المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتش عن هوى نفسك لإحترازه حتى لا تؤثره على الحق/ للشيخ المعلمي اليماني -رحمه الله-



ابواوس السلفي الموصلي
23-Aug-2012, 05:21 AM
فتش عن هوى نفسك لإحترازه حتى لا تؤثره على الحق

إفرض أنه بلغك أن رجلاً سب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ، وآخر سب داود -عليه السلام- ، وثالثاً سب عمر أو علياً -رضي الله عنهما- ، ورابعاً سب إمامك ، وخامساً سب إماماً آخر ، أيكون سخطك عليهم وسعيك في عقوبتهم وتأديبهم أو التنديد بهم موافقاً لما يقتضيه الشرع ؛ فيكون غضبك على الأول والثاني قريباً من السواء وأشد مما بعدهما جداً ، وغضبك على الثالث دون ذلك وأشد مما بعده ، وغضبك على الرابع والخامس قريباً من السواء ودون ما قبلهما بكثير ؟

إفرض أنك قرأت آيةً فلاحَ لك منها موافقة قول لإمامك ، وقرأت أخرى فلاح لك منها مخالفة قول آخر له ، أيكون نظرك إليها سواء ، لا تبالي أن يتبين منها بعد التدبر صحة ما لاح لك أو عدم صحته ؟

إفرض أنك وقفت على حديثين لا تعرف صحتهما ولا ضعفهما ، أحدهما يوافق قولاً لإمامك والآخر يخالفه ، أيكون نظرك فيها سواء، لا تبالي أن يصح سند كل منهما أو يضعف ؟

إفرض أنك نظرت في مسألة قال إمامك قولاً وخالفه غيره ، ألا يكون لك هوى في ترجيح أحد القولين بل تريد أن تنظر لتعرف الراجح منها فتبين رجحانه ؟

إفرض أن رجل تحبه وآخر تبغضه تنازعا في قضية فاستفتيت فيها ولا تستحضر حكمها وتريد أن تنظر ألا يكون هواك في موافقة الذي تحبه ؟

إفرض أنك وعالماً تحبه وآخر تكرهه أفتى كل منكم في قضية وأطلعت على فتويَيْ صاحبيك فرأيتهما صواباً ، ثم بلغك أن عالماً آخر أعترض على واحدة من تلك الفتاوى وشدد النكير عليها أتكون حالك واحدة سواء كانت هي فتواك أم فتوى صديقك أم فتوى مكروهك ؟

إفرض أنك تعلم من رجل منكراً وتعْذُرُ نفسك في عدم الإنكار عليه، ثم بلغك أن عالماً أنكر عليه وشدد النكير ، أيكون استحسانك لذلك سواء فيما إذا كان المنكر صديقك أم عدوك ، والمنكر عليه صديقك أم عدوك ؟

فتش نفسك تجدك مبتلى بمعصية أو نقص في الدين ، وتجد من تبغضه مبتلى بمعصية أو نقص آخر ليس في الشرع بأشد مما أنت مبتلى به ؟ فهل تجد إستشناعك ما هو عليه مساوياً لإستشناعك ما أنت عليه ، وتجد مقتك نفسك مساوياً لمقتك إياه ؟

وبالجملة فمسالك الهوى أكثر من أن تحصى وقد جربت نفسي أنني ربما أنظر في القضية زاعماً أنه لا هوى لي فيلوح لي فيها معنى ، فأقرره تقريراً يعجبني ،ثم يلوح لي ما يخدش في ذاك المعنى ، فأجدني أتبرم بذاك الخادش وتنازعني نفسي إلى تكلف الجواب عنه وغض النظر عن مناقشة ذاك الجواب ، وإنما هذا لأني لما قررت ذاك المعنى أولاً تقريراً أعجبني صرت أهوى صحته ، هذا مع أنه لا يعلم بذلك أحد من الناس ، فكيف إذا كنت قد أذعته في الناس ثملاح لي الخدش ؟ فكيف لو لم يلح لي الخدش ولكن رجلاً آخر أعترض علي به ؟ فكيف لو كان المعترض ممن أكرهه ؟

هذا ولم يكلف العالم بأن لا يكون له هوى ؟ فإن هذا خارج عن الوسع، وإنما الواجب على العالم أن يفتش نفسه عن هواها حتى يعرفه ثم يحترز منه ويمعن النظر في الحق من حيث هو حق،فإن بان له أنه مخالف لهواه آثر الحق على هواه.

المصدر :
كتاب (القائد إلى تصحيح العقائد - ص:30)
للشيخ المعلمي اليماني -رحمه الله-.

أبو الوليد خالد الصبحي
06-Nov-2012, 11:53 PM
جزيت خيرا