(مادة صوتية مفرغة)(الحث على التمسك بالعقيدة)لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي-حفظه الله-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله-صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين-.
فإن الدنيا جمالها وزينتها وانتظام أمرها بوجود أهل الخير والصلاح والدعوة والأمر بالمعروف وإرشاد الناس وتعليمهم فيها، وإن رأس هؤلاء-أهل العلم-، وإذا أطلق أهل العلم فهم: (حملة كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-)، أهل الحديث والسنة، والأثر والإتباع، والدعوة إلى الكتاب والسنة هؤلاء هم جمال الأرض، وزينة الحياة الدنيا، بهم حفظ الله الدين وأقام الملة، وقامت بهم وبدعوتهم التي بلَّغوها عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-على العباد الحجة، واستبانت بفضل الله ورحمته، ثم بسبب جهودهم وجهادهم المحجة.
فالحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة بقايا من أهل العلم، يدعون إلى كتاب الله-سبحانه وتعالى-من ضل عن الهدى، ويبصِّرون بنور الله الذي آتاهم أهل العمى، ويصبرون منهم على الأذى، فما أحسن صنيعهم، وما أقبح صنيع الناس إليهم.
أيها الإخوة في الله: يَسُرُّ فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمدينة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، ممثلًا في مكتب الدعوة والإرشاد، يَسُرُّه ويَسُرُّ إخوانكم القائمين على تنظيم دورة شؤون دورة الإمام ابن قيم الجوزية أن يرحبوا بكم جميعًا في هذه الليلة المباركة-ليلة الجمعة-، ليلة التاسع والعشرين من شهر شوال عام واحد وثلاثين وأربعمائة وألف.
في هذه الليلة يَسُرُّنا جميعًا أن نلتقي بفضيلة والدنا وشيخنا العلامة، الشيخ المجاهد في سبيل الله-تبارك وتعالى-بلسانه، وببنانه وبيانه، ذلكم الشيخ غَنِيٌّ أن يعرِّف به مثلي، ألا وهو الشيخ: (ربيع بن هادي بن عمير المدخلي-حفظه الله ورعاه-)، في هذه الكلمة التي سمعتموها قبل قليل ألا وهي: (الحث على التمسك بالعقيدة).
فباسمكم جميعًا: نرحب به-جزاه الله خيرًا-، سائلين الله-سبحانه وتعالى-له الأجر والمثوبة، وسائلين له التسديد والتوفيق، كما نسأله-سبحانه وتعالى-لنا ولكم جميعًا حسن الانتفاع.
فباسمكم جميعًا نرحب به، فأهلًا وسهلًا ومرحبًا به، حياه الله بين أبنائه وأولاده فليتفضل مشكورًا بإلقاء كلمته التي استمعتم إلى عنوانها وجزاه الله خيرًا، وقبل ذلك أود أن أنبه على الإخوة الذين لهم جوالات هنا: أن يحرصوا على أن تكون هذه الجوالات التي تسجل موضوعة على الصامت حتى لا تزعجنا بنغماتها وجزاكم الله خيرًا، وليتفضل فضيلة الشيخ.[1]
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مرحبًا بأحبتنا وأبنائنا وإخواننا في هذا اللقاء الطيب، الذي نسأل الله-تبارك وتعالى-أن يلهمنا فيه ويوفقنا للسداد بالقول والعمل، وأن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول ويتبعون أحسنه.
والكلمة التي سأتكلم عن معناها ما ذكره الأخ الشيخ محمد بن هادي المدخلي(التمسك بالعقيدة)وأزيد(التمسك بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح).
العقيدة: عقيدة السلف الصالح التي سنتكلم عنها المستمدة من كتاب الله ومن سنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.
وملخصها: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره، والإيمان بالبعث والجزاء، والجنة والنار، وبالقبر وما فيه من نعيم وعذاب، هذه أساسيات العقيدة الصحيحة السلفية المستمدة من كتاب الله ومن سنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، هذا مجمل العقيدة-عقيدة أهل السنة والجماعة-، والتي يخالف فيها أو في بعض منها أهل الأهواء.
أساس هذه العقيدة: الإيمان بالله-تبارك وتعالى-، وأنه رب هذا الكون، وسيده، وخالقه، ومدبره، والذي لا يستحق العبادة ولا ذرة منها أحد غيره، لا من الملائكة المقربين، ولا من الأنبياء والمرسلين، ولا من الشهداء والصالحين، العبادة خاصة بالله-تبارك وتعالى-.
لماذا؟، لأنه: هو الخالق، الرازق، المحي المميت، الضار النافع-سبحانه وتعالى-، المعطي المانع-سبحانه وتعالى-.
كل شؤون الدنيا والآخرة بيده-سبحانه وتعالى-، لا يشاركه في ذرة منها أحد-سبحانه وتعالى-، والقرآن مليء بتقرير توحيد الله-توحيد الربوبية-الذي أعطينا عنه فكرة، وتوحيد الأسماء والصفات وتوحيد العبادة، لا بد للمؤمن أن يؤمن بهذه الأنواع الثلاثة من أنواع التوحيد التي هي أصل أصول الإسلام.
أصل أصول الإسلام: أن نؤمن بالله ربًا-سبحانه وتعالى-كما في آيات كثيرة، وكما هو الواقع، وكما فطر الله-سبحانه وتعالى-على ذلك عباده بما فيهم المشركون، فإنهم يعترفون بأن الله-سبحانه وتعالى-هو الخالق لهذا الكون، خالق السموات والأرض، ومدبرها ومنظم شؤونها، ولا يعتقدون في معبوداتهم أنها تفعل من ذلك شيئًا أبدًا.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ...)(38/الزمر)، (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ....)(يونس/31)، الكفار من اليهود والنصارى والوثنيون على اختلاف مللهم يؤمنون بأن الله-تبارك وتعالى-هو الذي خلقهم، وخلق هذا الكون، ونظَّمه، ودبر شؤونه لا يكابرون في ذلك.
وسيأتي من يخالفهم ممن ينتمي إلى هذه الأمة من زنادقتها المندسين في صفوف الأمة والذين يعتقدون أسوأ مما يعتقد المشركون، وذلك بأنهم يعتقدون أن هناك من يتصرف في الكون، ويعلم الغيب وهذه الأشياء القبيحة يأنف منها المشركون والوثنيون، لا يعتقدون ذلك في معبوداتهم، يقولون: (...مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى...)(الزمر/3)، ما يقول لأنها تخلق وترزق وتحيي وتميت.
يقول الله-تبارك وتعالى-في، سأسوق بعض الآيات في تقرير التوحيد بأنواعه: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)(البقرة/163)، هذا تقرير بتوحيد الإلوهية وتوحيد الأسماء والصفات، ثم يستدل على ذلك مما بما يأتي من الآيات الدالة على انفراده بالخلق والإيجاد والإحياء والإماتة-سبحانه وتعالى-.
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)عقب الآية السابقة بقوله-تعالى-: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (البقرة/164)، لمن يدركون، يدركون بأن الله-سبحانه وتعالى-هو المعبود الحق.
لماذا؟، لأنه انفرد بإيجاد هذه الأشياء كلها من خلق السموات والأرض، ومن إنزال الماء، ومن تصريف الرياح، ومن إيجاده ليلًا مختلفًا ليله مع نهاره-سبحانه وتعالى-إلى آخر ما ذكر في هذه الآية، هذه أدلة تسمى بأدلة توحيد الربوبية التي يستدل بها القرآن والسنة، على أن الله وحده هو المستحق للعبادة-سبحانه وتعالى-.
من الذي خلق السموات وخلق الأرض؟، السموات بما فيها من كواكب وشموس وأقمار وإلى آخره، وملائكة ودواب أخرى لا نعلمها، وخلق ما بين السماء والأرض الذي لا يعلم ما هذا الخلق إلا الله-تبارك وتعالى-.
وخلق الأرض وما عليها من جبال وبحار وأنهار وأشجار ودواب وبشر وغيرهم الله انفرد بإيجاد هذه الأشياء وحده لا يشاركه فيها أحد، فإذًا هو الذي يستحق العبادة وحده، ولا يستحق أحد ذرة من هذا الحق من هذه العبادة، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل.
ويقول الله-تبارك وتعالى-: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(آل عمران/191).
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)اختلاف الليل والنهار آية من آيات الله-تبارك وتعالى-، يذهب هذا ويجيء هذا، ويطول هذا فترة ويقصر ما يقابله فترة أخرى، وهكذا يتسابق الليل والنهار(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40))(يس)، وهذه من آيات الربوبية التي يستدل بها على أنه لا يعبد إلا الله-تبارك وتعالى-، هذه لمحة عن توحيد الربوبية.
توحيد السماء والصفات جاء في آيات كثيرة من أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24))(الحشر)، فهذه أسماء الله-تبارك وتعالى-الحسنى وصفاته العليا، هذا توحيد الأسماء والصفات الذي هو النوع الثاني من أنواع التوحيد.
وهو كذلك يتضمن توحيد العبادة، توحيد العبادة جاء فيه آيات كثيرة جدًا، وبين الله-تبارك وتعالى-أنه ما خلق الجن والإنس إلا ليعبدوه-سبحانه وتعالى-وحده، (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58))(الذاريات)،-سبحانه وتعالى-.
فبين الله-سبحانه وتعالى-أنه ما خلق الجن والإنس إلا للقيام بهذا الحق وهو: إفراده-سبحانه وتعالى-في العبادة، فإن الله-سبحانه وتعالى-غني عن العالمين، لا يحتاج إلى هذه العبادة، وإنما يعود نفع هذه العبادة وهذه التقربات إنما يعود نفعها إلى الخلق من الجن والإنس الذين خلقهم لعبادته، والملائكة خلقهم الله-تبارك وتعالى-كذلك لعبادته، والله(هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)فليس بحاجة إلى ذرة من هذه العبادات.
(يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقي قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا علي أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا)[2].
لو كانت قلوب الناس كلها على قلب أفجر خلق الله ألا وهو: الشيطان لا يضروا الله شيئًا أبدًا ولا ينقص من ملكه شيئًا-سبحانه وتعالى-.
(يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر)، المخيط: الإبرة الصغيرة، إذا دخلت في في البحر الواسع-البحر الأبيض المتوسط، والمحيط الهادي-هل تنقص منها شيئًا؟، لا، كذلك ملك الله-سبحانه وتعالى-لا ينقص منه شيء، لا ينقص منه شيء، يد الله ملئا سحاء الليل والنهار، أرأيتم ماذا أنفق منذ خلق السموات والأرض-سبحانه وتعالى-؟، ليل ونهار، يخلق ويُفْنِي يعطي ويُطْلِق ويرزق ويحي ويميت و..و..و..إلى آخره ويعطي ويعطي ويعطي لا ينقص ذلك من ملك الله ذرة-سبحانه وتعالى-، الغني العظيم الواسع الكبير-سبحانه وتعالى-.
فعظموا الله حق قدره، لا يفعل المسلم كما يفعل المشركون الذين قال الله فيهم: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(الزمر/67).
هذا شأن الله-تبارك وتعالى-بل بعض شأنه-سبحانه وتعالى-، والله يمسك السموات بإصبع، والأراضين على إصبع، والشجر على إصبع، والبحار على إصبع، وإلى آخره على إصبع-سبحانه هو العلي الكبير-.
فعظموا الله حق تعظيمه، واقدروه حق قدره، واعبدوه بقدر ما تستطيعون، فإننا لو عبدناه ليل نهار لا نفي بشيء من نعمه-سبحانه وتعالى-، ورسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول: (لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك فلك الحمد)-سبحانه وتعالى-، رسول الله يعبد الله-تبارك وتعالى-، ويدعو إلى الله، ويجاهد في سبيل الله، وهدى الله على أيديه أمم-سبحانه وتعالى-، وكل الناس الذين اتبعوه ينال من الأجور مثل أجورهم، ومع ذلك لا يثني على الله حق الثناء-سبحانه وتعالى-.
يرى نفسه ما شكر الله حق شكره، ولا قدر الله حق قدره، ولا أثنى عليه حق ما يستحق من الثناء-سبحانه وتعالى-، فالذي يجب أن يستشعر المؤمن في نفسه تقصيره وعجزه في القيام بحق الله-تبارك وتعالى-فيبرأ إلى الله-تبارك وتعالى-أن يعفو عنه تقصيره، وأن يغفر له ذنوبه، فإن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابين والحديث فيه كلام ولكن هذا واقع الناس.
(كل ابن آدم) ما أحد يسلم من الخطأ، لا أحد يسلم من الخطأ، وخير الخطائين التوابون، والله(....يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(البقرة/222)،كل ابن آدم ما أحد يسلم من الخطأ، لا أحد يسلم من الخطأ وخير الخطائين التوابون، والله(.....يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(البقرة/222).
من توحيد العبادة الصلاة، الصوم، والزكاة، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل هذه تدخل في نطاق توحيد العبادة، فعلينا أن نبذل كل ما نستطيع في عبادة الله-سبحانه وتعالى-، في هذه الأمور التي ذكرتها وغيرها، نصلي كما كان رسول الله يصلي ونصوم كما كان يصوم، لأن الصلاة دخلت فيها بدع، والصيام يدخل فيه بدع، والزكاة دخل فيها أشياء، وهذه الأركان من أركان الإسلام دخل فيها أشياء فضلًا عن غيرها.
فلنتق الله ولنحاول أن نصلي مثل صلاة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-(صلوا كما رأيتموني أصلي)، ولَمَّا حج-عليه الصلاة والسلام-في حجة الوداع قال: (أما بعد أيها الناس: فإني لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، وخذوا عني مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا).
فيجب على المسلم أن يتعرف على هذه الأشياء، في ضوء كتاب الله، وفي ضوء سنة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، ويؤديها كما كان يعملها-عليه الصلاة والسلام-خالصة نقية، سليمة من أي شيء من أنواع البدع التي وقع فيها كثير من الناس، بل يجب أن نعتبرها وأن نضع هذا الأمر نصب أعيننا.
كذلك الدعاء لا يدعى إلا الله-تبارك وتعالى-، كما لا نصلي إلا لله، ولا نصوم إلا لله، ولا نحج إلا لله، لا ندعو إلا الله-تبارك وتعالى-، والدعاء هو العبادة كما في الحديث السابق عن النبي-عليه الصلاة والسلام-(الدعاء هو العبادة)، (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)(غافر/60).
(الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي)عن دعائي يذهبون يدعون غير الله-تبارك وتعالى، ويستكبرون عن إخلاص الدعاء لله-تبارك وتعالى-فسوف يدخلون(جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)أي صاغرين.
فعلينا أن نخلص الدعاء لله، لا ندعو مَلَكًا مقربًا، ولا نبيًا مرسلًا، ولا وليًا صالحًا حيًّا كان أو ميتًا حاضرًا أو غائبًا، لا ندعو إلا الله-تبارك وتعالى-، ولا نضرع في الشدائد وغيرها إلا إلى الله(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) (النمل/62)، لا يفعل ذلك إلا الله وحده-سبحانه وتعالى-، لا يجيب المضطر إذا دعاه إلا الله-سبحانه وتعالى-.
والناس كلهم فقراء إلى الله لا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، هؤلاء الناس الآن الذين يدعون رسول الله ويستغيثون به في الشدائد، الله-سبحانه وتعالى-بيَّن لهم واقع هذا الرسول هو عبد ورسول، هو عبد الله ورسوله، لَمَّا قال أحدهم-من الصحابة-: (أنت سيدنا وابن سيدنا)، قال: (قل: لا يستخفنكم الشيطان إنما أنا عبد الله ورسوله)-عليه الصلاة والسلام-.
هكذا علَّمَنَا رسول الله-عليه الصلاة والسلام-، ما نجعله ندًّا لله فندعوه ونستغيث به ونرجع إليه في الشدائد لا، هو بلغنا ما جاء إلا للقضاء على هذه الأنواع الشركية، ما جاء إلا للقضاء على الشرك، ما جاء إلا لتقرير التوحيد بكل أنواعه-عليه الصلاة والسلام-، ثم لم يَدَّعِ لنفسه شيئًا من حقوق الله-تبارك وتعالى-، إلا الطاعة فإن طاعته من طاعة الله، لأنه يبلغ عن الله-تبارك وتعالى-، فطاعته طاعة لله-سبحانه وتعالى-، طاعته ترجع إلى الله-تبارك وتعالى-.
إذا ما أطعنا الرسول لا نؤمن بالقرآن ولا بالسنة ولا بغيرها، لا بد من طاعة هذا الرسول في طاعة الله-سبحانه وتعالى-، وهو لا يأمر إلا بالحق، ولا يقول إلا الصدق، ولا يأمر بالباطل حاشاه-صلى الله عليه وسلم-.
فنطيعه وننزله المنزلة التي يستحقها، ونعتقد فيه أنه أفضل البشر-عليه الصلاة والسلام-، أكرم الرسل، وأن رسالته أكمل الرسالات، وأن الكتاب الذي أنزل عليه مهيمن على كل الكتب والرسالات السابقة، وأنه كتاب لا مثيل له، و(لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)(فصِّلت/42)، وهو كتاب محفوظ لم يتطرق إليه شيء من التغيير والتبديل ولا في حرف واحد، لأن الله تعهد بحفظه(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(الحجر/9).
فعلينا أن نحترم الرسول-صلى الله عليه وسلم-، وأن نحترم هذا القرآن، وأن نؤمن بما فيه من الأخبار، وأن نمتثل ما فيه من الأوامر، وأن نجتنب ما فيه من النواهي، هذا الذي يلزم كل مسلم.
ومما حذر منه الرسول: البدع والخرافات والشركيات، حذر منها رسول الله-عليه الصلاة والسلام-، حذَّرنا من دعاء غير الله-تبارك وتعالى-، حذَّرنا الله من دعاء غيره كما ذكرت لكم-بارك الله فيكم-.
قال الله-تبارك وتعالى-: (...وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ)(فاطر/13)، الملائكة والجن والإنس وغيرهم ممن يدعوهم الوثنيون والله لا يملكون مثقال ذرة من هذا الكون، لأن هذا الكون كله ملكه، وكله خلقه، وتدبيره خاصٌّ به-سبحانه وتعالى-، وكلهم لا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، كلهم لا يملكون شيئًا منها.
يعني: لهذا يقول الله لرسوله-عليه الصلاة والسلام-: (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا)(الجن/21)، ألا يستحي من ينتمي إلى الإسلام أن يعتقد في رسول وغيره أنه يملك الضر والنفع، والله-سبحانه وتعالى-قد صرَّح على لسان هذا الرسول(قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22)(الجن).
فحقٌ على المسلم-كل مسلم-أن يقول هذا، وأن يؤمن بهذا-بارك الله فيكم-، ويعتقد في رسول الله وغيره أنهم لا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا ولا رشدًا، (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ)(الأعراف/188)، فينفي عن نفسه أنه يضر أو ينفع، ولا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا، ولا يعلم الغيب، لأن هذه من خصائص الله-سبحانه وتعالى-رب السموات والأراضين وخالق الجن والإنس أجمعين-سبحانه وتعالى-، هذه من خصائصه التي لا يشركه فيها أحد.
والدعاء كما قلنا لكم هو: (العبادة)، فلا يجب أن يدعى أحد غير الله(...وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14))(فاطر)، هل في أوضح وأصرح وأبين من هذه الآيات الصادعة بتوحيد الله-سبحانه وتعالى-؟، والتي تحصر الضر والنفع في الله-سبحانه وتعالى-؟، وأن غيره لا يملك شيئًا ولو دُعِيَ إلى يوم القيامة لا يمكن أن يسمع(إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ)كيف ما تصدق الله-تبارك وتعالى-؟!.
الله أخبرك أنك إن دعوت غيره ميتًا أو غائبًا لا يمكن أن يسمع دعاءك، كيف تطمع في هذا الميت الذي لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا؟، وفي حال حياته لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا حياة ولا نشورًا، كيف تطمع فيه؟، كيف تدعوه؟، والله-سبحانه وتعالى-حرَّم عليك أن تدعو غيره، وبيَّن أن هذا شرك وضلال، وبيَّن لك أن الناس كلهم فقراء إلى الله والله هو الغني الحميد، وبين لك أن كل هؤلاء المدعوين لا يملكون قطميرًا.
القطمير هو: القشرة في نواة التمر غلاف النواة لا يملكها أحد، الله مالك هذا الكون كله-سبحانه وتعالى-، خالق هذا الكون، ومدبره، ومنظمه، وهؤلاء الذين تدعوهم كلهم لو يجتمعون ما يملكون من قطمير، من هذا الكون كله ما يملكون قطميرًا.
فلا تدعو إلا الله-سبحانه وتعالى-، بيَّن لك أنهم ما يملكون من قطمير، أنك إذا دعوتهم لا يسمعون الدعاء كيف تعتقد أنهم يسمعون؟، كثير من الناس من المنتسبين للإسلام ينادي عبد القادر الجيلاني أو البدوي أو غيرهم من المدعوين يناديهم من آلاف الأميال، ويعتقد أنه يسمعه ويستجيب له ويحقق له مطالبه ويكشف عنه كرباته، هكذا يعتقدون، هكذا لقنهم الشيطان، ولقنهم الزنادقة الذين دسوا هذه العقائد في أوساط كثير من البلهاء والمغفلين، و والله عبد القادر لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا.
والله كنت في الهند وزارني طالب علم من الخرافيين، ومعه كتاب فيه ترجمة عبد القادر-مجلد ضخم-طبعة قديمة، وجلس يناظرني وأنا أبين له، قارئ في الآيات وكذا في التوحيد أبين له يعني: ضلال المشركين والوعيد الذي يتوعده الله للمشركين أبين له أبين له أبين له، قام يقرأ عليَّ من ترجمة عبد القادر: إنه بينما كان الله وعبد القادر يتماشيان على شاطئ نهر إذ انزلقت بالله رجله فانتشله عبد القادر.
وبينت له هذا ضلال وهذا كفر لا يقوله يهود ولا نصارى، والله اليهود والنصارى لا يعتقدون بما قاله، وأبين له وأبين له أخذ الكتاب وقطعه أمامي، ثم كان يتردد علي وطلب مني أن يلتحق بالجامعة فكتبت للجامعة في ذلك الوقت ول أدري والله ما مصيره، لا ادري مات! لا أدري جاء الجامعة ما جاء الله أعلم.
لكن الشاهد: أنهم قد ألفوا في الكرامات للأولياء وذكروا فيها من الأساطير، والضلالات، والكفريات، والإلحاد، ما لا يعلمه إلا الله-تبارك وتعالى-، النبهاني ألف كتاب سمَّاه: (شواهد الحق في جواز الاستغاثة بسيد الخلق) ملأه بالكفريات والضلالات والدعاء إلى الشرك ومحاربة الموحدين، وله كتاب: (جامع كرامات الأولياء)في مجلدين مليء بالخرافات والأساطير التي ينسبها إلى من يسميهم الأولياء أشياء لا تستطيع أن تذكرها، والله إنك ما تستطيع أنك تذكرها بما فيها من الكفر والمنكرات والضلالات والأباطيل، ومن تصرفات في الكون، ومن علم الغيب، ومن...ومن..ومن..إلى آخره.
فاحذروا هؤلاء، وأنتم طلاب الجامعة تعودون إلى بلدانكم ويوجد فيها مثل هذه الترهات، ومثل هذه الضلالات، فتعلموا العقيدة الإسلامية الصحيحة من كتاب الله، ومن سنة رسول الله ومنهج السلف الصالح، وعودوا إلى بلدانكم وعلموهم توحيد الله الحق، (لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم)، كيف إذا هدى الله على أيديك أناس كثيرين؟، ماذا تكسب؟، وماذا يعطيك الله من الخير ومن الفضل والإكرام؟.
فاحرصوا على دراسة هذه العقيدة من كتاب الله ومن سنة رسوله-عليه الصلاة والسلام-، عقيدة الأسماء والصفات فيها ضلال فيها تعطيل للمعنزلة في خوارج في روافض يعطلون صفات الله-تبارك وتعالى-، وينكرون كثيرًا من أسماء الله وصفاته-بارك الله فيكم-.
الجهمية يعطلون الأسماء والصفات، المعتزلة يعترفون بالأسماء لكنها أسماء جوفاء لا معاني لها عندهم، الأشاعرة يؤمنون ببعض الأسماء، يؤمنون بالأسماء ويؤمنون ببعض الصفات ويعطلون الصفات الخبرية(الرضا والغضب والمجيء والنزول)وما شاكل ذلك هذه يعطلونها ويجاوزون فيها الجهمية والمعتزلة والخوارج، فصححوا عقائد أنفسكم وعقائد المسلمين إذا عدتم إلى بلادكم.
صححوا عقيدة توحيد العبادة في توحيد الربوبية في توحيد الأسماء والصفات، لأن كثير من الخرافيين من الصوفية والروافض يعتقدون في الأولياء أنهم يعتقدون الغيب ويتصرفون في الكون، الروافض يعتقدون في الأولياء في الأئمة أحبتهم وبرأ الله الأئمة منهم، يعتقدون فيهم أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون وأنهم أفضل من الأنبياء وأنهم..وأنهم..ويعطوهم من الصفات الإلوهية والربوبية ما لا يقوله اليهود والنصارى-والعياذ بالله-.
فإذا وجدتم من هذا الصنف بصِّروهم بكتاب الله وسنة الرسول، واحتجوا بهذه الآية أن رسول الله لا يعلم الغيب وصرح بذلك، نوح-عليه الصلاة والسلام-صرَّح لقومه أنه لا يعلم الغيب ولا يقول أنه ملك ولا يعلم الغيب ولا يقول عنده خزائن الله، والرسول قال بمثل هذا-عليه الصلاة والسلام-، أيضًا من عقائد الصوفية: (أني أعبدك يا ربي لا طمعًا في جنتك ولا خوفًا نارك)شوف الضلال!، يعبد الله فقط لأنه الله فقط!، أما الخوف ما في خوف، أما الرجاء ما في رجاء، وهذا كفر بالله-تبارك وتعالى-.
العبادة تدور على الخوف والرجاء، فإذا كان الذين يعبدون الله لا يطمعون في جنته، الأنبياء يطمعون في الجنة، ويخافوا من النار، ويستعيذوا من النار، ويطلبون من الله الجنة(قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(الأنعام/15)، هذه قالها الله عن رسوله-عليه الصلاة والسلام-في ثلاث سور من سور القرآن(قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)، (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)كان يكثر من هذا الدعاء-عليه الصلاة والسلام-، فسئل-عليه الصلاة والسلام-أخاف علينا؟، قال: (نعم كيف لا وقلوب الناس بين إصبعين من أصابع الرحمن).
فتعبدوا الله خوفًا وطمعًا ورجاءً ومحبةً ورغبةً ورهبةً، كل هذه المعاني وغيرها من معاني العبودية يجب أن تستحضرها وتلتجئ بها إلى الله-تبارك وتعالى-، وتخاف الخوف المعتدل الذي لا يؤدي إلى القنوت، وترجو الرجاء المعتدل الذي لا يؤدي إلى الإرجاء-والعياذ بالله-وإلى الأمن من مكر الله-تبارك وتعالى-.
وبهذه المناسبة اذكر من العقيدة: (إكرام أصحاب محمد-عليه الصلاة والسلام)، الله-سبحانه وتعالى-أكرمهم وحقق على أيديهم الخير الكثير، وهدى الله على أيديهم الأمم والشعوب، وبذلوا أموالهم وأنفسهم في سبيل الله-تبارك وتعالى-حتى فتحت لهم الدنيا.
وحقق الله لهم وعده(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)(غافر/51)، (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا...)(النور/55)، حقق الله لهم هذا الوعد واستخلفهم في الأرض، وأقاموا العدل وأقاموا العقيدة والتوحيد والإيمان وسائر الشرائع.
هدى الله على أيديهم الرومان-كثير من الرومان-وكثير من الفرس وكثير من البربر وكثير من الأتراك، كثير من الشعوب دخلوا أو أغلب الشعوب كلها دخلت في الإيمان على أيدي أصحاب محمد-صلى الله عليه وسلم-، والله-سبحانه وتعالى-قد أثنى عليهم كثيرًا(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(التوبة/100).
لتحميل وقراءة الملف منسق:
قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الأحد الموافق: 11/ صفر/ 1432 للهجرة النبوية الشريفة.