الإسبال في الإزار ، و القميص , و.... لفضيلة الشيخ زيد بن محمد المدخلي حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الإسبال في الإزار ، و القميص , و....لفضيلة الشيخ زيد بن محمد المدخلي حفظه الله
جاء في صحيح البخاري ، ومسند الإمام أحمد وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار " . رواه أبو داود والنسائي ، وابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الإسبال في الإزار والقميص والعمامة ، من جر شيئا خيلاء ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة " .
قلت : ما أعظم هذا الوعيد ، وما أشد وقع هذه النصوص في القلوب الحية المبصرة الخائفة الوجلة التي يفرق أهلها بين أسباب السعادة والنجاة ، وبين أسباب الغي والهلاك فيتخذون الأولى سبيلا ومنهجا ، ويرفضون سبل الهلاك فلا يقربونها ولا يحومون حولها مخافة السقوط فيها ، والتردي في أوديتها فيصبحون من النادمين .
نعم أقول ـ وأعوذ بالله من لغو في القول ، وسوء في القصد ـ : ما أعظم جرأة كثير من الخلق على الوقوع في موجبات السخط من الله والمقت جهرا ، وإن من سبر أحوال المسلمين اليوم ، ويمعن النظر في لباسهم واختيارهم للإسبال والمبالغة فيه ، تتجلى أمام عينيه غربة الدين .
ويبصر الوقوع في شتى الإنحرافات ، ومن جملة ذلك : الإنحراف في اللباس يجره خيلاء إسبالا في الإزار ، إسبالا في القميص ، إسبالا في السراويلات ، إسبالا في البنطلون ، ونحو ذلك مع علمهم بما يترتب على ذلك من وعيد شديد نطقت به الأحاديث الصحيحة الدالة على تحريم الإسبال بكل صراحة ووضوح ، وإنه ليشتد الأسى بالغيورين على الدين عندما يرون حملة علوم الشريعة الإسلامية يجرون ذيول ثيابهم ، ويكسون بها الأرض بطرا وخيلاء ، واستهتارا وسفها وتقليدا لأعداء دين الله ، تقليدا خاطئا أعمى ، فلاهم لثيابهم أبقوا وأنقوا ، ولاهم لربهم أرضوا ، ولا لسنة نبيهم أحيوا ، ولا بها أخذوا ، ولا هم بالصالحين والأولياء تأسوا واقتدوا ، بل خسران الدنيا ، وشقوة الآخرة اختاروا وقصدوا ، ولداعي الهوى وشهوات الردى ، ونعقة الشيطان استجابوا وعظموا ، وإن من عجيب المصائب أنك حينما تقول لأولئك المسبلين والمتخنفسين من المسلمين : اتقوا الله ، والتمسوا محبته ورضاه بطاعته ومتابعة عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه وأمته ، قال قائلهم : إني سليم الصدر ، صالح النية ، أحمل إيماني في قلبي ، وليس في إزاري أو قميصي ، أو في إعفاء لحيتي !! وإذا تماديت معه في النقاش طمعا في هدايته وانتشاله من حمأة المعصية وذلها إلى شرف الطاعة وعزها ، قال لك : إني لم أجر ثوبي خيلاء ، ولا أشرا ولا بطرا ، غير أني أبصر معظم الناس يسبلون فأسبلت ، ويحلقون لحاهم فحلقت ، وبهذه الأساليب الباهتة والحجج الذاهبة الداحضة وقع هذا الصنف في عدة محظورات :
الأول : وقوعه في مذهب المرجئة الذين فصلوا بين الإيمان والعمل ، وحكموا بعدم العلاقة بينهما حيث قالوا : إذا وجد الإيمان في القلوب فلا تضر معه المعصية ، كما لا تنفع مع الكفر الطاعة وهذا المذهب من الطامات في الإنحراف العقدي الذي تنفطر منه قلوب أهل السنة والجماعة الذين هداهم الله لقوله الحق في باب الإيمان والعمل ، وارتباط بعضهما ببعض شرعا وعقلا .
المحظور الثاني : إحياء هذا الصنف لفكرة جاهلية قالها شاعرهم :
وهل أنا إلا من غزية إن غوت ـ ـ ـ ـ غويت وإن ترشد غزية أرشد
ونقول له : (( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمّن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون )) [ يونس آية : 35 ] .
المحظور الثالث : إصرار هذا الصنف على مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم الناصح الأمين الذي جاءنا بالبينات ، والهدى من لدن أحكم الحاكمين ، وأرحم الراحمين (( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )) [ النور آية : 63 ] .
المصدر :
الأفنان الندية لفضيلة الشيخ زيد بن محمد المدخلي حفظه الله ج1 ص471