المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زجر المتهاون باللعن والمتهاونة



عبدالله بن العيد عدونة
01-Nov-2012, 07:34 PM
الحمد لله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد الموصوف بأنه بالمؤمنين رءوف رحيم، وعلى آله وصحابته أكابر أهل الدين والعلم.
أما بعد: فإن بعض المسلمين من الذكور والإناث ـ سلمهم الله من الشر ــ قد درجت ألسنتهم على اللعن، فتسمعهم من الجد والجدة، والوالد والوالدة، والأخ والأخت، والعم والعمة، والخال والخالة، والزوج والزوجة، والقريب والقريبة، والمعلم والمعلمة، والصاحب والصاحبه، والعاقل الرزين وضعيف العقل، والوجيه وغير الوجيه، والمسن والعجوز، والشاب والشابة، والصغير المميز وغير المميز. وتسمعه في البيوت وأماكن العمل، وفي المدارس والمراكز، وفي المجالس والملتقيات، وفي الطرقات والمنتزهات، وفي الملاعب والمحافل، وفي الفضائيات والإذاعات. وتراه يخرج على أمور يسيره، وزلات خفيفة، بل قد يخرج من بعضهم في حال اللعب والمزح والهزل.
حتى إنك لتسمع من بعض الناس شديد اللعن وأنكره، وأغلظه وأبشعه، وأقبحه وأسوأه، وقد يكون صادراً عنهم في حق أنفسهم، أو حق والديهم، أو حق أبنائهم وبناتهم، أو حق إخوانهم وأخواتهم، أو حق زوجاتهم وأزواجهم، أو حق أصحابهم وجلسائهم، أو حق معلميهم ومعلماتهم، أو حق حكامهم وأمرائهم. بل قد يظن السامع أن النطق باللعن قد أصبح على بعض من يراهم ويسمعهم ويخالطهم ويجالسهم من أسهل الكلام وأيسره، وأخف القول وأهونه، إذ يراه يخرج منهم مراراً، ويسمعه منهم في أحوال متعددة، وأوقات مختلفة، وفي الجد والهزل، وحين اللعب والسرور، وعند الغضب وعدمه، وعلى الحقير والجليل، وفي حق الصغير والكبير، ومع القريب والبعيد، والصاحب والعدو.
وبعضهم قد يتسبب حتى في لعن أمه وأبيه، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: )) من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا: يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه )) رواه سلم (90).
أَمَا طرقَ أسماع أهل اللعن؟ أَمَا قرأت عيون اللعانين؟ أَمَا أفزع قلوب من يلعن ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن اللعن واللعانين من الأحاديث؟. أَمَا كفاهم أنه صلى الله عليه سلم نفى ذلك عن المؤمن؟. فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ليس المؤمن بطعَّان ولا بلعَّان ولا الفاحش البذيء))رواه أحمد وغيره، وصححه الحاكم وابن حبان والألباني، وحسنه ابن القطان الفاسي. أَمَا رَدَعَهم أن سِباب إخوانهم في الدِّين فسوق؟. فقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم-أنه قال: (( سباب المسلم فسوق )) رواه البخاري (48) ومسلم (64). أَيرضى عاقل لنفسه بأن يدخل في سلك الفاسقين؟. أَمَا أيقظهم أن هذا اللعن من أسباب حرمانهم أن يكونوا شفعاء وشهداء عند الله يوم القيامة؟. فقد صحَّ عن زيد بن أسلم أن عبد الملك بن مروان بعث إلى أم الدرداء بأنجاد من عنده، فلما أن كان ذات ليلة قام عبد الملك من الليل فدعا خادمه فكأنه أبطأ عليه فلعنه، فلمَّا أصبح قالت له أم الدرداء: سمعتُك الليلة لعنتَ خادمك حين دعوته، فقالت سمعت أبا الدّرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا يكون اللَّعَّانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة )) رواه مسلم (2598). أما ردهم وأوقفهم أن اللعنة تغلق دونها أبواب السماء وأبواب الأرض، فإن لم تجد الملعون يستحقها رجعت إلى قائلها؟. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إن العبد إذا لعن شيئًا صعدت اللَّعنة إلى السَّماء فتُغلق أبواب السَّماء دُونها، ثمَّ تهبط إلى الأرض فتُغلق أبوابها دونها، ثمَّ تأخذ يميناً وشمالاً، فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لُعِن، فإن كان لذلك أهلاً وإلاَّ رجعت إلى قائلها )) رواه أبو داود (4905) وحسنه الألباني. أما زجرهم وأخافهم موقف الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ من اللعن؟. فقد ثبت عن سلمة بن الأكوع ــ رضي الله عنه ــ أنه قال: (( كنا إذا رأينا الرَّجل يلعن أخاه رأينا أن قد أتى بابًا من الكبائر )) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(6674) وجود إسناده المنذري والهيثمي، وصححه الألباني. أَمَا أسكتهم أن اللعن من فُحش القول، وأن الله تعالى لا يحب الفحش ولا التفحش، ويبغض صاحبه؟. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إياكم والفحش؛ فإن الله لا يحب الفحش، ولا التفحش )) رواه الحاكم (28) وابن حبان (5177) وغيرهما، وصححه الحاكم وابن حبان والألباني, وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إن الله ليبغض الفاحش البذيء)) رواه الترمذي (2002) وابن حبان (5693) وصححه الترمذي وابن حبان والألباني و(( البذيء )) هو: الفاحِش السَّيئ القول.
وكتبه: عبد القادر بن محمد الجنيد.
منقول