تنبيه للدُّعاةِ الجماهيرية :

{ ليست العبرة بكثرة الأتباع أو قلتهم في استجابة الداعية من عدمه ، ولا كون الداعية على حق أو باطل في دعوته }

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا صُدِّقَ نَبِيٌّ [مِنَ الْأَنْبِيَاءِ] مَا صُدِّقْتُ ؛ إِنَّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ ) .
"الصحيحة" (397) .

{ قَالَ شيخُنا الألباني (1/ الثاني /755-756) } :
وفي الحديث دليل واضح على أن كثرة الأتباع وقلَّتهم ليست معياراً لمعرفة كون الداعية على حق أو باطل ، فهؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، مع كون دعوتهم واحدة ، ودينهم واحداً ؛ فقد اختلفوا من حيث عدد أتباعهم قلة وكثرة ، حتى كان فيهم مَن لم يصدقه إلا رجل واحد ، بل ومن ليس معه أحد !

ففي ذلك عبرة بالغة للداعيـة والمدعوين في هذا العصر ؛ فالداعية عليه أن يتذكر هذه الحقيقة ، ويمضي قدماً في سبيل الدعوة إلى الله تعالى ، ولا يبالي بقلة المستجيبين له ، لأنه ليس عليه إلا البلاغ المبين ، وله أسوة حسنة بالأنبياء السابقين الذين لم يكن مع أحدهم إلا الرجل والرجلان !

والمدعو عليه أن لا يستوحش من قلة المستجيبين للداعية ، ويتخذ ذلك سبباً للشكِّ في الدعوة الحق وترك الإيمان بها ، فضلاً عن أن يتخذ ذلك دليلاً على بطلان دعوته ؛ بحجة أنه لم يتبعه أحد ، أو أنما أتبعه الأقلون ! ولو كانت دعوته صادقة ؛ لاتبعه جماهير الناس ! والله عَزَّ وَجَلَّ يقول : ]وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ[ [يوسف : 103] . انتهى .

قلتُ : شرط : أن تكون دعوة الداعية بكتاب الله عَزَّ وَجَلَّ وسنة نبيِّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على منهج السلف الصالح - ثُمَّ بعد ذلك لا يكترث بقلة السالكين للحق والمستجيبين له - ، وليس على طريقةٍ مخترعة ولا على منهج فلان وفلان من الناس ، ولا طريقة الفرقة الفلانية والعلانية . بل تكون دعوته إلى التوحيد وتصحيح العقائد ونبذ الشرك والبدع ، لا إلى الثورية وتهييج الشعوب – كما يسمونه اليوم بـــ"الاسلام السياسي" أو "الربيع العربي" ، قال تعالى : ]قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ[ .

فليس العبرة بكثرة جماهير الداعية فلان في "تويتر" أو "فيس بوك" أو "استقرام" وغيرها ؛ فإن ذلك ليس بمعيار في صحة دعوته ، لأن أغلبية الجمهور نفوسهم تميل إلى الحماس والتهييج ومنهم إلى حب النّكت والضحك والمزاح . فتأمل !!

اختاره وقيده /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
4 / 10 / 1424هـ
http://twitmazeed.com/show/5mw