الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدينأما بعد: فإن الدعوة السلفية هي الدعوة الحق وهي الدعوة الوسطية حقاً لأنها هي الإسلام الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم؛قال تعالى في محكم التنزيل﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾.قال العلامة ربيع بن هادي:" هكذا زكّى الله هذه الأمة و اختارها وشهد لها بأنّها الوسط ,و الوسط الخيار والوسط الاعتدال وجعلها شاهدة على الأمم كلها ,مقبولة الشهادة عند الله تبارك وتعالى في الدنيا والآخرة و هذه لمن التزم بتعاليم الإسلام و التزم بهذه الوسطية ,وتجد في المنحرفين عن هذه الوسطية من الغلو و الجفاء في نفس الوقت ما يخالف هذه الميزة التي امتازت بها هذه الشريعة المحمدية و امتازت بها الأمة التي التزمت هذه الشريعة"اهـ[شريط الوسطية] وإن من يخالف الدعوة السلفية فهو كما أشار العلامة المدخلي إما في جهة الغلو أو في جهة الجفاء والتمييع،وكلا الطرفين تجد ملامح بعده عن هذه الدعوة واضحة بادية لمن تأملها بإنصاف وتجرد. وفي هذه الأيام تكاثرت الكتابات من السلفيين وغيرهم تجاه أهل الغلو والتطرف والذين يمثلهم في الساحة"الخوارج والتكفيريون"خاصة بعد أحداث الأردن-حرسها الله-وكانت الكتابات السلفية مسددة والحمد لله وكيف لا وهي نابعة من كتاب وسنة وفهم لسلف الأمة.وأما غير السلفيين فمنهم من أحسن ومنهم من أساء وأفسد وليته سكت ولم يتكلم ومن هؤلاء الحلبي في بعض تصريحاته وكتاباته بخصوص هذه الأحداث وهو في هذه الكتابات والتصريحات قد رسّخ ثبوت قدميه في دائرة التمييع والجفاء التي دخلها منذ زمن؛والرد عليها مهم جداً وعن أهميته يقول العلامة صالح الفوزان:" ويجب علينا إذا أنكرنا التطرف والغلو يجب علينا أن ننكر أيضا التساهل والتفريط أما أن نركز على جانب ونهمل الجانب الآخر وقد يكون أخطر.فالآن أنا أرى أنا الإنكار كله على الغلو والتطرف وهذا صحيح. نعم ننكر التطرف والغلو لكن يجب أن لا ننسى التساهل والانحلال والإلحاد يجب أن نركز على الجانبين وأن نحذر من هذا وهذا"اهــ[الوسطية هي الإسلام]والخطر في الجفاء أشد من الغلو وذلك أن النفوس تنفر مما تراه قاسياً وإن كانت القسوة حقاً وشرعية كالرد على أهل البدع وجرحهم، وتركن للهدوء والسكوت وإن لم يكن هدوءً أو سكوتاً شرعياً كالسكوت على الباطل،فلذلك تركيز توجيه النقد لطرف الجفاء والتمييع مهم جداً خاصة في هذه الأزمان التي غلب أهلها التفلت من الأحكام الشرعية والله المستعان،وأصبحت طريقتهم في محاربة الغلو والتكفير هي بالتزام النقيض للغلو لا الوسط الشرعي ولهذه المحاربة"النقيضية"صور كثيرة كرسالة عمّان التي أتت بالإلغاء على أمور ثابتة في الشريعة كجهاد الطلب والبراءة من الكفار وغيره ومن صور هذه المحاربة" النقيضية "ما قاله علي الحلبي في حوار له مع مدير وكالة الأنباء في الأردن-حرسها الله-حيث قال:"إن الظروف التي يمر بها العالم العربي تتطلب تذويب الخلافات الفكرية والفقهية والشخصية لتحقيق المصلحة العامة، وان علينا في الأردن تغليب مصلحة الوطن والمواطن والالتفاف حول قيادته الهاشمية الحكيمة التي تستمد شرعيتها الدينية والتاريخية من انتسابها للرسول محمد صلى الله عليه وسلم"ولي مع هذا القول من الحلبي وقفات: الوقفة الأولى:إن التكفيريين الذين تتظاهر بمحاربتهم هم جزء من هذا الوطن"الأردني"فعليك بتذويب الخلافات الفكرية معهم لاسيما وقد قلت في مقال سابق لك بعنوان"السلفية هي الوسط الشرعي المضاد للتطرف"ما نصه:" وقَبْلَ الردّ على تِلْكُمُ الدَّعْوَى الباطلةِ -ودَفْعاً لاختلاطِ المفاهيمِ- أُقَرِّرُ: أنَّ المسائلَ الفقهيَّة، أو العقائديَّةَ التي يَدُورُ الخلافُ فيها بين السلفيَّةِ ومُخالِفِيها -بل بين عُمومِ المُسلمين -بعضهم بعضاً- لا يجوزُ أن تُسحبَ -أو تُوَظَّفَ- بأيِّ شِكْلٍ مِن الأشكالِ- ولا بأيِّ حالٍ مِن الأحوال- للادِّعاءِ على جهةٍ ما بالتطرُّفِ، أو رَمْيِها بالإرهاب؛ إذْ هي مسائلُ علميَّةٌ مَحْضَةٌ خالِصَةٌ-؛ كمثل مسائل إثباتِ أسماءِ الله الحُسنَى وصفاتِهِ العُلَى، على الوجه اللائق بجلالِ الله -تعالى-، وقضايا الاستغاثةِ والتوسُّلِ بغيرِ الله -سبحانه-، مُضادَّةً لألوهيَّتِهِ ووحدانيَّتِهِ -عزَّ وجلَّ-، والغُلُوِّ في جَنابِ سيِّدِنا المُصطَفَى رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-؛ فهذه مسائل كانت -وما تزالُ- موضعَ أخْذٍ ورَدٍّ بين عامَّة عُلماءِ أهل القِبلةِ -على اختلافِ فِرَقِها ومذاهبِها-، وبألفاظٍ دقيقة، وأحكامٍ وثيقة..." أقول:فيجب عليك الالتزام بقولك"التذويبي"فتذوب ما بينك وبين التكفيريين لأن الخلاف بينكما لا يجوز أن يُسحب أو يُشكل للادعاء على التكفيريين بأنهم أهل تطرف وإرهاب خاصة وأن أهل التكفير ينطلقون-كحال أي مبتدع-من نصوص يعتقدون أنها تخدمهم في نصرة ما هم عليه،بل ويستندون-كحال أي مبتدع-على عبارات محتملة أو زلات لعلماء وأئمة فالخلاف بينكما أخذ ورد وهم من أهل القبلة!!! فتأمل أخي السلفي نتاج هذه التصريحات والكتابات للمسمى الحلبي أي فساد ينتج عنها إذا ما التزمت وقُررت؟! الوقفة الثانية:قولك في تصريحك"تذويب الخلافات"هو التمييع بكل ما تحمله الكلمة من معنى،فكيف تذوب الخلافات مع المخالفين؟وهلا ذكرت لنا منهجية التذويب يا حلبي ولا يقل أحد من أتباع الحلي أنه يقصد رد الخلاف إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فإن التعبير بهذا سهل متيسر بل الحلبي يريد-كما يظهر- التذويب(=التمييع) وذلك لتحقيق المصلحة العامة وتغليب مصلحة الوطن كما يزعم!وأشير إلى أن الحلبي بدأ باستخدام مصطلح التذويب محل مصطلح التمييع بعد أن شوش أحدهم على مصطلح التمييع!فغير الحلبي اللفظ وإلا فالمعنى واحد. الوقفة الثالثة:قولك" والالتفاف حول قيادته الهاشمية الحكيمة التي تستمد شرعيتها الدينية والتاريخية من انتسابها للرسول محمد صلى الله عليه وسلم"وفي الرد على هذا أدع فيلسوفكم الطيباوي يفند ما قلت حيث قال الطيباوي -وهو يظهر النقد علناً لرسالة عمّان -معلقاً على هذا النص: " بحكم المسؤوليّة الروحيّة والتاريخيّة الموروثة التي تحملها قيادتها الهاشميّة بشرعيّة موصولة بالمصطفى صلى الله عليه وسلم"" وهذا غير صحيح بالمرة،فلا شرعية لهم في الدين بمعنى أنهم ليسوا من مراجع الدين أو أصوله، إنّما المشروع الوصاية بهم، و الإحسان إليهم، وحبهم بحب النبي صلى الله عليه وسلم.و أما نسبهم الشريف فلا يجعل لهم أي مشروعية في الدين بمعنى مرجعية، إنما الدين يقوم على كتاب الله، و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم، و إجماع المسلمين،فهذا إحداث لأصل باطل في الدين، هو أصل الرافضة."فها أنت ذا يا حلبي قد أحدثت أصلاً باطلاً في الدين كالرافضة وهذا بحسب كلام فيلسوفكم الذي ارتضيتموه،فأعوذ بالله من ضلالك وإحداثك...وأقول إن نص الحلبي هذا يحتمل أنه يقصر شرعية الحكام بهاشميتهم وهذا من الضلال المبين لأن فيه إبطال لشرعية الحكام من غير بني هاشم وهذا لا يقوله إلا بعض طوائف أهل البدع،وإلا فالنصوص التي تحض على السمع والطاعة ولو لغير الحاكم الهاشمي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(( اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ))[رواه البخاري]. هذا وصل اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً




رد مع اقتباس
