الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
ففي هذا المقال أبين ماذا أراده شيخ العلامة الإمام الفقيه ابن عثيمين رحمه الله في قوله في الواسطية فيه نوع تشابه وبيان ما أراده لا كما فهمه الجهمية ولكن الإشكال حقيقة عند الجهمية الإباضية لأنهم لا يثبتون صفة اليدين وآخر ما ذكره الشيخ إلا بعض الصفات
فطريقتهم غريبة تجد يقولون بما يقوله الأشاعرة أو يثنون على بعض الأشاعرة كثناء بعض مشايخهم على بعض الأشاعرة مع ان الأشاعرة الإيمان عندهم هو التصديق فقط !!
ويقولون بما يقوله الجهمية كقولهم بخلق القرآن وإنكار الرؤية والخ
ويقولون بما يقوله الخوارج -وهم من الخوارج- كتكفير علي وغيره من الصحابة رضي الله عنهم وللتدليس والتلبيس يقولون كفر نعمة وإن سألته ما حال من أتى بكفر نعمة في الآخرة يقول خالد مخلد !!!
وكتكفيرهم الناس بالكبائر ويقولون محمد بن عبد الوهاب تكفيري!!
قاتل الله من كفر وتبرأ من علي وعثمان ومعاوية وعبد الله بن الزبير والزبير والحسين رضي الله عنهم أجمعين.
قال العلامة الفقيه ابن عثيمين رحمه الله في شرح الواسطية:
أن نفي التشبيه على ( الإطلاق ) غير صحيح لأن ما من شيئين من الأعيان أو من الصفات إلا وبينهما اشتراك من بعض الوجوه
والاشتراك نوع تشابه فلو نفيت التشبيه مطلقا لكنت نفيت كل ما يشترك في الخالق والمخلوق في شيء ما.
مثلا: الوجود, يشترك في أصله الخالق والمخلوق هذا نوع اشتراك ونوع تشابه ( لكن فرق بين الوجودين وجود الخالق واجب ووجود المخلوق ممكن)
وكذلك السمع فيه اشتراك الإنسان له سمع والخالق له سمع لكن بينهما فرق لكن أصل وجود السمع مشترك اهـ (شرح الواسطية:73)
فهذا هو كلام الشيخ ابن عثيمين واضح كوضوح الشمس أن الاشتراك الذي هو أن الله موجود وأن الإنسان موجود هذا قدر المشترك الذي يفهم منه الكلام وإلا ما فهم الكلام وهذا الذي قصده نوع تشابه وهل الله وجوده مثل وجود المخلوق سبحان الله هذا عين الكفر بل الشيخ وضح أن وجود الله واجب اي أن الله عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء وهو الآخر الذي ليس بعده شيء فهو واجب الوجود لا يسبقه عدم ولا يلحقه زوال أما وجود المخلوق ممكن سبقه العدم ويلحقه زوال فالشيخ رحمه بين مراده لكن أهل الزيغ يتعلقون بما يريدون وما لا يريدونه لا يلتفتون إليه
قال البراك عفا الله عنه: أما المعنى المشترك فهو القدر الذي يثبت لكل من يصدق عليه الاسم العام، ويسمى المتواطئ لأن أفراده تتفق في معناه إما مع التساوي أو مع التفاوت، فالأول كالإنسان فإنه اسم للنوع البشري. والثاني كالنور فإنه يصدق على نور الشمس، ونور السراج الضئيل، ومن هذا القبيل لفظ الوجود والموجود فإنهما يصدقان على كل وجود وكل موجود مع التباين العظيم كما في وجود البعوضة والعرش، وأعظم من ذلك التباين بين وجود الواجب ووجود الممكن، فالقدر المشترك هو مسمى الاسم المطلق فالوجود ضد العدم، والموجود ضد المعدوم، فهذا القدر لا يختلف فيه موجود وموجود أو وجود ووجود والله أعلم ( أجوبة على شبهات المفوضة)
وهذا هو معنى قوله رحمه الله الذي استشكله الجهمي: إن الله عز وجل له وجه وله عين وله يد وله رجل عز وجل لكن لا يلزم من أن تكون هذه الأشياء مماثلة للإنسان فهناك شيء من الشبه اهـ (شرح الواسطية:72)
هذا الإشكال قد أجبنا عنه ومقصوده واضح بما ذكره بعده وهو الذي ذكرناه فالمقصود أن الإنسان متصف بصفة السمع وله يد وله رجل والله عز وجل له يد وله رجل لكن هل رجل الله ويد الله مثل المخلوقات لا أبدا بل هذا عين الكفر
وهذا الذي قرره الشيخ ابن عثيمين واضح ومعروف وتكلم فيه غير واحد من أهل العلم
ومثله أن الله عز وجل يرى والعبد يرى لكن هل رؤية الله مثل رؤية المخلوق لا أبدا
فالله عز وجل يرى كل شيء لا يخفى عليه شيء سبحانه وتعالى والإنسان يرى لكن بصره محدود وناقص.
وهكذا اليد صفة لله يقبضها ويقبض بها ما شاء ويبسطها ويرفع بها
والإنسان له يد ويقبض بها لكن هل الإنسان يقبض كما يقبض الله عز وجل وهل يد الله مثل يد الإنسان لا بل ليس كمثله شيء سبحانه وتعالى فبهذا تعرف مراد الشيخ وأنه لا يريد بذلك التمثيل
بل هنا واضح كلام الشيخ الله عز وجل له يد يقبض بها والإنسان له يد يقبض بها لكن هل يد الإنسان مثل يد الله !! لا بل هذا القول كفر يخرج صاحبه من الملة.
ولست هنا لتقرير مسألة إثبات اليد لله عز وجل لأن ذلك ثابت عندنا وإن كان ينازع في ذلك الجهمية ومن تأثر بهم من الأشاعرة وغيرهم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَقَالَ: عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى المِيزَانُ، يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ.
والقدم صفة لله عز وجل يضعها على النار حتى تقول قط قط
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لاَ تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ فَتَقُولُ قطِ قَطِ وَعِزَّتِكَ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْض .أخرجه البخاري
والإنسان له قدم لكن هل هو مثل قدم الله عز وجل لا أبدا وهكذا السمع والبصر والخ كما سيأتي بعدها
وهنا مثال آخر قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في القول المفيد:
والقدر المشترك بين رحمة الخالق ورحمة المخلوق أنها صفة تقتضي الإحسان إلى المرحوم، ورحمة الخالق غير مخلوقة، لأنها من صفاته، ورحمة المخلوق مخلوقة، لأنها من صفاته، فصفات الخالق لا يمكن أن تنفصل عنه إلى مخلوق لأننا لو قلنا بذلك لقلنا بحلول صفات الخالق بالمخلوق، وهذا أمر لا يمكن، لأن صفات الخالق يتصف بها وحده، وصفات المخلوق يتصف بها وحده، لكن صفات الخالق لها آثار تظهر في المخلوق..اهـ.
قال الشيخ صالح آل الشيخ وفقه الله:
الألفاظ اللغوية تفهمها العرب وتفسرها بالمعنى العام الكلي الذي يكون في الذهن وإذا صار مضافا في الخارج إلى الأشخاص فإن الإضافة تكون فيه بحسب ما يليق بالمضاف إليه. فمثلا الاستواء في اللغة معلوم المعنى غير مجهول ومعنى الاستواء: العلو والارتفاع
فتقول –مثلا-: استويت على الراحلة إذا علوت عليها. فالاستواء هو العلو والارتفاع لكن هذا العلو والارتفاع مضاف إلى أي شيء؟ علو وارتفاع المخلوق, علو وارتفاع رجل علو وارتفاع صاعد لجبل ؟ هل هو علو وارتفاع الخالق؟ هو أي علو وارتفاع؟! فإذا تفسير الاستواء بالمعنى العام في اللغة هو الذي ينفي التشبيه والتمثيل لأنه يقع التمثيل إذا سوي في الخارج بين من أضيف له الاستواء فقيل في الرجل استوى والله عز وجل على العرش استوى
وقيل: الملك استوى على عرشه والله عز وجل استوى على عرشه فالاستواء من حيث كونه معنى كليا في الذهن معناه واحد لكن إذا أضيف خصص بالإضافة فيختلف المعنى ويكون بحسب من خصص به اهـ المقصود أن ما أضافه الله عز وجل إلى نفسه نقول يليق بجلاله وكماله وما أضيف إلى المخلوق فيليق به ويكون فيه ما فيه من النقص والخ راجع ( شرح الواسطية : 1/497-499)
تنبيه: قال فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ: وهذه قاعدة مهمة أن المعاني الكلية تختلف معانيها بالإضافة والتخصيص إلى من فعل العفل أو من اتصف بالوصف فعندنا مثلا صفة المحبة: الله عز وجل له محبة والمخلوق أيضا له محبة فمن فسر المحبة لغويا بما يجعل في الذهن أن المراد بها محبة المخلوق فإنه هنا يغلط لأن الواجب في تفسير الألفاظ اللغوية أن تفسر بالمعاني الكلية التي لا توجد في الخارج لكي تشمل جميع الأصناف فتشمل محبة المخلوق وتشمل محبة الإنسان الطبيعية ومحبة الرجل للمرأة ... ومحبة الحيوانات .. اهـ (شرح الواسطية:1/498)
التفصيل في القدر المشترك وما المقصود منه
وما ذكره العلامة ابن عثيمين هو القدر المشترك والتفصيل فيه ما قاله البراك عقا الله عنه:
القدر المشترك هو مسمى الاسم المطلق، أي غير المضاف، ومسمى الاسم المطلق غير موجود في الخارج، لكنه ثابت لكل من صح إطلاق هذا الاسم عليه، كمطلق الوجود فإنه ثابت لكل موجود، وهذا حكم جميع الأسماء المتواطئة، أي: المتفقة في معنى هذا الاسم العام، لكن إذا أضيف الاسم المطلق دل على القدر المشترك مقيداً بما يختص به المضاف إليه، فوجود الله هو وجودٌ واجبٌ قديمٌ لا يجوز عليه الحدوث ولا العدم، ووجود المخلوق وجود ممكن محدث يجوز عليه العدم، وبهذا يعلم أنه لا يوجد في الخارج إلاّ ما هو معين مختص، فكل من المسميين أو الموصوفين بصفة لا يشركه فيها الآخر، لكنه يشركه في مطلق هذا الاسم وهذا الوصف؛ فالعالمان كل منهما مستقل بعلمه مختص به، لكنهما مشتركان في مطلق العالِمية، أو مطلق عالِم، والمعنى المطلق للعالم أو العالمية مشترك بينهما، لكن هذا المشترك لا يوجد إلاّ في الذهن، فعلم أن لا اشتراك بينهما في أمر موجود في الخارج، وقس على هذا سائر الأسماء المتواطئة، وهي الأسماء العامة سواء تفاضل المعنى في أفرادها أو تساوى، والله أعلم. (أجوبة البراك على شبهات المفوضة) وهذه الأجوبة للبراك عفا الله عنه مفيدة جدا في هذا الباب.
ويوضح ذلك الشيخ صالح ال الشيخ إذ يقول في شرح الطحاوية:
ولكن المشابهة التي لا تُنفى هي ما كان من جهة الاشتراك في أصل المعنى؛ لأن المعنى كما هو معلوم يوجد كليا في الأذهان، وأما في الخارج فيكون مختلفا بحسب الإضافة والتخصيص، فإذا كان المعنى الكلي هذا له جهتان:
- جهةُ مطلق المعنى، أقل درجات المعنى، فهذه هي، أو هذا هو القدر المشترك بين كل من اتصف بالصفة، فمثلا في السمع: البعوضة لها سمع، والذباب له سمع، والضأن له سمع، والنمل له سمع، والإنسان له سمع، هؤلاء اشتركوا في أصل معنى السمع؛ لكنهم يتفاوتون فيه بقدر ما هم عليه، بقدر ما يناسب ذواتهم، بقدر ما يناسب أبدانهم، بقدر ما يناسب استعداداتهم التي جعلها الله لهم، فسمع البعوض ليس هو كسمع الإنسان، وسمع النمل ليس كسمع الإنسان، لكن أصل معنى السمع مشترك بين هذه المخلوقات، فكذلك جنس المخلوقات التي لها سمع نُثبت لها أصل السمع كما هي عليه؛ ولكن سمع الله يناسب ذاته، كما أن ما بين الإنسان وما بين النمل في السمع قدر مشترك في هذا المعنى؛ معنى السمع ومعنى البصر، فما بين المخلوق وبين الله هو قدر مشترك في أصل المعنى.
- أما في تمام المعنى فكل له ما يناسبه؛ فالله يناسب ذاته العلية العظيمة الجليلة الاتصاف بالصفات الكاملة المطلقة؛ الكمال المطلق الذي لا يعتريه نقص في وجه من الوجوه، والمخلوق له ما يناسب ذاته من نقص وحال. فهذا معنى الكيفية تمام المعنى أصل الاتصاف بالصفات اهـ.
ما استشكله الإباضي قد سبقه به نفاة الصفات
وهذا الذي استشكله هذا الإباضي هو ما استشكله غيره من نفاة الصفات قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وقد بسط هذا في مواضع كثيرة وبين فيها أن القدر المشترك الكلي لا يوجد في الخارج إلا معينا مقيدا وأن معنى اشتراك الموجودات في أمر من الأمور هو تشابهها من ذلك الوجه وأن ذلك المعنى العام يطلق على هذا وهذا ; لأن الموجودات في الخارج لا يشارك أحدهما الآخر في شيء موجود فيه بل كل موجود متميز عن غيره بذاته وصفاته وأفعاله ولما كان الأمر كذلك كان كثير من الناس متناقضا في هذا المقام ; فتارة يظن أن إثبات القدر المشترك يوجب التشبيه الباطل فيجعل ذلك له حجة فيما يظن نفيه من الصفات حذرا من ملزومات التشبيه وتارة يتفطن أنه لا بد من إثبات هذا على تقدير فيجيب به فيما يثبته من الصفات لمن احتج به من النفاة اهـ (التدمرية)
هل حقا هنا إشكال في إثبات القدر المشترك؟
القدر المشترك من لوازم الوجود ، ولا محذور في إثباته أَلْبَتَّة ، لجملة أسباب ، منها :
1 ـ أنّ المراد بالقدر المشترك الاشتراك في معنى اللّفظ ولوازمه ، وأنّ المعنى العام يطلق على الربّ والعبد ، لا أنّهما يشتركان في كليّات مطلقة في الخارج ، أو يشتركان فيما يختصّ به أحدهما .
2 ـ أنّ القدر المشترك كلّي مطلق ، لا يختصّ بأحدهما دون الآخر ، فلا يستلزم إثباته الوقوع في التّشبيه الباطل عقلاً ونقلاً ؛ إذ لم يقع بينهما اشتراك ، لا فيما يختصّ بالممكن المحدث ، ولا فيما يختصّ بالواجب القديم .
3 ـ أنّ القدر المشترك لا يقتضي إثبات ما يمتنع على الربِّ ، ولا نفي ما يستحقّه ، وكذلك لازمه ؛ فإنّه لا يقتضي حدوثًا ، ولا إمكانًا ، ولا نقصًا ، ولا شيئًا ممّا ينافي صفات الرّبوبيّة .
4 ـ أنّ القدر المشترك من لوازم الوجود ؛ فكلّ موجودين لا بُدّ بينهما من مثل هذا ، ومن نفاه لزمه التّعطيل التام ؛ ولهذا لمّا اطّلع الأئمة على أنّ هذا حقيقة قول الجهميّة سمّوهم معطّلة ؛ لأنّ رفع القدر المشترك ألزمهم تعطيل وجود كلّ موجود (دلالة الأسماء الحسنى على التنزيه لدكتور عيسى ويراجع التدمرية)
5_ الكلام لا يفهم مع نفي القدر المشترك يقول البراك عفا الله عنه في شرحه على التدمرية:
ولابد من هذا القدر المشترك الذي تتفق فيه المسميات، ولولا ذلك لما فهم الخطاب، فإذا قرأنا قوله تعالى: ((الله لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )) فنفهم من قوله الحي قدراً مشتركاً، ومعناً عاماً، هو مسمى الاسم المطلق للفظ الحي، وهو كونه ذو حياة، والحياة ضد الموت، ولابد من وجود هذا القدر المشترك حتى يفهم الخطاب، ولو لم يكن هذا المعنى مفهوماً لم نعلم معاني أسماء الله وصفاته، ولم نميز بينها. ولكان الله تعالى خاطبنا بما لا نعقل ولا نفهم اهـ.
وقال في موضع آخر:
فإثبات القدر المشترك الذي به تفهم الألفاظ لا يلزم منه التماثل في الخصائص.
فبين ماء الدنيا وماء الآخر قدر مشترك، وهو المعنى العام الكلي للفظ الماء، وكذلك بين لبن الدنيا ولبن الآخرة قدر مشترك، وبين خمر الدنيا وخمر الآخرة قدر مشترك، وهكذا بقية الأمور التي أخبر عنها الرب تعالى، ولكل من موجودات الدنيا وموجودات الآخرة خصائص لا يشركه فيها الآخر.
فنحن نعلم وندرك أن اللبن شراب يشرب، وهكذا الخمر والماء وبينها فروق، وندرك أن هذه الثلاثة من أنواع الشراب وليست شيئاً يلبس أو يسكن، فنحن نفرق بين معناها ومعنى المساكن والملابس والمطاعم و الحور العين التي في الجنة.
فلابد من إثبات القدر المشترك بين الأشياء المتفقة في أسمائها، وهذا القدر المشترك هو المعنى العام، وهو مسمى الاسم عند الإطلاق الذي به يفهم معنى اللفظ المطلق والغائب، ثم عند إضافته وتقييده ينضاف إليه معنى آخر يخصه غير المعنى العام المشترك، ولابد من هذا القدر المشترك حتى تفهم الألفاظ ويمكن التخاطب بها.
وليس هذا المعنى العام والقدر المشترك هو التشبيه الذي نفته الأدلة النقلية والعقلية.
فالاتفاق وثبوت القدر المشترك لا يستلزم التماثل في الخصائص اهـ.
تنبيه: وقد تقدم في المثل الأول أيضاً التأكيد على أن بين موجودات الدنيا وموجودات الآخرة قدر مشترك معنوي، وأن المشابهة ليست في اللفظ فقط، كما قد يتوهم البعض اهـ. راجع التدمرية شرح البراك عفا الله عنه.
وهذا والله تعالى أعلم
كتبه أبو سهيلة حسين بن علي الأثري