الشيخ أبي بكر يوسف لعويسي -حفظه الله ورعاهوجوابا على أسئلة بعض الإخوة المعلقين - بارك الله فيهم - أقول :
قال البخاري في كتاب العلم :<< وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ.
وقال : << إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يوقه ..>> الطبراني في الكبير (20/258)( 1763 )والأوسط (3/318) والبيهقي في شعب الإيمان (13/236)
قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 2328 في صحيح الجامع وهو في السلسلة الصحيحة" 1 / 605 : 342
وجوابا على أسئلة بعض الإخوة المعلقين - بارك الله فيهم - أقول : هل وجد أحد من الناس نفسه عالما هاضما للفروع والأصول ، بدون أن يجهد نفسه في الطلب ودون الرجوع إلى أهل العلم حتى أصبح الحق عنده واضحا ؟؟ أم تعلم هذا العلم ، فروعا وأصولا بالتدرج فيه وجهد النفس والصبر وتحري الحق ؟؟ وهل أحد يستطيع أن ينال العلم بالراحة والدعة دون بذل جهد .. سبحان الله !!؟؟
إن بعض الصحابة رضوان الله عليهم فاتتهم بعض العلم ، ومنهم أبو بكر وعمر الذي قال في حقهما علي رضي الله عنهم جميعا كما في صحيح مسلم: كثيرا ما كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:<< خرجت أنا وأبو بكر وعمر ، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر >> فكانا حريصين على معرفة كل ما يهمهما في دينهما يجتهدان في ذلك بصحبتهما للنبي صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك فتاهما بعض العلم فكيف بغيرهما ؟؟ بوب البخاري في صحيحه باب الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ أَحْكَامَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ ظَاهِرَةً. وَمَا كَانَ يَغِيبُ بَعْضُهُمْ مِنْ مَشَاهِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأُمُورِ الإِسْلاَمِ.( ح 7353)
ثم قال - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ اسْتَأْذَنَ أَبُو مُوسَى عَلَى عُمَرَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَهُ مَشْغُولاً فَرَجَعَ فَقَالَ عُمَرُ أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ ائْذَنُوا لَهُ فَدُعِيَ لَهُ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ فَقَالَ إِنَّا كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا قَالَ فَأْتِنِي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ ، أَوْ لأَفْعَلَنَّ بِكَ فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالُوا لاَ يَشْهَدُ إِلاَّ أَصَاغِرُنَا فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَقَالَ : قَدْ كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا فَقَالَ عُمَرُ خَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ.
فهل تراكم أحبتي الكرام ، وأبنائي الأفاضل حررتم جميع المسائل التي اختلف فيها العلماء وتحريتم الصواب فيها وأجهدتم أنفسكم في ذلك في الفروع وهي كثيرة جدا مثل تكفير تارك الصلاة ، وحكم صلاة الجماعة ، والأعمال التي تكفر الذنوب جميعا ، وغيرها من المسائل التي قوي فيها الخلاف بينهم ناهيك عن المسائل الأخرى التي يجري فيها الخلاف بين علماء السلف ؟؟
وهل تراكم أخواني هضمتم جميع مسائل الأصول الفقهية وقواعدها، على منهج أهل الحديث ؟؟؟
وهل تراكم هضمتم الأصول في التوحيد والعقيدة على مراد الله ومراد رسوله بفهم السلف الصالح دون أن تجهدوا أنفسكم ، وأن تصبروا أنفسكم في الطلب ، مثل ذلك التوحيد وما يقابله من الشرك ، ومراتب الرياء ومتى ترتقي إلى درجة الشرك الأكبر ، وتكفير المعين ، والعذر بالجهل ، وما ينطوي تحتها من مسائل دقيقة ، والبدع المكفرة من غير المكفرة ، والأصلية والإضافية وغير ذلك ، أم أنكم أخواني ركنت إلى الدعة والراحة وقلدتم دينكم الرجال ، ولم تكلفوا أنفسكم أدنى جهد واجتهاد في طلب الحق والصواب ؟؟
هل يرضى طالب العلم السلفي أن يبقى طول حياته مقلدا ؟؟؟ أم تطمح نفسه أن يكون يوما طالب علم قوي ، وعالم رباني ..؟؟؟ فيجتهد في حفظ العلم فروعا وأصولا حتى يتحقق له ذلك ..
أخواني ، إن الاجتهاد في الفروع والأصول بمعنى بذل الجهد وتحري الصواب في المسائل المختلف فيها دون الواضحات لا ينافي الرجوع إلى العلماء وطرح المسائل المختلف فيها ومعرفة الراجح من المرجوح ، وهذا هو الطريق الأمثل لمعرفة الحق الذي عليه طلاب العلم المجتهدون ، فهل يتضح الحق بمجرد التقليد ، أو اتباع العالم على كل أقواله ؟؟
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :<< ...ومن يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يوقه ..>> فالتحري هو بذل الجهد في التدقيق في معرفة الخير والحق والصواب ..
أخواني ، أنا قصدي بالاجتهاد في الفروع ، بذل الجهد والطاقة في الوصول إلى معرفة الحق في المسائل المختلف فيها ، وقد أخطئُ في تقدير الراجح من المرجوح ، وأما الاجتهاد في الأصول فاقصد به حفظ العلم وإجهاد النفس في فهمه وبذل الهمة في التطبيق لقواعد منهج السلف على مراد الله ومراد رسوله ما استطعت إلى ذلك سبيلا في حدود الوسع والقدرة في فهمهما على ما كان عليه الرسول وأصحابه ، وهذا لا ينافي الرجوع للعلماء ، والحمد لله ...
أما الاجتهاد الذي بمعنى إعمال العقل والرأي في نصوص الكتاب والسنة في مسائل العقيدة والتوحيد سواء كانت قطعية أو ظنية فهذا منهج المعتزلة ، والفلاسفة والسفسطائيين والأشاعرة وغيرهم ممن يؤولون النصوص حسب عقولهم وهذا قد يؤدي ببعضهم إلى الكفر والعياذ بالله فهذا نتبرأ منه ونقول يقينا أنَّ الاجتهاد لا يُقبل في العقيدة، ولا يُدندنُ به حولها، ولا يذكر من أمامها ولا من خلفها؛ بل لابد من نمر النصوص كما جاءت على مراد الله ومراد رسول ، وفهم السلف الصالح لا نزيد ولا نقيس ولا نفقس بل الوقوف حيث وقفوا والرضا بما رضوا فنسأل الله تعالى أن يوفقنا لذلك وأن يثبتنا عليه إن ولي ذلك والقادر عليه .





رد مع اقتباس