شبكة الأمين السلفية - Powered by vBulletin
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: ضوابط الهجر الشرعي..الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,557

    افتراضي ضوابط الهجر الشرعي..الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري

    سؤالٌ :قال فيه السائل يعني كثر الهجر غير منضبطِ في بلاد المغاربة ، وعندما ننكر يقولون الهجر مبني على تقديم المصالح والمفاسد وهذا لايشترط الرجوع فيه إلى أهل العلم ؟

    ماكنت أرغب من الأخ السائل أن يخص بلداً معيناً بهذا السؤال نعم ويجازف في هذا الوصف ، موضوع الهجر بارك الله فيكم وما يتعلق به حسب سؤال السائل في قوله كثر الهجر غير المنضبط هذا البحث أو هذا المبحث مبحث الهجر الناس فيه طرفان ووسط،قسم غلو وبالغوا في هذا الباب نعم غلو وبالغوا في هذا الباب ولم ينضبطوا بميزان الشرع وقبل أن أدخل في تقرير هذا أقول:

    الهجر عبادة شرعية كغيرها من العبادات يشترط فيها ما يشترط في العبادات الأخر من الإخلاص والإتباع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد أشار إلى هذا الإمام شيخ الإسلام رحمه الله في أن الهجر عبادة شرعية ويجب أن ننظر إليها بمنظار الشرع فهناك آيات كثيرة تدل أن الهجر عبادة وأحاديث كثيرة تدل على أن الهجر عبادة منها قول الله تعالى !؟ يعني نحن ذكرنا كلام شيخ الإسلام او أشرنا إليه ويوجد ما يدل على كلامه من أدلة الكتاب والسنة ونجد أن تطبيق الأئمة لذلك منها قول الله تعالى {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين} هذه الآيات من الآيات والأصول التي يستدل بها في باب ماذا ؟ الهجر فالله جل وعز قال فلا تقعد نهانا صحيح فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين أمرنا بالإعراض ونهانا عن الجلوس فكونه أمر وكونه نهى دل على أن هذا الفعل ماذا محبوب عند الله والمحبوب عند الله ماذا من العبادات لأن العبادة اسم جامع لكل لما يحبه الله ويرضى كما لا يخفى والنبي عليه الصلاة و السلام قد أبان " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" الحديث هذا الحديث أيضا يدل على ماذا على الهجر وانه عبادة لا يحل أيضا هذه النصوص وغيرها كثير تدل على أن الهجر عبادة بما أن الهجر عبادة إذن يجب أن يتوفر فيه ما يتوفر في غيره من الإخلاص والإتباع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه واحدة فهمتم؟ .

    الأمر الثاني أقول الناس في مسالة الهجر هذه وفي العبادة هذه طرفان ووسط كما هو الشأن في بقية العبادات الناس فيها طرفان ووسط صحيح أهل إفراط وأهل تفريط ماذا عندك الخوارج الغلاة أو المرجئة والوسط هم ما عليه أهل السنة إذن قضية تصوير أن الناس في هذه المسالة طرفان ووسط لا يعني أنها مختصة بهذه فكل عبادة الناس فيها كذلك واضح فما هو الطرفان طرفٌ غلو فصاروا يُعْمِلُونَ الهجر ومن غير مراعاة للركنين فبعضهم يهجرُ غير مخلصاً لله يهجر للأمور الدنيوية وأغراض شخصية صحيح ونزعات وحنط وحسد وغير ذلك ومنهم قد يكون مخلصا لكن لا يهجر على وفق السنة وقد يكون بعيدا لا مخلصًا ولا متبعاً بل قد يتجاوز إلى أن يمد اليد فيعتدي والقسم الآخر الطرف الثاني هم الطرف الذين قابلوا هذا الوجه بماذا بالتخذيل ومحاولة ماذا إهمال هذه الشعيرة وإظهار أن الهجر لا يصلح لمثل هذه الأزمان أو نحو ذلك وهذا يتنافى مع ما سبق من تقرير أن الهجر عبادة فأهملوا وصاروا لا يردون يد لامس في حين يتظاهرون أحيانا بماذا بالسنة وأما القسم الوسط هم من أعمل هذه العبادة على وجهها الشرعي وقانونها السنّي فأعملوها في مَحَالِّها لمن يستعملها ولم يعطلوها ولا يجوز تعطيلها أقول ولا يجوز لأحد أن يعطلها كما لا يجوز لأحد أن يعطل أي عبادة هل لك أن تعطل يوم من الأيام الصدقة ، الصدقة لك أن تعطل ما لك أن تعطل صدق ولا البر ولا التبسم في وجه أخيك صدقة واضح هذه ثانيا.

    ثالثا أن موضوع الهجر بارك الله فيكم لابد فيه من النظر إلى قضية مهمة تتردد عند كثير في قضية أن الهجر مشروع للمصلحة صحيح لماذا للمصلحة أنا أقول أنتبه إلى التقرير الأول والتقرير الثاني لأنه سيرد عيك التقرير الثالث لابد أن تسلم به ما لك بدٌ أليس الدين كله مبني على المصالح ودرء المفاسد كما يقول الإمام ابن القيم في الإعلام الدين كله مبني على المصالح ،وما خالف فيه هذا أحدٌ من أئمة الإسلام ونصوص الكتاب والسنة كلها تدل على ذلك يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ، إذن الدين مبنيٌ على المصالح كما يقول الإمام السعدي رحمه الله في منظومته فكل الشرائع مبنية على المصالح صحيح فلما تخص هذه فتعينها بأنها مبنية على المصالح دون غيرها عرف الاختزال هذا اختزال أقول هذا اختزال ولا يجوز أن يختزل.

    الأمر الرابع: المصالح هل المصلحة المرادَ هنا هي المصلحة المختصة بالمهجور أم المختصة بالهاجر أم المختصة بالناظرين أنا أسأل لأن هذه الكلمة كثيرا ما تردد الهجر للمصلحة الهجر للمصلحة!! صحيح نحن ما ردننا نقول الصلاة للمصلحة الصدقة للمصلحة الصيام للمصلحة الجهاد لمصلحة صحيح إذن لا تتعب في تقرير ما هو مقرر في الشريعة كلها لا ينازع في هذا اثنان ولا ينتطح فيها عنزان لكن أنا أريد أن أبين هذه المصالح أو هذه المصلحة ما المراد من لفظة المصلحة فيما يشار إليه غالب من يطلق في كثيرٍ من الأحايين فهموا بعض العبارات واختزلوا عبارات كثيرة وبخاصة لشيخ الإسلام انتبه وبخاصة لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله وإلا فكلام السلف قبله وبعده هو هو رحمه الله كلام عظيم قد أختزل كثيراً منه هذه المصالح انته معي المصلحة على قسمين :المصلحة الأولى المصلحة الدينية العامة التي يعبر عنها شيخ الإسلام رحمه الله بالمصلحة الدينية وعندنا المصلحة الخاصة ما الذي يدخل في المصلحة العامة يعني ما هي الأمور التي أو المقاصد الشرعية التي من أجلها شرع ماذا الهجر كما أن الصلاة لهذا مقاصد شرعية الصيام له مقاصد شرعية الزكاة لها مقاصد الحج له مقاصد شرعية بر الوالدين له مقاصد شرعية إلى غير كذلك صحيح كذلك الهجر له مقاصد شرعية فما هي هذه المقاصد الشرعية ، عندما أقول لك الزكاة منها مواساة المؤمنين نشر الإلف بين المسلمين سد حاجاتهم إلخ صحيح هذه حقوق ماذا عامة لكن إن قلت لي لي أخٌ فقير مسكين فأقول من المصلحة الخاصة لأخيك أعطيه صدقةٌ وصلة تحققت فيه مصلحة خاصة ومصلحة عامة ،فما هي المقاصد الشرعية من الهجر ؟لتتحقق المصلحة العامة التي هي المصلحة الدينية منها تحقيق العبودية لله لأن قلنا ماذا؟ الهجر عبادة فلابد أن تحقق العبودية لله عبادة في السراء وله عبادة في الضراء ومنها تحقيق معلمِ الولاء والبراء الولاء للإيمان والمؤمنين والبراءة من الكفر والكافرين والبدعة والمبتدعين جاء في الحلية لأبي نُعيم أن الإمام سفيان الثوري يقول :إن الرجل إذا أحببته في الله ثم أحدث حدثاً فلم تبغضه في الله فإنك لم تحبه لله، يعني عندك ولاء ما عندك برا ء إذن لابد من تحقيق معلم الولاء والبراء فأعرض عنهم فلا تقعدوا معهم إلى غير ذلك ماذا النبي عليه الصلاة والسلام أخبر كما في مقدمة مسلم في الصحيح سيكون أقوامٌ في آخر الزمان يحدثونكم بما لم تعرفوا نعم ثم قال فإياكم وإياهم حذرهم حذركم فإياكم وإياهم يعني ماذا تجلسوا معهم انبسطوا معهم وإلا اتركوهم ، أتركوهم إذن لابد من تحقيق معلم الولاء والبراء القدرية لما خرجوا وجاء اثنان كما هو في أول حديث في صحيح مسلم يحي بن يعمر ومن معه نعم جاء إلى من إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب صحيح قال إنه قد ظهر أناس قبلنا يقولون ألا قدرا وان الأمر أنفْ قال ابن عمر ماذا أخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني وأنهم لن يؤمنوا حتى ماذا حتى يؤمنوا بالقدر مباشرة مفاصلة إظهار معلم الولاء والبراء والنصوص عن الإمام احمد وغيره طافحة المذكرة هذه مليئة أضف إلى هذا تحقيق معلم ومبدأ وشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أليس كذلك الآن تنكر على بعض الفساق وبعض العصاة أليس من باب أولى أن تنكر على المبتدعة وغيرهم والنصوص في هذا وكلام الأئمة في الإنكار عليهم كثير ومنهم شيخ الإسلام والإمام احمد والإمام عبد الله بن المبارك وغيرهم كلهم على هذا جروا أنا اختصر لك المقاصد حتى تفهمها أيضا من المقاصد الشرعية في إقامة هذه الشعيرة العظيمة النصح للأمة الدين النصيحة في حديث تميم عند مسلم في الصحيح ومنها النصح للأمة قال لي قتادة رحمه الله "إن الرجل إذا ابتدع بدعة يجب أن تذكر حتى تحذر" جاء ثور ابن يزيد معروف كلهم يحتج لنا بقول مقولة بعض أهل العلم نعم "خذ من علم ثور وأتق قرنيه " صحيح ويغفلون مقالة الإمام الأوزاعي لما جاءه ثور وأراد أن يصافحه قال لا قال يا أبا عمر أمد يدي ولا تصافحني قال يا ثور لو كانت الدنيا لكانت المقاربة ولكنه الدين. جاء الإمام الثوري رحمه الله إلى جنازة قبل أن يصلى عليها فتخطى الناس ووقف عندها سأل من قالوا فلان فترك الصلاة عنه خرج كادت الناس أن تترك الصلاة فقال صلوا عليه وإنما تركت الصلاة لبدعته حتى تحذر الناس بدعته وهو ميت إذن النصح للأمة الحفاظ على حياضها الحارث المحاسبي هذا الرجل المحدث المعروف حذر منه الإمام أحمد وغيره من الأئمة صحيح وجلس في بيته نحوا من أربعة أيام ما خرج من بيته حتى مات وما أمسك أحمد في الخارج من التحذير منه حتى بعد موته ما أمسك عنه النصح لماذا إما أن تمسك وتهلك الأمة وإما أن تتكلم إذن هذه مقاصد شرعية عظيمة نبيلة، واضح؟ المصلحة الخاصة هي على قسمين: مصلحة تعلق بالمهجور ومصلحة تتعلق بالهاجر، المصلحة المتعلقة إن خشي على نفسه الفتنة فله أن يهجر كل من يخشى على نفسه من مخالطة، وهذا الذي يسمي ماذا بالهجر الوقائي وهذا ظاهر مسألة انتفاع المهجور المختصة بالمهجور إن انتصح وانتفع فالحمد لله وإن لم ينتصح ولم ينتفع هل نلغي المصالح الدينية العامة والكلية في مقابل مصلحة خاصة الآن عندما تنظر عندما يتكلم بعضهم الهجر على المصلحة يحصرونك في أي قسم من المصلحة في القسم الثاني في الجزء الثاني!!!! في انتفاع المهجور صحيح كم الذين هلكوا من أرباب أهل البدع سواءٌ ماتوا أم بقوا بعضهم أحياء الآن لو هجرتهم مليون سنة ما يمكن يستفيد من هجرك صحيح هل معنى هذا ما نهجره نقول لا ينتفع هذا المالكي محمد علي المالكي عاش بين الناس هجره الشيخ عبد العزيز بن باز وأمر بهجره وأفتى العلماء إلخ صحيح انتفع بهذا الهجر انتفع؟ ما نتفع! هل نقول خلاص نرجع إليه خلاص يكون صاحبنا وصديقنا وخليلنا هل يجوز هذا الكلام النظر قاعد شرعية" إن تعارضت المصلحة الخاصة مع المصلحة العامة قدمت المصلحة العامة"، واضح؟

    والأمر الذي يليه، خامسا: نعم، قد يقول بعضهم ماذا نفعل ببعض الكلمات لشيخ الإسلام وغيرهم: "إن أهل خرسان لا يقوون عليه إن كذا إن كذا"، بعض العبارات، نقول: القاعدة الشرعية أن العبادات كلها وليس واجب بلا اقتدار ولا محرم مع اضطرار، فالواجب يسقط مع العجز فإن كان عاجزاً سقط عنه لا يكلف الله نفساً إلا ما أتاها فيه ضعف فيه في منطقة أهل الأهواء أكثر وأقوى وأظهر ولا تقوى فنقول الهجر قد يسقط لكن ليس من كل الوجوه لا يسقط من كل الوجوه إنكارك بقلبك وهجرانك لبدعته هذه لازم ليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان وهذا من الهجر يجب أن تقوم به ديانةً ولا يجوز لك أن يتخلف عنك هذا لكن لما كان العجز ظاهر قال الإمام بن تيمية لا يقوون عليه لعجزهم وضعفهم ومعلوم أن الأمر يسقط مع العجز وعدم القدرة والإمام بن القيم له كلام نفيس في بدائع الفوائد في مسألة العجز والقدرة أن المرء له أربع حالات معها إذن هذا يسوقنا إلى الكلام في الوجه الذي يليه من الذي تفهم من كلمة الهجر هل تفهم أن الهجر له صورة واحدة هذا الذي يصور الهجر على قسمين هجر كلي وهجر جزئي انتبه هذا كلامي ليس مختص بأهل البدع فقط بأهل البدع وبالعصاة وبالفسقة الهجر الكلي ترك السلام والكلام والمخالطة وكل الأنواع انفصال تام وتحذير تام وهناك هجر جزئي ومن ذلك عدم الكلام أو عدم السلام أو عدم رد السلام أو عدم الصلاة على الجنازة أو عدم تشييع الجنازة أو عدم إجابة الدعوة كل هذه من صور الهجر فلما يختزلون الهجر وصوره في صورة واحدة أما هذا من العبث ؟ في تحقيق المسائل يجب أن تظهر وكتب السلف في السنة طافحة في ذكر صور الهجر كما قرأنا وذكرت لكم قبل قليل في فعل الإمام سفيان مع الرجل الذي كان ميتا والناس تصلي عليه ، لو كنت في بلد وأنت ضعيف وأهل البدع ظاهرين قلت لك الهجران بالقلب واجب ولا ينفك عنه يبقى من صور هجرك لو دعاك أن لا تجب وإن مات أن لا تصلي عليه تركك للصلاة عليه نوع من الهجر وصورة منه تركك لعدم تشييع جثمانه نوع من هجره دعاك لوليمة لم تلبها نوع من الهجر إذن ليس الهجر له صورة واحدة متى يستخدم الهجر الجزئي ؟ عند الضعف أو عند عدم القدرة أو عند وجود مانع شرعي ما هو مانع دنيوي مادي أعطوك صاروا سلفيين تركوك صاروا خلفيين الآن كثير من الناس صار عندهم المعيار الدينار والدرهم بس فما هكذا كانت السنة تقاس أو يقاس المرء عليها بل السنة بإتباع المرء لها وتطبيقه إياها ليست شعارا بس يرفع إذن موضوع الهجر له متعلقات وله شرح يجب أن يعطى حقه على هذا النحو وبالتالي أنا في قول السائل هنا أن هذا الأمر قد حصل في بعض البلدان أرى أن ثمة مبالغة قد يحصل في بعض المناطق أما أن يصور بهذه الصورة أرى فيه نوع مبالغة لأنه أخشى أن يكون هذا من تسويغ وتسييس الشيطان من القسم الثاني الآن صاروا أحباب وأصدقاء ما عندهم فرقان أهل بدع صرفة دعاة إلى بدعهم أبدا إخوة على سرر متقابلين ما بيننا وبينهم أي خلاف هكذا يصورون إذا ما قلت يا إخوان اتقوا الله قالوا أنت من الغلاة هكذا رموك مباشرة صحيح نقول قبل أن تحكم على زيد أو عمر بأنه غالي هل تفهم هذا التفصيل أنا ذكرت لكم طرفا وجزءٌ من طرفٍ في ما يتعلق بهذه المسالة التي كثر فيها الخلط والخبط والتقرير الناقص غير الكامل الذي يجب أن يكمل بل يقولوا بعضهم وهذه بين معترضتين وبها نختم يقولون أن الهجر لمصلحة الأمة إنما يصح إذا كان يقع ممن نفعه متعدٍ يعني قوي فإذا كنت قويا ما هو قوي الجسم يعني قوي المكانة نعم شرع لك أن تهجر وإلا لم تكن قويا فلا يشرع لك الهجر أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه " كما في التمهيد وغيره لما سكن الشام وكان أميرا عليها معاوية رضي الله تعالى عنه فكان يحدث الناس ويسوغ لهم نوعا بيعا من أنواع بيع النسيئة غير الجائز فقال له أبو الدرداء كيف تسيغ أو تجوز لهم هذا والنبي عليه الصلاة والسلام قال كذا وكذا وحدثه بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن هذا البيع قال معاوية رضي الله تعالى عنه بل أفعله ما أخذ بحديث من أبي الدرداء فقال أبو الدرداء والله لا أساكنك في أرضٍ أنت فيها كيف أحدثك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أخذ به فخرج من الشام إلى المدينة فلقيه عمر فحدثه بما قاله من ؟ معاوية رضي الله تعالى عنهما جميعا فكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية أن امسك عن ذلك وخذ بحديث أبي الدرداء وليس لك ولاية على أبي الدرداء ثم قال له ارجع إلى الشام ولا خير في أرض أنت لست فيها ارجع إليها خليفة نائب عن الخليفة في الشام معاوية ووقع الهجر من فرد من الصحابة صحيح فينبغي أن نفرق بين إيقاع الهجر وبين الأمر بالهجر لابد أن تفرق ومن هنا حصل الخلط في قصة الثلاثة الذين خلفوا وكلام الإمام ابن القيم في الزاد لم يفرقوا بين إيقاع الهجر والأمر به، عندنا أمرٌ بالهجر وعندنا إيقاع للهجر الأمر بالهجر الأمر نعم ينبغي أن يكون من قوي إما من سلطان مطاع أو عالم متبع وليس كل العلماء أقول عالم متبِع أما الإيقاع فلك أن توقع الهجر ولو لم تكن قويا حديث أبي الدرداء مع معاوية ظاهر هو واحدٌ فردٌ وذاك نائب الخليفة الجند والعالم والخلق كلهم معه ماذا فعلوا بالنسائي طلبوا منه أن يكتب كتابا في فضل معاوية فذكر لهم الحديث فقال فلازالوا به يضربونه بأقدام في حضنيه وفي رواية في خصيتيه حتى رموه خارج المسجد إذن لابد أن نفرق بين الإيقاع وبين الأمر الإيقاع لا يشترط فيه القوة ومن شرط ذلك فقط غلط وفي السنة آثارٌ كثيرة وفي هدي الصحابة آثارٌ كثيرة ترد هذا التقرير.

    على كل حال نسأل الله جلا وعز أن يجنبنا جميعا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يوفقنا جميعا لهداه، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله وعلى وآله وصحبه وسلم
    الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري -حفظه الله-


    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,557

    افتراضي رد: ضوابط الهجر الشرعي..الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري

    سئل الشيخ ربيع حفظه الله عن هذه الشبهة تقسيم الهجر إلى وقائي وتأديبي ليس عليه دليل من الكتاب والسنة
    السؤال:
    جزاك الله خيرا شيخنا,الشبهة الثالثة يقول:تقسيم الهجر إلى وقائي وتأديبي ليس عليه دليل من الكتاب والسنة فجل النصوص التي وردت في الهجر إنما هي في الهجر التأديبي وهذا النوع من الهجر لا يصلح في هذا العصر لأنك لو هجرت شخصا وقع في بدعة ما لتأديبه وتعزيره فربما سيؤدي به هذا الهجر إلى الإلتحاق بأهل البدع بخلاف ما إذابقيت معه حتى يرجع إلى السنة !أما الهجر الوقائي يقول فليس عليه دليل صحيح من سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام ولا من سنة أصحابه رضي الله عنهم , وكل النصوص التي وردت عن أئمة السلف كالإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد والأوزاعي وغيرهم إنما هي نصوص ضعيفة لا تصح ,فما ردكم ياشيخنا على هذه الشبهة ؟

    رد الشيخ حفظه الله
    هذا كذب ,هذا كذب على الله وعلى رسوله وعلى تاريخ الأمة الإسلامية وأئمتها
    الهجر الوقائي والهجر التأديبي كله وارد والحمد لله ,هذا الحديث الذي سقناه والآيه ,هجر إيش ؟ هجر وقائي ((فإذا رأيتم الذين سمى الله فاحذروهم )) هجر وقائي وفي نفس الوقت تأديبي.
    وقائي تتقي شره ,وفي نفس الوقت تُأذَّبُه ,لعل ذلك يحمله على التوبة فلما يرى من أهل السنة احتقاره وازدراءه والنفور منه يجبره ذلك على العودة ,هذا تأديب أولا :وقائي من شره وثانيا:تأديبا له يحمله إلى العودة إلى الجادة .
    كذلك يعني قول النبي عليه الصلاة والسلام (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ,فحامل المسك إما أن يحذِيك وإما أن تجد منه ريحا طيبة وإما أن تبتاع منه)فهذا إغراء وخص على مجالسة الصالحين لأنك دائما تكسب وتستفيد وتربح من مجالستهم وأما جلساء السوء فقال الرسول صلى الله غليه وسلم فيهم (كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منة ريحا خبيثة أو ريحا منتنة ) والمعنى واحد فهذا تحذير ’هذا من الهجر التحذيري وفيه هجر وقائي في نفس الوقت وهولاء لايفهمون !قد أعمى الله بصائرهم ((إنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ))وكلام السلف كثير في التعيين ’’عمر بن عبيد وجهم بن صفوان وبشر المريسي وتعيين الأسماء والتحذير منهم وإلى آخره سميه وقائي وسميه ماشئت !بارك الله فيك نعم تأديبي إلى آخر ما ....الإصطلاحات التي يتلاعبون فيها لصرف الناس عن المنهج السلفي واحترامه ,وعن الموالاة فيه والمعاداة فيه.
    قبل الشبهة الثالثة ,,أن الهجر لايصلح في هذا العصر,,قولوا لهم هل نسخت شريعة محمد صلى الله عليه وسلم؟ما الفرق بين هذا القول وبين قول من يقول إن الحاكمية حاكمية الله لاتصلح في هذا العصر ؟؟الحكم بالإسلام لايصلح ؟؟ ما الفرق إن توقفت شريعة محمد الآن نستأنف شريعة الدجال !!
    هذا كلام باطل بارك الله فيك . انتهى

    الردود المنهجية على بعض الشبه الحزبية لفضيلة العلامة ربيع المدخلي حفظه الله ورعاه
    .
    قال إبراهيم بن ميسرة : ( من وقر صاحب بدعة ، فقد أعان على هدم الإسلام ) . [ رواه اللالكائي

    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,557

    افتراضي رد: ضوابط الهجر الشرعي..الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري

    [كتاب مصوَّر pdf] تأمُّلات في مسألة الهجر في ضوء الكتاب والسُّنَّة وفهم سلف الأمَّة للشَّيخ عبد الله البخاري


    السلام عليكم
    يسرني أن أضع بين أيدي إخواني أعضاء منتديات الإمام الآجري
    كتاب: "تأمُّلات في مسألة الهجر في ضوء الكتاب والسُّنَّة وفهم سلف الأمَّة"
    لمؤلِّفه الشَّيخ: عبد الله بن عبد الرَّحيم البخاري
    و قد أثنى على هذا الكتاب الشَّيخ: زيد بن هادي المدخلي
    و تجدون المادة الصَّوتية في المرفقات.

    فهرس مختصر للكتاب:


    • المقدمة
    • أولا: معنى الهجر.
    • ثانيا: النصوص الواردة في الكتاب و السنة في مسألة الهجر.
    • ثالثا: بيان جملة من المقاصد الشرعية لإيقاع الهجر الشرعي على المخالف.
    • رابعا: الهجر الشرعي منه الكلي ومنه الجزئي ولكل صوره.
    • خامسا: الكلام عما يتعلق بالمصحلة في هذا الباب، و هل يسقط الهجر الشرعي عند عدم القدرة عليه؟
    • سادسا: هل يشترط في الهاجر أن يكون قويا؟
    • سابعا: هل يتنافى إيقاع الهجر مع إقامة الحجة على المخالف؟
    • الخاتمة.
    • شبكة الاجري

    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,557

    افتراضي رد: ضوابط الهجر الشرعي..الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري


    هذا يقول: البعض يقول إن هجر أهل البدع لا بد فيه من تحقق المصلحة وأن تعرف درجة هذه البدعة؟.

    الجواب:
    هذا الكلام إذا كان مطلق هكذا هذا غير صحيح، لكن هذا مقيَّد، إذا كان هذا الإنسان لا يرى الهجر إلَّا بهذه الشروط فهذا خلاف النصوص الصحيحة الصريحة الواردة عن رسول الله-صلى الله عليه وسلَّم-، فإن الزجر الأصل فيه السلامة، سلامة الهاجر في دينه، في نفسه من أهل الأهواء، وأهل البدع والضلالات حتَّى لا يتأثَّر بهم فيضل.

    فإن كان هذا الهاجر قويًّا ومِمَّن له مكانة بحيث لو هجر هذا المخالف صاحب الفسق صاحب المعصية تأدَّب وارتدع فلا بأس هذا في أهل السنَّة، أمَّا هجر أهل البدع فهجرهم على التأبيد بالإجماع حتَّى يتوبوا.

    وهجران من أبدى المعــاصي سنَّة......وقد قيل إن يردع فأوجب وأكِّد
    وقيل على الإطلاق مـا دام معـلنًا.......ولاقه بوجه مكفهــر مربـد

    إذا ضعف الإنسان أيضًا عن الهجر كان المجتمع كلُّه لأهل البدعة فهنا يداري ولا شيء عليه إن شاء الله[1].

    لسماع المادَّة الصوتية:
    (هجر أهل البدع على التأبيد بالإجماع حتَّى يتوبوا)

    قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
    الاثنين الموافق: 23/ شوَّال/ 1433 للهجرة النبوية الشريفة.



    [1] لفضيلة الشيخ العلَّامة محمد بن هادي المدخلي-حفظه الله-/ دورة الإمام ابن قيِّم الجوزية-رحمه الله-السابعة بالمدينة النبوية والتي نقلت عبر موقع ميراث الأنبياء-رفع الله قدر القائمين عليه-/ (شرح لاميَّة المنسوخ/ الشريط الثاني)

    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,557

    افتراضي رد: ضوابط الهجر الشرعي..الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري

    ضوابط الهجر الشرعي-الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله-

    ضوابط الهجر الشرعي

    الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
    فإنَّ البدع يكمن عظيم خطرها في تغيير وجه الدين وتشويه صورته، وذلك بتحريف الشريعة وتبديل معالمها، وكلَّما فُتح باب الابتداع في الدين زادت الأمَّة فُرقةً وخفي الحقُّ وغابت السنَّة في مجرى الشبهات المحيطة بالقلوب الضعيفة والميِّتة، بالنظر لكثرة البدع وفشوِّ الأهواء، الأمر الذي يؤدِّي -بطريقٍ أو بآخر- إلى ضعف الأمَّة وذهاب قوَّتها نتيجةً للخصومات والتنازع وظلم بعضها بعضًا وما يعقبها من العداوة والبغضاء.
    والمبتدع في الدين متَّبعٌ لهواه: قدَّم شريعة الهوى على الهدى، واستحكم عنده الاستنباط المرسل على الحقِّ المسند، واتَّبع المتشابه من النصوص الشرعية وترك المحكم، واكتفى بالقرآن عن السنَّة في التشريع، واستدرك على صاحب الشرع، وادَّعى عدم كمال الشريعة ولو بلسان حاله، فانتصر لبدعته بالشبهات والضلالات والخرافات، واستدلَّ لها بترويج الأحاديث الموضوعة والضعيفة والقصص المكذوبة، فكان خطر المبتدع على الدين والأمَّة عظيمًا، وأثره السيِّئ عليها كبيرًا وجسيمًا، لذلك -تفاديًا لآفاته ومخاطره- أجمع أهل السنَّة والجماعة على هجر المبتدع والتحذير ممَّن ظهرت عليه علاماتُ الزيغ والانحراف من الدعاة إلى البدعة المظهرين للمعصية، بل أهل السنَّة مأمورون بمعاداة أهل البدع، والتشديد عليهم، والتنكيل بمن انحاش إلى جهتهم، وقد صرَّح الإمام أبو عثمان إسماعيل الصابوني -رحمه الله- بهذا الاتِّفاق بقوله: «واتَّفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم وإخزائهم وإبعادهم وإقصائهم والتباعد منهم ومِن مصاحبتهم ومعاشرتهم، والتقرُّب إلى الله عزَّ وجلَّ بمجانبتهم ومهاجرتهم»(١).
    فمحاربة البدع في الدين(٢) ونبذُها والتحذير منها والتشديد على أهلها من أبرز سمات المنهج السلفي لمناقضة البدع لأحد شرطَيِ العبادة، وهو المتابعة للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم. وهجرُ أهل البدع والأهواء نوعٌ من العقوبة والتعزير والتأديب لمن بانت عليه بدعتُه وأعلن بمعصيته، فإنَّ ظهور العقوبة متعلِّقٌ بظهور المعصية، وهجرُ المجاهر بمعصيته هو هجرٌ للسيِّئات، وهجرُ السيِّئات هجرُ ما نهى الله عنه، لذلك كانت معاداة أهل البدعة وعدم مجالستهم والإصغاء إلى كلامهم والسماع منهم أو عرض آرائهم وشبهاتهم ومجادلتهم أمرًا مجمعًا عليه عند السلف، قال البغوي -رحمه الله-: «وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنَّة على هذا مجمعين متَّفقين على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم»(٣)، وقال ابن أبي زمنين -رحمه الله-: «ولم يزل أهل السنَّة يعيبون أهل الأهواء المضلَّة وينهون عن مجالستهم ويخوِّفون فتنتهم ويخبرون بخَلاقهم، ولا يرون ذلك غِيبةً لهم ولا طعنًا عليهم»(٤)، كما أفصح عن المقصود الشرعيِّ للهجر ابنُ تيمية -رحمه الله- في مَعْرِض بيانِ أنواع الهجر وأنه نوعان: أحدهما: بمعنى الترك للمنكرات، والثاني: بمعنى العقوبة عليها، فاستدلَّ لذلك بقوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ [المدثِّر: ٥]، وقوله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٠](٥)، وفي الحديث: «وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ»(٦)، فالهجر -إذن- يدخل في باب العقوبات الشرعية، فهو من جنس الجهاد في سبيل الله، ذلك لأنَّ تطهير الدين واجبٌ على الكفاية، لئلاَّ تمرض النفوس وتَفْسُدَ القلوب، محافظةً على كيان المجتمع المسلم وتماسُكه، حتَّى لا تنتشر البدعة وتفشوَ فيه وتؤثِّرَ على دينه وعقيدته(٧).
    غير أنَّ الأمر بهجر أهل البدع ومجانبتِهم والإنكار عليهم وزجرهم وتأديبهم يخضع لضوابطَ شرعيةٍ يجب على الهاجر أن يراعيَها قبل الإقدام على الهجر، ليكون عدلاً وسطًا بين الإفراط والتفريط، وهي:
    - أوَّلاً: أن يَحذَر الهاجر من اتِّباع الهوى، والْتماس حظوظ النفس، لأنَّ هجر المبتدع وأهل المعاصي عملٌ يُتقَرَّب به إلى الله تعالى، إذ شرط قبول العمل: الإخلاص والمتابعة لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠].
    - ثانيًا: أن يتثبَّت ويتبيَّن أنَّ ما وقع فيه المخالف دلَّت النصوص والأصول الشرعية على بِدعِيَّتِه وكونه معصيةً من جهةٍ، وأن يتيقَّن -من جهةٍ أخرى- أنَّ المخالف قد وقع فيها فعلاً، والتأكُّدُ من ذلك يندرج تحت باب «حَمْلِ النَّاسِ فِي دِينِهِمْ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ حَالِهِمْ، وَعَدَمِ أَخْذِهِمْ بِالتَّخَرُّصِ وَالظَّنِّ»، بل يتبيَّن حقيقةَ الحال لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ﴾ [الحجرات: ١٢]، وقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً﴾ [الإسراء: ٣٦]، وقد عقد الإمام ابن مفلحٍ -رحمه الله- فصلاً خاصًّا في كتابه «الآداب الشرعية»(٨) بعنوان: «لا تجوز الهجرة بخبر الواحد(٩) عمَّا يوجب الهجرةَ».
    كما يجب أن يراعى خلوُّ المتلبِّس بالبدعة أو المعصية من الموانع والأعذار، كالجهل والتأوُّل وغيرهما، فأهل الأعذار والموانع تُقدَّم لهم النصيحة والبيان الذي لا تبقى معه الشبهة العالقة في الأذهان، فالرجل لا يُحْكَم عليه بالابتداع إلاَّ إذا خالف نصًّا شرعيًّا ظاهرًا أو أمرًا مجمعًا عليه خلافًا لا يُعْذَر فيه، وفي هذا السياق قال ابن تيمية -رحمه الله-: «...والبدعة التي يُعَدُّ بها الرجل من أهل الأهواء، ما اشتهر عند أهل العلم بالسنَّة مخالفتُها للكتاب والسنَّة، كبدعة الخوارج والروافض والقدرية والمرجئة...»(١٠)، ويقول في نصٍّ آخَرَ: «من خالف الكتابَ المستبين، والسنَّة المستفيضة، أو ما أجمع عليه سلف الأمَّة خلافًا لا يُعْذَر فيه، فهذا يُعامَل بما يُعامَل به أهل البدع»(١١).
    - ثالثًا: أن يراعيَ نوع البدعة ومراتبَها وأحوال أهلها، قال الشاطبي -رحمه الله-: «وإذا ثبت أنَّ المبتدع آثمٌ فليس الإثم الواقع عليه على رتبةٍ واحدةٍ، بل هو على مراتب مختلفةٍ، واختلافها يقع من جهاتٍ بحسب النظر الفقهي، فيختلف من جهة كون صاحبها مدَّعيًا للاجتهاد فيها أو مقلِّدًا، أو من جهة وقوعها في الضروريات أو الحاجيات أو التحسينيات، وكلُّ مرتبةٍ منها لها في نفسها مراتب، ومن جهة كون صاحبها مستترًا بها أو معلنًا، ومن جهة كونه داعيًا لها أو غير داعٍ لها، ومن جهة كونه -مع الدعاء إليها- خارجًا على غيره أو غير خارجٍ، ومن جهة كون البدعة حقيقيةً أو إضافيةً، ومن جهة كونها بيِّنةً أو مُشْكِلَةً، ومن جهة كونها كفرًا أو غير كفرٍ، ومن جهة الإصرار عليها أو عدمه، إلى غير ذلك من الوجوه التي يُقْطَع معها بالتفاوت في عِظَمِ الإثم وعدمه أو يغلب على الظنِّ»(١٢)، ولا شكَّ في وجود تفاوتٍ عريضٍ بين مختلف أنواع البدع من جهة مراتبها وأهلها: فلا بدعة أعظم وزرًا من البدعة المكفِّرة فإنها تُخرج المبتدع عن الإسلام كبدعة الباطنية والزنادقة، والبدعةُ الحقيقية أكبر ذنبًا من الإضافية لأنَّ الأُولى مخالَفةٌ محضةٌ للأدلَّة الشرعية من كلِّ الوجوه كالقول بالقدر، وإنكار الإجماع وخبر الواحد، والقول بالإمام المعصوم ونحو ذلك، بخلاف البدعة الإضافية فهي -وإن كانت تجري مجرى البدعة الحقيقية- إلاَّ أنَّ بينهما فرقًا ظاهرًا: فالبدعة الإضافية مشروعةٌ من وجهٍ فلم تنافِ الأدلَّة من كلِّ الوجوه، وكذلك البدعة البيِّنة المأخذ أعظم ذنبًا من المشكلة لأنَّ في الإقدام عليها مخالَفةً محضةً، بخلاف البدعة المُشْكِلة فيُحتمل ألاَّ تكون بدعةً، والإقدام على المحتمل أخفض رتبةً من الإقدام على البيِّن الظاهر، والمصرُّ على البدعة -ولو كانت صغيرةً- أعظم وزرًا من غير المصرِّ، لأنَّ البدعة تعظم بالإصرار عليها، ويُلْحَق بهذا المقصودِ المبتدعُ المتهاون بها المسهِّل لأمرها فهو أعظم ذنبًا من غيره(١٣)، ومن ذلك التفريق بين من استقرَّت بدعته وأظهرها ودعا إليها ونافح عنها، وبين المستتر ببدعته غير الداعي إليها، فالأوَّل هو الذي يُزْجَر بهجره ويُحذَّر منه، وهو محلُّ إجماع أهل العلم، بخلاف المستتر بمعصيته أو المُسِرِّ لبدعته، فهذا يُقْبَل ظاهرُه إن أبدى الخيرَ والصلاح، لأنَّ «ضرره مقصورٌ عليه لا يتعدَّاه إلى غيره، فعلى أيِّ صورةٍ فُرضت البدعة -كونها كبيرةً أو صغيرةً أو مكروهةً- فهي باقيةٌ على حكمها»(١٤)، لذلك تُوكَل سريرَته إلى الله تعالى، فمثلُه -في الحكم- يُنَزَّل منزلةَ المنافقين الذين جاءوا إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عامَ تبوكَ يحلفون ويعتذرون، فقبل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ظاهرَهم وعلانيتهم، ووكل سرائرهم إلى الله(١٥)، فمن أَسَرَّ أُسِرَّ هجرُه، بخلاف من أعلن بمعصيته، فإعلانه بها ذريعةٌ إلى الاقتداء به، وخاصَّةً المبتدع الداعي إلى بدعته بلسانٍ فصيحٍ، فمظنَّة الاقتداء به ظاهرةٌ، فكان ظهور العقوبة متعلِّقًا بظهور المعصية، وقد جاء كلام الشاطبي -رحمه الله- مفصحًا عن هذا المعنى بقوله: «وأمَّا إذا دعا إليها فمظنَّة الاقتداء أقوى وأظهر، ولا سيَّما المبتدع اللَّسِن الفصيح الآخذ بمجامع القلوب إذا أخذ في الترغيب والترهيب، وأدلى بشبهته التي تُداخل القلب بزخرفها، كما كان معبدٌ الجُهَنِيُّ يدعو الناس إلى ما هو عليه من القول بالقدر، ويلوي بلسانه نسبتَه إلى الحسن البصري»(١٦)، وبلور ابن تيمية -رحمه الله- في تفصيلٍ له بما نصُّه: «فأمَّا من كان مستترًا بمعصيةٍ أو مُسِرًّا لبدعةٍ غيرِ مكفِّرةٍ؛ فإنَّ هذا لا يُهْجَر، وإنما يُهْجَر الداعي إلى البدعة، إذ الهجر نوعٌ من العقوبة، وإنما يعاقب من أظهر المعصيةَ قولاً أو عملاً، وأمَّا من أظهر لنا خيرًا فإنَّا نقبل علانيتَه، ونَكِلُ سريرتَه إلى الله تعالى، فإنَّ غايته أن يكون بمنزلة المنافقين الذين كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقبل علانيتهم وَيَكِلُ سرائرهم إلى الله لَمَّا جاءوا إليه عامَ تبوكَ يحلفون ويعتذرون، ولهذا كان الإمام أحمد وأكثر من قبله وبعده من الأئمَّة كمالكٍ وغيره لا يقبلون روايةَ الداعي إلى بدعةٍ ولا يجالسونه بخلاف الساكت، وقد أخرج أصحاب الصحيح عن جماعاتٍ مِمَّن رُمِيَ ببدعةٍ من الساكتين، ولم يُخْرِجوا عن الدعاة إلى البدع»(١٧).
    لذلك كان الأصل أنَّ الحكم على الناس في الدنيا إنما هو بحسب ما ظهر منهم خيرًا أو سوءًا، أمَّا ما كان خفيًّا أو مستترًا فالمطالبة بالتنقيب عن بواطن الناس غيرُ مأمورٍ به شرعًا، ويؤيِّد هذا الأصل قصَّة الرجل الذي راجع النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الزكاة وقال له: «يَا رَسُولَ اللهِ اتَّقِ اللهَ»، قَالَ: «وَيْلَكَ، أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ»، قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، قَالَ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟» قَالَ: «لاَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي» فَقَالَ خَالِدٌ: «وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ»، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ»، الحديث(١٨)، كما يدلُّ عليه قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ»، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ»(١٩)، وفي شرح معنى قوله: «وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ» يقول الخطَّابي -رحمه الله-: «معناه: فيما يستسرُّون به دون ما يُخِلُّون به من الأحكام الواجبة عليهم في الظاهر، وفيه دليلٌ أنَّ الكافر المستسرَّ بكفره لا يُتعرَّض له إذا كان ظاهره الإسلام ويُقْبَل توبتُه إذا أظهر الإنابة من كفرٍ عُلم بإقراره أنه كان يستسرُّ به وهو قول أكثر العلماء»(٢٠).
    وقد أخرج البخاري -رحمه الله- عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه أنه كان يقول: «إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ، اللهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإِنْ قَالَ: إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ»(٢١).
    - رابعًا: أن يراعيَ المقاصد الشرعية من المصالح والمفاسد المترتِّبة على الهجر، مع الأخذ بعين الاعتبار تحقيقَ أكمل المصلحتين ودرءَ أعظم المفسدتين، وذلك بمراعاة قواعد الترجيح حالَ التعارض بين المصالح والمفاسد، سواءٌ في الأمكنة التي ظهرت فيها البدعة كثرةً وقلَّةً، وحال الهاجر والمهجور، قوَّةً وضعفًا، فالمكان الذي انتشرت فيه البدعة تكون القوَّة والغلبة فيه لأهل البدع، فلا يرتدع المبتدع بالهجر، ولا يحصل المقصود الشرعيُّ للهجر، بل يُخشى زيادة الشرِّ وتفاقُمُه، فلا يُشرع -حينئذٍ- الهجرُ لرجحانية المفسدة على مصلحة الهجر، وكان التأليف أنْفَعَ وأليق بمقاصد الشريعة(٢٢)، بخلاف ما إذا كانت القوَّة والظهور لأهل السنَّة، فيُشرع هجر المبتدع لتحقُّق الغرض المقصود من الهجر.
    وفي مسلك التأليف بتحصيل مصلحة الواجب مع مفسدةٍ مرجوحةٍ يقرِّر ابن تيمية -رحمه الله- بما نصُّه: «فالهجران قد يكون مقصودُه ترْكَ سيِّئة البدعة التي هي ظلمٌ وذنبٌ وإثمٌ وفسادٌ، وقد يكون مقصوده فِعْلَ حسنة الجهاد والنهي عن المنكر وعقوبة الظالمين لينْزَجروا ويرتدعوا، وليقوى الإيمان والعمل الصالح عند أهله، فإنَّ عقوبة الظالم تمنع النفوس عن ظلمه وتحضُّها على فعلٍ ضدِّ ظلمه: من الإيمان والسنَّة ونحو ذلك.
    فإذا لم يكن في هجرانه انزجارُ أحدٍ ولا انتهاءُ أحدٍ، بل بطلان كثيرٍ من الحسنات المأمور بها لم تكن هجرةً مأمورًا بها، كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك: أنهم لم يكونوا يقوَوْن بالجهمية، فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة، وكان مداراتهم فيه دَفْعُ الضرر عن المؤمن الضعيف، ولعلَّه أن يكون فيه تأليفُ الفاجر القويِّ، وكذلك لَمَّا كثر القدر في أهل البصرة، فلو تُرك روايةُ الحديث عنهم لاندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم. فإذا تعذَّر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك إلاَّ بمن فيه بدعةٌ مَضرَّتُها دون مضرَّة تركِ ذلك الواجب؛ كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدةٍ مرجوحةٍ معه خيرًا من العكس، ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيلٌ»(٢٣).
    وقال -رحمه الله- في موضعٍ آخَرَ مبيِّنًا حُكْمَ الهجر باختلاف حال الهاجرين: «...وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوَّتهم وضعفهم وقلَّتهم وكثرتهم، فإنَّ المقصود به زجرُ المهجور وتأديبه ورجوع العامَّة عن مثل حاله، فإن كانت المصلحة في ذلك راجحةً بحيث يُفضي هجرُه إلى ضعف الشرِّ وخِفْيَتِه كان مشروعًا، وإن كان لا المهجور ولا غيرُه يرتدع بذلك، بل يزيد الشرُّ، والهاجر ضعيفٌ بحيث يكون مفسدةُ ذلك راجحةً على مصلحته لم يُشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنْفَعَ من الهجر، والهجرُ لبعض الناس أنفع من التأليف، ولهذا كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يتألَّف قومًا ويهجر آخَرين»(٢٤).
    هذا، والجدير بالتنبيه أنَّ مسألة هجر المبتدع تندرج تحت أصلٍ كبيرٍ وهو «الولاء والبراء» يعادى المبتدع ويُبْغَض بحسب ما معه من البدعة إذا كانت بدعتُه غيرَ مكفِّرةٍ، ويوالى ويُحَبُّ على حسب ما معه من الإيمان والتقوى، ولا يجوز أن يعادى من كلِّ وجهٍ كالكافر، بل يكون محبوبًا من وجهٍ ومبغوضًا من وجهٍ، وضمن هذا المنظور يقول ابن تيمية -رحمه الله-: «...وإذا اجتمع في الرجل الواحد خيرٌ وشرٌّ، وفجورٌ وطاعةٌ ومعصيةٌ، وسنَّةٌ وبدعةٌ؛ استحقَّ من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحقَّ من المعاداة والعقاب بحَسَب ما فيه من الشرِّ، فيجتمع في الشخص الواحد موجِبات الإكرام والإهانة، فيجتمع له من هذا وهذا، كاللصِّ الفقير تُقْطَع يده لسرقته ويُعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته، هذا هو الأصل الذي اتَّفق عليه أهل السنَّة والجماعة، وخالفهم الخوارجُ والمعتزلة ومن وافقهم عليه، فلم يجعلوا الناسَ لا مستحقًّا للثواب فقط ولا مستحقًّا للعقاب فقط»(٢٥)، فكان -والحال هذه- الحبُّ والبغض بحسب ظهور آثار المحبَّة والبغض على الجوارح، فيُحَبُّ ويُبْغَض على قدر ما فيه من الخير والشرِّ، وأكَّد ابن أبي العزِّ الحنفي -رحمه الله- هذا المعنى بقوله: «والحبُّ والبغض بحسب ما فيهم من خصال الخير والشرِّ، فإنَّ العبد يجتمع فيه سبب الوَلاية وسبب العداوة، والحبُّ والبغض، فيكون محبوبًا من وجهٍ مبغوضًا من وجهٍ، والحكم للغالب»(٢٦).
    هذا -وأخيرًا-، فإذا تقرَّر أنَّ المقصود الشرعيَّ للهجر يندرج تحت مبدإ «الولاء والبراء» ويَجري عقوبةً لزجر المبتدع وتأديبه وتقويم انحرافه عن سواء السبيل وتطويقِ بدعته وضلالته، لئلاَّ تؤثِّرَ سلبًا على كيان المجتمع المسلم أو تهدِّدَ تماسُكَه بسبب فُشُوِّ بدعته وانتشارها؛ فإنه -بناءً على ذلك- لا ينبغي اتِّخاذ موقف التقصير في هجر المبتدع أو الإعراض عنه مطلقًا إلى درجة إلغاء مبدئه أو الإنكار على القائمين عليه من جهةٍ فإنَّ هذا من التفريط، ولا اتِّخاذُ موقف الإفراط المبالَغ فيه إلى درجة الغلوِّ المذموم الذي يترتَّب عن الإخلال بقواعد الهجر وعدم مراعاة ضوابطه الشرعية ومقاصده المرعيَّة من جهةٍ أخرى، وأحسن الناس قيامًا به وأسعدهم من كان معتدلاً وسطًا بين الإفراط والتفريط، والمغالاة والمجافاة.
    واللهَ نسأل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وفي السرِّ والعلن، وأن يريَنا الحقَّ حقًّا ويرزقنا اتِّباعه، ويريَنا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يجنِّبنا الظلم والاعتداء، وطُرُقَ الهوى والردى، وسبيل الغواية والعمى، إنه سميعٌ قريبٌ مجيبٌ.
    والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
    الجزائر في: ٢٣ من ذي الحجة ١٤٣٣ﻫ
    الموافق ﻟ: ٠٨ نوفمبر ٢٠١٢

    (١) «عقيدة أهل السلف» للصابوني (ص ١٢٣).

    (٢) فالمقصود بالبدعة التي أتت الشريعة بذمِّها في نصوصٍ متكاثرةٍ هي البدعة في الدين، وقد حكى ابن الوزير اليمني -رحمه الله- في «إيثار الحقِّ على الخلق» (١٠٧) إجماعَ السلف على تحريمها، أمَّا البدعة الدنيوية فليست مقصودةً بالموضوع، بل هي داخلةٌ في حكم الجواز والإباحة ما لم يقترن بها ما يخالف الشرع، قال ابن عبد البرِّ في «الاستذكار» (٢/ ٦٧): «وأمَّا ابتداع الأشياء من أعمال الدنيا فهذا لا حرج فيه ولا عيب على فاعله»، والبدع في الدين كلُّها مذمومةٌ وليس فيها ما هو محمودٌ، وما استحسنه بعض السلف فإنما يَرِدُ على ما كان أصل فعله ثابتًا بالشرع، فهذا -وإن سُمِّي بدعةً- فهو بدعةٌ في اللغة لا في الشرع، إذ مفهوم البدعة في اللغة أعمُّ وأشمل من مفهومها في الشرع، وضمن هذا المنظور قال ابن رجبٍ -رحمه الله- في «جامع العلوم والحكم» (٢٥٢): «فكلُّ من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصلٌ من الدين يرجع إليه فهو ضلالةٌ والدين بريءٌ منه، وسواءٌ في ذلك مسائل الاعتقادات أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة، وأمَّا ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية».

    (٣) «شرح السنَّة» للبغوي (١/ ٢٢٧).

    (٤) «أصول السنَّة» لابن أبي زمنين (٤٢٥).

    (٥) وقد استدلَّ الإمام الطبري -رحمه الله- بهذه الآية على ضرورة هجر أهل الأهواء والبدع حيث قال: «وفي هذه الآية الدلالةُ الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل -من كلِّ نوعٍ من المبتدعة والفَسَقة- عند خوضهم في باطلهم» [«تفسير الطبري» (٤/ ٣٣٠)].

    (٦) أخرجه البخاري في «الإيمان» باب: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» (١٠)، من حديث عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما.

    (٧) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٢٠٣-٢١٠).

    (٨) «الآداب الشرعية» (١/ ٢٤٠).

    (٩) خبر الواحد إنما يفيد العلمَ إذا احتفَّت به قرائنُ تؤيِّده كأن تتلقَّاه الأُمَّة بالقَبول، أو لا ينكره أحدٌ ممَّن يُعتدُّ بقوله، أو يُنقل الخبر من طرقٍ متساويةٍ لا تختلف، ونحو ذلك. [انظر: «الإنارة، شرح كتاب الإشارة» للمؤلِّف (٢٠٨)].

    (١٠) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣٥/ ٤١٤).

    (١١) المصدر نفسه (٢٤/ ١٧٢).

    (١٢) «الاعتصام» للشاطبي (١/ ١٦٧).

    (١٣) انظر: المصدر السابق (١/ ١٧١-١٧٤).

    (١٤) المصدر السابق (١/ ١٦٨).

    (١٥) انظر الحديث الذي أخرجه البخاري في «المغازي» باب حديث كعب بن مالكٍ ... (٤٤١٨)، ومسلم في «التوبة» (٢٧٦٩)، من حديث كعب بن مالكٍ رضي الله عنه.

    (١٦) المصدر السابق (١/ ١٦٩).

    (١٧) «المجموع» لابن تيمية (٢٤/ ١٧٥).

    (١٨) أخرجه البخاري في «المغازي» باب بعث عليِّ بن أبي طالبٍ عليه السلام وخالد بن الوليد رضي الله عنه إلى اليمن قبل حجَّة الوداع (٤٣٥١)، ومسلم في «الزكاة» (١٠٦٤)، من حديث أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه.

    (١٩) أخرجه البخاري في «الزكاة» باب وجوب الزكاة (١٣٩٩)، ومسلم في «الإيمان» (٢٠)، من حديث أبي هريرة عن عمر رضي الله عنهما.

    (٢٠) «معالم السنن» للخطَّابي (٢/ ٢٠٦).

    (٢١) أخرجه البخاري في «الشهادات» باب الشهداء العدول (٢٦٤١) من قول عمر رضي الله عنه.

    (٢٢) انظر: «المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن العثيمين» (١/ ٣١، ٣٢).

    (٢٣) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٨/ ٢١٢).

    (٢٤) المصدر السابق (٢٨/ ٢٠٦).

    (٢٥) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٨/ ٢٠٩).

    (٢٦) «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العزِّ (٤٣٣).

    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,557

    افتراضي رد: ضوابط الهجر الشرعي..الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري

    للرفع رفع الله قدركم

    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. [ ضوابط في الهجر والتبديع ] لكوكبة من أهل العلم
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 28-Oct-2019, 11:35 PM
  2. سبيل الحائرين في ضوابط هجر المخالفين..للشيخ الدكتور (عبد الله عبد الرحيم البخاري - حفظه الله )
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-Feb-2013, 01:34 PM
  3. [تحقيق] الرد على الدكتور خالد الزهراني في كلامه في ضوابط الهجر
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى منبر الرد على أهل الفتن والبدع والفكر الإرهابي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 18-Nov-2012, 02:45 PM
  4. الرد على من زعم أن باب الجرح والتعديل مغلق الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى منبر الرد على أهل الفتن والبدع والفكر الإرهابي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 15-Mar-2012, 06:29 PM
  5. محاضرة (ما هي السلفية) لفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-Oct-2010, 03:35 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •