{ وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون }
(( فإذا عرفتَ أن الله خلقك لعبادته )) يعني : إذا عرفت من هذه الآية { وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون }
وأنت من الإنس، داخلٌ في هذه الآية، وعرفت أن الله ما خلقك عبثـًا، أو خلقك لتأكل وتشرب فقط، تعيش في هذه الدنيا وتَسْرَحْ وتَمْرَحْ، لم يخلقك لهذا، خلقك الله لعبادته، وإنما سخّر لك هذه الموجودات من أجل أن تستعين بها على عبادته، لأنّك لا تستطيع أن تعيش إلا بهذه الأشياء، ولا تتوصّل إلى عبادة الله إلا بهذه الأشياء، سخّرها الله لك لأجل أنْ تعبده، ليس من أجل أن تفرح بها وتسرح وتَمْرَحْ وتفسُق وتفجُر تأكل وتشرب ما اشتهيت، هذا شأن البهائم، أمّا الآدميّون فالله ـ جلّ وعلا ـ خلقهم لغايةٍ عظيمة وحكمة عظيمة وهي العبادة، قال ـ تعالى ـ { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون . ما أُريد منهم من رزق } الله ما خلقك لتكتسب له، أن تحترف وتجمع له مالاً، كما يفعل بنو آدم بعضهم لبعض يجعلون عُمّالاً يجمعون لهم المكاسب، لا، الله غنيّ عن هذا، والله غنيّ عن العالَمين، ولهذا قال : { ما أُريد منهم من زرق وما أُريد أن يُطعِمون } الله ـ جلّ وعلا ـ يُطعِم ولا يُطعَم، غنيّ عن الطعام، وغني ـ جلّ وعلا ـ بذاته، وليس هو في حاجة إلى عبادتك، لو كفرت ما نقصتَ ملك الله، ولكن أنت الذي بحاجة إليه، أنت الذي بحاجة إلى العبادة، فمن رحمته : أنه أمرك بعبادته من أجل مصلحتك، لأنّك إذا عبدتّه فإنه ـ سبحانه وتعالى ـ يُكرِمُك بالجزاء والثواب، فالعبادة سببٌ لإكرام الله لك في الدنيا والآخرة، فمن الذي يستفيد من العبادة ؟، المستفيد من العبادة هو العابِد نفسه، أما الله ـ جلّ وعلا ـ فإنّه غنيّ عن خلقه
من شرح القواعد الأربعة للشيخ صالح الفوزان