سئل الشيخ الفاضل سليمان الرحيلي -حفظه الله - عن موقف بعض الأخوة الذين لزموا السكوت في الفتنة التي أوقد شرارها أبو الحسن المصري ثم المأربي - عامله الله بعدله

سئل الشيخ الفاضل سليمان الرحيلي -حفظه الله - عن موقف بعض الأخوة الذين لزموا السكوت في الفتنة التي أوقد شرارها أبو الحسن المصري ثم المأربي - عامله الله بعدله - و كان السؤال كالتالي :

السائل : يا شيخ بارك الله فيك بعض إخواننا السلفيين نعرفهم على
سلفية واضحة قبل الفتنة وحينما جاءت الفتنة سكتوا, إلى الآن ساكتين فهل نلزمهم بالكلام , وهل يذمون بهذا الشيء أم لابد لهم من بيان فهم يقولون : نحن قرأنا ولم نطعن في المشايخ وبعضهم ما تبين له وجه كلام المشايخ وبعضهم لم يقف ... فهل يذم مثل هذا ؟

الشيخ: القضية أولا : الاشتغال بهذا الأمر ليس لكل أحد ومن قال : الحمد لله أنا سلمت من هذا وأنا أعرف الأصول الصحيحة وأعرف المنهج الصحيح ولا يعنيني ما يطرحه هذا أبو الحسن, فإنه لا يلزم بأنه لا بد أن يشتغل به لكن لو ابتلي به فإنه لا بد أن يبين منهجه كذلك إذا كان في مقام الاتهام وكانت موطن فتنة وكانت موطن شبهة، فإن القاعدة الشرعية: أنه يجب على المسلم أن يبتعد عن مواطن التهم يجب على المسلم أن يبتعد عن مواطن التهم، وهذا يأخذه العلماء من الأصل الحديث الصحيح : ( أن النبيّ صلى الله عليه وسلم عندما كان معتكفاً فزارته صفية فخرج معها ليقلبها في الليل فمر أنصاريان فأسرعا فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم على رسلكما إنها صفية، فقالا: أوعليك يا رسول الله!، والحديث معروف . فالشاهد أن العلماء قالوا يُؤخذ من هنا أن الانسان يبعد نفسه عن مواطن التهمة ولذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم عندما رآهما أسرعا قال: على رسلكما إنها صفية، لأنهما رأيا معه امرأة وفي ظلام فأخبرهما بالواقع، قال: على رسلكما إنها صفية وخاف عليهما أيضاً أن الشيطان يوقع في قلوبهما شيئاً فيزلان به ، وهكذا ينبغي ولذلك كان السلف إذا اتهم أحدهم في مسألة أو في عقيدة كتب فيها ليرد عن نفسه وهذا أمر معروف.
فنحن نقول الأصل أن لا يلزم الانسان بالإشتغال بأبي الحسن أو بغيره، لكن إذا اتهم فينبغي أن يبين ويقول: والله أنا إنما هو سكوتي لأني لا أرى لهذه المسألة وزناً بالنسبة لي ولا يغير هذا الأمر عندي شيئاً، أنا الحمد لله أعرف أهل العلم والذين يرجع إليهم وأعرف الأصول وأعرف المنهج، وهذه القواعد لا تساوي عندي شيئاً فلا بأس ولا حرج في هذا ولله الحمد والمنة.
أيضاً إذا كان الناس لم يبتلوا بهذه الفتنة فإن الفتن لا تُجتلب بل الواجب أن تُجتنب .
الشيخ ربيع حفظه الله سُئل من قبل أحد الأخوة : قال نحن في أمريكا عندنا مسجد على المنهج السلفي ولا نتصل إلا بالمشايخ السلفيين والإخوة على المنهج السلفي، لكن أخذ علينا بعض إخواننا في المناطق الأخرى أنا ما تكلمنا في أبي الحسن ، وأبو الحسن عندنا لا يعرف ولم يأتنا ولم نشتغل به ولا يشتغل به أحد. فقال له الشيخ : إنه ما دام لم يعرف عندكم كما تقول فلا تجتلبوا الفتنة إليكم فما دمتم على السنة ولله الحمد والمنة فلما تأتون بما يثير الشبه عند بعض الناس فلا يلزمكم بل لا ينبغي أن تتكلموا بهذا الأمر .
وهذه قاعدة داخلة في الأصل الأول الذي ذكرته (الفتن تُجتنب ولا تُجتلب) الإنسان يجتنب الفتنة لكن إذا ابتلي يصبر لها ، ماذا يصنع؟ بعض المناطق ما يعرفون أبا الحسن، بعض الأخوة ما سمعوا بأبي الحسن تذهب إليهم تقول: أبو الحسن يقول ويقول ؟! ما يصلح , لأنهم هم ولله الحمد والمنة على السنة ويعرفون السنة والإنسان قد يثير في أنفسهم الشبه ثم لا يستطيع أن يعالجها وهذا أمر لا بد من إدراكه .
فنقول: هذا الأخ الذي يسكت لا يخلو الحال: إما أن يُتهم فينبغي أن يبين ويرد عن نفسه ، وإما أن لا يتهم فيكون ولله الحمد غير مشتغل بهذا الأمر وعلى الأصول الصحيحة فلا حرج عليه ولله الحمد والمنة .

السائل : يقولون : متى كان الساكت في الفتن مذموماً ؟- يعني يتكلمون كلاما عاماً- .

الشيخ: لا، هو بارك الله فيك أحياناً قد يكون السكوت يؤخذ منه من قبل بعض الآخرين أنه الصواب مع المخالف ففي هذه الحال لا يسوغ السكوت لأن السكوت هنا يكون بياناً لأن الناس تفهم منه هذا فهنا ينبغي أن يبين ، لكن إذا كان السكوت لا تترتب عليه هذا فلا يلزم ، بل لا يلزم الناس أن يشتغلوا بالفتنة وإنما يُشتغل بها بالمقدار الذي يدرأها لأنا نعرف أن بعض الأخوة أصبح مثلاً عندهم أبو الحسن إمتحاناً، فأصبح بعض الأخوة يمتحنون في أبي الحسن، أنا أعرف أن بعض الأخوة ما قرأ لأبي الحسن كلمة ووقع في نفسه أنه بما أنه خالف المشايخ فلا خير في كلامه أصلاً، نقول : لا، لابد تقرأ في كلام أبي الحسن! هذا غير صحيح، هذا مجتنب الفتنة من أصلها وما وقع يقول: والله أنا لا أدري الحق مع من؟ لا، هذا خطير ، الذي يقول: لا أدري الحق مع من، أصوله ليست مستقيمة لكن يقول : أنا أعرف الحق لكن لا أريد أن أشتغل بهذا الرجل، لا يصلح أن يُذم، بل هو ممدوح في حاله إلا إذا فهم من سكوته واغتر به بعض الناس فظنوا أنه إنما يسكت لأنه الحق مع فلان فهذا في هذه الحال ينبغي عليه أن يبين .

جزى الله خيرا شيخنا المفضال وحفظه من كل سوء ومكروه
سحاب