السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فتوى الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في حكم الدارسة الاختلاطية
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ كما في شريط ( كلمة إلى دعاة الجزائر) المسجل بتاريخ : 23 صفر 1421 هجرية (1) .
السؤال : حكم دراسة الطب في جامعة مختلطة هل يعد هذا ضرورة شرعية ؟.
الجواب : هذا ليس بضرورة , فالواجب عليه على المسؤولين في البلاد الإسلامية أن يفرقوا بين الرجال والنساء لأن الإختلاط قضية , ولو أن الناس امتنعوا عن دخول الدراسة , عن دخول الجامعات وما أشبهها المختلطة لاضطر الحكام إلى التميز والتفريق , فأرى أنه لا يجوز الإختلاط لا في الطب ولا في غيره .
السائل : حتى في العلوم الشرعية؟! .
(1) هذه الفتوى للشيخ ـ رحمه الله ـ هي المعتمدة والأخيرة كما ترى من تاريخها , فمن المعلوم أن وفاته ـ رحمه الله ـ كانت بتاريخ : 15 شوال 1421 هجرية . ثم هي التي استقر قوله عليها , كما أخبرني بذلك بعض طلابه ـ رحمه الله ـ .
الشيخ : حتى في العلوم الشرعية , إلا إذا كان النساء محشورات في مكان يدخلن من باب ويخرجن منه , لا يختلطن بالرجال .إهـ
وسئل ـ رحمه الله ـ :
هل يجوز للرجل أن يدرس في جامعة يختلط فيها الرجال والنساء في قاعة واحدة علما بأن الطالب له دور في الدعوة إلى الله ؟
الجواب : الذي أراه أنه لا يجوز للإنسان رجلا كان أو إمرة أن يدرس بمدارس مختلطة وذلك لما فيه من الخطر العظيم على عفته ونزاهته وأخلاقه فإن الإنسان مهما كان من النزاهة و الأخلاق والبراءة إذا كان إلى جانبه في الكرسي الذي هو فيه امرأة و لا سيما إذا كانت جميلة ومتبرجة لا يكاد يسلم من الفتنة و الشر . وكل ما أدى إلى الفتنة و الشر فإنه حرام ولا يجوز , فنسأل الله سبحانه و تعالى لإخواننا المسلمين أن يعصمهم من مثل هذه الأمور التي لاتعود إلى شبابهم إلا بالشر والفتنة والفساد .. حتى وإن لم يجد إلا هذه الجامعة يترك الدراسة إلى بلد آخر ليس فيه هذا الإختلاط , فأنا لا أرى جواز هذا وربما غيري يرى شيئا آخر .
* راجع رسالة : فتاوى النظر والخلوة و الإختلاط . جمع وترتيب الشيخ المسند ص26 .
وسئل – رحمه الله - :
السؤال : شاب يقول : إنه من أسرة غنية يدرس في مدرسة مختلطة مما ساعده على إقامة علاقات شائنة مع الجنس الآخر , وقد غرق في المعاصي , فماذا يفعل حتى يقلع عما هو فيه ؟ وهل له من توبة ؟ وما شروط هذه التوبة ؟
الجواب : في هذا السؤال مسألتان :
ا لأولى : ما ينبغي أن نوجهه للمسؤولين في الدول الإسلامية حيث مكنوا شعوبهم من الدراسة في مدارس مختلطة , لأن هذا الوضع مخالف للشريعة الإسلامية وما ينبغي أن يكون عليه المسلمون .
وقد قال ﷺ : « خير صفوف النساء آخرها , وشرها أولها »(1) , وذلك لأن الصف الأول قريب من الرجال , والصف الآخر بعيد منهم , فإذا كان التباعد بين الرجال و النساء وعدم الإختلاط بينهم مرغب فيه حتى في أماكن العبادة كالصلاة التي يشعر المصلي فيها بأنه بين يدي ربه بعيدا عما يتعلق بالدنيا , فما بالك إذا كان الإختلاط في المدارس أفلا يكون التباعد وترك الإختلاط أولى ؟ إن اختلاط الرجال بالنساء لفتنة كبرى زينها أعداؤنا حتى وقع الكثير منا .
«1» رواه مسلم «440» عن أبي هريرة . وقد تقدم .
وفي صحيح البخاري عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت : « كان رسول الله ﷺ إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث يسيرا قبل أن يقوم » (1). قال ابن شهاب : فأرى والله أعلم أن مكثه لينفذ النساء قبل أن يدركهن من الانصراف من القوم .
إن على المسؤولين في الدول الإسلامية أن يولوا هذا الأمر عناية وأن يحموا شعوبهم من أسباب الشر و الفتنة , فإن الله تعالى سوف يسألهم عمن ولَّاهم عليه . وليعلموا أنهم متى أطاعوا الله تعالى وحكموا شرعه في كل قليل وكثير من أمورهم فإن الله تعالى سيجمع القلوب عليهم ويملؤها محبة ونصحا لهم , وييسر لهم أمورهم وتدين لهم شعوبهم بالولاء والطاعة .
ولتفكر الأمة الإسلامية حكاما ومحكومين بما حصل من الشر والفساد في ذلك الإختلاط و أجلى مثال لذلك وأكبر شاهد ما ذكره السائل من العلاقات الشائنة التي يحاول الآن التخلص من أثرها و آثامها .
إن فتنة الإختلاط يمكن القضاء عليها بصدق النية و العزيمة الأكيدة على الإصلاح وذلك بإنشاء مدارس ومعاهد وكليات وجامعات تختص بالنساء ولا يشاركهن فيها الرجال .
«1» البخاري «849» عن أم سلمة – رضي الله عنها - .
وإذا كان النساء شقائق الرجال فلهن الحق في تعلم ما ينفعهن كما للرجال لكن لهن علينا أن يكون حقل تعليمهن في منأى عن حقل تعليم الرجال , وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ فقالت : يا رسول الله , ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله , فقال : « اجتمعن في يوم كذا وكذا , في مكان كذا وكذا ». فاجتمعن فأتاهن رسول الله ﷺ فعلمهن مما علمه الله .الحديث (1)
وهو ظاهر في افراد النساء للتعليم في مكان خاص إذ لم يقل لهن ألا تحضرن مع الرجال .
أسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين عموما للسير على ما كان عليه النبي ﷺ وأصحابه لينالوا بذلك العزة والكرامة في الدنيا و الآخرة .
وأما المسألة الثانية : فهي سؤال السائل الذي ذكر عن نفسه أنه غارق في المعاصي بإقامة العلاقات الشائنة بالجنس الآخر , ماذا يفعل وهل له من توبة وما شروطها فإني أبشره أن باب التوبة مفتوح لكل تائب , وأن الله يحب التوابين ويغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها , قال الله تعالى :﴿ والذين لا يدعون مع الله
(1) متفق عليه : البخاري (101) ومسلم (2633), عن أبي سعيد الخدري .
إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى أثاما , يضعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وءامن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ﴾
وأما شروط التوبة فهي خمسة :
الشرط الأول : أن تكون التوبة خالصة لله عز وجل لا رياء فيها ولا خشية أحد من المخلوقين , وإنما تكون ابتغاء مرضاة الله تعالى لأن كل عمل يتقرب به الإنسان إلى ربه غير مخلص له فيه فإنه حابط باطل , قال الله تعالى في الحديث القدسي : « أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه أحد غيري تركته وشركه »(1) .
الشرط الثاني : أن يندم عل ما فعله من الذنب و يتأثر , ويرى نفسه خاطئا في ذلك حتى يشعر أنه محتاج لمغفرة الله و عفوه .
الشرط الثالث : الإقلاع عن الذنب إن كان متلبسا به , لأنه لا توبة مع الإصرار على الذنب , فلو قال المذنب إني تائب من الذنب وهو يمارسه لعد ذلك من الاستهزاء بالله عز و جل , إنك لو خاطبت أحدا وقلت له إني نادم على ما بادر
(1) رواه مسلم (2985) عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنها - .
مني لك من سوء الأدب وأنت تمارس سوء الأدب معه فكأنك تستهزئ به والرب عز و جل أعظم و أجل من أن تدعي أنك تبت من معصيته , وأنت مصر عليها .
الشرط الرابع : العزم أن لا يعود إلى المعصية في المستقبل .
الشرط الخامس : أن تكون التوبة في وقتها الذي تقبل فيه من التائب بأن تكون قبل أن يعاين الإنسان الموت وقبل أن تطلع الشمس من مغربها فإن كانت بعد طلوع الشمس من مغربها لن تنفع لقوله تعالى :﴿ هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملا ئكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون ﴾ . وهذا البعض هو طلوع الشمس من مغربها , وكذلك عند حضور الموت لأن الله تعالى قال :﴿ وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما ﴾
هذه الشروط الخمسة إن تحققت فيك فإن توبتك مقبولة إن شاء الله . إهـ كلامه رحمه الله .
* المصدر السابق ص :17_23 .
وسئل – رحمه الله - :
ماهو ردكم على من يقول بجواز الدراسة في الجامعات المختلطة بحجة
أن الاختلاط موجود في كل مكان في الشوارع و الحافلات و المحلات؟
الجواب : ردنا على هذا أن نقول أن الطالب يجلس إلى الطالبة جنبا إلى جنب و
فخذا إلى فخذ ويحس بحرارتها وتحس بحرارته وهذا لابدّ أن يحدث فتنة أفهمت؟
بخلاف الأسواق , الأسواق كل في سبيله لا يقف أحد عند أحد.
فالفرق ظاهر جداَ.
«من كتاب تحذير الأنام من أخطاء احمد سلام»
وسئل – رحمه الله - :
هذا المستمع عبد الرحمن يقول إنني أحب قراءة السور القرآنية وأحب
الصلاة وأحب الرجل الذي يصلي واستمع إلى السور القرآنية دائما وانأ لا أصلي
علما أن السبب الذي يجعلني لم أصل هو أنني في مدرسة مختلطة .ماهو الواجب
علي أن اعمله أيضا.يقول وحلفت نذرا علي أن أصوم واصلي عندما انجح من
الصف السادس . هل يجوز نذري هذا في الصلاة والصوم .نرجو منكم الإفادة؟
الجواب: هذا السؤال غريب شاهد من الواقع على فساد المدارس المختلطة وأنها
شر وفتنة ودليل من الواقع على انه يجب على هؤلاء الذين جعلوا مدارسهم مختلطة
- أن يميزوا مدارس النساء عن مدارس الرجال حتى يسلموا من هذه الفتنة العظيمة
التي أوجبت لمثل هذا الشاب أن يضل هذا الضلال في دينه فلا يصلي .وبهذه القصة
الغريبة يتبين الخطر الكامل في المدارس التي يختلط فيها الرجال والنساء ويتبين حكم الشرع في وجوب الفصل بين الرجال و النساء في الدراسة وكذلك في العمل
ولقد ثبت في صحيح البخاري أن امرأة جاءت الني صلى الله عليه وسلم تشكوا إليه أن الرجال غلبوهن على النبي صلى الله عليه وسلم حيث يختلطون به كثيرا ويأخذون من علمه وطلبت منه أي النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيهن ليعلمهن مما علمه الله ووعدهن النبي صلى الله عليه وسلم موعدا في بيت إحداهن وجاء إليهن فعلمهن .
لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم احضرن مع الرجال ليتعلموا ما يتعلمه الرجال و
لكنه صلى الله عليه وسام وعدهن يوما في مكان متحد يعلمهن مما علمه الله ولما كان
النساء يحضرن الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان لا بد من حضورهن
المسجد إذا أردن الجماعة قال الرسول صلى الله عليه وسلم :«خير صفوف النساء
آخرها وشرها أولها » .
كل هذا حثا منه صلوات الله وسلامه عليه على أن تبتعد المرأة من الرجل وفيه بيان أن قرب المرأة من الرجل شر لقوله وشرها أولها فالواجب على المسلمين أن يأخذوا مثل هذا الهدي العظيم الذي به رحمة الخلق وصلاحهم وسعادتهم
وفلاحهم كما قال تعالى مبينا الحكمة في إرسال الني صلى الله عليه وسلم :﴿وما أرسلناك إلا رحمةَ للعالمين﴾ .
فإذا كانت شريعة النبي صلى الله عليه وسلم سببا مقتضيا للرحمة إذا تمسك بها
المسلمون فنصيحتي لهؤلاء الذين جعلوا مدارسهم مختلطة بين الرجال والنساء أن
يتوبوا إلى الله عز وجل من ذلك وان يميزوا بين مدارس الرجال والنساء ويفصلوا
بينهم وتكون المدرسة التي تدرس المختلطين خاصة بالنساء والمدرس الذي يدرس
المختلطين خاصا بالرجال .
نسأل الله تعالى أن يمن على المسلمين بما تقتضيه شريعة نبيهم محمد صلى الله عليه
وسلم من الآداب والأخلاق والعبادات والمعاملات والعقائد السليمة أما الجواب عن سؤاله فان الأفضل للإنسان أن يتعبد لله تعالى من دون نذر ولكن كأن هذا الرجل الذي يحب المصلين ويستمع إلى القرآن كأن هذا الرجل من شدة شفقته و حرصه أن يتوب إلى الله لا ويقوم بما اوجب الله عليه من الصلاة حمله ذلك ذلك الحرص على أن ينذر ويخلف انه إذا خرج من الصف السادس فانه يصلي وإلا فان الأفضل ألا يحلف الإنسان أو ينذر على فعل الطاعة لقول الله تعالى:﴿ واقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إنّ الله خبير بما تعملون﴾ .
فنهى الله عز وجل أن يقسم الإنسان على فعل الطاعة بل يطيع ربه طاعة معروفة
بانقياد تام بدون إقسام ولا نذر هذا وأسأل الله لهذا السائل أن يثبته وأن يزيده من
فضله وهدايته . * مكتبة الفتاوى:نور على الدرب
وسئل – رحمه الله -:
هل يجوز للرجل أن يدرس في جامعة وقاعة يختلط فيها الرجال بالنساء علما بأن
الطالب له دور في الدعوة إلى الله؟
الجواب : الذي أرى أنه لا يجوز للإنسان رجلا كان أو امرأة أن يدرس في جامعات
مختلطة , حتى وان لم يجد إلا هذه الجامعات , وذلك لما فيه من الخطر العظيم على عفته
ونزاهته وأخلاقه , فإن الإنسان مهما كان من النزاهة والأخلاق و البرآءة إذا إلى جنبه
في الكرسي الذي يجلس فيه امرأة ولا سيما إذا كانت جميلة ومتبرجة , لا يكاد يسلم
من الفتنة والشر , وكل ما أدى إلى الفتنة والشر فهو حرام , ولا يجوز .
فنسأل الله سبحانه وتعالى لإخواننا المسلمين أن يعصمهم من مثل هذه الأمور التي
لا تعود على شبابهم إلا بالشر والفتنة والفساد
"دروس وفتاوى في الحرم المكي:315"بواسطة كتاب "فتاوى علماء البلد الحرام"
المصدر البيضاء العلمية




رد مع اقتباس
