بيان ما في نصيحة إبراهيم الرحيلي من الخلل والإخلال كتبه فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن عمير المدخلي
بيان ما في نصيحة إبراهيم الرحيلي من الخلل والإخلال
كتبه فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن عمير المدخلي رئيس قسم السنة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سابقا
طبعة الميراث النبوي للنشر والتوزيع
الطبعة الاولى 1433 هـ ــ 2012 م
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد :
فإن الله أرسل محمدا عبده ورسوله بالهدى ودين الحق ؛ ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون .
وأنزل عليه كتاباً فيه بيان كل شئ وعلَّمه السنة وهي الوحي الثاني ليزيد البيان بيانا وتفصيلا ، وأكمل له هذا الدين .
فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسالة وأدى الأمانة علما وعملا حتى تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك .
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بالتبليغ ، فقال صلى الله عليه وسلم ( ...ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب )) أخرجه البخاري حديث [105] ومسلم برقم [1679].
فقام صحابته الكرام الأوفياء بتبليغ هذه الرسالة الكريمة على أكمل الوجوه كتابا وسنة وعلما وعملا وجهادا وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر .
وهكذا فعل التابعون لهم بإحسان وتابعوهم من اهل السنة وأئمة الهدى .
ومما تضمنته رسالة محمد صلى الله عليه وسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ومن أنكر المنكرات الابتداع في الدين بمخالفة هدي محمد صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، وقد أخبرنا الرسول الصادق الأمين بما سيحدث بعده من الابتداع والاختلاف والتفرق في الدين ، فقال صلى الله عليه وسلم : ((... فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ))
أخرجه أحمد [4/126]،وأبوداود حديث [4609]، والترمذي حديث[2676]
وكان صلى الله عليه وسلم إذاخطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول (( بعثت وأنا والساعة كهاتين ويقرن بين اصبعيه السبابة والوسطى ويقول أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدي محمد وشر الامور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ))[أخرجه مسلم حديث (867)]
وهذا وذاك يدل خطورة البدع وشناعتها وضررها.
ومن أقوال الرسول الكريم الناصح الأمين : « مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ » [أخرجه البخاري حديث (2697)،ومسلم حديث (1718)]
وفي رواية : « مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ».[أخرجه مسلم حديث (1718)]
واخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة ، قالوا من هم يا رسول الله ؟ قال ( من كان على ما أنا عليه وأصحابي))،وفي رواية (هِىَ الْجَمَاعَةُ))[اخرجه احمد (4/102)].
وقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
« مَا مِنْ نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِى أُمَّةٍ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ »[أخرجه احمد (1/458)،ومسلم حديث (50)،وأبو عوانة (1/36)]
وقال صلى الله عليه وسلم : (( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ))[اخرجه البخاري حديث (3641)،ومسلم حديث (1920)]
فقامت هذه الفرقة الناجية المنصورة برفع راية الكتاب والسنة دعوة وجهادا وأمرًا بالمعروف ونهيا عن المنكر ، ومن ذلك ذبهم عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتفريق بين الهدى والضلال والحق والباطل ، وبيان أهل الحق وموالاتهم ، وبيان أهل الباطل من الفرق الضالة فِرقة فِرقة ، وبيان فسائد عقائدهم ومناهجهم والتحذير منهم بالحجج والبراهين في مؤلفات كثيرة شهيرة ، يعرفها العلماء وطلاب العلم .
واستمر الصراع بين أهل السنة والحق وبين أهل البدع والضلال إلى يومنا هذا .
يؤلف أهل السنة المؤلفات في بيان أهل البدع والضلال وبدعهم وضلالاتهم قياما بواجب النصح للمسلمين ، وحماية وذبا عن الدين مما أوهن أهل الضلال ، وكسر شوكتهم ، وبصّرالناس بضلالهم وضلال عقائدهم ومناهجهم .
فلم يعجب هذا الجهاد فئة ممن يتاجر بالدين ، ويشتري بآيات الله ودينه ثمنا قليلا ، فتصدّوا لحرب أهل السنة بأساليب ماكرة ، يخجل منها أهل البدع والضلال من الكذب والتلاعب بالكلام والتأصيلات الباطلة المناهضة لأصول أهل السنة ومناهجهم ؛ دفاعا عن أهل الضلال وادعاءاتٍ لهم بأنهم من أهل السنة ، وحربا لأهل السنة والحق ، بل وطعنا فيهم وتشويها لهم .
فأتوا بما لم يستطعه أهل البدع ، مما أفرح أهل البدع ، وجعلهم يقدمون لهم الأموال الطائلة ليستمروا في حرب أهل السنة ، فاستمروا في هذه الحرب الظالمة إلى أن وصل بهم الحال إلى الدفاع عن دعاة وحدة الأديان وحرية الأديان ..الخ ، وإلى تلميع المذاهب ونفي الغلو والتطرف عنها ، بما فيها مذاهب الروافض والخوارج والصوفية .
في الوقت الذي يرمون فيه أهل السنة بالغلو والشذوذ إلى طعون أخرى .
وتصدى لعلاج هذه الفتنة الكبيرة الدكتور إبراهيم بن عامر الرحيلي في رسالته التي سماها بـ (( النصيحة فيما يجب مراعاته عند الإختلاف وضوابط هجر المخالف والرد عليه )) ، فكبا به جواده ، فلم تكن نصيحته واضحة فلم يفرق فيها بين الظالم والمظلوم ، ولم يبيِّن الغث من السمين ، مع كثرة ضوابطه التي لا يستفيد منها إلا الظالم المخالف المسعِّر لهذه الفتنة التي تصدى لعلاجها الدكتور إبراهيم .
ومن هنا استاء منها اهل السنة الفطناء ، واحتفى بها اهل الباطل والفتنة العمياء.
فاضطررت إلى مناقشة هذه النصيحة وبيان ما فيها من قصور وخلل نصرة للحق ونصحا لكاتبها ، ونصحا للإسلام والمسلمين .
أسأل الله أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم ، وأن ينفع بها المحقين والمخالفين ، إن ربي لسميع الدعاء.
يتبع إن شاء الله
رد: بيان ما في نصيحة إبراهيم الرحيلي من الخلل والإخلال كتبه فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن عمير المدخلي