شبكة الأمين السلفية - Powered by vBulletin
النتائج 1 إلى 24 من 24

الموضوع: رسالة " حكم الاحتفال بالمولد والرد على من أجازه " الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,557

    افتراضي رد: رسالة " حكم الاحتفال بالمولد والرد على من أجازه " الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله كتبه صالح بن فوزان الفوزان

    نشأة بدعة الاحتفال بالمولد النبوي


    بقلم :
    الشيخ الفاضل
    جمال بن فريحان الحارثى حفظه الله ورعاه



    بسم الله الرحمن الرحيم


    إن من استعرض السيرة النبوية وتاريخ الخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين وتابعيهم وتابع تابعيهم إلى نهاية المائة الثالثة من الهجرية لميجد أحدا من العلماء تكلم في المولد النبوي أو ذكره في مصنفه، لأنه لم تكن قد أُحدثت هذه البدعة؛ لا من الحكام ولا حتى من عامة الناس.
    وأول من ابتدع بدعةالمولد بنو عبيد "العبيديون" ويسمون الفاطميون في مصر، ذكرتقي الدين أحمد بن علي المقريزي في كتابة "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار"(1/490) فقال:
    "ذكر الأيام التيكان الخلفاء الفاطميون يتخذونها أعياداً ومواسم تتسع بها أحوال الرعية وتكثرنعمهم"
    وقال:"وكان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم وهي مواسم (رأس السنة)، ومواسم (أول العام)،(ويوم عاشوراء) ، (ومولد النبي صلى الله عليه وسلم)، (ومولد علي بن أبي طالب رضيالله عنه) ، (ومولد الحسن والحسين عليهما السلام)، (ومولد فاطمة الزهراء عليهاالسلام )، (ومولد الخليفة الحاضر)، (وليلة أول رجب)، (ليلة نصفه)، (وموسم ليلةرمضان)، (وغرة رمضان)، (وسماط رمضان)، (وليلة الختم)، (وموسم عيد الفطر)، (وموسم عيد النحر)، (وعيد الغدير)، (وكسوة الشتاء)، (وكسوة الصيف)، (وموسم فتح الخليج)،(ويوم النوروز)، (ويوم الغطاس)، (ويوم الميلاد) ، (وخميس العدس) ، (وأيام الركوبات)". أهـ.
    قال الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي مفتي الديار المصرية سابقاً في كتابة "أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام" (44ـ45) : "مما حدث وكثر السؤال عنه الموالد فنقول: إن أول من أحدثها بالقاهرة الخلفاء الفاطميون، وأولهم المعز لدين الله توجه من المغرب إلى مصر في شوال سنة (361هـ)، فوصل إلى ثغر الإسكندرية في شعبان سنة(362هـ) ودخل القاهرة لسبع خلون من شهر رمضان فابتدعوا ستة موالد: النبوي، ومولدأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب...". "القول الفصل" (2/457ـ458) لإسماعيل الأنصاري.
    وبنوعبيد تلقبوا بالفاطمين يريدون أن يلتصقوا بهذا النسب الشريف؛ وهم إلى أرذل الأنساب يرجعون.
    قال الإمام المؤرخ أبوشامة صاحب كتاب "الروضتين في أخبار الدولتين" (ص / 200ـ202) عن العبيديين: "أظهروا للناس أنهم شرفاء فاطميون فملكوا البلاد وقهروا العباد وقد ذكر جماعة من أكابرالعلماء أنهم لم يكونوا لذلك أهلا ولا نسبهم صحيحا بل المعروف أنهم (بنو عبيد)؛وكان والد عبيد هذا من نسل القداح الملحد المجوسي وقيل كان والد عبيد هذا يهوديا من أهل سلمية من بلاد الشام وكان حدادا .
    وعبيد هذا كان اسمه (سعيدا) فلما دخل المغرب تسمى بـ( عبيد الله ) وزعم أنه علوي فاطمي وادعى نسبا ليس بصحيح -لم يذكره أحد من مصنفي الأنساب العلوية بل ذكر جماعة من العلماء بالنسب؛ خلافه ـ، ثم ترقت به الحال إلى أن ملك وتسمى بـ(المهدي) وبني المهدية بالمغرب؛ ونسبت إليه وكان زنديقاً خبيثاً عدواً للإسلام متظاهراً بالتشيع متستراً به حريصاً على إزالة الملة الإسلامية، قتل من الفقهاء والمحدثينجماعة كثيرة، وكان قصده إعدامهم من الوجود لتبقى العالم كالبهائم فيتمكن من إفساد عقائدهم وضلالتهم، والله متم نوره ولو كره الكافرون.
    ونشأت ذريته على ذلك منطوين يجهرون به إذا أمكنتهم الفرصة وإلا أسروه، والدعاة لهم منبثون في البلاد يضلون من أمكنهم إضلاله من العباد، وبقي هذا البلاء على الإسلام من أول دولتهم إلى آخرها وذلك من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين (299) إلى سنة سبع وستين وخمسمائة (567)، وفي أيامهم كثرة الرافضة واستحكم أمرهم ....... وكانوا أربعة عشر مستخلفا يدّعون الشرف ونسبتهم إلى مجوسي أو يهودي حتى اشتهر لهم ذلك بين العوام فصاروا يقولون الدولة الفاطمية والدولة العلوية وإنماهي (الدولة المجوسية أو اليهودية الباطنية الملحدة).
    ومن قباحتهم أنهم كانوا يأمرون الخطباء بذلك (أي أنهم علويون فاطميون) على المنابر ويكتبونه على جدران المساجد وغيرها وخطب عبدهم جوهرالذي أخذ لهم الديار المصرية وبنى لهم القاهرة (المعزية) بنفسه خطبة قال فيها: اللهم صلي على عبدك ووليك ثمرة النبوة وسليل العترة الهادية المهدية معد أبي تميم الإمام المعز لدين الله أمير المؤمنين كما صليت على آبائه الطاهرين وسلفه المنتخبين الأئمة الراشدين) كذب عدوّ الله اللعين فلا خير فيه ولا في سلفه أجمعين ولا في ذريته الباقين والعترة النبوية الطاهرة منهم بمعزل رحمة الله عليهم وعلى أمثالهم منالصدر الأول.
    والملقب بالمهدي لعنه الله كان يتخذ الجهال ويسلطهم على أهل الفضل وكان يرسل إلى الفقهاء والعلماءفيذبحون في فرشهم وأرسل إلى الروم وسلطهم على المسلمين وأكثر من الجور واستصفاء الأموال وقتل الرجال وكان له دعاة يضلون الناس على قدر طبقاتهم فيقولون لبعضهم (هو المهدي ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجة الله على خلقه) ويقولون لآخرين (هو رسول الله وحجة الله) ويقولون لاخرين (هو الله الخالق الرازق) لا اله إلا الله وحده لا شريك له تبارك سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً ولما هلك قام ابنهالمسمى بالقائم مقامه وزاد شره على شر أبيه أضعافا مضاعفة وجاهر بشتم الأنبياء فكان ينادى في أسواق المهدية وغيرها (العنوا عائشة وبعلها العنوا الغار وما حوي ) اللهم صلي على نبيك وأصحابه وأزواجه الطاهرين وألعن هؤلاء الكفرة الفجرة الملحدين وارحم من ازالهم وكان سبب قلعهم ومن جرى على يديه تفريق جمعهم وأصلهم سعيرا ولقهم ثبورا وأسكنهم النار جمعا واجعلهم ممن قلت فيهم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهميحسبون أنهم يحسنون صنعا".
    " الطعن من أئمة بغداد وعلمائهم في نسب الفاطميين (ملوك مصر).
    وفي ربيع الآخر منها كتب هؤلاء ببغداد محاضر تتضمن الطعن والقدح في نسب الفاطميين وهم ملوك مصر وليسوا كذلك وإنما نسبهم إلى عبيد بن سعد الجرمي وكتب في ذلك جماعة من العلماء والقضاة والأشراف والعدول والصالحين والفقهاء والمحدثين وشهدوا جميعا أن الحاكم بمصر هو منصور بن نزار الملقب بالحاكم حكم الله عليه بالبوار والخزي والدمار ابن معد بن إسماعيل بن عبد الله بن سعيد لا أسعده الله فإنه لما صار إلى بلاد المغرب تسمى بعبيد الله وتلقب بالمهدي وأن من تقدم من سلفه أدعياء خوارج لانسب لهم في ولد علي بن أبي طالب ولا يتعلقون بسبب وأنه منزه عن باطلهم وأن الذيادعوه إليه باطل وزور وأنهم لا يعلمون أحدا من أهل بيوتات وأن هذا الحاكم بمصر هووسلفه كفار فساق فجار ملحدون زنادقة معطلون وللإسلام جاحدون ولمذهب
    المجوسية والوثنوية معتقدون قدعطلوا الحدود وأباحوا الفروج وأحلوا الخمر وسفكوا الدماء وسبّوا الأنبياء ولعنواالسلف وادعوا الربوبية". "البداية والنهاية" (11/245ـ246).
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:"وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال أنها ليلة المولد أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها والله سبحانه وتعالىأعلم "مجموع الفتاوى" (25/298)، و "الفتاوى الكبرى"(1/372).
    وقال رحمه الله: "وما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا مع اختلاف الناس في مولده فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحالكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته و اتباع أمره وإحياء سنته باطنا وظاهرا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان وأكثر هؤلاء الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع مع مالهم فيها من حسن القصد والاجتهاد الذي يرجى لهم به المثوبة تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه أو يقرأ فيه ولا يتبعه وبمنزلة من يزخرف المسجد ولا يصلي فيه أو يصلي فيه قليلا". "اقتضاءالصراط ". (1/294ـ296).
    هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين،،،

    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,557

    افتراضي رد: رسالة " حكم الاحتفال بالمولد والرد على من أجازه " الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله كتبه صالح بن فوزان الفوزان

    تاريخ نشأة بدعة الاحتفال بالمولد النَّبوي


    قال الشَّيخ عبد المحسن العبَّاد -حفظه الله-:
    الموالد أُحدِثت في القرن الرابع الهجريِّ، وأول من أحدثها العُبيديُّون الذين حكموا مِصرَ في القرن الرابع الهجري.
    لأنَّه كما قال المقريزي في الخطط والآثار في تاريخ مصر
    قال: إنَّهم أحدثوا ستَّة موالد: ميلاد النَّبي صلى الله عليه وسلَّم، وميلاد عليّ، وميلاد فاطمة، وميلاد الحسن، وميلاد الحسين، والسادس: ميلاد الحاكم الموجود من حكَّامهم.
    فإذن هذه الاحتفالات، وتخصيص تلك المناسبات بأعمال مخصوصة، هذا ما حصل في القرون الثلاثة التي هي خير القرون، التي قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((خير القرون قرني، ثمَّ الذين يلونهم، ثمَّ الذين يلونهم))[1].
    الصحابة لا يوجد عندهم هذا الاحتفال بالموالد، والتابعون كذلك، وأتباع التابعين كذلك، ثلاثمئة سنة كاملة لا يوجد فيها هذا الشيء! وإنما أُحدِثَ هذا في القرن الرابع الهجريّ، والذي أحدثه العبيديون الذين حكموا مِصرَ.
    ثمَّ ما هو المستند في هذا الاحتفال؟
    هو متابعة النَّصارى؛ لأنَّ النَّصارى يحتفلون بميلاد عيسى؛ إذن نحتفل بميلاد محمد صلى الله عليه وسلم.
    يعني: الذي أحدثه العُبيديُّون، والمستند: اتِّباع النَّصارى!
    ومعلومٌ أنَّ الخير كلُّ الخير فيما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وأصحابه، والرسول صلى الله عليه وسلَّم ما أرشد إلى ذلك، ولا فعل ذلك، ولا -أيضًا- الخلفاء الراشدون، والصحابة كلهم ما حصل منهم، والتابعون ما حصل، وأتباع التابعين ما حصل؛ وإنما وُجِدَ ذلك في القرن الرابع.
    ولهذا لا يوجد في الكتب المؤلَّفة في قرنٍ من القرون الثلاثة شيء فيه الدلالة على الاحتفالات بالموالد أبدًا. ليس فيه شيء على أنَّ النَّاس كانوا يحتفلون، وأنهم يأمرون بالاحتفال، وأنهم يفعلون ذلك، ثلاثمئة سنة كاملة لا يوجد فيها ذلك! ومعلومٌ أنَّ الخير كلُّ الخير في اتِّباع من سلف.
    محبَّة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم يجب أن تكون في القلوب أعظم من محبة كلِّ محبوب؛ لكن وفقًا لسنّتِهِ صلى الله عليه وسلم. ولم يأتِ في سنَّتهِ ولا عمل السلف الصالح –الذين هم الصحابة ومن كان على نهجهم- شيءٌ من ذلك.
    فإذن الخير كلُّ الخير في كون الإنسان يتَّبع السُّنن، ويحذر من الوقوع في الأمور المحدثة المبتدعة؛ لأنَّ الواجب أن يكون الإنسان متَّبِعًا؛ كما قال الشاعر:
    كلُّ خيرٍ في اتِّبَاعِ مَنْ سَلَفَ ... وكلُّ شرٍّ في ابتداعِ مَنْ خَلَفَ

    المصدر: "شرح سنن ابن ماجه: (الشريط: 153، الدقيقة الأولى، من الساعة الثانية)"
    ------------------------------
    [1] هو بلفظ: (خير النَّاس)، وقد رواه البخاريُّ ومسلمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ... )).



    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    6,557

    افتراضي رد: رسالة " حكم الاحتفال بالمولد والرد على من أجازه " الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله كتبه صالح بن فوزان الفوزان

    يقول الشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله :

    إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَى اللهُ وَسَلَمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصَحَابِهِ أَجْمَعِين.

    ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

    ومما يجب أن نفهمه ونعرفه: أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة؛ أوجب من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين، وأن من لم يحب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو كافر، والأدلة على ذلك قائمة واضحة، ولكن ما طريق هذه المحبة؟

    أولاً: نتكلم عن الأدلة على وجوب محبته صلى الله عليه وسلم أكثر من محبة جميع الخلق.

    يقول الله -سبحانه وتعالى-: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24].

    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس -رضي الله عنه- المتفق على صحته: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُوْنَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِيْنَ.))

    ويقول أيضًا من حديث أنسٍ -رضي الله عنه- وهو متفقٍ عليه أيضًا: ((ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاوَةَ الإيمانِ: أنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سَوَاهُمَا، وَأنْ يُحِبّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إلاَّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ بَعْدَ أنْ أنْقَذَهُ الله مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ((.

    والشاهد من الحديث: ((أنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سَوَاهُمَا))؛ فتكون محبة الله أولاً؛ ثم محبة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهما مرتبطتان؛ لأن من يدعي محبة الله، وهو لا يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو كاذبٌ في دعواه.

    ولما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "يا رسول الله إنك أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يا عمر))؛ أي: حتى أكون أحب إليك من نفسك؛ قال: "والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء حتى من نفسي؛ فقال: ((الآن يا عمر((.

    بل كانت محبتهم له -التي تفوق محبة النفس- تتمثل، ويقيمون دليلاً عليها؛ بطاعته فيما أمر به، وتصديقه فيما أخبر به، وعبادة الله -تبارك وتعالى- وفق شرعه القويم، والبعد عن كل ما حذر منه أو نهى عنه، أو زجر منه أو نهى عنه. ذلك هو طريق محبته صلى الله عليه وسلم.

    وليس طريق محبته؛ إقامة الموالد والحفلات والأعياد السنوية التي قلدنا فيها اليهود والنصارى وأعداء الإسلام؛ فمنا من يقيم تلك الحفلات وهو لا يصلي، ولا يتبع هديه صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف من سيرته شيء، وإنما هي حفلات يحضرها كل عام، ويأكل ويشرب ويرتع كما ترتع الأنعام، ويقرأ بعض القصائد وبعض المدائح فحسب! بينما تجده لا يمثل الإسلام لا ظاهرًا ولا باطنًا.

    وتلك الأعياد والحفلات إنما وقعت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو أربعة قرون، وبناءً على ذلك فإن ثمة سؤالاً يطرح نفسه؛ لما لم يفعل هذا الصحابة؟ لما لم يفعل هذا التابعون؟ لما لم يفعل هذا الأئمة الأربعة؟ أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد -رحمهم الله تعالى- وغيرهم من أئمة الدين؛ كالأوزاعي والليث، والسُفيَانين، وعبد الرزاق، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، والطحاوي، وغيرهم من أئمة الهدى والدين، لما لم يفعلوا ذلك؟ هل قصروا في تنفيذ أمره صلى الله عليه وسلم؟ ما الجواب؟ هل قصروا في ذلك؟! هل بلغنا علمٌ لم يبلغهم؟! هل نزل وحيٌ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! هل كنا نحن المتأخرين -الذين وقعنا في تلك الأعياد الجاهلية- هل نحن أعلم منهم، أو أفقهم منهم، أو هل ندانيهم أو نساوي عُشْرَ مِعْشَارِهم؟! حتى يأتي من يأتي بعد القرن الرابع؛ فيشرع هذه التشريعات الجاهلية! ويقيم تلك الأعياد البدعية الجاهلية؟! من الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم، أو غيره من الموالد؟ إن هذا من أعمال الجاهلية، والجهلة والمبتدعة والخرافيين والدجاجلة الذين يأكلون أموال الناس بالباطل؛ ولذلك أنا ضربت لكم مثلاً بفرط وشدة حبة الصحابة له عليه الصلاة والسلام. أكثروا من الصلوات والسلام عليه وبخاصة في يوم الجمعة، ولا تكونوا بخلاء، ولا تكونوا من قوم "صلعم"، أو من قوم "ص"، تلك العادات الصحفية التي تبخل حتى أن تكتب "صلى الله عليه وسلم"! وإنما يكتبون حرف الصاد، أو يكتبون صلعم، يختزلون اختزالاً، نسأل الله العافية والسلامة، ((رغم أنف امرئٍ ذكرت عنده فلم يصل عليَّ)) صلى الله عليه وسلم.

    ولا تتحول الصلاة والسلام عليه إلى أغاني وأناشيد، وابتهالات وتكسر بالصوت وألحان؛ كما يجري في بعض البلاد الإسلامية دبر كل صلاة؛ هذا أيضًا من أعمال الجاهلية، هذا بدعة؛ وإنما تصلى وتسلم عليه بنفسك، دون ارتباط بلفظٍ جماعيٍ، وأفضل الصلاة والسلام عليه، أفضل صيغة؛ هي الصلاة الإبراهيمية التي أُمرنا نقرأها في التشهد، وقد اختصرها الصحابة في جملة واحدة وهي: "صلى الله عليه وسلم"؛ فمحبته صلى الله عليه وسلم ليست في هذه الطقوس، وليس في إقامة تلك الحفلات، ولا في الأغاني والأناشيد، والأهازيج، ولا في إقامة الموالد والأعياد الجاهلية؛ وإنما تكون محبته باتباعه والسير على نهجه، والعض على سنته بالنواجذ، وتطبيقها ظاهرًا وباطنًا، قولاً وعملاً واعتقادًا؛ قال الله -عزَّ وجل-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].

    وقال الله -تبارك وتعالى- أيضًا: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].

    فدليل محبة الله ورسوله؛ إتباعه صلى الله عليه وسلم في هديه وسيرته وسنته وتطبيق شرعه، ويقول الله -جل وعلا-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].

    ويقول -سبحانه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].

    فهذا هو طريق المحبة، ودليل المحبة، أما أن ندعي المحبة ونحن نترك أوامره ونقع في محارمه؛ فهذه دعاوى كاذبة، لم يُقَم عليها دليل؛ حتى وإن فعلنا آلاف الحفلات فإن ذلك زبد، {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17].

    فإقامة الحفلات ما هو إلا زبد، ولو ترنم به الملايين عبر الإذاعات ووسائل الإعلام في كل عام، ولو رأينا الكثير يفعله؛ فإن العبرة ليست بالكثرة؛ وإنما العبرة بإقامة العمل على دليل وبرهان واضح من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وإلا فالكثرة فقد ذمها الله -عزَّ وجل- إذا لم تكن على حق وهدى؛ قال الله -جل وعلا-:

    {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام: 116]

    وقال -تبارك وتعالى-: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13]

    {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103]

    {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106]

    فلابد -يا عبد الله!- من أن نقيم البرهان والدليل على صدقنا في دعوى محبته صلى الله عليه وسلم، ولا يكفي أن ندعي هذه الدعاوى دون إقامة الدليل.

    طيب، لو اعترض معترض؛ فقال: أنتم بيَّنتم طريق المحبة، وأدلته من الكتاب والسنة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه؛ ألم يُسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الاثنين؛ فأمر بصيامه، وقال: ((إنه يومٌ ولدت فيه، وأنزل عليَّ فيه))؛ أليس هذا الحديث صحيحًا؟ الحديث صحيح.

    سُأل عن صوم يوم الاثنين؛ قال: ((هو يوم ولدت فيه، ويوم أُنزل عليَّ فيه، أو بعثت فيه((.

    السؤال ما هو؟ هل هذا دليل على إقامة حفلات المولد؟

    بعض الخرافيين والمبتدعة يستدلون به زورًا وبهتانًا، وظلمًا وعدونًا، زاعمين أو متعلقين بكلمة: ((يومٌ ولدت فيه))؛ لكن عدة أسئلة تبطل هذا الاستدلال.

    أولاً: ما الذي سُأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم؟

    يومٌ في السنة؟ أو يومٌ من كل أسبوع؟

    يومٌ من كل أسبوع؛ وهو يوم الاثنين، وليس اليوم الثاني عشر من ربيع الأول؛ وإنما سُأل عن صيام يوم الاثنين.

    ثانيًا: أن المسئول عنه هل هو الحفلات أم الصوم؟ إقامة المأدبات والحفلات أم الصوم؟

    الصوم؛ فإنما يفعل للمولد عكس ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصيام.

    وثالثًا: أن المقصود يوم اثنين في السنة ولا يوم الاثنين من كل أسبوع؟

    يوم الاثنين من كل أسبوع، فمن حافظ على صوم ذلك يكون في نهاية العام قد صام كم يوم؟ ها؟ أين الذين يجيدون الحساب؟

    أكثر من 48؛ لأن الشهر يزيد على الأربعة أسابع يومين؛ أليس كذلك؟ يوم أحيانًا ويومين أحيانًا أخرى.

    فيكون قد صام قرابة خمسين يومًا؛ لو قلنا أن السنة خمسون أسبوعًا، وتتكرر فيه كم يوم من الاثنين؟ خمسون يومًا.

    فيكون لو صام من كل أسبوع يوم الاثنين؛ يكون قد صام خمسين يومًا.

    رابعًا: أن الذي اتفقت عليه السير أن مولده كان في يوم الاثنين بالفعل، وأما تحديد الشهر واليوم من الشهر فإن ذلك فيه عشرات الأقوال، مُختَلَفٌ فيه اختلافًا بينًا؛ فقيل في ربيع الأول، وقيل في رجب، وقيل في ذي القعدة، وقيل في غير ذلك، وقيل في الثامن وقيل في التاسع وقيل في الثاني عشر، وقيل غير ذلك، ونحن لسنا متعبدين بمعرفة التواريخ؛ اللهم إلا يومًا عظمه النبي صلى الله عليه وسلم وأمرنا بتعظيمه، أو صيامه أو العمل به؛ كأيام الحج، وصوم رمضان، ونحو ذلك، وصوم الاثنين والخميس، وثلاثة أيام من كل شهر، وستة من شوال، ويوم عاشوراء، ويوم عرفة، والأيام البيض؛ هذه التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن اتفقنا أن دليل محبته أن نتبعه وأن نسير على نهجه، وأن نهتدي بهديه.

    فإذا كان التاريخ قد اختُلِفَ فيه؛ فإن الذي ينبغي لنا أن نفهمه أنه قد حصل مولده يوم الاثنين الذي أمرنا بصيامه، وإذا أردنا إجلاله وتعظيمه؛ فلنتبعه في ذلك، فنصوم يوم الاثنين تأسيًا به صلى الله عليه وسلم.

    يُضاف إلى هذا أن يوم الاثنين هو يومٌ تعرض فيه الأعمال على الله -عز وجل- يوم الاثنين، ويوم الخميس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ذلك؛ ويقول: ((أريد أن يعرض عملي وأنا صائم((.

    فعلينا أن نتأسى به -عباد الله- بدلاً من أن نحول محبته إلى طقوس ما أنزل الله بها من سلطان، فيحضر المغنيين والمغنيات، وتقرأ قصيدة البردة الشركية الوثنية، التي ملأت بالشرك والبدع والخرافات، ولو لم يكن فيها إلا قول صاحبها: «يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند نزول الحادث العمم» لكفى بذلك شركًا، وأعظم منه، وأخطر منه، وأخبث منه؛ البيت الذي يقول: «وإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم» فما ترك -المسكين- لله -عز وجل- ذرة في الكون إلا وهي من جود النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم هو جود من الله، ورحمة من الله مزداة، ونعمة من لله -تبارك وتعالى- على هذه الأمة، وليست السموات والأرض من جوده؛ بل هو نفسه عليه الصلاة والسلام فضلٌ من الله علينا ورحمة من الله علينا، ومن جود الله -تبارك وتعالى- علينا، وليست الدنيا والآخرة من جوده عليه الصلاة والسلام ولا من جود غيره؛ كما أن علمه من علم الله، وليس المراد أن علم الله مستمدٌ من علمه؛ لأنه إذا قلنا: «ومن علومك علم اللوح والقلم»، كأن ما في اللوح والقلم مستمد من علم النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح هو العكس أن الله -تبارك وتعالى- هو الذي علمه وألهمه وأوحى إليه، وأما علوم اللوح والقلم فهي خاصة بالله -سبحانه وتعالى- ولم تؤخذ من علم أحد لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل.

    وأدهى من هذا الهراء الذي يدعون؛ أنهم يزعمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحضر ذلك المولد! ويقيمون قومة رجل واحد بدعوى أنه يحضر، سبحان الله!

    حاشاه صلى الله عليه وسلم أن يحضر مجالس اللهو والرقص والطرب والموسيقى والألحان والغناء والبذخ والبدع والخرافات. حاشاه ذلك صلى الله عليه وسلم، ينزه عن ذلك، ومبرأٌ عن ذلك.

    ثم إنه لا يحضر عند أحد، ولا يراه أحدٌ يقظةً، ومن زعم هذا الزعم؛ فقد أعظم على الله الفرية؛ من ادعى أنه يراه يقظة؛ كما نشرت بعض الصحوف المشبوهة المريضة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يُرى يقظةً، من يزعم ذلك فإنه كذاب أشر، ودجال، ومتقول على الله -عزَّ وجل-، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم.

    نعم، رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حقٌ؛ إذ أنه لا يتمثل به الشيطان، وهو خاصٌ بالمنام لا في اليقظة، ولكن لهذه الدعوى شروط، لتصديق هذه الدعوى شروط.

    ما هي هذه الشروط؟

    أولاً: أن يكون مدَّعي هذه الرؤيا من ذوي الصلاح والاستقامة والتقى، أما لو كان مدعي الرؤيا من عباد القبور والخرافيين والمبتدعة، والذين يتعلقون بغير الله؛ لا نصدقه في دعواه، ولو ادعى من هنا إلى يوم القيامة.

    وثانيًا: ألا يصفه بوصفٍ لا يليق؛ أي بمعنى: أن يصفه بالأوصاف التي جاءت بها السنة والسيرة الصحيحة.

    ثالثًا: ألا يدعي أنه أمره بأمر يخالف الكتاب والسنة وما جاء به من عند الله؛ فلو ادعى أنه أمره بصلاة سادسة، أو بذكر معين غير ما جاء في الكتاب والسنة، أو بالتعلق بغير الله -عزَّ وجل-، أو بالاعتداء على فلان أو بقتل فلان؛ قلنا له: لست صادقًا في هذه الدعوى؛ وإنما هي فرية افتريتها.

    فإذا توافرت هذه الشروط؛ فالرؤيا ما حكمها؟ حقٌ؛ يُتفاءل بها ويُستأنس بها، ويُؤمل فيها خيرًا.

    وأما دعوى الرؤية يقظة فهذه فرية؛ افتراها بعض المتأخرين من الخرافيين والمبتدعة؛ يهزون رؤوسهم ويرقصون ويقومون ويقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حضر هذه الحضرة! والله أنهم كذابون، وأفاكون ودجالون، لا يمكن للمصطفى صلى الله عليه وسلم -ويُنزَّهُ- أن يحضر مثل هذه الخرافات.

    الرسول صلى الله عليه وسلم ما حضر لما ثارت الفتن، وأثارها اليهودي عبد الله بن سبأ -أخزاه الله-، لم يحضر الخلاف الذي نشأ بين الصحابة -رضوان الله عليهم-. لما لم يحضره ويفضه ويصلح أمرهم؟ لأنه قد انقطع من أمور الدنيا تمامًا، وانقطع بذلك الوحي من السماء.

    شوهد بلال -رضي الله عنه- يومًا من الأيام يبكي؛ فقيل له: كيف تبكي؟! وقد انتقل النبي صلى الله عليه وسلم لما هو أفضل من هذه الدنيا -التي هي دار ممر ودار معبر ومتاعب ومآسي-؛ قال: والله لا أبكي الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن كنت أحبه لا أبكي كونه انتقل إلى الدار الآخرة؛ لأن ذلك خيرٌ له، ولكنني أبكي انقطاع الوحي من السماء" هذا هو الفقه بعينه. وليس الذين يتراقصون كما تتراقص النساء، ويدعون أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يحضر ذلك المرقص، الذي سموه "حفل مولد"!!

    فماذا بعد الحق إلا الضلال؟!

    على المسلم أن يتجرد من التقليد الأعمى، ومن التعصب، وأن يجتهد فيما أمره الله به، وفي تطبيق هدي النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أن يلقى الله -جل وعلا-.

    أسأل الله الكريم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن يجعلنا وإياكم ممن يحبه ويقتدي به ويتبعه، وأن يحشرنا معه يوم القيامة، وأن يرزقنا وإياكم شربة من حوضه، شربة لا نظمأ بعدها أبدًا، وأن يجعلنا ممن وُفِّقَ لإحياء سنته، وطاعته ومحبته على الوجه الذي يُرضي الله -سبحانه وتعالى-.

    بتصرف من شريط الطريق لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ العلامة صالح بن سعد السحيمي حظه الله

    هذه ملفات رفعتها على موقع نور اليقين
    حمل من هنا


    http://www.up.noor-alyaqeen.com/ucp.php?go=fileuser



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. العلامة عُبيد الجابري يصف "إبراهيم الرحيلي" و "عبد العزيز الريّس" و "الحلبي" بـ: (المُتلوِّثين)
    بواسطة أبو أنس سفيان المغربي في المنتدى منبر الرد على أهل الفتن والبدع والفكر الإرهابي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-May-2014, 12:37 PM
  2. [جديد] العلامة عُبيد الجابري يصف "إبراهيم الرحيلي" و "عبد العزيز الريّس" و "الحلبي" بـ: (المُتلوِّثين)
    بواسطة أبومعاذ أحمد جمعة القبائلي في المنتدى منبر الرد على أهل الفتن والبدع والفكر الإرهابي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 27-Feb-2014, 08:32 AM
  3. [صوتيا] شرح رسالة "الأسباب والأعمال التي يُضاعف بها الثواب" للشيخ السعدي -رحمه الله- شرح الشيخ عبد الرزاق البدر -حفظه الله-
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى مكتبة الأمين العلمية الــشـاملة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31-Mar-2013, 10:46 AM
  4. تأصيلاتٌ قيِّمة في الردِّ على بدعة الاحتفال بالمولد النَّبويّ الشيخ: محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
    بواسطة أبو ياسر إسماعيل بن علي في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 20-Jan-2013, 11:30 AM
  5. هل الاحتفال بالمولد بدعة أو سنة ؟ ومتى عرف هذا الاحتفال ، متى بدأ ؟يجيبك الشيخ محمد أمان الجامي
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-Feb-2011, 11:52 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •