المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير سورة التين العلامة عبدالرحمن السعدي رحمة الله



أبو الوليد خالد الصبحي
27-Mar-2010, 04:01 PM
سورة التين

" والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون فما يكذبك بعد بالدين أليس الله بأحكم الحاكمين "
" والتين "
هو التين المعروف ، وكذلك
" والزيتون "أقسم بهاتين الشجرتين ، لكثرة منافع شجرهما وثمرهما ، ولأن سلطانهما في أرض الشام ، محل نبوة عيسى ابن مريم عليه السلام .
" وطور سينين "، أي : طور سيناء ، محل نبوة موسى عليه السلام .
" وهذا البلد الأمين "وهو مكة المكرمة ، محل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم . فأقسم تعالى بهذه المواضع المقدسة ، التي اختارها وابتعث منها أفضل الأنبياء وأشرفهم . والمقسم عليه قوله :
" لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم "، أي : تام الخلق ، متناسب الأعضاء ، منتصب القامة ، لم يفقد مما يحتاج إليه ظاهرا وباطنا شيئا . ومع هذه النعم العظيمة ، التي ينبغي له القيام بشكرها ، فأكثر الخلق منحرفون عن شكر المنعم ، مشتغلون باللهو واللعب ، قد رضوا لأنفسهم ، بأسافل الأمر ، وسفساف الأخلاق . فردهم الله في أسفل سافلين ، أي : أسفل النار ، موضع العصاة المتمردين على ربهم ، إلا من من الله عليه بالإيمان ، والعمل الصالح ، والأخلاق الفاضلة العالية .
" فلهم "بذلك المنازل العالية ، و
" أجر غير ممنون "، أي : غير مقطوع ، بل لذات متوافرة ، وأفراح متواترة ، ونعم متكاثرة ، في أبد لا يزول ، ونعيم لا يحول ، أكلها دائم وظلها .
" فما يكذبك بعد بالدين "، أي : أي شيء يكذبك أيها الإنسان ، بيوم الجزاء على الأعمال ، وقد رأيت من آيات الله الكثيرة ما يحصل لك به اليقين ، ومن نعمه ما يوجب عليك أن لا تكفر بشيء منها ؟
" أليس الله بأحكم الحاكمين "، فهل تقتضي حكمته أن يترك الخلق سدى لا يؤمرون ولا ينهون ، ولا يثابون ولا يعاقبون ؟ أم الذي خلق بني الإنسان أطوارا بعد أطوار ، وأوصل إليهم من النعم والخير والبر ما لا يحصونه ، ورباهم التربية الحسنة ، لا بد أن يعيدهم إلى دار هي مستقرهم ، وغايتهم التي إليها يقصدون ، ونحوها يؤمون . تم تفسير سورة التين ـ والحمد لله .