وفيك بارك الله أخي مصطفى ولا بأس أن أضيف تعليق الشيخين الفاضلين احمد بازمول وأسامة العتيبي على الموضوع ففيهما مزيد فائدة بإذن الله تعالى .
وهذا تعليق الشيخ الفاضل أحمد بازمول الذي كتبه في سحاب السلفية :
د. أحمد بن عمر با زمول
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخنا العلامة ربيع بن هادي بن عمير المدخلي حفظه الله
حامل راية الجرح والتعديل في هذا العصر
اللهَ اسأل أن يسدد خطاك ويبارك في عمرك وعملك
وأن يثبتك على الحق إلى أن تلقاه
وأن يدخلك الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
وحسن أولئك رفيقاً
وأن يقر بك عيون السلفيين في كل مكان
وأن يجعلك شوكة وشجى في حلوق أهل البدع والأهواء
اللهم آمين
شيخنا لا عطر بعد عروس
ولكني أحببت أن أؤيد كلامك السابق بهذا النقل
قال ابن رجب الحنبلي في كتابه الحكم الجديرة بالإذاعة
(( مخالفة بعض أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم خطأ من غير عمد، مع الاجتهاد على متابعته،
هذا يقع كثيراً من أعيان الأمة من علمائها وصلحائها، ولا إثم فيه، بل صاحبه إذا اجتهد فله أجر على اجتهاده، وخطأه موضوع عنه،
ومع هذا فلا يمنع ذلك من علم أمر الرسول ، نصيحة لله ولرسوله ولعامة المسلمين ، ولا يمنع ذلك من عظمة من خالف أمره خطأ ،
وهب ان هذا المخالف عظيم له قدر وجلالة ، وهو محبوب للمؤمنين إلا أن حق الرسول مقدم على حقه وهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم .
فالواجب : على كل من بلغه أمر الرسول وعرفه أن يبينه للأمة وينصح لهم ، ويأمرهم باتباع أمره وإن خالف ذلك رأي عظيم الأمة،
فإن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم ويقتدى به من رأي معظم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ .
ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم من العلماء على كل من خالف سنة صحيحة ،
وربما أغلظوا في الرد - لا بغضاً له بل هو محبوب عندهم ، معظم في نفوسهم - لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليهم ، وأمره فوق كل أمر مخلوق .
فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أولى ان يقدم ويتبع ،
ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن كان مغفوراً له ، بل ذلك المخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بخلافه ، بل يرضى بمخالفة أمره ومتابعة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم إذا ظهر أمره بخلافه .
كما أوصى الشافعي : إذا صح الحديث في خلاف قوله ؛ أن يتبع الحديث ويترك قوله . وكان يقول : ما ناظرت أحداً فأحببت أن يخطئ ، وما ناظرت أحداً فباليت أظهر الحق على لسانه أو على لساني .
لأن تناظرهم كان لظهور أمر الله ورسوله لا لظهور نفوسهم والانتصار لها .
وكذلك المشايخ والعارفون كانوا يوصون بقبول الحق من كل من قال الحق ؛ صغيراً كان أو كبيراً وينقادون لقوله .
فلا يزال الناس بخير ما كان فيهم الحق وتبيين أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم التي يخطئ من خالفها وإن معذوراً مجتهداً مغفوراً له ،
ولهذا مما خص الله به الأمة لحفظ دينها الذي بعث الله ورسوله صلى الله عليه وسلم - أن لا تجتمع على ضلالة بخلاف الأمم السالفة .
فها هنا أمران :
( أحدهما ) : أن من خالف أمر الرسول في شيء خطأ مع اجتهاده في طاعته ومتابعة أوامره فإنه مغفور له لا ينقص درجته بذلك .
( والثاني ) : أنه لا يمنعنا تعظيمه ومحبته من تبين مخالفة قوله لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونصيحة الأمة بتبيين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم .
ونفس ذلك الرجل المحبوب المعظم لو علم ان قوله مخالف لأمر الرسول فإنه يجب من يبين للأمة ذلك ويرشدهم إلى أمر الرسول ، ويردهم عن قوله في نفسه ، وهذه النكتة تخفى على كثير من الجهال لأسباب .
وظنهم أن الرد على معظم من عالم وصالح تنقص به ، وليس كذلك ، وبسبب الغفلة عن ذلك تبدل دين أهل الكتاب فإنهم اتبعوا زلات علمائهم ، وأعرضوا عما جاءت به أنبياؤهم ، حتى تبدل دينهم واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله . فأحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم ، فكانت تلك عبادتهم إياهم .
فكان كلما كان فيهم رئيس كبير معظم مطاع عند الملوك قبل منه كل ما قال ، وتحمل الملوك الناس على قوله . وليس فيهم من يرد قوله ، ولا يبين مخالفته للدين .
وهذه الأمة عصمها الله عن الاجتماع على ضلالة ، فلا بد أن يكون فيها من يبين أمر الله ورسوله ، ولو اجتهدت الملوك على جمع الأمة خلافه لم يتم لهم أمرهم .
كما جرى مع المأمون والمعتصم والواثق ، حيث اجتهدوا على إظهار القول بخلق القرآن وقتلوا الناس وضربوهم وحبسوهم على ذلك ، وأجابهم العلماء تقية وخوفاً ،
فأقام الله إمام المسلمين في وقتهم أحمد بم حنبل ، فرد باطلهم حتى اضمحل أمرهم ، وصار الحق هو الظاهر في جميع بلاد الإسلام والسنة ،
ولم يكن الإمام أحمد يحابي أحداً في مخالفة شيء من أمر الرسول وإن دق .
ولو عظم مخالفة في نفوس الخلق . فقد تكلم في بعض أعيان مشايخ العلم والدين لمسئلة أخطأها ، فحمل أمره حتى لما مات لم يصل عليه إلا نحو أربعة أنفس ،
وكان كلما تكلم في أحد سقط ، لأن كلامه تعظيم لأمر الله ورسوله لا هوى نفسه .
ولقد كان بشر الحافي يقول لمن سأله عن مرضه : احمد الله إليكم ، بي كذا وكذا . فقيل للإمام أحمد ، وقالوا : هو يبدأ بالحمد قبل أن يصف مرضه ، فقال أحمد : سلوه عمن أخذ هذا ؟ - يعني إن كان هذا لم ينقل عن السلف فلا يقبل منه - فقال بشر : عندي فيه أثر ، ثم روى بإسناده عن بعض السلف قال : " من بدأ بالحمد قبل الشكوى لم تكتب عليه شكوى " . فبلغ الإمام أحمد فقبل قوله .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " .
فأمر الله ورسوله بالرد على من خالف أمر الله ورسوله ، والرد على من خالف أمر الله ورسوله لا يتلقى إلا عمن عرف ما جاء به الرسول وخبره خبرة تامة ))
انتهى كلامه رحمه الله تعالى باختصار يسير .
ابنكم المحب
أحمد بن عمر بازمول
صباح يوم الخميس الموافق 24 رجب 1433هـ
والثاني تعليق الشيخ أسامة العتيبي حفظه الله تعالى :
أبو عمر أسامة العتيبي
حفظكم الله شيخنا ربيع بن هادي المدخلي، وأمد في عمركم، وأحسن لكم في عملكم..
وجزاكم الله خيراً على ما بينتم ..
وهذه مشاركة سابقة كتبتها حول موضوع حمل المجمل على المفصل:
وقاعدة حمل المجمل على المفصل إنما هي من مباحث دلالات الألفاظ، والمجمل هو ما لا يكفي للعمل به وحده إلا مع وجود ما يبينه ويفصله ..
وهذه القاعدة بهذا التعريف حتى لو قال بها بعض العلماء إنما مرادهم في كلمات تصدر من الأشخاص لا تكون واضحة الدولة على بدعة أو كفر أو فسق بل تكون مجملة غير واضحة ..
والأمر في هذا قريب مع كون الصواب هو منع حمل المجمل على المفصل في كلام الناس..
لكن المصيبة العظيمة أنهم يأتون إلى كلام صريح في وحدة الوجود والحلول، وإلى كلام صريح في لعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وإلى كلام صريح في شتم الرسول صلى الله عليه وسلم أو في نفي صفات رب العالمين أو الطعن في نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام، أو إلى كلام واضح في تقرير مذهب الخوارج ونحو ذلك فيجعلون تلك الألفاظ الصريحة الواضحة الدلالة من المجمل!!
فهذه مصيبتهم تحويل الصريح في اللفظ إلى مجمل!! وربما تلاعبوا في الألفاظ لخداع الأغمار فقالوا: (مجمل في الأحوال والأفعال) كما يقرره المأربي المبتدع الضال!
فإذا قيل لهم: هذا الكاتب لعن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قالوا : لا تظلمه! يجب العدل معه! قد وجدنا له في كتاب آخر الترضي عن أبي بكر وعمر !!
فيجعلون تناقض الكاتب مقبولاً، ويبررون له بدعته أو كفره أو فسقه بمثل هذه القواعد الفاسدة ..
وبمثل هذه القواعد استطاع الزنادقة خداع كثير من المسلمين كما فعل ابن عربي الصوفي وغيره، فيتكلمون بكلام صريح في الاتحاد ويتكلمون بكلام صريح في إثبات الافتراق عكس الاتحاد، حتى إذا أنكر عليهم أهل الإسلام قالوا: أنتم لم تفهموا كلامناً ، ويجب أن تحملوا مجملنا على مفصلنا!! رغم أنه مفصل في الموضعين وليس بمجمل!
وهكذا يفعل المأربي والحلبي وأضرابهما من أهل البدع يقررون الباطل الصريح في مواضع، ويقررون خلافه في مواضع، فإذا أنكر عليهم السلفي قال: إني قلت بما يوافق السلف في المكان الفلاني، وما قصدت وما أردت، ولابد من حمل مجمل كلامي على مفصله!
فإذا قالوا لمشهور: أنت تثني على القرضاوي في بعض المواضع، وكذلك على أبي غدة، وكذلك على جمال الدين الأفغاني الماسوني! قال: هذا مجمل، ولي كلام كثير في نصرة منهج السلف، بل لي كلام في الرد على القرضاوي وعلى غيره!
رغم أنه في رده على القرضاوي في بعض المواضع قلل من قيمة الردود على القرضاوي بأنه لم يجد ما يشفي ويكفي وأنه لابد من تتبع كتب القرضاوي للرد عليه أو نحو هذا الكلام، وهذا الكلام بسبب تشربه لقاعدة : لا يرد على الكاتب (أو لا يحذر من كتاب أو كاتب أو لا يجب ذلك أو أن العدل لا يتحقق) حتى تقرأ كتبه كلها!! المنبثقة من قاعدة: حمل المجمل على المفصل في كلام الناس!!
فاحذروا رعاكم الله من كيد أهل البدع وتحريفاتهم، واعرفوا مرادهم بقاعدة حمل المجمل على المفصل،وأنهم خالفوا فيها أهل الأصول الفحول، وأتوا بما يخالف المنقول والمعقول، وسلكوا سبيلاً شاقوا فيه طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، واتبعوا غير سبيل المؤمنين بعد تبين الحق ووضوح الهدى ..
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
وأصل المشاركة هنا:
http://www.sahab.net...howtopic=121285




رد مع اقتباس
