(الدُّرَرُ الثَّمينَةُ مِنْ زيارةِ عَالِم المدينَةِ)
:: وفيهِ مُلخصُ زيارتي لـ الإمَامِ الرَّبيعِ بنِ هَادي المَدْخليِّ ::
مُحْتوى الإصدار :-
- زِيَارَةُ الْعَالَمِ الرَّبَّانِيِّ نِعْمَةٌ وَتَوْفِيقٌ.
- مَا أَطْيَبَ: «قَالَ حَدَّثَنَا ، أَخْبَرَنَا»
- دَعْوَةٌ مُبَارَكَةٌ غَالِيَةٌ .. وَتَرْبِيَةٌ سَامِيَةٌ عَالِيَةٌ
- تُرِيدُ أَنْ تُحِبَّ وَتُحَبَّ؟ فَالْزَمْ هَذِهِ الْعَشْرَ!
- سَمْتٌ رَبَّانِيٌّ... تَفَقُّدُ الطُّلَّابَ
- جَوَابٌ مُسْكِتٌ .. وَكَذَلِكَ سُلْطَانُ الْعِلْمِ.
- هَذَا هُوَ الشَّيْخُ الرَّبِيع ذُو التَّوَاضُعِ الرَّفَيع
ومن هنا تحميل الملف
http://www.freeuploadsite.com/do.php?id=70653
الدُّرَرُ الثَّمِينَةُ مِنْ زِيارَةِ عَالِمِ المَدِينَةِ
(وفيهِ مُلَخَّصُ زِيارَتِي لِـلإِمَامِ الرَّبِيعِ بنِ هَادِي المَدْخَليِّ)
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾[آلُ عِمْرَان:102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾[النِّسَاء:1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الْأَحْزَاب:70].
إِنَّ أَصْدَقَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَمَّا بَعْدُ:
زِيَارَةُ الْعَالَمِ الرَّبَّانِيِّ .. نِعْمَةٌ وَتَوْفِيقٌ
فَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ (اَلْمُوَافِقِ 11 رَجَب 1436هِجْرِي)، يَسَّرَ اللَّهُ لِي وَلِمَجْمُوعَةٍ مِنْ إِخْوَانِي طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِمَكَّةَ وَهُمْ: (حُسَيْنٌ الْأَثْيُوبِيُّ، فَائِزٌ الَمْغَامْسِيُّ، مُحَمَّدٌ أَيُّوبُ الْإِمَارَاتِيُّ، صَالِحٌ الَحْمَّادِيُّ، عَبْدُ اللَّهِ بُوعَرْكِي)، الرِّحْلَةَ لِلْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَحُضُورَ دَرْسِ «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» لِشَيْخِنَا الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ حَامِلِ رَايَةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ رَبِيعٍ بْنِ هَادِي عُمَيْرٍ الْمَدْخَلِي -حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.
وَكَانَ دَرْسُ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ رَبِيعٍ الْمَدْخَلِي-حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى-مَلِيئًا بِالْفَوَائِدِ وَالنُّكَتِ الْعِلْمِيَّةِ كَعَادَتِهِ -حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى-فِي دُرُوسِهِ الْعِلْمِيَّةِ.
وَقَدْ كَانَ عَدَدُ الطُّلَّابِ الْحَاضِرِينَ كَبِيرًا جِدًّا اللَّهُمَّ بَارِكْ.
وَمِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ وَعَلَى إِخْوَانِي الْحَاضِرِينَ أَنَّ شَيْخَنَا -حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى-أَطَالَ فِي وَقْتِ الدَّرْسِ وَقَرَأَ بَابَيْنِ مِنْ «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى فَضْلِهِ وَتَوْفِيقِهِ.
مَا أَطْيَبَ: «قَالَ حَدَّثَنَا .. قَالَ أَخْبَرَنَا»
وَالْبَابَانِ مِنْ «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» هُمَا:
«بَابُ بَيَانِ تَفَاضُلِ الْإِسْلَامِ، وَأَيُّ أُمُورِهِ أَفْضَلُ»
قَالَ مُسْلِمٌ –رَحِمَهُ اللهُ-:
• حَدَّثَنَا قُتَيْبَةٌ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ رُمْحٍ بْنِ الْمُهَاجِرِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ».
• وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ سَرْحٍ الْمِصْرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ».
• حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدٌ بْنُ حُمَيْدٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، قَالَ: عَبْدٌ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ».
• وَحَدَّثَنِي سَعِيدٌ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» وَحَدَّثَنِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ؟ فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
«بَابُ بَيَانِ خِصَالٍ مَنِ اتَّصفَ بِهِنَّ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ»
• حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدٌ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ، وَمُحَمَّدٌ بْنُ بَشَّارٍ، جَمِيعًا عَنِ الثَّقَفِيِّ، قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ».
• حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ يُحِبُّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَمَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَمَنْ كَانَ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ».
• حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَنْبَأَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ أَنْ يَرْجِعَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا».
دَعْوَةٌ مُبَارَكَةٌ غَالِيَةٌ .. وَتَرْبِيَةٌ سَامِيَةٌ عَالِيَةٌ
وَإِلَيْكَ بَعْضَ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَخْرَجَةِ وَالْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْ دَرْسِ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ رَبِيعٍ الْمَدْخَلِي -حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:
- بَدَأَ شَيْخُنَا الدَّرْسَ بِمُقَدِّمَةٍ حَثَّ فِيهَا طُلَّابَ الْعِلْمِ عَلَى التَّآخِي فِي اللَّهِ وَالْمَوَدَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْأُلْفَةِ مَعَ إِخْوَانِهِمْ، وَتَرْكِ أَسْبَابِ الْعِدَاءِ وَالشَّحْنَاءِ وَالتَّبَاغُضِ وَالْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ.
- حَثَّ طُلَّابَ الْعِلْمِ عَلَى الْحِرْصِ عَلَى الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَتَرْكِ مَا لَا مَنْفَعَةَ مِنْهُ.
- أَنْ الْكُفَّارَ وَأَهْلَ الْبِدَعِ لَا غِيبَةَ لَهُمْ.
- اَلْكَلَامُ فِي الْمُبْتَدِعِ يَكُونُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ؛ بِقَدْرِ مَا يُبَيِّنُ ضَلَالَتَهُ، وَيَحْذَرُ النَّاسُ مِنْهُ.
- فَالْمُبْتَدِعُ تَطْعَنُ فِيهِ بِالْقَدْرِ اللَّازِمِ؛ بِقَدْرِ مَا يَنْفَعُ النَّاسَ، وَيَحْذَرُ النَّاسُ مِنْ فِتْنَتِهِ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ.
- أَنَّ غِيبَةَ الْمُؤْمِنِ الصَّادِقِ مِنْ أَكْبَرِ الْجَرَائِمِ فَلَا تَجُوزُ غِيبَتُهُ وَلَا أَذِيَّتُهُ.
- اَلطَّعْنُ فِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ مِنْ أَكْبَرِ الْجَرَائِمِ.
- عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَوْ لِيَصْمُتَ، أَمَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالشَّرِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ.
- خُطُورَةُ اللِّسَانِ، وَأَنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا مُؤَاخَذٌ بِمَا يَتَكَلَّمُ بِهِ.
- اَللِّسَانُ خَطِيرُ جِدًا لَابُدَّ مِنْ حَبْسِهِ وَالتَّحَكُّمِ فِيهِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتَ» ( ).
- اِحْفَظْ لِسَانَكَ «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ» ( ).
- إِفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ؛ وَفِيهِ مَكَاسِبُ عَظِيمَةٌ وَفَوَائِدُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الْجَنَّةِ.
- إِفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُؤَلِّفُ بَيْنَ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ.
- إِفْشَاءُ السَّلَامِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى وَلَوْ عِنْدَهُمْ تَقْصِيرٌ.
- إِفْشَاءُ السَّلَامِ يَكُونُ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ.
- إِفْشَاءُ السَّلَامِ لَهُ آثَارٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا وَمِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الْجَنَّةِ؛ فَلْنُفْشِ الْمَحَبَّةَ وَأَسْبَابَهَا وَمِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِهَا إِفْشَاءُ السَّلَامِ.
- لِنَحْرِصْ عَلَى التَّوَادِّ وَالْمَحَبَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
- اَلْأَصْلُ أَنَّكَ تُحْسِنُ بِالنَّاسِ الظَّنَّ.
- إِفْشَاءُ السَّلَامِ لَيْسَ عَلَى الْكُفَّارِ وَلَا الرَّوَافِضِ وَأَمْثَالِهِمْ.
- اَلتَّحَابُّ فِي اللَّهِ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-وَالتَّبَاغُضُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَقْبَحِ وَشَرِّ الْأُمُورِ.
- أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَاعْمَلُوا بِأَسْبَابِ الْمَوَدَّةِ وَالْمَحَبَّةِ.
- عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَجْتَنِبُوا أَسْبَابَ الْفُرْقَةِ وَالْخِلَافِ.
- وَمِنْ أَسْبَابِ الْفُرْقَةِ: الْبِدَعُ وَالضَّلَالَاتُ وَالْفُسُوقُ وَالْفُجُورُ وَالظُّلْمُ وَسُوءُ الْأَخْلَاقِ.
- اَلْأَصْلُ فِي الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَأَنْ يَكُونُوا كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بِعْضُهُ بَعْضًا وَلَا يَتَفَرَّقُوا {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام:159].
- اَلْأَخْلَاقُ الْحَسَنَةُ مِنْ أَثْقَلِ الْأَعْمَالِ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمِنْهَا الصِّدْقُ وَالْمُرُوءَةُ وَالشَّرَفُ وَالْمَوَدَّةُ وَالْمَحَبَّةُ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ وَغَيْرُهَا.
- اَلْإِمَامُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ الْتَزَمَا أَنْ لَا يُورِدَا فِي كِتَابَيْهِمَا إِلَّا مَا صَحَّ وَثَبَتَ عِنْدَهُمَا.
- قَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اَلْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» ( )، يَعْنِي: الْمُسْلِمُ الْكَامِلُ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ هَذَا –أَيْ: أَذِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ-يَنْقُصُ الْإِسْلَامَ وَقَدْ يَنْقُصُهُ كَثِيرًا وَكَثِيرًا، وَقَدْ يُؤَدِّي بِهِ إِلَى الدُّخُولِ فِي النَّارِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ.
- قَدْ يَغْتَابُ الْمُسْلِمُ مِنْ لَا تَجُوزُ غِيبَتُهُ فَيَقَعُ فِي كَبِيرَةٍ مِنَ الْكَبَائِرِ.
- فَلْيَسْلَمِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ.
- قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْرَاضَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَلَا تَظْلِمِ الْمُسْلِمِينَ لَا فِي دَمٍ وَلَا فِي عِرْضٍ وَلَا فِي مَالٍ.
- اَلْخِصَالُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ».
مَوْضُوعُهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَوْضُوعَاتِ وَأَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ وَمِنَ الْأَرْكَانِ الْأَسَاسِيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ مَحَبَّةُ اللَّهِ وَمَحَبَّةُ الرَّسُولِ وَمَحَبَّةُ الْمُؤْمِنِينَ.
مَحَبَّةُ اللَّهِ مِنْ شُرُوطِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ شُرُوطَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بِقَوْلِهِ:
عِلْمٌ يَقِينٌ وَإِخْلَاصٌ وَصِدْقُكَ مَعْ
مَحَبَّةٍ وَانْقِيَادٍ وَالْقَبُولِِ لَهَا
وَزِيدَ ثَامِنُهَا الْكُفْرَانُ مِنْكَ بِمَا
سِوَى الْإِلَهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ قَدْ أَلِهَا
- اِحْذَرُوا مِنَ الشَّيْطَانِ وَاحْرِصُوا عَلَى مَرْضَاةِ اللَّهِ.
تُرِيدُ أَنْ تُحِبَّ وَتُحَبَّ؟.. فَالْزَمْ هَذِهِ الْعَشْرَ!
- ذَكَرَ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ فِي «مَدَارِجِ السَّالِكِينَ» (3/18) الْأَسْبَابَ الَّتِي تَجْلِبُ الْمَحَبَّةَ بِقَوْلِهِ: «الْأَسْبَابُ الْجَالِبَةُ لِلْمَحَبَّةِ، وَالْمُوجِبَةُ لَهَا عَشَرَةٌ:
1- أَحَدُهَا: قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّدَبُّرِ وَالتَّفَهُّمِ لِمَعَانِيهِ وَمَا أُرِيدَ بِهِ.
2- الثَّانِي: التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ.
3- الثَّالِثُ: دَوَامُ ذِكْرِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ: بِاللِّسَانِ وَالْقَلْبِ، وَالْعَمَلِ وَالْحَالِ.
4- الرَّابِعُ: إِيثَارُ مَحَابِّهِ عَلَى مَحَابِّكَ عِنْدَ غَلَبَاتِ الْهَوَى، وَالتَّسَنُّمُ إِلَى مَحَابِّهِ، وَإِنْ صَعُبَ الْمُرْتَقَى.
5- الْخَامِسُ: مُطَالَعَةُ الْقَلْبِ لِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَمُشَاهَدَتُهَا وَمَعْرِفَتُهَا.
6- السَّادِسُ: مُشَاهَدَةُ بِرِّهِ وَإِحْسَانِهِ وَآلَائِهِ، وَنِعَمِهِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ.
7- السَّابِعُ: وَهُوَ مِنْ أَعْجَبِهَا، انْكِسَارُ الْقَلْبِ بِكُلِّيَّتِهِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى.
8- الثَّامِنُ: الْخَلْوَةُ بِهِ وَقْتَ النُّزُولِ الْإِلَهِيِّ، لِمُنَاجَاتِهِ وَتِلَاوَةِ كَلَامِهِ، وَالْوُقُوفِ بِالْقَلْبِ وَالتَّأَدُّبِ بِأَدَبِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْهِ. ثُمَّ خَتْمِ ذَلِكَ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِ.
9- التَّاسِعُ: مُجَالَسَةُ الْمُحِبِّينَ الصَّادِقِينَ، وَالْتِقَاطُ أَطَايِبِ ثَمَرَاتِ كَلَامِهِمْ كَمَا يَنْتَقِي أَطَايِبَ الثَّمَرِ. وَلَا تَتَكَلَّمْ إِلَّا إِذَا تَرَجَّحَتْ مَصْلَحَةُ الْكَلَامِ، وَعَلِمْتَ أَنَّ فِيهِ مَزِيدًا لِحَالِكَ، وَمَنْفَعَةً لِغَيْرِكَ.
10- الْعَاشِرُ: مُبَاعَدَةُ كُلِّ سَبَبٍ يَحُولُ بَيْنَ الْقَلْبِ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. اهـ
- فَاحْرِصْ عَلَى مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ وَالِاسْتِفَادَةِ مِنْهُمْ.
عَوْدٌ عَلَى بَدْءٍ:
فَهَذِهِ بَعْضُ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْ دَرْسِ شَيْخِنَا الْإِمَامِ رَبِيعٍ الْمَدْخَلِي.
سَمْتٌ رَبَّانِيٌّ... تَفَقُّدُ الطُّلَّابِ
ثُمَّ بَعْدَ انْتِهَاءِ الدَّرْسِ تَوَجَّهْنَا إِلَى مَنْزِلِ شَيْخِنَا الْإِمَامِ رَبِيعٍ الْمَدْخَلِي -حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى-وَكَانَ أَخُونَا حُسَيْنٌ الْأَثْيُوبِيُّ وَفَايِزٌ الَمْغَامْسِيُّ قَدْ يَسَّرَ اللّهُ لَهُمَا أَنْ يَرْكَبَا مَعَ شَيْخِنَا رَبِيعٍ الْمَدْخَلِي فِي سَيَّارَتِهِ.
قَالَ أَخُونَا حُسَيْنٌ الْأَثْيُوبِيُّ: لَمَّا وَصَلْنَا مَنْزِلَ الشَّيْخِ، رَكِبْتُ الْمِصْعَدَ مَعَ الشَّيْخِ رَبِيعٍ فَسَأَلَنِي: هَلِ الْأَخُ أَحْمَدُ بَازْمُول مُسْتَمِرٌّ فِي دُرُوسِهِ؟ وَفِي أَيِّ مَسْجِدٍ؟
فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ، هُوَ مُسْتَمِرٌّ فِي دُرُوسِهِ فِي مَسْجِدِ السُّبَيِّلِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
فَقَالَ الشَّيْخُ: «مَا شَاءَ اللَّهُ، مَا شَاءَ اللَّهُ، مَا شَاءَ اللَّهُ».
قَالَ الْأَخُ حُسَيْنٌ لِلشَّيْخِ: وَهُوَ قَدْ جَاءَ الْآنَ لِزِيَارَتِكُمْ.
فَقَالَ الشَّيْخُ: وَأَيْنَ هُوَ؟، حَيَّاهُ اللَّهُ يَتَفَضَّلُ.
فَدَخَلْتُ عَلَى شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ رَبِيعٍ الْمَدْخَلِي؛ فَاسْتَقْبَلَنِي اسْتِقْبَالًا أَبَوِيًّا وَهُوَ مَسْرُورٌ فَرِحٌ، وَوَجْهُهُ مُشْرِقٌ -بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى-وَرَحَّبَ بِي وَبِإِخْوَانِي الْحَاضِرِينَ مَعِي.
ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ أَخْبَارِي وَعَنْ دُرُوسِي؟
فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ يَا شَيْخُ -اللَّهُ يَحْفَظُكَ-أُدَرِّسُ يَوْمَ الْأَحَدِ (مَنْهَجَ السَّالِكِينَ وَأَلْفِيَّةَ ابْنِ مَالِكٍ وَالْمَوَارِيثَ) وَالثُّلَاثَاءَ (بُلُوغَ الْمَرَامِ وَالتَّوْحِيدَ) وَيَوْمَ الْجُمْعَةِ (رَسَائِلَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ) لِلْإِخْوَةِ الْأَمْرِيكَانِ؛ مُتَرْجَمٌ.
فَفَرِحَ الشَّيْخُ وَقَالَ: (مَا شَاءَ اللَّهُ، مَا شَاءَ اللَّهُ).
وَسَأَلَنِي عَنْ أَخِي الشَّيْخَ مُحَمَّدًا بَازْمُول، فَأَخْبَرْتُهُ بِدَرْسِهِ فِي (الْمُوَطَّأِ وَفِي مَعَارِجِ الْقَبُولِ) فَسُرَّ؛ وَدَعَا لَنَا بِالْخَيْرِ وَالتَّوْفِيقِ جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا.
وَسَأَلْتُ شَيْخَنَا عَمَّا كَانَ فِي الدَّرْسِ مِنْ أَنَّ جَرْحَ وَغِيبَةَ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْكُفَّارِ لَا يَجُوزُ فِيهَا تَجَاوُزُ الْحَدِّ، بَلْ يَجْرَحُ بِقَدْرِ مَا يُبَيِّنُ حَالَهُ، وَأَنَّ الْشَّوْكَانِيَّ قَرَّرَ ذَلِكَ فِي رِسَالَتِهِ فِي (الْغِيبَةِ).
فَقَالَ: (نَعَمْ، هَذَا لَا يَجُوزُ الظُّلْمُ حَتَّى لِلْكَافِرِ!! قَالَهُ الْشَّوْكَانِيُّ وَغَيْرُهُ).
وَفِي أَثْنَاءِ جُلُوسِنَا عِنْدَ شَيْخِنَا الْإِمَامِ رَبِيعٍ الْمَدْخَلِي؛ دَخَلَ أَخُونَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَدْخَلِيُّ فَرَحَّبَ بِنَا وَاسْتَقْبَلَنَا اسْتِقْبَالًا كَرِيمًا جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا.
ثُمَّ قُلْتُ لِشَيْخِنَا الْإِمَامِ رَبِيعٍ الْمَدْخَلِيِّ: عَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَكُمْ فِي الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْوُصَابِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.
فَقَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ: (جَمَّلَهُ اللَّهُ بِثَنَائِهِ عَلَى هَذِهِ الدَّوْلَةِ وَعَلَى عُلَمَائِهَا، سَامَحَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ).
ثُمَّ طَلَبَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ رَبِيعٌ الْمَدْخَلِيُّ أَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِ كِتَابُ «الْعُبُودِيَّةِ» لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، فَقَرَأَ الْأَخُ عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَدْخَلِيُّ، وَفِي أَثْنَاءِ قِرَاءَتِهِ اسْتَدَلَّ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكِ الْيَقِينُ} [اَلْحِجْرُ:99].
جَوَابٌ مُسْكِتٌ .. وَكَذَلِكَ سُلْطَانُ الْعِلْمِ
فَقَالَ شَيْخُنَا رَبِيعٌ الْمَدْخَلِي -حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: (كُنَّا فِي السُّودَانِ وَقَابَلَنَا بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ فَاسْتَدَلَّ عَلَى ضَلَالِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الْحِجْرُ:99].
فَقَالَ لَهُ شَيْخُنَا: (الْيَقِينُ هُنَا هُوَ الْيَقِينُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [الْمُدَّثِر:42-47]، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَوْتُ، فَلَمْ يَسْتَطِعِ الْجَوَابَ).
قُلْتُ: وَهَذَا جَوَابٌ بَدِيعٌ مِنْ شَيْخِنَا الْإِمَامِ رَبِيعٍ.
ثُمَّ أَكْرَمَنَا شَيْخُنَا بِطَعَامِ الْعَشَاءِ -جَزَاهُ اللَّهُ خِيرًا-.
وَبَعْدَ الْعَشَاءِ قَرَأَ عَلَيْهِ أَخُونَا حُسَيْنٌ الْأَثْيُوبِيُّ مَعَ الْأَخِ فَايِزٍ الَمْغَامْسِيِّ دَرْسَهُمَا فِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ».
وَكَانَ مِمَّا قَرَأَ حَدِيثَ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ المَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدٍ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ، فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ: «فَمَا سُقْتَ فِيهَا؟» فَقَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ».
فَعَلَّقَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا بِقَوْلِهِ: (سَعْدٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-سَخِيٌّ كَرِيمٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-عَفِيفٌ).
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَأْذَنَّا شَيْخَنَا فِي الِانْصِرَافِ؟، فَأَذِنَ لَنَا جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا. فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ وَاسْتَوْدَعَنَا.
هَذَا هُوَ الشَّيْخُ الرَّبِيع ذُو التَّوَاضُعِ الرَّفَيع
وَأُحِبُّ أَنْ أُسَجِّلَ فِي نِهَايَةِ هَذَا الْمَجْلِسِ بَعْضَ الْفَوَائِدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِزِيَارَتِنَا لِشَيْخِنَا الْإِمَامِ رَبِيعٍ الْمَدْخِلِيِّ -حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى-فَمِنْهَا:
• بَذْلُ شَيْخِنَا -حَفِظَهُ اللَّهُ-النَّصِيحَةَ لِلسَّلَفِيِّينَ بِالْمَوَدَّةِ وَالْأُلْفَةِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ عَلَى الْحَقِّ، وَنَبْذِ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ وَأَسْبَابِ الِانْحِرَافِ.
• مَحَبَّةُ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ رَبِيعٍ الْمَدْخَلِيِّ لِطُلَّابِهِ حُبَّ الْوَالِدِ لِأَبْنَائِهِ، وَمَحَبَّةُ طُلَّابِهِ لَهُ حُبَّ الْأَبْنَاءِ لِوَالِدِهِمْ.
• مَكَانَةُ شَيْخِنَا الْإِمَامِ رَبِيعٍ الْمَدْخَلِيِّ لَدَى طُلَّابِ الْعِلْمِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ حَرِيصِينَ كُلَّ الْحِرْصِ عَلَى تَدْوِينِ الْفَوَائِدِ الْعِلْمِيَّةِ، بَلْ وَكُلِّ مَا يَقُولُهُ شَيْخُنَا.
• حِرْصُ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ رَبِيعٍ الْمَدْخَلِيِّ عَلَى طُلَّابِهِ بِتَوْجِيهِهِمْ لِمَا يَنْفَعُهُمْ وَتَحْذِيرِهِمْ مِمَّا يَضُرُّهُمْ.
• قُوَّةُ شَيْخِنَا الْعِلْمِيَّةُ فِي الشَّرْحِ وَالِاسْتِحْضَارِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِمَا يُبْهِرُ السَّامِعِينَ.
• ثَبَاتُ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ رَبِيعِ الْمَدْخَلِيِّ عَلَى الْحَقِّ وَنُصْرَتُهُ لَهُ وَعَدَمُ تَزَعْزُعِهِ أَمَامَ الْبَاطِلِ وَأَهْلِهِ، كَمَا حَصَلَ فِي قِصَّتِهِ مَعَ أَحَدِ الصُّوفِيَّةِ.
• حِرْصُهُ عَلَى الْوَقْتِ بِاسْتِغْلَالِهِ فِيمَا يَنْفَعُ وَعَدَمِ إِضَاعَتِهِ فِيمَا لَا نَفْعَ فِيهِ.
• كَرَمُ شَيْخِنَا لِضُيُوفِهِ فِي حُسْنِ اسْتِقْبَالِهِ وَضِيَافَتِهِ.
• حِرْصُ شَيْخِنَا عَلَى طُلَّابِهِ وَسُؤَالِهِ عَنْهُمْ، وَتَفَقُّدُهُ لِحَالِهِمْ وَالدُّعَاءُ لَهُمْ بِالْخَيْرِ.
كَتَبَهُ:
أَحْمَدُ بْنُ عُمْرَ بْنِ سَالِمٍ بَازْمُول
(15 رَجَب 1436 هـ)
المصدر : شبكة البينة السلفية





رد مع اقتباس