ما كنت تعرف، و إياك و التلون في دين الله تعالى فإن دين الله واحد. (شرح اعتقاد أهل السنة 1/90).

نسأل الله عز و جل أن يثبتنا على دينه وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها و ما بطن. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمةً إنك أنت الوهاب. كما أسأله عز و جل أن يرد سلطان السبهان إلى جادة أهل السنة، و أن يختم لنا و له بالخاتمة الحسنة.

و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه.

وكتبهعبدالله بن صلفيق الظفيريالثلاثاء 16رمضان 1432
م:ـ سحاب ـ

أبو عبد الله المعتز بالله الجيلالي السلفي
16-Aug-2012, 04:38 PM
جزاك الله خيرا