المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صدق شيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيِّم-رحمهم الله-وكذبت يا (حلبي!)



أبو خالد الوليد خالد الصبحي
22-Aug-2012, 03:59 PM
صدق شيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيِّم-رحمهم الله-وكذبت يا (حلبي!)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصل اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمَّا بعد،

فلا زال (الحلبي!) يؤصِّل الأصول الباطلة ويقعِّد القواعد الفاسدة التي تخالف منهج الأئمة الأعلام والتي توافق هواه ومنهج الأراذل الأقزام، يومًا بعد يوم، يؤصل ويستدل بما يوافق هواه أو يعتقد أنَّ له مخرجًا مِمَّا هو غارق فيه من الفساد والإفساد، ولا زال هذا (الحلبي!) يأتي بالنصوص التي يعتقد بأن له فيها مخرجًا مِمَّا هو واقع فيه من الانحرافات، فلا يلبث أن يظفر بنصٍ يوافق هواه فيعمد إليه ويحتج به، هذا إن لم يقم ببتر القول إن كان فيه ما يدينه
فقال في مقال جديد عنون له بـ: (...عدمُ التفريقِ بين (الواقعِ) ، و (الواجبِ) : مِن أشنعِ-وأكبرِ- أغلاطِ إخوانِنا الغُلاة!!!...)أهـ.

أقول: إن هذا القول أليق بك وألصق، فأنت لا تفرق بين الغثِّ والسمين حتَّى تستطيع التفريق بين (الواقع) و(الواجب).

قال (الحلبي!): (...قال شيخُ الإسلام ابن تيميّة-رحمه الله-: " أَهْلُ السُّنَّةِ يُخْبِرُونَ بِـ(الْوَاقِعِ) ، وَيَأْمُرُونَ بِـ(الْوَاجِبِ)؛ فَيَشْهَدُونَ بـ(الواقع) ، وَيَأْمُرُونَ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.."...)أهـ.

أقول: صدق شيخ الإسلام-رحمه الله-وكذبت يا (حلبي!) فأهل السنَّة لا ريب أنَّهم يخبرون بـ (الواقع)، فعلى سبيل المثال أخبر أهل السنَّة-الراسخين في العلم-عن واقعك وما وصلت إليه من الانحراف نصحًا لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، فبيَّنوا عوارك، وفنَّدوا شبهاتك، وأخبروا بـ (واقعك) المشئوم الذي ما زاد الدعوة السلفية إلَّا سوءًا.

ثم أمروا بـ (الواجب) الذي عليهم، فنصحوك فما قبلت، وصبروا عليك فما ازددت إلَّا معاندة وكبرًا وسوءًا في الأدب، فما كان لهم إلَّا أن حذِّروا منك ومن شرك الذي عمَّ بلاد المسلمين، وهذا هو (الواجب) الذي شهدوا به على (واقعك) أيها (المفلس!).

وبيان (الواقع) والأمر بـ (الواجب) هذا الأمر الذي نتعبد الله به، فبيان (واقع) أهل الضلال (مثلك) ومن على شاكلتك من (أوجب) الأمور ففيه حفظ الشريعة من التحريفات والتلبيسات التي تصدر منك ومن قومك المفلسين من الحجج والبراهين.

ثمَّ أيها (الحلبي!) لِمَ لَمْ تكمل النقل الثاني عن شيخ الإسلام-رحمه الله-كاملًا؟، ألحاجة في نفس (الحلبي!) قضاها؟.

إذن: أنا آتيك به.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: (...والمؤمن ينبغي له أن يعرف الشرور الواقعة ومراتبها في الكتاب والسنة كما يعرف الخيرات الواقعة ومراتبها في الكتاب والسنة فيفرق بين أحكام الأمور الواقعة الكائنة والتي يراد إيقاعها في الكتاب والسنة ليقدم ما هو أكثر خيرا وأقل شرا على ما هو دونه ويدفع أعظم الشرين باحتمال أدناهما ويجتلب أعظم الخيرين بفوات أدناهما فإن من لم يعرف الواقع في الخلق والواجب في الدين لم يعرف أحكام الله في عباده وإذا لم يعرف ذلك كان قوله وعمله بجهل ومن عبد الله بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح...)أهـ.

إلى هنا انتهى نقل (الحلبي!).

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة-رحمه الله-: (...وإذا عرف ذلك فلا بد أن يقترن بعلمه العمل الذي أصله محبته لما يحبه الله ورسوله وبغضه لما يبغضه الله ورسوله وما اجتمع فيه الحبيب والبغيض المأمور به والمنهي عنه أو الحلال والمحظور أعطي كل ذي حق حقه ليقوم الناس بالقسط فإن الله بذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل فالعلم بالعدل قبل فعل العدل...)أهـ.

فهذا النص المبتور يجعل الأمر أمامك واضحًا من غير لبس، فلا بد للعلم من عمل وأصل هذا الأمر محبَّة ما يحبه الله-سبحانه وتعالى-ورسوله-صلى الله عليه وسلم-وبغض ما يبغضونه، وإعطاء كل ذي حق حقَّه، وكما قال شيخ الإسلام-رحمه الله-: (...فالعلم بِالْعَدْلِ قبل فعل الْعدْل...)أهـ.

ثمَّ استدل بكلام للإمام ابن القيِّم-رحمه الله-، ليعزز ما نقله عن شيخ الإسلام ابن تيميَّة-رحمه الله-، فأخذ ما وافق هواه وترك الباقي كعادته ليزداد تلبيسه على طغامه.

قال (الحلبي!): (...وقال تلميذه الإمام ابن القيم-رحمه الله-عند كلامه على ( من يجوز له الفتيا )-:
"... وَكَذَلِكَ الْفَاسِقُ ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْلِنًا بِفِسْقِهِ، دَاعِيًا إلَى بِدْعَتِهِ ؛ فَحُكْمُ اسْتِفْتَائِهِ: حُكْمُ إمَامَتِهِ وَشَهَادَتِهِ.
وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ ، وَالْقُدْرَةِ وَالْعَجْزِ.
فَـ (الْوَاجِبُ) شَيْءٌ ، وَ(الْوَاقِعُ) شَيْءٌ.
وَالْفَقِيهُ مِنْ يُطَبِّقُ بَيْنَ (الْوَاقِعِ)، وَ(الْوَاجِبِ) ، وَيُنَفِّذُ الْوَاجِبَ -بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِ-؛ لَا مَنْ يُلْقِي الْعَدَاوَةَ بَيْنَ (الْوَاجِبِ)، وَ(الْوَاقِعِ)؛ فَلِكُلِّ زَمَانٍ حُكْمٌ- وَالنَّاسُ بِزَمَانِهِمْ أَشْبَهُ مِنْهُمْ بِآبَائِهِمْ-.
وَإِذَا عَمَّ الْفُسُوقُ، وَغَلَبَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ: فَلَوْ مُنِعَتْ إمَامَةُ الْفُسَّاقِ، وَشَهَادَاتُهُمْ، وَأَحْكَامُهُمْ، وَفَتَاوِيهِمْ، وَوِلَايَاتُهُمْ: لَعُطِّلَتْ الْأَحْكَامُ، وَفَسَدَ نِظَامُ الْخَلْقِ، وَبَطَلَتْ أَكْثَرُ الْحُقُوقِ.
وَمَعَ هَذَا ؛ فَالْوَاجِبُ اعْتِبَارُ الْأَصْلَحِ فَالْأَصْلَحِ.
وَهَذَا عِنْدَ الْقُدْرَةِ وَالِاخْتِيَارِ.
وَأَمَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ ، وَالْغَلَبَةِ بِالْبَاطِلِ: فَلَيْسَ إلَّا الِاصْطِبَارُ، وَالْقِيَامُ بِأَضْعَفِ مَرَاتِبِ الْإِنْكَارِ"...)أهـ.

فاستدل على باطله بهذا النص المبتور فكلام الإمام ابن القيِّم-رحمه الله-كالتالي: (...من تجوز له الفتيا ومن لا تجوز له:
الفائدة الخامسة والثلاثون: الفتيا أوسع من الحكم والشهادة، فيجوز فتيا العبد والحر، والمرأة والرجل، والقريب والبعيد والأجنبي، والأمي والقارئ، والأخرس بكتابته والناطق، والعدو والصديق، وفيه وجه أنه لا تقبل فتيا العدو ولا من لا تقبل شهادته له كالشهادة، والوجهان في الفتيا كالوجهين في الحكم، وإن كان الخلاف في الحاكم أشهر...)أهـ.

انظر أخي الحبيب كيف قام ببتر هذا الكلام الذي هو الأصل الذي يدور عليه كلام الإمام ابن القيِّم-رحمه الله-: (...وأما فتيا الفاسق فإن أفتى غيره لم تقبل فتواه، وليس للمستفتي أن يستفتيه، وله أن يعمل بفتوى نفسه، ولا يجب عليه أن يفتي غيره، وفي جواز استفتاء مستور الحال وجهان، والصواب جواز استفتائه وإفتائه.
قلت:...)أهـ.

فأخذ (الحلبي!) من كلام هذا الجبل الهمام ما يستدل به على باطله، فقال: (...وقال تلميذه الإمام ابن القيم-رحمه الله-عند كلامه على ( من يجوز له الفتيا )-: وكذلك الفاسق إلا أن يكون معلنا بفسقه داعيا إلى بدعته، فحكم استفتائه حكم إمامته وشهادته، وهذا يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة والقدرة والعجز؛ فالواجب شيء والواقع شيء والفقيه من يطبق بين الواقع والواجب وينفذ الواجب بحسب استطاعته، لا من يلقى العداوة بين الواجب والواقع، فلكل زمان حكم، والناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم، وإذا عم الفسوق وغلب على أهل الأرض فلو منعت إمامة الفساق وشهاداتهم وأحكامهم وفتاويهم وولاياتهم لعطلت الأحكام، وفسد نظام الخلق، وبطلت أكثر الحقوق، ومع هذا فالواجب اعتبار الأصلح فالأصلح، وهذا عند القدرة والاختيار، وأما عند الضرورة والغلبة بالباطل فليس إلا الاصطبار، والقيام بأضعف مراتب الإنكار...)أهـ.

وأخيرًا: اسمع يا (حلبي!) ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-هذا الإمام الجبل الذي ما ناله من الأذى من أهل الهوى بقدر ما ناله منك، قال: (...وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيءٌ مِنَ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ...)أهـ.

فيا شيخ المكتبة الشاملة أيها الجاهل (الحلبي!) إنَّا نبرأ إلى الله من الجهل والظلم كما نبرأ إليه من أمثالك ومَن هم على شاكلتك.


كتبه:

أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الأحد الموافق: 1/ شوَّال/ 1433 للهجرة النبوية الشريفة.