الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

ففي خضمِّ الصراع العقديِّ والفكريِّ الذي تعيشه الساحة الدعوية ([1]) و خاصة ما يُنشر هذه الأيام على جريدة الشروق ([2]) حول الصراع بين السلفية و الصوفية و غيرها من السخافات فقد لاحظنا أنها تمادت في الكذب ، و ليعلم هؤلاء أن الكذب سيُكشف عاجلا أم آجلا بإذن الله تعالى و أن كل من لم يتمسك بالطريق المستقيم فلن يُفلح أبدا ، فالتوحيد أساس الدين ، فكل شرك في الإعتقاد ، أو في القول أو في العمل فهو باطل مردود على صاحبه ([3]) و ليعلم المواطن الجزائري المخدوع أن ابن باديس شيخ الجزائر قد حارب هؤلاء الذين يجرونكم للهلاك أمثال ابن بريكة و أمثال ذلك التيجاني المخرف ، فقد قال ابن باديس : '' الأوضاع الطرقية بدعة لم يعرفها السلف و مبناها كلها على الغلو في الشيخ ، و التحيز لاتباع الشيخ ، و خدمة دار الشيخ ، و أولاده ، إلى ما هنالك من الإستغلال و من تجميد العقول ، و إماتة للهمم ، و قتل الشعور ، و غير ذلك '' و قال قبل هذا : '' و بناء القبور ، ووقد السرج عليها ، و الذبح عندها لأجلها ، و الإستعانة بأهلها ضلال من أعمال الجاهلية ، و مضاهاة لأعمال المشركين ، فمن فعله جهلا يعلم ، و من أقره ممن ينتسب إلى العلم فهو ضال مضل ''([4]) ، لهذا أنصح إخواني بقراءة كتب العلامة ابن باديس و إخوانه من السلفيين أمثال الإبراهيمي و العقبي و الميلي حتى تكونوا على بينة من أمركم لا يخدعكم الفجرة من التيجانيين و غيرهم من أصحاب الطرقية ، ولتزداد يقينا أنهم كذابون سأنقل لك قصة غريبة عجيبة يرويها لنا علامة المغرب الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله في كتابه الفذ : '' الهدية الهادية إلى الطريقة التيجانية '' الذي بين فيه سبب تركه للتيجانية و انتهاجه للمنهج السلفي ، فقد قال رحمه الله :'' ... فقال الشيخ عندي حكاية هي أعجب وأغرب مما عندكم؛ جاءني شاب كان متمسكاً بالطريقة الكتانية تمسكاً عظيماً فقال لي: أريد أن أتوب على يدك من الطرائق كلها وتعلمني التمسك بالكتاب والسنة، فقلت له: وما الذي دعاك إلى الخروج من طريقتك التي كنت مغتبطاً بها. فقال لي: إنه أمس شرب الخمر وزنا وترك صلاة العصر والمغرب والعشاء فمر بالزاوية الكتانية وسمع المريدين يرقصون ويصيحون بأصوات عالية والمنشد ينشدهم، وكانت بقية سكر لا تزال مسيطرة عليه، فهم أن يدخل الزاوية، ويرقص معهم، ولكنه أحجم عن ذلك لأنه جنب ولم يصل شيئاً من الصلوات في ذلك النهار، إلا أن سكره غلب على عقله فدخل الزاوية ووجد الشيخ محمد بن عبد الكبير في صدر الحلقة، والمريدون يرقصون فاشتغل معهم في الرقص، وكان أنشطهم فلما فرغوا من رقصهم دعاه الشيخ وقبله في فمه وقال (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قبلك فاقتديت به)! قال ولما دعاني خفت خوفاً شديداً وظننت أنه انكشف له حالي وهو يريد أن يوبخني على ذنوبي فلما قال لي أيقنت أنه كاذب في كل ما يدعيه ويدعو إليه وإلا كيف يرضى عني النبي صلى الله عليه وسلم ويقبلني في فمي مع تلك الكبائر التي ارتكبتها في ذلك اليوم. قال: فهذا سبب مجيئي إليك لأتوب إلى الله من الطرائق كلها وأتبع طريقة الكتاب والسنة'' ([5]).

فتأمل أيها الجزائري في هذه القصة و أفق من غيبوبتك فهؤلاء الغواة العواة من اتبعهم خسر دينه و دنياه ، فالحذر الحذر من كل مشعوذ خلاب و من كل ساحر كذاب يعوي عواء الكلاب ، '' و إياكم و البدع في الدين فإنها مفسدة له ، و كل من خالف السنة الثابتة عن نبينا صلى الله عليه و سلم فهو بدعة ، و صححوا عباداتكم بمعرفة أحكامها و شروطها و معرفة ما هو مشروع و ما هو غير مشروع ، فإن الله تعالى لا يقبل منكم إلا ما شرعه لكم على لسان نبيه صلى الله عليه و سلم ''([6]) ، و انبذوا أقوال كل صوفي شطاح ، مداح لشيخه خوان لدينه و لوطنه و لأمة محمد صلى الله عليه و سلم .
نسأل الله تبارك و تعالى أن يثبتنا على دين الحق و أن يهدي شباب الجزائر إلى الطريق الصحيح كما نسأله تبارك وتعالى أن ينصرنا على أعداء الدين المخالفين الماكرين وأن يجعلنا غير ضالين ولا مضلين و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أبو عبد الله بلال القسنطيني الجزائري.

[1] : من كلام إدارة موقع الشيخ فركوس – مقال : '' الحقُّ المبين في كشف شبهاتٍ من عقائد التجانيين
[الجزء الأوَّل] ''


[2] : و التي لا غاية لها إلا إشعال الفتن و ضرب رجل برجل كما يقال ، و مما استنتجته مما تفعله هذه الجريدة المقيتة أنها أرادت فتح سوق جديد ذلك أنها تعلم أن السلفي لا يقرأ الجرائد و لا يهتم بالأخبار فأرادت أن ترغم هذا السلفي بشراء جريدتها.
[3] :انظر العقائد الإسلامية للعلامة ابن باديس (ص:18) ط.محمد الحسن فضلاء.
[4] : المصدر السابق.
[5] : الهدية الهادية إلى الطائفة التيجانية لعلامة المغرب الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله تعالى (ص: 17-18)
[6] : كلام العلامة الإبراهيمي مقتبس من آثاره رحمه الله (1/406).