(قصيدة): إشراعُ الأسِنَّة للذَّبِّ عن مَنهجِ أهلِ السُّنة
بسم الله الرحمن الرحيم
إشراعُ الأَسِنَّة للذَّبِّ عن مَنهَجِ أهلِ السُّنَّة
بَوَارِقُ الْخَيرِ مِنهَا لاَحَتِ اللُّمَع *** فَأَشرَقَت وَلِوَاءُ الحَقِّ يَرتَفِعُ
وشَمسُ مَنهَجِ أَهلِ الحَقِّ سَاطِعَةٌ *** عَنها الضَّلالاتُ والأهواءُ تَنقَشِعُ
وسُنَّةُ اللهِ والأَحوالُ قَاضِيَةٌ *** أنَّ الضَّلالَ عَلى أَنْجَادِهِ يَقَعُ
فَجَولةُ الحَقِّ طُولَ الدَّهرِ دائِمَةٌ *** لكِنَّ جَولَةَ أَهلِ الزَّيغِ تَنقَطِعُ
ولا تَقومُ لهُم في الأرضِ قائِمَةٌ *** إلا رأيتَ نِياطَ القَومِ يَنقَطِعُ
*****
فَمِن أولئكَ في ذا العَصرِ طَائفَةٌ *** أَتَوا بِبِدْعٍ مِنَ الآرَاءِ واخْتَرَعُوا
قَد أَوضَعُوا وَتَرَدَّوْا فِي جَهَالَتِهِم ***بِئسَ الجهَالَةُ والأَمرُ الذِّي شَرَعُوا
وَأَوجَفُوا وتَمادَوا في ضَلالَتِهِم *** ومَا يُؤَمَّلُ في أهلِ الهَوى رَجَعُ (1)
ولَبَّسُوا بِأَقَاويلٍ مُزَخرَفَةٍ *** ودَلَّسوا وسِلاحُ الأعزَلِ الخُدَعُ
الزورُ مركبُهُم والمدحُ مَطلبُهم *** والغدرُ مذهبُهم والحِرصُ والطَّمَعُ
عَمَت بَصائِرُهُم كَلَّت ضَمائِرُهم *** فَبِالهُدى وبِقَولِ الحَقِّ ما انتَفَعُوا
ولَيسَ مَنهَجُ أهلِ الحَقِّ مَنهَجُهُم *** وليسَ فيهِم لِنَهجِ الحقِّ مُتَّبِعُ
لكِنَّما الإفكُ والبُهتانُ حُجَّتُهُم *** فيا غَبَانَةَ مَن بالإفكِ يَنخَدِعُ
*****
يَقُومُ قَائِمُ هذا الحِزبِ في سَفَهٍ *** مُشَقشِقًا بِغَريبِ اللَّفظِ يَدَّرِعُ
يُرى كَظِلِّ نَعَامٍ فِي المَواقِفِ لا *** تَراهُ يُقدِمُ بل يَنتَابُهُ الجَزَعُ
لكِن إذا نَصَحَ الأَقوامَ عالِمُهُم *** ثَارَ الجَهولُ وثَارَت خَلفَهُ الشِّيعُ
لكِن إذَا جَرَحَ الأَقزَامَ رَاحِمُهُم *** غَارَ العُجُولُ على الأهوَاءِ فابْتَدَعُوا
فَقَالَ قَائِلُهُم يَا وَيحَكُم ألَكُم *** عَقلٌ ودِينٌ، أَذاكَ الشَّيخُ مُبتَدِعُ؟
أمَا وإنَّ لهُ عِلمًا، ودَعوَتُه *** في الـمُسلِمينَ، فَخَلِّ النَّاسَ تَنتَفِعُ!
لا والذِّي جَعَلَ القُرآنَ شِرعَتَهُ *** وسُنَّةُ الـمُصطَفى وَحيٌ لهُ تَبَعُ
قَد صحَّ في الخَبَرِ المَنقُولِ أن سَيَجي *** دُعاةُ سُوءٍ بِبابِ النَّارِ قد رَبَعوا
فَمَن أَجابَهُمُ ألقَوهُ في سَقَرٍ *** ألا فَلا حَبَّذا الأَهواءُ والبِدَعُ
*****
وَكانَ أَكثَرُ أَهلِ العِلمِ فِي زَمَنٍ *** يُحَذِّرونَ مِنَ الضُّلَّالِ فَانقَمَعُوا
فَفِي مَقَالِ ابنِ سِيرِينٍ لَتَبصِرَةٌ *** لِمَن أرادَ سبيلَ الرُّشْدِ يَتَّبِعُ
بِأَنَّ ذا العِلمَ دِينٌ فانظُروهُ إذا *** أَخَذتُموه فَعَمَّن تَأخُذونَ وَعُوا
أَبَعدَ هذا يَسُوسُ الأمرَ رَأيُكُمُ *** أينَ الدِّيانَةُ، أينَ الفِقهُ والوَرَعُ؟!
تُلَمِّعُونَ رَعاعَ النَّاسِ فِي ضَعَةٍ *** إنَّ الذُّبابَ على أقذائِهِ يَقَعُ
تُمَيِّعونَ بِنَسجِ الزُّورِ منهَجَنا *** حتَّى تكادُ عُرى الإيمانِ تَنصَدِعُ (2)
فلا الولاءُ على المِنهاجِ مُنعَقِدٌ *** ولا البَراءُ، فأينَ الدِّينُ يا لُكَعُ!
(في طَلْعَةِ الشَّمسِ ما يُغنيكَ عن زُحَلٍ) *** وفي كِتاباتِ أهلِ العِلمِ ما يَسَعُ
*****
وقَد يقومُ لِسانُ القَومِ مِدرَهُهُم *** مُقَعِّدًا لأُصولٍ كُلُّها بِدَعُ (3)
يقولُ لا تَجرَحُوا في الدِّينِ مُبتَدِعًا *** وإن أَتى بِعَظِيمِ القَولِ يَفتَرِعُ
نُريدُ نَهجًا عَريضًا واسِعًا وكَذا *** كَ أَفيَحًا لِجَميعِ النَّاسِ يَتَّسِعُ
وَذلِكُم قَولُ صِدقٍ ليسَ يلْزَمُني *** كَلا ولَستُ بِذاكَ الجَرحِ أقتَنِعُ
بلى ورَبِّي فَقَولُ الحَقِّ يَلزَمُكُم *** وإِن أَبَيتُم وإِن لَم يُوجَدَنْ قَنِعُ
لكِنَّها شُبْهَةٌ قَتْمَاءُ نَعرِفُها *** ومَا لِكُلِّ الذي تُلقُونَ نَستَمِعُ
أمَا لكُم في كِتابِ اللهِ مَوْعِظَةٌ *** أمَا لَكُم في حَدِيثٍ صَحَّ مُرْتَدَعُ؟!
أمَا لكُم في سَبيلِ الصَّحبِ بَعدَهُما *** وتَابِعِيهِم بِإحسانٍ وَمَن تَبِعُوا
*****
وفي مَواقِفِ أَهلِ العِلمِ تَذكِرَةٌ *** كَمالِكٍ إذ أتَاه السَّائلُ الخَنِعُ
يَقُولُ كَيفَ استَوَى ربُّ السَّماءِ على *** عَرشٍ عَظيمٍ أَفَوقَ العَرشِ يرتَفِعُ؟
فَقالَ مالِكُ إنَّ الكَيفَ نَجهَلُهُ *** والاِسْتِواءُ فَمَعلومٌ وذا يَسَعُ
وَمَا أراكَ سِوى أَكنَنتَ زَندَقَةً *** فَأَخرِجُوهُ فَإنَّ الوَغدَ مُبتَدِعُ
وَأَحمَدٍ معَ بِشرٍ إذ يَقُولُ لهُ *** إنَّ الكَلامَ عَنِ الرَّحمَنِ مُمتَنِعُ
فَجاشَ غَيظُ إمَامِ الحَقِّ مُعتَزِمًا *** شَهْرَ الحَقيقَةِ لا يُثنيهِ مُنخَلِعُ
وَحَذَّرَ النَّاسَ مِمَّا قَال بِشرُهُمُ *** فَأُوذِيَ الشَّيخُ حَتَّى نَالَهُ الوَجَعُ
وَقَالَ فَلتَهجُرُوا مَن قَالَ قَولَتَهُ *** ومَن تَوَقَّفَ فَالهُجرانَ لا تَدَعُوا
*****
أولئكَ القَومُ فَأْتُونَا بِمِثلِهِمُ *** إذا الحُشودُ ِبأرضِ اللهِ تَجتَمِعُ
(أَكرِمْ بِقَومٍ رسولُ اللهِ شِيعَتُهُم *** إذا تَفَرَّقَتِ الأهواءُ والشِّيَعُ) (4)
أَنعِمْ بِقَومٍ هُدى الأسلافِ مَنهَجُهُم *** إذا تَكاثَرتِ الآراءُ والبِدَعُ
والحَمدُ للهِ ما شَمسُ الضُّحى طَلَعَت *** وما تَلألأَ بَدرٌ بالدُّجى لَمِعُ
ومَا تَمَسَّكَ سُنِّيٌّ بِسُنَّتِهِ *** وما تَنَكَّبَ خَيرَ الهَدْيِ مُبْتَدِعُ
*************
وكتب: يوم الأربعاء 17 رمضان 1432 هـ
الموافق لـ: 17 أغسطس/أوت 2011 مـ
أبو زياد حمزة بن ربيع الجزائري.. بسكيكدة – الجزائر.
_______________________________
(1): لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا : (إِنَّ اللهَ احتَجَزَ التَّوبةَ عن كُلِّ صاحِب بدعة) أخرجه الطبراني وغيره وصححه الألباني في الصحيحة (4/154).
(2): روى ابنُ مسعود وغيره أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:(أَوثَقُ عُرى الإيمان المُوالاةُ في الله و المُعَاداةُ في اللهِ و الحُبُّ في الله و البُغضُ في الله). حسَّنه الألباني في الصحيحة (2/734).
(3): المِدرَهُ: رأسُ القَومِ ولِسانُهُم، والمقصود بالأصول المبتدعة هي التي أنشأها وابتدَعها وهي الأكثر في تقعيداته، لا الأصول السلفية المعروفة والتي يخدَعُ بذكرها وحشوِها ضمن أباطيله.
(4): هذا البيتُ لحسَّان بن ثابت رضي الله عنه من قصيدة مطلَعُها: إِنَّ الذَوائِبَ مِن فِهرٍ وَإِخوَتَهُم قَد بَيَّنوا سُنَّةً لِلناسِ تُتَّبَعُ.