تعليق الشيخ رائد أل طاهر على ما يحدث في اليمن من باب الذَّب عن الحق وأهله
من باب الذَّب عن الحق وأهلهالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
فقد سمعتُ وقرأتُ ما كتبه الشيخان الفاضلان علي الحذيفي وهاني بن بريك وفقهما الله تعالى ونفع بهما، وكلامهم مبني على الأدلة الساطعة وموثق بالبراهين القاطعة، والواجب على السلفي الصادق أن ينقاد لهذه الأدلة والبراهين، وأن يكون الحق غايته، ولا ينبغي أن يكون متعصباً لآراء الرجال ولا متحزباً لأصحابها إذا أعلنوا الباطل وجادلوا عنه مهما كانت منزلتهم ومهما كانت كثرتهم، فالحق لا يعرف بالرجال ولا بالكثرة.
و "وثيقة التعايش والإخاء" التي اتفقا عليها ووقعا فيها عبدالملك الحوثي ومحمد الإمام اشتملت على أسس الضلال وقواعد الباطل التي دعا إليها الإخوان المسلمون من قبل، وهم من أوائل من دعا إلى التقريب بين السنة والرافضة بمثل هذه العبارات الباطلة، بدعوى أنَّ الجميع مسلمون ربهم واحد ونبيهم واحد وقرآنهم واحد!، وبدعوى أنهم أخوة في الإيمان!، وأنَّ الواجب الاجتماع وعدم التفرق فيما بينهم، وأنه لا يجوز أن يتعرض بعضهم لبعض في الخطابات أو يتصادموا في الأقوال والأفعال لأنَّ عدوهم واحد!، وأنَّ الاختلاف بينهم هو من قبيل الاختلاف في الفروع لا في الأصول!، والدعوة إلى التعاون والتواصل بين الطرفين لمواجهة الأخطار والحوادث والفتن!، والعمل على زرع روح الإخاء والتواصل بينهم، وأنَّ حرية الفكر والرأي مكفولة للجميع!، فهذه والله الذي لا يحلف بسواه هي دعوة الإخوان المسلمين عَلِمَ من علم وجَهِلَ من جهل، ولا يجوز السكوت على من يدعو إليها كائناً من كان.
فالواجب على أهل العلم ومشايخ السنة الذين أخذ الله عزَّ وجلَّ عليهم الميثاق ببيان الحق والتحذير من الباطل أن يصدعوا بإنكار هذه الوثيقة والتحذير ممن أصرَّ عليها وجادل عنها، وأن لا يكتموا ذلك، ولا يلبسوا الحق بالباطل، ولا يسوِّغوا ما جاء فيها كما فعل علي الحلبي وحزبه في دفاعهم عن رسالة عمان الداعية إلى الباطل والضلال، وقد حذَّر كبار العلماء والمشايخ من رسالة عمان ووثيقة الإخاء والتعايش بما يقطع العذر والاعتذار، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
فشكر الله للشيخين الفاضلين (علي الحذيفي وهاني بريك) وباقي المشايخ وطلبة العلم السلفيين في اليمن على وقفتهم المشرفة في الانتصار للحق وأهله وكشف الزائغين والمتخاذلين الذين أثقلوا كاهل الدعوة سنين طوال بسكوتهم وترددهم تارة وإرجافهم وخذلانهم تارة أخرى، ونسأل الله عزَّ وجلَّ أن يحفظ الشيخين وإخوانهم السلفيين من كيد المخذلين وعدوان الزائغين، وندعوهم أن يصبروا كما صبر أهل الحق والسنة من قبل وإن عانوا ما عانوه من نشر الكذب والبهتان والتنفير والتحذير والتلقيب بأوصاف السوء والتحريش إلى المسؤولين بالوشايات الكاذبة، فالسلفيون لهم عقول ولهم أصول لا يخدعهم أمثال أولئك ولا يتأثروا بمثل هذه الأباطيل التي يتهمون بها مشايخ السلفيين وطلابهم، والله تعالى يقول في أشباه أولئك: ((اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ))، ويقول: ((لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ)).
والله الموفِّق
وكتبه
أبو معاذ رائد آل طاهر
التاسع من شهر صفر 1436هـومن نافلة القول أقول:
سمعتُ الصوتية أعلاه التي كشف فيها الشيخ علي الحذيفي نفع الله به بعض شبهات أهل التخذيل المجادلين عن الوثيقة وشيخها، وكان موفقاً في الجواب عنها بكلمات يسيرة تحمل دلالات كبيرة، وهذا من فقه الرجل وبصيرته، نسأل الله أن يثبتنا وإياه وإخواننا السلفيين على الهدى والحق.
ومن باب الإضافة في مسألة دعوى أنَّ شيخنا الشيخ ربيعاً حفظه الله يجيز التنازل عن أصول الدِّين في باب الصلح كما ثرثر به فالح وحزبه من قبل وتلقفها منه حزب المأربي والحلبي في حربهم الشعواء ثم غلاة الحدادية والتكفيرية ثم المخذِّلون المدافعون عن وثيقة التعايش والإخاء الفاجرة، وقد لاحظتُ أنَّ الكلام في الصوتية أعلاه قد انقطع من غير إيضاح أنَّ هذه التهمة مفبركة، فأقول:
إنَّ شيخنا العلامة الشيخ ربيعاً حفظه الله لم يقل يوماً قط بجواز التنازل عن أصول الدِّين على وجه الإطلاق، وإنما كان كلامه رداً على تأصيلات فالح الحربي التي سعى من خلالها إلى إسقاط باب مراعاة المصالح والمفاسد، وإلى إسقاط كبار العلماء الذين سكتوا عن موافقته وتأييده في جملة من الفتن التي أثارها هو وحزبه في ذلك الوقت، فكان فالح يشنِّع ويغلِّظ القول على هؤلاء العلماء وينفِّر الشباب عنهم لأنهم حفظهم الله يراعون المصالح والمفاسد في باب الإنكار والنصيحة، وفالح الأهوج وحزبه الأعوج يزعمون أنَّ مراعاتها لا يكون إلا في المستحبات ولا يكون في الواجبات والقطعيات والحتميات، فردَّ عليهم الشيخ ربيع حفظه الله بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تسامح في بعض المسائل الأصولية والفرعية لما يترتب عليه من جلب مصلحة عظيمة أو لدرأ مفسدة جسيمة، وكذلك الصحابة، ونقل حفظه الله عن أهل العلم ما يبرهن ذلك، فضرب الشيخ ربيع حفظه الله مثلاً بصلح الحديبية وأنه صلى الله عليه وسلم تسامح في كتابة "الرحمن الرحيم" في البسملة، وفي كتابة "رسول الله" في قوله "محمد رسول الله"، وعدَّ الشيخ ربيع هذه من الأصول وبيَّن ذلك في ردود تبعت النصيحة الأولى لفالح.
فماذا فعل فالح وحزبه ومن تبعهم من مميعة وحدادية؟!
زعم هؤلاء أنَّ الشيخ ربيعاً يجيز التنازل عن أصول الدين هكذا على وجه الإطلاق!، وأنه يزعم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم تنازل عن الإيمان بالاسمين "الرحمن الرحيم" وما دلا عليه من صفة الرحمة!، وتنازل عن "الرسالة"!!، وهذا كذب ظاهر لا يمكن لهم إثباته بأدنى عبارة، ومفاده القول بكفر الشيخ ربيع حفظه الله!.
وإنما كلام الشيخ ربيع حفظه الله من باب ترك واجب لما هو أوجب منه عند التزاحم أو في ترك بعض الأمور المهمة التي تعد من مسائل الأصول والعقائد لما هو أعظم منها مصلحة أو لدرأ مفسدة أكبر منها، فهذا يعدُّ من باب السياسة الشرعية وليس من باب التهوين من الواجبات والأصول كما صوَّره المبطلون المفترون.
ومن أراد التوسع في معرفة قول الشيخ ربيع حفظه الله في الجواب عن هذه التهمة فليراجع مقالات الشيخ نفسه [نصيحة أخوية إلى الأخ الشيخ فالح الحربي الأولى والثانية]، و [رَدُّ الصَّارمِ المصقُولِ إلى نَحْرِ شاهره المخذُولِ الجاهلِ العابثِ بالأصولِ] و [هل يجوز التنازل عن الواجبات مراعاة للمصالح والمفاسد وعند الحاجات والضرورات؟]، وكذا فليراجع مقال أخينا الشيخ عبدالباسط المشهداني وفقه الله بعنوان [البيان والتوضيح لما اشتمل عليه مقال الفارسي من التدليس والكذب الصريح].
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=44841
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=62434
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=54107
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=131870
والله الموفِّق
منقول من شبكة سحاب