محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
فيها: 1_ دك لحصون المميعة
2_ بيان حال منتدى كل السلفيين
3_ الرد على الحلبي في استدلاله بقصة مجالسة الإمام أحمد لعبد الرحمن بن صالح الأزدي وأنه كذب على الإمام أحمد
4_ فيها بيان لضوابط الهجر السني وليس الهجر على طريقة المميعين
5_ فيها قصة جميلة حصلت بين الإمام أحمد ويحيى بن معين لما زاره في مرضه وأبا أحمد أن يرد عليه السلام
6_ فيها الرد على من يتقربون من أهل البدع حتى يقعوا في مصيدتهم
7_ فيها فيها فوائد ودرر
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمدعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ، معشر الإخوان ، إن الإنسان في هذه الحياة الدنيا إنما خلقه الله - جل وعلا - لعبادته وطاعته .
والعبادة والطاعة لله تبارك وتعالى لا تكون مقبولةً إلا إذا توافر فيها أمران :
الأمر الأول : أن تكون لوجه الله تبارك وتعالى خالصة ، المراد بها :
وجه الله والدار الآخرة .
والأمر الثاني : أن تكون هذه العبادة على وفق ما أمر به ربنا تبارك
وتعالى ، وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذان الشرطان لا تقبل
العبادة إلا بهما.
فالإخلاص لله - جل وعلا - في جميع أقوالنا وأعمالنا عزيز ، والعبد لا يزال يجاهد نفسه مع نيته ، النية أساسٌ عظيم لقبول العمل ، قال : "إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " .
ولنقف عند هذا الشرط الأول فهو بحاجةٍ ماسة إلى الوقفة الصحيحة عنده .
معشر الإخوان ، نرى كثيراً من الناس أول ما يبدأ يتلبس في ظاهر أمره بالإخلاص ، ثم تراه بعد ذلك من خلال أفعاله وأقواله ، فيظهر لك منه نقض دعواه ، فتراه قد باع دينه ، فما كان بالأمس عليه من الخير والهدى تنازل عنه لأجل الدنيا ، فبالأمس ما كنت تراه إلا مع أهل الحق والهدى والسنة والحديث ، واليوم قد انقلبت الأمور عنده وقلب لهذا كلهِ ظهر المجن ، فتراه على خلاف حالهِ الأولى ، فبعد أن كان مع شيوخ السنة والأثر ، إذا بك تراه يجري لَهثا أو لهِثا خلف الدنيا ، فيمشي مع فلان ، وفلان ممن نعرفهم بالتحزب والبدعة ، وليته عند هذا الأمر يقف ، بل يتجاوز بعد ذلك ليبرر لنفسه هذا الباطل ، فيقع بلسانه الحاد في علماء السنة والحديث ، وشيوخه بالأمس ، فتراه طعاناً وقاعاً فيهم .
هذا متى ؟
إذا وصل إلى ما يريد من أولئك ، فقد حصّل الدنيا فبالأمس صعلوك لا مال له ، واليوم سيارة فارهة ، وشقة ، وقل غير ذلك ، حصل له ذلك ، حصلت له الدنيا ، لكن في مقابل ماذا ؟ مقابل أن باع دينه ، باع دينه فترك السنة وأهلها ، وركب البدعة وصحب أهَلها ، ثم بدأ يعتذر لنفسه بالأعذار الإبليسية .
فأول ما يبدأ ، هؤلاء متشددون ، هؤلاء المشايخ متشددون ، هؤلاء عندهم غلو ، هؤلاء ما عندهم إلا الكلام في الناس ، هؤلاء خالفهم غيرهم وهكذا ، حتى ينسلخ من دينه فيعود أشد ضرراً على السنة وأهلها من المبتدعالأصلي ، وهذا الكلام لا نقوله رجما بالغيب ولا جزافا ، وإنما من واقع التجربة ، وواقع الأحداث على مدار خمس وعشرين سنة ، ربع قرن رأينا هذا كله ، يتعلل بعضهم إن لم أفعل هذا ربما لحقني الضرر في الجامعة أو في المؤسسة التي أنا فيها ، نعم وإذا بالحقيقة على خلاف ذلك ،الحق أنه لا ضرر عليه ، فيتأول ، وبعد التأويل باب واسع جداً ، ما لحقه ضرر لكن يتخيل أنه سيلحقه ضرر فيهلك .
فرحم الله سلفنا الصالح حيث فطنوا لهذا وشددوا فيه غاية التشديد ، لأن مثل هذا يكون ضرراً على الآخرين إن بقي على السنة يكون حجة لكل من أراد الانحراف ، هذا إن بقي هو على السنة ، أما أكثر من ذكرت فالغالب أنه ينتهي بهم الأمر إلى أهل الهواء .
روى المرّوذي - رحمه الله - عن الإمام أحمد - رحمه الله- : أنه دخل عليه في مرضه يحيى بنُ معين ، فسلم عليه ، فلم يرد عليه السلام ، وكان يحيى مع إمامته قد أجاب في محنة خلق القرآن متأولاً ، ومن كيحيى ؟
من كيحيى بن معين ؟ولكن الشاهد ما هو هذا ، الشاهد الذي سيأتي :
فسلم على أحمد فلم يرد عليه السلام وكان أحمد قد أخذ على نفسه عهداً ألا يكلم أحدا ممن أجاب في الفتنة ، في محنة القول بخلق القرآن ، وكان يحيى من هؤلاء - رحمه الله - فلم يسلم عليه فأخذ يحيى - يعتذر ، يحيى بن معين أخذ يعتذر إلى أحمد وأخذ يقول : يا أبا عبد الله ، حديث عمار ، أليس يقول الله {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} ؟ فلم يرد عليه أحمد ، وأشاح بوجه إلى الجانب الآخر إلى الجدار ، ولم ينظر في وجه يحيى ، فخرج يحيى وهو يقول أف !! نعتذر إليه ثم لا يقبل منا ! والله يقول إلا من أكره ، فقعد على الباب ، قعد أين ؟ على باب أحمد ، على باب الدار ينتظر ، حتى خرج أبو بكر المرّوذي - رحمه الله - فقال له : ماذا قال أحمد ؟ هل قال بعدي شيئا؟
قال : نعم ، قال ما قال : ماذا قال؟
قال : سمعته يقول : يعني أحمد يقول : حديث عمار ! حديث عمار ! {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} -يعني يستنكر ! على يحيى-
إن عماراً -رضي الله عنه- قد جاء في حديثه: إنني مررت عليهم ، يعني المشركين ، فسمعتهم يسبونك ويشتمونك فنهيتهم وزجرتهم عن ذلك فضربوني ، وأنتم قيل لكل سنضربكم ، فأجبتم ، ما ضربتم سنضربكم ، فأجبتم فقال يحيى بن معين : بعدما سمع هذا ، لله درك، مُر يا أبا عبد الله والله ما تحت أديم السماء أحد أفقه في دين الله منك. يعني شوف الفرق عمار ضربوه بعد أن أنكر عليه ، ولذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم : فإن عادوا فعد .
أما أنتم قالوا سيضربونكم ، فأجبتم مباشرة .
فهذا الذي يقل سيضرونني فيذهب معهم مباشرة فيبيع دينه بدنياه ، فانظروا إلى العدل والإنصاف عند يحيى بن معين يقول مُر ، يعني أأمر بما شئت ، بعد أن سمع هذا الكلام عن أحمد ، مُر بما تشاء ، هذا هو الفقه
وهؤلاء باعوا دينهم بدنياهم لأمور تخيلوها ففسد دينهم ودنياهم فلا بقي لهم الدين ولا قامت لهم الدنيا ، فذهبوا مع أهل البدع والتحزب وتلطخوا بأوبار الحزبية والبدعة ، وتركوا إخوانهم وشيوخهم ثم صاروا مع هؤلاء ، وقد كان السلف كما جاء ذلك عن الشعبي - رحمه الله- "يقولون :لا تسأل المرء عن المرء بعد ثلاث ، لا تسأل عن المرء بعد ثلاث ، ممشاه ومدخله ، ومخرجه ومدخله ، وإلى من يجلس "
إذا عرفت ممشاه مع من ، ويدخل ويخرج مع من ، ويجالس من ، ماذا تريد أن تسأل بعد ذلك ؟ خلاص .
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه _ أنظر إلى من يجالس_ فكل قرين بالمقارن يقتدي ..
فهؤلاء يبيعون الآجلة بالعاجلة ، فأمر الإخلاص معشر الإخوان أمر عظيم ، والإخلاص : أن لا يقصد الإنسان بعمله إلا وجه الله تبارك وتعالى ، والدار الآخرة ، فيستقيم على الحق والهدى ولا يصرفه عنه صارف ، هذا هو الثبات الحقيقي .
بالله عليكم ، لو أن أحمد بهذا العصر وفعل مثل هذا بيحيى بن معين ماذا يقول عنه صعافقة العصر اليوم ؟ يقولون عنه متشدد ، غالي عنده غلو ، مع من ؟ مع يحيى بن معين ، مع إمام ، لكنه لم يقبل منه .
إذا كان هذا من أحمد مع يحيى بن معين واستمر هجره له حتى بعد اعتذاره ، لأنه يرى - رحمه الله - أن لموقف يحيى أثرا في الناس فيحتجون به ، فلو هجر اليوم من يفعل مثل هذا ، ما ذا يقال فيمن هجره ؟ لو هجر اليوم من يفعل مثل هذا أو قريبا منه ما يقال فيه ؟
فيمن هجره ؟ يقال متشدد يقال هذا غالي ، وهؤلاء غلاة وهؤلاء ما عندهم إلا الجرح وهؤلاء جراحون ونحو ذلك ،
مع أن الذين يفسدون اليوم أكثرهم مغموس وإن انتسب إلى السنة ، مطعون فيه ، وإن انتسب إلى السنة ، بل لا نرى شدة ألسنتهم إلا على أهل السنة ، وبالمقابل يعتذرون لأهل الأهواء ويدافعون عنهم ، ويبررون لهم باطلهم ، ومرة يقولون : إنهم سلفيون وأخرى يقولون : لا نستطيع إخراجهم من السلفية ، ونحو ذلك .
فاتسعت صدورهم لهؤلاء ، ولم يسلم السلفيون من ألسنتهم هم ، فهذا الصنف هم الذين الخطر فيهم أشد على السلفيين من أهل الأهواء والبدع فاحذروهم يا أبنائي ويا إخوتي احذروهم كل الحذر ، فإذا رأيتم من يصدر عنه مثل هذه المقالة فلا يتسع صدره لأهل السنة ولا يعتذر لهم ، ويتسع صدره للمطعون فيهم ، ويعتذر لهم فهو والله كذاب .وإن بلغت عمامته عنان السماء .
معشر الإخوان ، إن أحمد هذا منهجه وهذا مذهبه وهذه طريقته ، سئل بعض العلماء السؤال الآتي :
هل يمكن أن يكون لله ولي على غير طريق أحمد وعقيدة أحمد ؟
فقال : لا والله لا كان ولا يكون، ما يمكن أن يكون على غير طريق أحمد وهو يقال عنه أنه من أولياء الله ، أبدا ، يقول : لا والله لا كان ولا يكون ما يمكن أن يكون من أولياء الله وهو على غير طريق أحمد ،
قال شيخ الإسلام : ـ رحمه الله ـ معلقا على هذه العبارة ،كنت قد ذكرتها لبعض إخوانكم فأقلقتني ونسيت وأخطأت قلت أنها في تلبيس الجهمية "بيان تلبيس الجهمية" ، وهي في الحقيقة درء تعارض العقل والنقل
فهذا يقول شيخ الإسلام : الاعتقاد لمالك والشافعي وغيرهم من السلف والظهور لأحمد ، لماذا ؟ لأنه امتحن وابتلي وفتن ، فثبت.
فأظهر الله به السنة ، وإلا العقيدة هي عقيدة مالك والشافعي ما خالف بها أحمد ، ما جاء باعتقاد جديد هي نصوص الكتاب والسنة ، وهي عقيدة مالك والشافعي ، لكن الظهور لأحمد - رحمه الله - ، فما يمكن أن يكون سلفيا على غير طريقة أحمد وإن بلغت عمامته السحاب ، ولو نصب في أعلى المناصب ، ولو قيل مع ألف من العلماء ، وهو على غير طريقة أحمد .
فوالله لا كان ولا يكون ، وهذه المقالة لعبد القادر الجيلاني هل يكون لله ولي على غير طريق أحمد وعقيدة أحمد ؟
قال : لا والله لا كان ولا يكون .
فما يمكن أن يكون شخصٌ مخالفاً لطريقة أحمد وعقيدته ومنهجه ويزعَم أنه سلفي ، لا والله ،
هذه طريقة أحمد مع أهل الأهواء والبدع وهذا موقفه من أهل الأهواء والبدع بل موقفه من أئمة السنة تأولوا فلم يقبل منهم ، لأنه خاف على أهل السنة الضرر بسببهم وهم من أهل السنة ، فكيف بالمبتدع الواضح وكيف بالمشكوك فيه والقرائن تحوم عنه على أنه ليس بسلفي ويفاصل لأجله بأهل السنة ، ويطعن بسببه لأهل السنة ، ويرمون بكل قبيح بسببه
السني الحقيقي : هو الذي لا يغضب لشيء من البدع إذا كانت عنده إذا ذكر المبتدعوطعن فيه وحذر منه ، السني يفرح بذلك ما يغضب فإذا غضب فاعلم بأنه ليس بسني ، بل هو كذاب ، وهذا الذي نعيشه نحن اليوم ، هؤلاء إخلاصهم يمتحن بهذا الذي ذكرت لكم ، فعلماء السنة هذه طريقتهم ، وعلماء السلف هذا هو منهجهم، فمن صار عليه فهو السني والسلفي ، ومن خالفه فهو الخلفي كائنا من كان .
فأنا أوصيكم معشر الإخوان بالإخلاص لله تبارك وتعالى ، وأن يكون مقصد العبد في جميع أقواله وأفعاله وتصرفاته ومواقفه أن يكون مقصده وجه الله والدار الآخرة ، لا لأجل السلامة من أن يتكلم فلان فيه ، ولا لأجل أن يحصل شيئا من الدنيا ، وإذا علم الله منه ذلك فهو العليم به قبل أن يخلقه ، فوالله إن العاقبة له في الدنيا والآخرة .
الآن نسمع الهجمة الشرسة القوية على سور الإسلام والسنة الحصين الذي حمي به الإسلام ، وأهل الإسلام ، حميت به السنة وأهلها ، هجوم على هذا الصور لتكسيره هذا الصور العظيم : هو هجران أهل البدع ، فنحن في هذه الآونة نسمع الكلام الشديد عن هذه المسألة
وللأسف ممن ينتسب إلى السنة
بعضهم يقول اليوم لا يمكن أن يطبق الهجر ، إذا متى ؟ يوم ينفخ في الصور ؟
متى يطبق الهجر ؟ إذا نفخ في الصور هذا كلام باطل !
وآخر وهو يتلبس بالسنة ويتظاهر بها ، يُنكر أن يكون الهجر فوق ثلاث لأهل الأهواء في السنة ، أو في دين الإسلام ينكر ذلك ، يقول : ما يهجر المبتدعفوق ثلاث لجهله أو لهواه .
وأما اليوم أنا أقول : لهواه . كنت قبل ذلك لجهله ، لكنه بعد أن عرف وأوقف على إجماع أهل السنة في هذه المسأله أجمعوا على هجر أهل البدع والأهواء حتى يتوبوا وبقي على هذا لقول هذا هوى ،
والمؤسف ليس هو هذا ، المؤسف من يوجد يدافع عنه ، وليته إذ دافعه هؤلاء المدافعون عن هذا الدعي سلم منهم أهل السنة ، بل ذهبوا يطعنون في أهل السنة ، فيا محنة الإسلام والسنة ويا غربة أهل السنة بين هؤلاء والله الموعد.
هذا البلاء الذي نزل في الآونة الأخيرة بالسلفيين ، ما هَمنا لو تكلم فيه البدعي ما ضرنا ذلك ، لكن كونه يتكلم فيه من ينتسب إلى السنة فينسفه نسفا هذا الذي أصبح ضررا على أهل السنة وأبناء السنة .
إن البعد عن أهل الأهواء لا يكفي فيه مجرد البعد بل لا بد مع البغض أيضا لأهل الأهواء .
بوّب أبو داود - رحمه الله - في كتاب السنن ، في كتاب السنةِ منه باباً , فقال : باب هجر أهل الأهواء وبغضهم ،
ثم ساق تحته الأحاديث : أوثق عرى الإيمان ونحوه .
فالهجر الحقيقي الكامل مع البعد لا بد أن يكون بالقلب ، فإن المرء قد يبتدع من المبتدعخوفا على مصلحة دنيوية وإلا قلبه معه .
والدليل على ذلك أنه أول ما تسمح له الفرصة تجده مع المبتدعرجع إليه ، فهذا كذاب وقد كشفه الله ،
فإذاً لا بد مع البعد والهجر لا بد من البغض له ، وبهذا الهجر والبعد والبغض لأهل البدع حُمية السنة وحُمي أهل السنة .
والآن نسمع أن الهجر لا يمكن أن يطبق اليوم .
وآخر يقول : ما يوجد مبتدع يهجرون كما وجد في العهد الأول في عصر السلف .
وثالث يقول : الهجر إذا كان فيه مصلحة للمهجور فنعم وإلاّ فلا .
يعني كأن إنما نريد الرجل الذي هجرناه أما مصلحتنا نحن الحفاظ على أبنائنا ، على أبناء السنة والطريقة السلفية وزجرهم عن مخالطة المبتدعفلا يضلون بسببه ، هذا باب آخر لا يلتفت إليه ، وهذا إما منشأه الجهل وإما منشأه الهوى أو كلاهما .
فيا معشر الإخوان احذروا هذا ، واحذروا من يقول هذا القول ، واقرؤوا في كتب أئمة السنة لله الحمد هي بين أيدينا ، مسندة موجودة وهذه السنة لأحمد ولعبد الله بن أحمد ، والسنة لابن أبي عاصم ، والشريعة للآجوري ، وشرح أصول الاعتقاد لللالكائي ، والإبانة لابن بطة ، وغيرها من كتب سنن العقائد .
إيتونا بحرفٍ واحد فيها على خلاف هذا الذي ذكرت حتى نتبعكم على ما تقولون من هذا القول الباطل المنكر ،
وللأسف أصبح من يتبجح بمثل هذه الأقوال ويتخلل بها تخلل الباقرة بلسانها ، أصبح هو العالم وهو المعتدل وهو المتوسط وهو المتعقل إلى غير ذلك من الألقاب التي يضفونها ويضيفونها إليه حتى يغُر الناس بمقاله .
وهذه بلية عظيمة نشأ منها عند بعض الناس كل السلفيين : فالتكفيري أصبح سلفي , والإخواني أصبح سلفي البنائي , والإخواني القطبي أصبح سلفي , والتبليغي أصبح سلفي , وهكذا قل ما شئت , كلهم سلفيون , والموقع : كل السلفيين
يحتمل هؤلاء جميعا إلا أهل السنة فإنه لا يحتملهم فإنهم غلاة وجراحون ومتنطعون ومتشددون , وربما كذب الأفاك ممن يدخل هذه المواقع قال عنهم: الحداديون وهذه كلمة حق ، لكن هؤلاء ليسوا هم الحداديين . أرادوا بها باطل أول من انبرى للحدادين هم هؤلاء الذين يُرمون بالحداديين ظلما وزورا .
فالشاهد اتسعت هذه القلوب قلوب أصحاب هذه المواقف والمواقع لكل أصحاب البدع وأصنافهم ، لم تتسع للسلفيين فلا يضركم لمعان من يكتب فيها ، فالعبرة بالحق والزبد يذهب جفاءا وما ينفع الناس يمكث في الأرض والحق والهدى دائما أهله قلة ، والعبرة ليست بالكثرة ، العبرة في موافقة الدليل .
حتى إن بعضهم ليكذب على أحمد رحمه الله تعالى ورضي عنه ليبرر باطله اليوم الذي هو عليه ، فيحتج بقصة أحمد مع عبد الرحمن بن صالح الأزدي البصري ، مع أنه عنده بعض البدع وهي طعنه في بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويقول : أحمد لم يهجره واعتذر له بأنه يحب آل بيت النبي فهل هؤلاء - يقصد السلفيين- على طريقة أحمد في تعاملهم مع أهل البدع ؟
انظروا إلى الكذب !
أحمد جاءت الرواية الأخرى عنه كاملة مبينة للقصة ، ولكن هذا مصداق قول السلف _ رحمهم الله _ أهل الأهواء يذكرون الذي لهم ، ويخفون الذي عليهم , أما أهل السنة فيذكرون الذي لهم والذي عليهم ،
وسمعتم موقف الإمام يحيى بن معين قبل قليل ، أليس كذلك ؟ مدح أحمد مع أن أحمد لم يسلم عليه وأثنى عليه وقال : ما في تحت أديم السماء أفقه منه ، مع أن أحمد لم يسلم عليه وأعرض عنه ، هذا هو السني حقا ضعف ضعف ولكن أحمد لم يقبل منه ، لكن هل حمله على الطعن في أحمد؟
لا خرج له فقه أحمد أكثر, وازداد في الثناء على أحمد أكثر لكن هؤلاء الكذابون يختلطون ، أحمد ما علم عبد الرحمن بن صالح الأزدي البصري أول الأمر ، فسئل عنه أبو داود قال : رجل سوء يطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ثم قالوا لأحمد ذلك ، قال ما علمته إلا يحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاب بما علم
سألوه ، مرة أخرى فقالوا له : هذه الأحاديث التي فيها الطعن بأصحاب رسول الله
ترويها سألوه عن روايتها ، قال : أنا ؟ أنا أنكر ذلك في أفناء الناس ، يعني عامة الناس دهماء الناس، فكيف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ ينكر ذلك ،
ذكروا له أن عبد الرحمن بن صالح وضع كتابا ، قال بلغني ذلك ، بعدئذ ، أحمد ما كان يعلم أول الأمر قال بلغني ذلك ثم كلمته ثم رأيته فلم أسلم عليه ،
فهل هؤلاء الأفاكون يذكرون آخر هذه القصة ؟
لا ، لأنها عليهم وتفضحهم وتكشف منهجهم ، فحينئذ هم ليسوا على طريقة أحمد ، لا كان ولا يكون لله ولي على غير طريقة أحمد وعقيدة أحمد ومنهج أحمد .
فيا أبنائي ، الهوى إذا دخل بالنفس هوى بصاحبه يوقعه في الكذب ، ويوقعه في الكبر رد الحق ، ويوقعه في الجهل ، في هذه الثلاثة ظلمات ، لأن المقصد ليس هو وجه الله والدار الآخرة ، وإنما المقصد نصرة ما هو عليه مما بقي فيه ، أو وقع فيه من الباطل .
فاحذروا هذا يا أبنائي غاية الحذر وحذروا منه واعلموا أنه ما حفظت السنة ولا طريقة أهل السنة بشيء أعظم من هجر أهل الأهواء والبدع ، وبغضهم ومجاهدتهم .
أما الشرط الثاني فهو الإتباع : فلابد من أن يكون العبد حريصاً على تصحيح عمله لإتباع رسول الله
، قال الله جل وعلا : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
وقال جل وعلا: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما
وقال جل وعلا :قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
يقول صلى الله عليه وسلم : " لو كان أخي موسى حياً ما وسعه إلا إتباعي " ويقول : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها وعَضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة " .
فجمع حال الذي سمعتم من النصوص بين أمرين :
الأول : أنه لا يمكن أن يتم إيمان عبد حتى يتبع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم ويأخذ بسنته ويسير على طريقته .
والأمر الثاني : أن السير على سنته والأخذ بها وإتباع طريقته ، هذا هو الدليل الصحيح على صدق الدعوةلمحبته .
ومن سنته كما سمعنا الحث على لزوم السنة والتحذير من الأهواء والبدع فإنه عليه الصلاة والسلام لم يكتفي بأمرنا أن نأخذ بسنته فقط ، بل حذرنا من إتباع ما خالفها وهو البدع ، فالذي يدعوا إلى السنة ولا يحذر من البدع وأهلها ، فهو على خلاف طريقة رسول الله
.
فالكلام في أهل البدع والتحذير منهم في هذه الأزمان وقبل ذلك إتباع لطريقته عليه الصلاة والسلام ، فإنه قد حذر من البدع وأهلها قبل حدوثها فكيف بنا وقد حدثت وتعددت في زماننا هذا وكثرت وتلونت ، وكثر أهلها وتلونوا ؟ .
إن الواجب أن يحذر الإنسان من البدع ويحذر منها ويتمسك بالسنة ، ويأوي إلى أهلها فإذا كان على هذا النهي فهو على طريقة رسول الله
وإلا فليتفقد نفسه كلام السلف - رحمهم الله - والتحذير من البدع كثير ، وما قال أحد فيهم لا همّ لهم ولا شغل لهم إلا الطعن في الناس .
وما قال أحد فيهم ليس عندهم إلا الكلام في الناس .
وما قال أحد فيهم إنهم ما عندهم من العلم إلا هذا ، ونحو ذلك من العبارات التي نسمعها اليوم تطلق ويراد منها التنفير من علماء السنة وأهل السنة .
معشر الإخوة والأبناء السنة علماء السنة مظاهر وعلماء البدعة مصادر .
علماء السنة مظاهر : ظهرت بهم السنة ، وظهرت عليهم السنة في أقوالهم وأفعالهم لم يأتوا بجديد وإنما أظهروا السنة فظهرت على أقوالهم وأفعالهم فهم لها مظاهر ولم يخترعوها مصدرها رسول الله
وإنما هؤلاء العلماء كلما جاء وقت تكالب أهل الأهواء على أهل السنة وعلى السنة أظهروها فظهرت بسببهم السنة ، فقيل فيهم علماء السنة مظاهر ظهرت بهم السنة
وعلماء البدعة مصادر : عنهم صدرت البدعة يعني أهوائهم وأقوالهم ليس لها أصل في دين الله ابتدعوها فكانوا هم المصدر ، وهذا فرق ما بين علماء السنة وعلماء البدعة
فالزموا علماء السنة الذين هم مظاهر ظهرت بهم السنة وأعو الله بهم السنة وظهرت السنة أيضا أقوالهم وأفعالهم وتصرفاتهم ، واحذروا علماء البدعة ودعاة البدعة وإن كبروا في الناس وعظموا عند الناس فإنهم مصادر البدع على خلاف ما عليه رسول الله
وأسأل الله جل وعلا أن يرزقني وإياكم الفقه في الدين والبصيرة فيه وأن يثبتنا وإياكم على الحق والهدى حتى نلقاه وأن يعصمنا وإياكم من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن .
وصلى الله وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .
حمل المحاضرة من هنا
أو من هنا
بصيغة إم بي ثري بحجم 8.42 ميجا
رد: محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
هذا يقول: البعض يقول إن هجر أهل البدع لا بد فيه من تحقق المصلحة وأن تعرف درجة هذه البدعة؟.
الجواب:
هذا الكلام إذا كان مطلق هكذا هذا غير صحيح، لكن هذا مقيَّد، إذا كان هذا الإنسان لا يرى الهجر إلَّا بهذه الشروط فهذا خلاف النصوص الصحيحة الصريحة الواردة عن رسول الله-صلى الله عليه وسلَّم-، فإن الزجر الأصل فيه السلامة، سلامة الهاجر في دينه، في نفسه من أهل الأهواء، وأهل البدع والضلالات حتَّى لا يتأثَّر بهم فيضل.
فإن كان هذا الهاجر قويًّا ومِمَّن له مكانة بحيث لو هجر هذا المخالف صاحب الفسق صاحب المعصية تأدَّب وارتدع فلا بأس هذا في أهل السنَّة، أمَّا هجر أهل البدع فهجرهم على التأبيد بالإجماع حتَّى يتوبوا.
وهجران من أبدى المعــاصي سنَّة......وقد قيل إن يردع فأوجب وأكِّد
وقيل على الإطلاق مـا دام معـلنًا.......ولاقه بوجه مكفهــر مربـد
إذا ضعف الإنسان أيضًا عن الهجر كان المجتمع كلُّه لأهل البدعة فهنا يداري ولا شيء عليه إن شاء الله[1].
لسماع المادَّة الصوتية:
(هجر أهل البدع على التأبيد بالإجماع حتَّى يتوبوا)
قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الاثنين الموافق: 23/ شوَّال/ 1433 للهجرة النبوية الشريفة.
[1] لفضيلة الشيخ العلَّامة محمد بن هادي المدخلي-حفظه الله-/ دورة الإمام ابن قيِّم الجوزية-رحمه الله-السابعة بالمدينة النبوية والتي نقلت عبر موقع ميراث الأنبياء-رفع الله قدر القائمين عليه-/ (شرح لاميَّة المنسوخ/ الشريط الثاني)
رد: محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
هدية ؟؟ ما حكم مماشاة الحزبيين أو من عُرِفَ بالحزبية،؟ للشيخ محمد المدخلي .-حفظه الله-
ما حكم مماشاة الحزبيين أو من عُرِفَ بالحزبية،؟ للشيخ محمد المدخلي .
هذا سؤال آخر للشيخ محمد المدخلي حفظه الله .
السؤال : ما حكم مما شاة الحزبيين أو من عُرِفَ بالحزبية، بحجة أنه يعرف ما عند هؤلاء؟
الجواب: هذا من أعجب وأغرب الأدلة وأسقط الأدلة وأضعفها، فأظن أن كل عاقل يربأ بنفسه عن أن يماشي المطعون في مروءته وكرامته أمام الناس في الشارع العام من الفسقة والفجار من أهل الفساد والريب ..، نعم الذين يعرفهم الناس بالشر تستحي أن يراك الناس معه، لم؟
- حتى لا ينسبوك إليه، فإذا كان هذا في أمور الفسق فكيف بأمور البدع.
- فأنا أقول مماشاة الحزبي والمبتدع لا تجوز، لماذا؟ لأنك إذا ماشيته ؛ ولو كنت من أهل السنة ؛ أقل شيء عند من لا يعرف ينسبك إلى من؟ إليه، ينسبك إليه، إذا رآك تمشي معه، خلاص قال: هذا صديقه فلان، وهكذا ذمّاً ومدحاً، فإذا جاء فلان صديق العالم الفلاني قالوا: هذا تلميذ فلان، يتوصلون به إلي ما؟ إلي تزكيته، صح ولا لا؟، و العكس إذا جاء المنحرف يقولون هذا صاحب فلان يتوصلون به إلي ما؟ إلي الطعن فيه وجرحه، فأنت إذا ما شيت هؤلاء ولوكنت تزعم مغالطاً لنفسك أو انطلت عليك هذه المغالطة؛ فإن الناس سينسبونك إليه، ولهذا قديماً قيل:
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
ما يماشيه إلا وهو على مذهبه، فحينئذٍ تجر إلي نفسك الشبهة وتجر إليها الريب والظن السيئ فيها، في حين أنك لست على طريقتهم، فلو ما جاءك إلا هذا فكفى به سبباً في أن تبتعد عن أهل الأهواء، فكيف بك لو وقعت بسبب مماشتك في بدعته؟، وقديما قيل:
و لا تصحب أخا الجهل و إياك وإياه
فكم من جاهل أردى حليما حين أخاه
يقاس المرء بالمرء إذا ما هو ماشاه
فالمصيبة العظمى هي (الثانية..): وهي أنك بكثرة المجالسة له تنتهي بالمجانسة له، فإن المجالس مجانس في الغالب، والدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف".
و لذلك نظم الشاعر هذا في بيتين كما يعلمه كثير منا، وهو:
إن القلوب لأجناد مجندة قول الرسول كلام ليس يختلف
فما تعارف منها فهو مؤتلف وما تناكر منها فهو مختلف
ما يمكن أن يلتقي هذا مع هذا أبداً، موجب مع موجب ما يلتقي، تأتي بالموجب مع الموجب يفر منه، ليش؟، الموجب عندك أنت قوة السنة والإيمان واليقين والتمسك والسير على طريقة السلف الصالح، وذاك الموجب عنده الهوى والبدعة، فكلما تقاربتم كلما تنافرتم، ما يمكن أن تلتقوا، كل واحد يدفع الثاني، ما تجتمعان أبداً؛ كالتنوين والإضافة، كأني تنوين وأنت إضافة فحيث تراني لا تحل مكاني، لا تجتمعون أبداً؛
لكن الموجب والسالب يجتمعان، هذا ضعيف فيركب عليه الموجب، فإذا ضعف صاحب السنة ركبه صاحب البدعة وجره إلي بدعته، ضعف لأسباب إما بقلة علمه وضعفه أو بجهله المطبق، فيصبح صاحبه، أو بحبه للدنيا، نعم فإذا حب الدنيا وكان عند هذا المبتدع شيء من الدنيا؛ فقد باع دنياه بدينه، فنسأل الله العافية والسلامة،
فالشاهد أن الإنسان صاحب السنة الصحيحة، من قويت في قلبه السنة وعظمت في قلبه السنة، لا يمكن أن يجتمع مع صاحب البدعة إلا في حال واحدة تتصوره فيها، متى؟
- إذا جهل، قد يجلس مع هذا وهو لا يعلم، وهذا الذي قال فيه الإمام أحمد -رحمه الله تعالىٰٰٰٰٰٰ-: "أرى الرجل من أهل السنة مع الرجل من أهل البدعة يماشيه، أفأهجره؟، لا، أُسلم عليه؟، قال: لا، حذِّره منه، ثم إن رأيته بعد ذلك يماشيه فألحقه به"، فصاحب السنة قد يجهل خصوصاً إذا ما كان من البلد أو جديد عليها وارد ما يعرف، نعم، أو المبتدع وارد عليه جديد، أو الحزبي وارد عليه جديد وهو لا يعرفه، ممكن يجهل يقع ولو كان عالما، فمثل هذا يُنبه، فإذا نُبّه صاحب السنة الصحيحة ما يمكن أن يقبل صاحب الهوى وصاحب البدعة، فأقول إن هذه الحالة الثانية هي الأخوف على الإنسان؛ وهي المصيبة؛ وهي أنه يصبح من المماشاة والمجالسة يصبح بعد ذلك مجانسة له على بدعته فيصبح مثله، وهذا الذي قيل فيه: الصاحب ساحِب، الصاحب ساحِب يسحبك إلى: فإما أن تسحب أنت إلى خير وإما أن يسحب إلى شر.
والفرق بين المخالطة وبين المناصحة واضح وبرزخ شفاف، ولابد أن يُتنبه له؛ فإن المناصحة لا تقتضي الخلطة، المناصحة إذا ادَّعى بعضهم أنه يناصح هذا الحزبي أو هذا المبتدع أو صاحب الهوى، نقول له المناصحة لا تستدعي الخلطة ولا تستلزم الخلطة، بابها باب واضح، فأنت قد تنصح له في مجلس قد تنصحه في رسالة قد تنصحه في هاتف، قد تنصحه مثلاً في صف دراسي ضمك وإياه؛ لكن أن تكون جليس معه تماشيه، لا، هذه ما هي المناصحة، ولهذا يقولون:
وما ينفع الجرباء قرب صحــــــ ــــــيحة إليها ولكن الصحيحة تجرب
سنة الله الجارية أن الأجرب هو الذي يعدي ما هو الصحيح يصح، الصحيح تحطه بين الدواب الجرب ما يصححها لكن هي تجربه، نعم ، ولهذا قال القائل ابن عبد القدوس في بائيته الشهيرة وهي جميلة جداً يقول:
واحذر مصاحبة فإنها تعدي كما يعدي السليم الأجرب، نعم
وتوقى من شر النساء خيانة إن النساء مكائد لك تنصب.. نعم
إلي غيره أو إلي آخره في القصيدة، القصيدة جميلة، كل بيت منها حكمة بمفرده، وينبغي لنا أيضاً مثل هذه المناظيم التي فيها الحكم أن يجتهد الإنسان بقدر استطاعته في حفظها بعد حفظ كتاب الله -تبارك وتعالىٰٰٰٰٰٰٰٰٰٰٰٰ- والاعتناء به وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فإنها معينة له في الفهم والكلام والتفسير وترويق المجالس وتحلية المجالس، فالشاهد:
- أن سنة الله الجارية أن الأجرب هو الذي يعدي الصحيح، ما علمنا أن صحيحاً صحح أجرباً؛ لكن الذي نعرفه عند العقلاء جميعاً أن الأجرب هو الذي يعدي الصحيح، فيغلب على الظن أنك إذا ماشيته وسايرته أن ترجع بعد ذلك أجرب، ….
كتبها أبو إسحاق يوسف بن محمد ، في 13 مارس 2011 الساعة: 19:37 م
المقطع الصوتي
القول المسدد .. فى جلسة مع الشيخ المدخلى محمد ( رمضان 1424 للهجرة )
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله صحبه وعلى من اقتفى اثره واستن بسنته وعادى عليها ووالى !
فى جلسة لبعض إخوننا من ليبيا والجزائر استضافوا فيها الشيخ المجاهد محمد بن هادى المدخلى حفظه الله ورعاه وأعانه على نصرة السنة والذب عن حياضها ، وذلك أثناء أدائهم للعمرة فى رمضان هذا العام 1424 للهجرة ، وقد خيم على هذه الجلسة روح الألفة والمحبة وتحرى الحق والبحث عنه ، وكذلك سماحة نفس الشيخ وطيبته وصبره على أبناءه وإخوانه وسعة صدره لهم حتى تمكن حفظه الله وبتوفيق من الله أن يوصل إليهم المعلومة بكل سهولة ويسر فجزاه الله خيرا وبارك لنا فى عمره وعلمه !!
ووفقنى الله عز وجل إلى أن أفرغ من مادة هذه الجلسة المسجلة وأن اختار لكم باقة من الأسئلة المنهجية التى وجهت لشيخنا حفظه الله والتى اتحفنا شيخنا من خلالها بإجابات فيها تأصيل لمنهج أهل السنة والجماعة أهل الحديث والأثر رفع الله قدرهم أينما كانوا وحيثما وجدوا .
وبحثاً منى على راحة القارىء الكريم فقد اتبعت نظام معين لتسهيل القراءة على من أراد أن يتفقه فى دينه وهذا النظام هو :
هذا اللون إذا كان السائل من ليبيا !!!
وهذا إذا كان السائل من الجزائر !!!
وهذاللون لإجابة الشيخ حفظه الله ورعاه !!!
وإذا تيسر لى إنزال هذه المادة صوتياً فلن أبخل عليكم بها ، ولكنى لاأحسن نقلها كصوت إلى الكمبيوتر والله المستعان .
واضيف أن الشيخ محمد حفظه الله على علم بأن هذه الجلسة مسجلة وليس لديه مانع فى نشرها إن شاء الله ..
(عنوان1 وتفضلوا إخوانى ماجاء فى هذه الجلسة نفعنا الله واياكم بما نقرأ ونسمع http://www.sahab.net/ipb/public/styl...ault/smile.gif
(مميز السؤال الأول http://www.sahab.net/ipb/public/styl...ault/smile.gif
شيخ شخص يخالط المخالفين هل يلحق بهم ؟!
نعم يلحق بهم .
هل النصحية تستغرق وقت طويل ؟!
لا .. ماتستغرق وقت ، على حسب مايراه الإنسان ، قد تكون فى جلسة ، قد تكون فى جلستين ، قد تكون فى ثلاثة إذا كان عنده شبه ، وقد تكون بكلمة هذا بحسب حال المنصوح والمسألة المنصوح له فيها .
الالحاق ياشيخ الذى يلحق بالشخص المبتدع هل يهجر ؟
كيف مانهجره ، الحقه به يعنى اهجره !
يكون واحد سلفى يخالط إخوانى يأخذ نفس الحكم ؟
نعم الحقه به .
مع النظر للمصالح والمفاسد ياشيخ !
المصالح التى يقولون بها ويدندنون عليها المفاسد المترتبة فى مثل هذه الصور أعظم منها ، فإن مثل هذا عظم ضرره على أهل السنة أشد من ضرر الحزبيين عليهم لأن الحزبى واضح يتقى أما هذا الذى هو بين بين يأتى إلى أولئك ويأتى إلى أولئك يفسد من أولئك ولايصلح من أولئك ، فالحذر منه يجب أن يكون أكبر ( 1 ) .
(مميز السؤال الثانى http://www.sahab.net/ipb/public/styl...ault/smile.gif
بعض الناس يرون فى هذا الزمان بعدم الهجر والهجر غير موجود بحجة فتاوى الشيخ ناصر الألبانى فكيف نرد عليهم ؟!
ماهو صحيح .. هذا الكلام ماهو صحيح ، الشيخ الألبانى يتحدث رحمة الله عليه عما يعرف فثم بعض الناس ينفع بهم الهجر ، فتعطيل هذه السنة هذا ماهو صحيح ، كاملة ، ماهو صحيح ! ( 2 ) .
(مميز السؤال الثالث http://www.sahab.net/ipb/public/styl...ault/smile.gif
هل كل مخالف مبتدع ياشيخ ؟
لا .. لا .. هناك خلاف سائغ يسوغ فيه الخلاف ، يعنى المسألة من حيث هى تكون مسألة فقهية حكمية هذا أخذ برأى ويرى أن أدلته أرجح هذا لايعد ابتداعاً ، أما المخالفة التى يقصدها من يقصد هذا السؤال فالمراد به الكلام فى أصول الدين ، نعم ، فى اعتقادات المسلمين فلا يكون كل من خالف هذا مبتدعاً لأنه قد يخالفه جاهل مايعرف ، مايعرف أ، هذا خلاف ، يعتقد أن هذا هو الحق ، فالواجب البيان له ، فإذا اصر بعد ذلك يكون مبتدعاً لمخالفته ، لابد من البيان ! ( 3 ) .
(مميز السؤال الرابع http://www.sahab.net/ipb/public/styl...ault/smile.gif
شيخ هناك فرق بين الرأس والتابع ؟
لاشك .. أن هناك فرق بين أن يكون المبتدع رأس البدعة أو داعيةالبدعة أو مؤسس البدعة وبين اتباعه ، لأن اتباعه يتفاوتون ، لأن منهم يعرف ومنهم من لايعرف ( 4 ) .
(مميز السؤال الخامس http://www.sahab.net/ipb/public/styl...ault/smile.gif
شخص يعنى مجروح فى بلد ما وغير معروف فى بلد أخرى .. هل يجوز التحذيرمن هذا الشخص ؟
إذا كان لايُعرف مالاداعى ، يكفى أن يكون حكمه عند أهل بلده لكن إذا ورد على اهل البلد الأخرى فالعمدة فى ذلك من يعتبر قوله ويعتمد عليه من أهل بلده ممن يتكلم فيه لأن بلدى الرجل أعلم به ، بشرط أن يكون كلامه فيه بحق وعدل .
(مميز السؤال السادس http://www.sahab.net/ipb/public/styl...ault/smile.gif
هناك مثلاً تقل له انصح أخيك ، يقل لك لاتجب على النصيحة إن شئت تنصح انصح ، هذا صحيح ؟ أى ليست واجبة على الأعيان ؟!
النبى صلى الله عليه وسلم يقول : ( من رأى منكم منكراً فليغره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان ) . فإذارأيت من تجب له عليك النصيحة وجب عليك قبله إلا أن يغلب على ظنك أن لايقبل منك وربما قبل منه لقربه إليه أو لكونه ممن يأنس إليه فحينئذٍ تنتقل النصيحة إليه وتسقط عنك أنت وهذا نظر معتبر صحيح ( 5 ) .
لاتسقط بالكلية ؟!
لا ماتسقط بالكلية .
شباب فى ليبيا سمعوا كلام للشيخ ربيع أنه ماتجب النصيحة على ( غير مفهومة ) !
ماله ؟
حذروا منه بدون نصيحة !!! ( 6 )
لا.. البيان .. البيان له نصيحة لنفعه هو ، لاتلازم بين التحذير وبين دعوته ، أن يدعى إلى الحق هذا باب وأن يحذر منه باب آخر .
يحذرون منه بدون نصيحة ياشيخ ؟!
من اشتهرت بدعته وثبت نصحه والبيان له مايجب على الناس أن ينصحوه ، واجب عليهم يتبعوا علماءهم فيه ، أى نعم .
(مميز السؤال السابع http://www.sahab.net/ipb/public/styl...ault/smile.gif
هل يجوز سماع أشرطة التلاوة من أهل البدع ؟!
والله الأولى أن لايفعل ذلك لأنه قد يتعلق قلبه به ، وابن سيرين قيل له " اقرأ عليك آية ، قال : ولانصف آية " لما ؟ لأنه قد يقع فى قلبه اعجاب له وحب لقراءته فيحبه من هذا الباب ، فيكون محباً لأهل الأهواء والبدع ( 7 ) .
(مميز السؤال الثامن http://www.sahab.net/ipb/public/styl...ault/smile.gif
ماهى الطريقة المثلى فى مقابلة الشباب الملبس عليهم من قبل أهل البدع وتوجيههم إلى الطريق السليم ؟!
الطريقة المثلى أن يحالون إلى أهل العلم فى كل من لبس عليهم فيه ممن تكلم فيه أهل العلم ، كيف ؟!! ... مثال :
حينما يتكلم العالم الفلانى فى زيد من الناس ولبس عليهم فيه ، فيقال اسألوا فلان وقد تكلم فيه ، وهو من أعرف الناس به ، فيحالون عليه وهكذا .. فإن مثل هذا يرفع الله تعالى بفضله ورحمته بسببه التلبيس على الناس .
(مميز السؤال التاسع http://www.sahab.net/ipb/public/styl...ault/smile.gif
دعاة اختلف العلماء فى توثيقهم وتجريحهم . فى تعديلهم وتجريحهم ، ماالواجب على عوام السلفيين ؟!
الواجب على عوام السلفيين فيمن اختلف فيه العلماء جرحاً وتعديلاً أن ينظروا إلى قول صاحب الحجة والدليل كما هو الحال فيمن اختلف فيه العلماء جرحاً وتعديلاً فى عهد الرواية ، فإننا نجد الراوى يختلف فيه أبو حاتم وأحمد والبخارى وأبوداوود والنسائى وأمثالهم رحمهم الله ويخالفهم آخرون ، فيأتى آتٍ فيزكى من هؤلاء وآخر يجرح ، فيزكى أحمد وأبو حاتم والبخارى ويجرح أبوداوود ويجرح النسائى ويجرح ابوزرعة وهكذا .. فإننا حينئذٍ ننظر فى أقوالهم ونعتمد عهلى الحجة فمن أدلى بالحجة فإنه يقدم وإذا أدلى صاحب الجرح بجرحه فإن الغالب أن الجرح مقدم لأن الجارح معه زيادة علم وأنه حينئذٍ يعول على قوله والتعديل مع الجرح المفسر لايقبل ولو كان من عظيم ، فهذا هو الواجب ، الواجب أن ينظر إلى حجة كل فؤيق ، فمن أدلى بالحجة فقد سلك المحجة ووجب اتباعه .
شيخ العامى لايعرف الحجة !!!
الكلام عليه عند من هو أهل ! أما العوام الذين لاعلم لهم فليس لهم إلا تقليد العلماء واتباع العلماء فى هذا .
قد اختلف العلماء فى التعديل والتجريح ..
الشيخ مقاطعاً : العوام يتبعونهم ، يتبعون العلماء .
العلماء اختلفوا فى تعديل شخص أو تجريحه !
من يوجه العوام ؟ أنتم طلاب العلم تنظرون من هو صاحب الحجة ، توجهون العوام تقولون كلام الحق كلام فلان ، الأدلة معه أيوه ، مايضيعون العوام !
(مميز السؤال العاشر http://www.sahab.net/ipb/public/styl...ault/smile.gif
إذا كان لأهل البدع شوكة فى البلاد ولهم قدرة على محاربة الدعوة ، هل يهجروا ؟!!!
لا .. لا .. يُتقوا ، يُتقوا نعم ، يُتقى أهل الأهواء والبدع إذا ضعف أهل السنة ، فإن أهل السنة الواجب عليهم أن يتقوا أهل الأهواء وأن يُداروهم ، لأن فى هذه الطريقة استئصال لشأفة أهل السنة ، فلايجوز لهم هذا ، يجب عليهم أن يُداروا وأن يدرأوا وأن يدرأوا مااستطاعوا ، يُداروا ويدرأوا ما استطاعوا لأنهم ضعفاء ( 8 ) .
إلى هنا نتوقف وملتقانا بإذن الله مع ماتبقى من أجوبة للشيخ حفظه الله ، وذلك بعد أن أكمل تفريغها فلا يزال منها الكثير ولاتقل قيمة ً عمن سبقتها من الأسئلة والأجوبة وسأنزلها تباعاً إن شاء الله تعالى ..
وصلى اللهم وسلم وبارك على محمد وعلى آله الأبرار الطيبين .
سحاب
رد: محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
هذا الكلام للشيخ محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله -
هذا يقول: البعض يقول إن هجر أهل البدع لا بد فيه من تحقق المصلحة وأن تعرف درجة هذه البدعة؟.
الجواب:
هذا الكلام إذا كان مطلق هكذا هذا غير صحيح، لكن هذا مقيَّد، إذا كان هذا الإنسان لا يرى الهجر إلَّا بهذه الشروط فهذا خلاف النصوص الصحيحة الصريحة الواردة عن رسول الله-صلى الله عليه وسلَّم-، فإن الزجر الأصل فيه السلامة، سلامة الهاجر في دينه، في نفسه من أهل الأهواء، وأهل البدع والضلالات حتَّى لا يتأثَّر بهم فيضل.
فإن كان هذا الهاجر قويًّا ومِمَّن له مكانة بحيث لو هجر هذا المخالف صاحب الفسق صاحب المعصية تأدَّب وارتدع فلا بأس هذا في أهل السنَّة، أمَّا هجر أهل البدع فهجرهم على التأبيد بالإجماع حتَّى يتوبوا.
وهجران من أبدى المعــاصي سنَّة......وقد قيل إن يردع فأوجب وأكِّد
وقيل على الإطلاق مـا دام معـلنًا.......ولاقه بوجه مكفهــر مربـد
إذا ضعف الإنسان أيضًا عن الهجر كان المجتمع كلُّه لأهل البدعة فهنا يداري ولا شيء عليه إن شاء الله[1].
لسماع المادَّة الصوتية:
(هجر أهل البدع على التأبيد بالإجماع حتَّى يتوبوا)
قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الاثنين الموافق: 23/ شوَّال/ 1433 للهجرة النبوية الشريفة.
[1] لفضيلة الشيخ العلَّامة محمد بن هادي المدخلي-حفظه الله-/ دورة الإمام ابن قيِّم الجوزية-رحمه الله-السابعة بالمدينة النبوية والتي نقلت عبر موقع ميراث الأنبياء-رفع الله قدر القائمين عليه-/ (شرح لاميَّة المنسوخ/ الشريط الثاني)
سحاب
رد: محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
حفظ الله الشيخ محمد من كل شر وسوء..اللهم امين
رد: محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
رد: محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
رد: محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
الرد البديع من الإمام ربيع على من قال " إذا كانت الغلبة في الزمان أو المكان لأهل الشر والباطل فلا يشرع الهجر "
الحمد لله المتعزز بكماله المتقدس بجلاله ، المتفضل بجوده وأفضاله ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ونبيه الذي بالهدى ودين الحق أرسله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وعلى صحابته المقتدين بفعاله .([1])
أما بعد :
فقد جاء عن الإمام المبجل ربيع السنة ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الباري ومتعه بالصحة والعافية وأطال عمره في خدمة السنة ـ في كتابه " بيان ما في نصيحة إبراهيم الرحيلي من الخلل والإخلال " ( 40 ـ 42 ) أنه قال :
قولك :(( إذا كانت الغلبة في الزمان أو المكان لأهل الشر والباطل فلا يشرع الهجر إلا في الأحوال الخاصة ))
(ب) قولك ( لا يشرع ) يحتمل أنه لا يجوز إنكار المنكر في حال غلبة أهل الباطل في الزمان والمكان مهما كان نوع هذا المنكر ولو كان كفرا وشركا فهذا لا يسلم به .
ويحتمل أن تريد بهذا القول أنه يرخص لأهل الحق بأن لا يواجهوا أهل الباطل الأقوياء في هذه الحال فهذا يسلم به ، لكن كان ينبغي أن تحرر عبارتك وتوضحها لئلا يفهم منها ما لا تقصده
(ج) إن الأنبياء ومن سار على نهجهم من العلماء يدعون إلى الحق والتوحيد وينكرون الباطل والشرك في أي زمان ومكان ولا يبالون بقوة أهل الباطل والشرك والضلال مهما بلغوا من القوة والقرآن مليء بقصص الأنبياء التي واجهوا فيها أهل الشرك والكفر والكبرياء .
ومنها مواجهة إبراهيم خليل الله للنمرود وقومه ، ومواجهة كليم الله موسى لفرعون وقومه .
زمنها موجهات العلماء : مواجهة الإمام أحمد لدولة المأمون والمعتصم والواثق الخلفاء العباسيين ومعهم القضاة والأمراء من رؤوس الجهمية والمعتزلة .
ومنها مواجهة شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه كابن القيم وابن عبدالهادي وغيرهما للأشعرية والصوفية والدولة والقوة بأيديهم .
ومنها مواجهة الإمام محمد بن عبدالوهاب ومن معه لقوى الشر والباطل حتى قامت له دولة إسلامية قوية .
ولم يأخذ هؤلاء بهذه الرخصة ، بل أخذوا بالعزيمة ، ورأوا أن الأخذ بالعزيمة هو الواجب ، وان هذا من أعظم الجهاد كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفضل الجهاد كلمة عدل ـ وفي رواية ـ حق عند سلطان جائر " ([2])
وفي هذا العصر نهض أهل السنة في مختلف البلدان بالدعوة إلى الله ويصبرون على ما يواجهون في تلك البلدان التي تكون القوة والغلبة فيها لأهل البدع والباطل فلا يصدهم ذلك عن مواصلة الدعوة والصبر على ما يلاقونه من الأذى .
فيصدق عليهم قول رسول الله ï·؛ : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك "([3])
(د) ثم إن ما ذكرته لا ينطبق على واقع هذا العصر وأهله
1 ـ فالقوة والظهور في بلاد الحرمين والحمد لله لأهل السنة السلفيين والصّغارُ على أهل الأهواء ، ولهذا تراهم يتسترون ببدعهم ويلبس كثير من أهل الأهواء لباس السلفية والسنة .
2 ـ في بلاد الكفر من دول أروبا وأمريكا وغيرها قد أعطوا في دساتيرهم وقوانينهم حرية الكلمة في كل المجالات للكفار والمسلمين ، فالكفار يستغلون هذه الحرية للطعن في الإسلام وأهله ومن شاؤا ممن يخالفهم من أهل مللهم .
والمبتدعة يستغلون هذه الحرية في تشويه الحق وأهله وفي نشر ضلالاتهم وأباطيلهم .
وأهل السنة يستغلون هذه الحرية في نشر ما عندهم من السنة والحق وفي رد الباطل والهجمات على الإسلام
ومجالات هذه الحرية كثيرة جدا كالصحف والمجلات والمواقع الفضائية وشبكات المعلومات الدولية ( الإنترنت ) .
فأين أنت من هذا الواقع ؟ فكان يجب أن تشجع أهل الحق على نشر ما عندهم من الحق وعلى الرد على أهل الباطل الذين عرفنا بالتجارب الطويلة أن لين الجانب والسكوت عنهم لا يزيدهم إلا عتوا وتمردا ، لا سيما إذا وجد من يحابيهم ويدافع عنهم ، وعلى كل حال فاستشهادك بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية وتنزيله على هذا العصر في غير محله .ا.هـ
والحمد لله رب العالمين
([1]) الخطبة الثانية من كتاب " قيام رمضان / ص 11 " للعلامة المحدث عبدالرحمن المعلمي رحمه الله
([2]) ورد من طرق عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم وصححه الألباني رحمه الله في الصحيحة ، حديث ( 491 ) وهو كما قال
([3]) أخرجه البخاري حديث ( 3641) ، ومسلم حديث ( 1920)
سحاب
رد: محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
رد: محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
رد: محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة
رد: محاضرة قيمة للشيخ محمد بن هادي المدخلي عن هجر المبتدع والشدة في الدعوة