الحذر الحذر من دعوة هؤلاء

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .
خلقنا لعبادته، وأمرنا بتوحيده وطاعته، وهو غني عنا ونحن المحتاجون . . . { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } .
أرسل رسله داعية إلى التوحيد وإخلاص الدين . . . { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره المشركون .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلى الناس أجمعين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين هاجروا وجاهدوا وصبروا، والذين آووا ونصروا، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد . . .(1 )

فإنه من المعلوم أن لكل دعوة أساس و أساس دعوة الإسلام هو أساس دعوات جميع الأنبياء من نبي الله نوح إلى خاتم الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و هو التوحيد و العقيدة لأنها الأساس الذي تنبني عليه صحة الأعمال وقبولها؛ لهذا كان اهتمام الرسل صلوات الله وسلامه عليهم واهتمام أتباعهم بإصلاح العقيدة أولا عما يناقضها أو ينقصها، وكان نصيب هذا الجانب من سور القرآن وآياته النصيب الأوفر، وكان نصيبه من دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم واهتمامه النصيب الأكبر؛ فقد مكث في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى التوحيد وإخلاص العقيدة، ولما فتح الله عليه مكة؛ كان أول ما بدأ به هدم الأصنام والقضاء عليها والأمر بإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له .
وقد أولى علماء هذه الأمة هذا الجانب قدرا كبيرا من جهودهم وجهادهم وتعليمهم وتأليفهم، حتى شغلت كتب العقيدة حيزا كبيرا من المكتبة الإسلامية، وصار لها الصدارة بين محتوياتها ، لذلك كتب الله على كل دعوة لم يكن التوحيد و العقيدة لها أساسا الإنحلال و الإندثار و الفشل.
و لما كانت العقيدة هي أساس هذا الدين المتين كان التفرق في هذه الأمة فيها و كان تميز أهل الحق عن الباطل ببيان الموقف من العقيدة جملة و تفصيلا بعيدا عن الإجمالات و المحتملات،- فقَدْ حَصَلَ مِصْدَاقُ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ مِنَ الِافْتِرَاقِ, وَتَفَاقُمِ الْأَمْرِ وَعِظَمِ الشِّقَاقِ فَاشْتَدَّ الِاخْتِلَافُ وَنَجَمَتِ الْبِدَعُ وَالنِّفَاقُ.
فَافْتَرَقُوا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ إِلَى نُفَاةٍ مُعَطِّلَةٍ وَغُلَاةٍ مُمَثِّلَةٍ.
وَفِي بَابِ الْإِيمَانِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ إِلَى مُرْجِئَةٍ وَوَعِيدِيِّةٍ مِنْ خَوَارِجَ وَمُعْتَزِلَةٍ.
وَفِي بَابِ أَفْعَالِ اللَّهِ وَأَقْدَارِهِ إِلَى جَبْرِيَّةٍ غُلَاةٍ وَقَدَرِيَّةٍ نُفَاةٍ.
وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَهْلِ بَيْتِهِ إِلَى رَافِضَةٍ غُلَاةٍ وَنَاصِبَةٍ جُفَاةٍ, إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ فِرَقِ الضَّلَالِ وَطَوَائِفِ الْبِدَعِ وَالِانْتِحَالِ وَكُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ قَدْ تَحَزَّبَتْ فِرَقًا وَتَشَعَّبَتْ طُرُقًا, وَكُلُّ فِرْقَةٍ تُكَفِّرُ صَاحِبَتَهَا وَتَزْعُمُ أَنَّهَا هِيَ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ الْمَنْصُورَةُ.-(2 )
ففي هذا كان التفرق و لايزال و لن يزول هذا الإختلاف و التفرق إلا بالإصلاح في هذه الأبواب و بيان الموقف منها و هذا كان دأب السلف رضوان الله عليهم...

و إنه لمن الغريب أن يستغل بعد من انتسب إلى هذه الدعوة المباركة ما تعانيه الأمة من فتن و محن بشعارات ديموقراطية كفرية تضرب البر بالفاجر و تخلط أهل الحق بأهل الباطل فهاهم يحملون لافتات و يفتحون صفحات في المنتديات تدعوا إلى المطالبة بالحرية التامة للملتحين و المنقبات أو الملتزمين و الملتزمات أو غير ذلك من العبارات التي قد يدخل فيها البر و الفاجر بل المؤمن و الكافر غير مفصحين عن منهج أو عقيدة أو مسلك أو طريقة و قد خرجوا في المظاهرات البدعية يصرخون ففتحوا الباب لأهل البدع و الإلحاد من روافص و عقلانيين ليحيوا أفكارهم و مناهجهم داخل الأمة, ثم إن هذا التقسيم لطبقات الناس -ملتحين..منقبات ..ملتزمون..-هو دأب بعض الدعاة الجهال اليوم و هي شنشنة الأحزاب الإسلامية كما -زعموا- و هذا التقسيم لم نعهده عند علماءنا الأفاضل أمثال ابن باز و الألباني و الفوزان و اللحيدان و غيرهم ولا يخفى أن أكابر المفسدين اليوم هم من أصحاب اللحى و الإلتزام كما يزعمون كأصحاب الأحزاب المتطرفة و التنظيمات كتنظيم القاعدة
و هذا التأصيل يغذي النزعة الخارجية لدى الشباب و التي وضع بذرتها الخوارج قديما و حديثا فدندنة بعض الدعاة اليوم بهذه المصطلحات مثل الملتزمون و الملتحون و المنقبات حتى الأخوة بالمعنى الحزبي يربي الشعور بالإنعزال عن المجتمع المسلم و هذا هو كلام الخوارج الذين يعتبرون أنفسهم مستقلين عن المجتمع المسلم و أنهم متميزون بسمت و عدد معين و أنهم هم الصالحون المسلمون و غيرهم خارجون عن هذا, و لا عيب و لا ضير كما تقدم من التميز بالعقيدة الصحيحة و المنهج الحق منهج السلف مع عدم خرق جماعة المسلمين.

و المصيبة أن أكثر هؤلاء للحرب على أمريكا و الغرب قد أعلنوا كما يزعمون و هم لمنهجهم الديموقراطي محيون و به يتمسحون و هم عن هذا يتغافلون ؛ سئل العلام الشيخ ربيع ابن هادي : أحسن الله إليكم يقول السائل هل الخروج في المظاهرات والقيام بالثورات وتربية الشباب عليها من منهج أهل السنة والجماعة أو لا , سواء داخل البلاد الإسلامية أو خارجها , وما هي نصيحتكم لمن جعلهل طريقة دعوية؟
فأجاب بصره الله بالحق: هذه من منهج ماركس ولينين وأمثالهما ليست من مناهج الإسلام , ثورية وسفك الدماء والفتن والمشاكل مذهب ماركس ولينين وضموه إلى مذهب الخوارج وقالوا إسلام , كشأنهم الموسيقى الإسلامية والاشتركية الإسلامية والديمقراطية الإسلامية والرقص الديسكو الإسلامي , كل ضلالة -يعني- يأتون بها من الشرق والغرب من القديم والحديث ويلبسونها لباس الإسلام , برَّأ الله الإسلام من هذه الأساليب "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"والجهاد له أبوابه وله شروطه , ما هي هذه الطرق الماركسية التي يُضْفون عليها ثوب الإسلام , أخذوا الثورية والاشتراكية من ماركس ولينين وأخذوا الديمقراطية من أمريكا ويقولون نحارب أمريكا , وهم يروجون للفكر الأمريكي والله يروجون , التعددية الحزبية, تداول السلطة ,الانتخابات , المظاهرات , كلها أفكار أمريكية وتدفع المليارات لبثها في العالم وتستولي بها على الأمم وهم من أعظم خدم أمريكا والمروجيين لهذا الفكر ويقولون عن الناس الآخرين أنهم عملاء أمريكا , نعم.

ثم إنه يجب أن يعلم أن دول الكفر تشجع كذلك المبتدعة على نشر بدعتهم، وتساعدهم على ذلك بشتى الطرق؛ لأن في ذلك القضاء على الإسلام وتشويه صورته .
نسأل الله عز وجل أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، ويخذل أعداءه .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه .

كتبه أبو اسحاق ابراهيم المغربي

المراجع
---------------------------------------
(1 )الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله آل فوزان

(2 )معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول حافظ بن أحمد بن علي الحكمي

* الفروق بين السلفية و الدعوات الحزبية البدعية لأبي عبد الأعلى المصري

*