أهمية دراسة الفقه بالمعنى الخاص .
أهمية دراسة الفقه بالمعنى الخاص .
أولا : تحقيق العبودية لله تعالى بفعل ما أمر واجتناب ما عنه نهى وزجر، فإن قوله تعالى : "
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " يشمل إفراد الله بالعبادة، وفعل العبادات التي أمر الله بها خلقه ، ولا تم ذلك إلا بفقه أوامره ونواهيه .
بل لا تتحقق الولاية والمحبة للعبد إلا بأن يتقرب إلى الله بما افترضه عليه ثم يزيد ذلك بالنوافل ، وهذا لا يتحقق إلا بالفقه قال صلى الله عليه وسلم :إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه"
.........................
ثانيا : قبول الله لهذه الأعمال يرتبط بأمرين الأول: الإخلاص ، ثانيا المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم بأن تقع العبادة على مراد الله تعالى ، وإلا فإنها سترد على صاحبها ولن تقبل منه كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " ، ولن يتم ذلك إلا بالفقه .
.........................
ثالثا : حصول الخيرية للفقيه كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من يرد الله به خيرا يفقه في الدين "
.........................
رابعا : تعلم الفقه وتعليمه نوع من الجهاد في سبيل الله تعالى ولذلك قال تعالى : " وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ "
وقوله : " لينفروا كافة " فالنفير نفير جِهَاد على أصله، فَإِنَّهُ حَيْثُ اسْتعْمل إِنَّمَا يفهم مِنْهُ الْجِهَاد ، كما في قوله تعالى : " انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ "
قال ابن القيم : " فَهُوَ ترغيب فِي التفقه فِي الدّين وتعلمه وتعليمه فَإِن ذَلِك يعدل الْجِهَاد بل رُبمَا يكون أفضل مِنْهُ "
وقال السعدي رحمه الله في فتوى الأسباب والأعمال التي يضاعف بها الثواب : " ومن أعظم الجهاد سلوك طرق التعلم والتعليم فإن الاشتغال بذلك لمن صحت نيته لا يوازيه عمل من الأعمال لما فيه من إحياء العلم و الدين وإرشاد الجاهلين والدعوة إلى الخير والنهي عن الشر، والخير الكثير الذي لا يستغنى العباد عنه"
.........................
خامسا: تعلم الفقه وتعليمه سبب لمضاعفة الأجور وزيادة الحسنات، فإن الفقيه يدل الناس على طريقة عبادتهم لربهم، وقد أمر الله الناس بالرجوع إليهم فقال : " فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " ، فإذا بينوا لهم الحلال والحرام وطريقة فعل العبادات كان لهم مثل أجورهم دون أن ينقص من أجور العاملين شيء قال رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ دعا إلى هدىً، كان له من الأجر مثلُ أجورِ مَنْ تَبِعَه لا يَنقُصُ ذلك من أجورِهم شيئاً "
ومن جهة أخرى : أهل الفقه أكثر الناس نفعا للناس، والعمل إذا كان نفعه متعديا كان أجره مضاعفا أكثر من العمل القاصر، قال الشيخ السعدي رحمه الله في فتوى الأسباب والأعمال التي يضاعف بها الثواب " ومن الأعمال المضاعفة : العمل الذي إذا قام به العبد شاركه فيه غيره، فهذا أيضا يضاعف بحسب من شاركه، ومن كان هو سبب قيام إخوانه المسلمين بذلك العمل فهذا بلا ريب يزيد أضعافا مضاعفة على عمل إذا عمله العبد لم يشاركه فيه أحد بل هو من الأعمال القاصرة، ولهذا فضل الفقهاء الأعمال المتعدية للغير على الأعمال القاصرة " ا.هـ
.........................
سادسا: أهل الفقه أقدر الناس على بيان الأحكام لما يستجد من الحوادث والنوازل والمستجدات، فلا يستطيع الناس الإقدام عليها إلا بعد سؤالهم، ولا يعرفون ما يترتب عليهم إلا بعد اللجوء إليهم .
.........................
سابعا:الفقه بأحكام الحلال والحرام سبب لتحقيق الهداية إلى صراط الله المستقيم، والجهل بهما من أسباب الضلال والانحراف، وخير دليل على ذلك الخوارج وأفعالهم.
.........................
مدخل في الفقه - الدرس الثاني - للشيخ سعيد سالم الدرمكي