بيان خطأ من أخطأ على الربيع في مسألة الإلزام بالتبديع
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أما بعد:فإن من علامات أهل التشغيب ترك الكلام الواضح لأهل العلم والذي يعارض تخبطاتهم والتمسك بما يظنوه هم موافقاً لهم، وهذا لا يدلك إلا على الهوى الذي ارتكز بين أضلاعهم نسأل الله العافية والسلامة.
ومن ذلك ما زعمه بعض الجهلة بأن العلامة ربيع بن هادي المدخلي يقول بعدم الإلزام بالتبديع وأخذوا ينشرون كلامه-على غير عادتهم طبعاً-وهم في الحقيقة إنما أتوا من قبل جهلهم وسوء طويتهم كما سترى، ولكن قبل بيان ذلك أشير إلى أمر أراه مهماً وهو:
أن هؤلاء القوم يزعمون بنشرهم لهذا الكلام للعلامة ربيع حفظه الله التمسك بكلامه وحقيقة الأمر على خلاف ذلك:
فأين هم من كلام العلامة ربيع في ابن جبرين هل رفعوا به رأساً؟
أين هم من تحذير العلامة ربيع حفظه الله من الطويل ...هل رفعوا به رأساً؟
أين هم من تبديع الربيع لعلي الحلبي ...هل رفعوا به رأساً؟
بل أين هم من نقد العلامة ربيع المدخلي لقاعدة"لا يلزمني" ومن كلامه الواضح في مسألة الإلزام بالتبديع...
هل رفعوا به رأساً([1])
الجواب على الأسئلة السابقة كلها:
لا. لم يرفعوا بتقريرات وتحذيرات وأحكام الإمام الربيع رأساً !!
أما هذه المرة فأخذوا بما ظنوه موافقاً لما يقرره مشايخهم ونشروه وبثوه لا لأنهم يجلون العلامة الربيع بل لإحراج السلفيين.
ولكن كعادة القوم اجتمع لهم إلى جانب الجهل سوء الفهم
فقالوا:
قال العلامة ربيع بن هادي في مجموع الكتب والرسائل(15/220):
"يسألك : هل ابن حجر مبتدع أو ليس مبتدع ؟
تقول ما أستطيع أن أقول مبتدع ، أقول : أشعري عنده أشعرية بينت ،
يقول : لا ، قل مبتدع .ما يلزمني شرعا أن أقول هذا ,
السلف كثيرا ما يترجمون لبعض المبتدعة ولا يقول أحدهم مبتدع ولا يقول قدري ولا يقول رافضي ،
يترجم له ويمشي ، فلا يلزمني أن أقول فلان مبتدع فلان مبتدع ، يلزمني أن أبين بدعه وأحذر منها."
أقول:
فطار القوم بهذا الكلام في كل مطار وظنوه أنه في مسألة الإلزام بالتبديع أي بالحكم وهذا باطل فكلام الإمام الربيع حفظه الله في مسألة الإلزام بقول لفظة " مبتدع" وبين الأمرين فرق واضح
وهذا الإلزام هو طريقة الحدادية التي حاربها علماء المنهج السلفي وعلى رأسهم العلامة ربيع حفظه الله حيث قال في "منهج الحدادية":
" لا يكفي عندهم أن تقول: عند فلان أشعرية مثلاً أو أشعري، بل لابد أن تقول: مبتدع وإلا فالحرب والهجران والتبديع."
فكلام الربيع الذي طار به هؤلاء الجهلة ليس في مسألة الإلزام بحكم التبديع إنما في مسألة قول لفظة مبتدع على كل مبتدع أو من وقع في بدعة وعدم الاكتفاء من المتكلم بقول فلان أشعري أو فلان صوفي...فتأمل!
ألا ترى أن الشيخ قد قال:
"السلف كثيرا ما يترجمون لبعض المبتدعةولا يقول أحدهم مبتدع ولا يقول قدري ولا يقول رافضي"
أقول:
فتأمل قوله"يترجمون لبعض المبتدعة" ولم يقل يحكمون على بعض المبتدعة بل هي تراجم لمبتدعة قد حُكم عليهم وانتهى أمرهم...
فهم مبتدعة لكن لم يقولوا عنهم أثناء الكلام عليهم في التراجم أو غيرها "فلان مبتدع"
فالإلزام بهذا أي بقول فلان مبتدع أو فلان قدري عند كل ذكر له وأن من لم يفعل ذلك يكون مبتدعاً هذه طريقة الحدادية التي حاربها السلفيون وكان العلامة ربيع يحذر منها في هذا الموضع الذي تكلم فيه.
والذي يلزم شرعاً عند ذكر هذا المبتدع ليس قول مبتدع عنه في كل موضع بل الذي يلزم شرعاً التحذير من بدعه ومما وقع فيه فقال الشيخ حفظه الله:
"فلا يلزمني أن أقول فلان مبتدع فلان مبتدع ، يلزمني أن أبين بدعه وأحذر منها"
فكلامه حفظه الله في مسألة الإلزام بقول كلمة مبتدع على الأشعري والقدري والرافضي عند كل ذكر له وليس كلامه في مسألة الإلزام بالحكم عليه فافهم ذلك.
****أما كلام العلامة ربيع حفظه الله في مسألة الإلزام بحكم التبديع والتي هي غير مسألة الإلزام بقول لفظة "مبتدع " والتي طار بها القوم فهاهو ذا:
سؤال:
بعضهم يقول : قاعدة" من لم يبدع مبتدعا، أو المبتدع فهو مبتدع" غريب عن منهج السلف ، فما هو تعليق فضيلتكم على هذا الكلام؟
الجواب :
الإطلاق على من لم يبدِّع المبتدع فهو مبتدع فهذا ليس بصحيح، لأن هذا قد لايكون يعرف هذا ببدعته ، فلا يبدّعه تورعا ، فلماذا تُبدِّعه؟أما إن كان يعرف المبتدع ، ويحبه ، ويواليه،فهذا مبتدع، فهذا هو الفصل في هذه القضية، يَعرف أن هذا مبتدع ويناصره ويحارب أهل السنة والجماعة هذا مبتدع .. لاشك.
أما إنسان ما عرف أنه مبتدع فلا تُبدعه ، فلا تطلق عليه هذه القاعدة ، الذي تدرُسه وتعرف أنه يوالي المبتدع وينافع عنه ويحارب أهل السنة من أجله ولأجل هذا الباطل ، هذا مبتدع ضالّ.
أما إنسان لا يعرف أن هذا مبتدع فانصحه وبيّن له أنه مبتدع ، فإن انتهى وإلا فألحقه بصاحبه المبتدع.. اهـ .
[عون الباري 2 / 891]
وعلى هذا التفصيل أهل السنة والجماعة قاطبة والذي خالف في هذه المسألة صنفان:
الصنف الأول:
تبديع كل من لم يبدع المبتدع بإطلاق دون اعتبار الشروط وانتفاء الموانع التي ذكرها أهل العلم.
وعلى هذه الطريقة يسير الحدادية اللئام.
الصنف الثاني:
إنكار الإلزام بالتبديع مطلقاً فمهما أقمت من الأدلة والبراهين على ابتداع أحدهم فإنه يقول لك بكل سهولة:
لا يلزمني !
ولطائفة من هذا الصنف الثاني زيادة وتفصيل حيث يقول بعضهم باشتراط تحقق الإجماع على ابتداع فلان من الناس حتى يكون الحكم عليه ملزماً.
وعلى هذه الطريقة يسير المميعة الطغام.
والحمد لله الذي وفق أهل السنة للوسط في المسألة وهو أن من لم يبدع المبتدع وهو عالم بحاله ومع هذا يدافع عنه فإنه يلحق به وينزل عليه الحكم الذي نزل على صاحبه
قال أبو داود السجستاني:
قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: أرى رجلاً من أهـل البيت مع رجل من أهل البدع، أترك كلامه؟
قال: لا، أو تُعْلِمه أن الذي رأيته معه صاحب بدعة، فإن ترك كلامه و إلا فألحقه به، قال ابن مسعود: المرء بخدنه". [طبقات الحنابلة ( 1/160 )]
أقول:تأمل التطابق بين قول الإمام أحمد:
" أو تُعْلِمه أن الذي رأيته معه صاحب بدعة، فإن ترك كلامه و إلا فألحقه به،"
وبين قول الإمام الربيع حفظه الله:
" إنسان لا يعرف أن هذا مبتدع فانصحه وبيّن له أنه مبتدع ، فإن انتهى وإلا فألحقه بصاحبه المبتدع"
قال العلامة الشيخ حمود التويجري –رحمه الله - عن هذه الرواية وتطبيقها على أهل البدع كجماعة التبليغ:
" وهذه الرواية عن الإمام أحمد ينبغي تطبيقها على الذين يمدحون التبليغيين ويجادلون عنهم بالباطل، فمن كان منهم عالماً بأن التبليغيين من أهل البدع والضلالات والجهالات، وهو مع هذا يمدحهم ويجادل عنهم؛ فإنّه يلحق بهم، ويعامل بما يعاملون به، من البغض والهجر والتجنُّب، ومن كان جاهلاً بهم، فإنه ينبغي إعلامه بأنهم من أهل البدع والضلالات والجهالات، فإن لم يترك مدحهم والمجادلة عنهم بعد العلم بهم، فإنه يُلحق بهم ويُعامل بما يُعاملون به." [القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ ( ص230)]
وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة – رحمه الله - فيمن يوالي الاتحادية:
" ويجب عقوبـة كل من انتسـب إليهم،أو ذب عنهم،أو أثنى عليهم أو عظم كتبهم،أو عرف بمساندتهم ومعاونتهـم،
أو كـره الكـلام فيهم،أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يُدرى ما هـو،أو من قال إنه صنف هذا الكتاب،
وأمثال هذه المعاذير، التي لا يقولها إلا جاهل، أو منافق؛بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان،على خلق من المشايخ والعلماء، والملوك والأمراء،وهم يسعون في الأرض فساداً،ويصدون عن سبيل الله. "
[مجموع الفتاوى ( 2/132 )]
قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد معلقاً على هذا الكلام في كتابه: "هجر المبتدع":
(وهي قاعدة عامة في جميع أهل البدع).
أقول:
أي أن كلام ابن تيمية في إلحاق من دافع عن الاتحادية أو أثنى عليه وهو يعلم حالهم هذا الكلام من ابن تيمية رحمه الله قاعدة عامة في جميع أهل البدع ولا يختص بالاتحادية.
و سئل سماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز في شرحه لكتاب: "فضل الإسلام"، ما نصّه:
س: الذي يثني على أهل البدع ويمدحهم، هل يأخذ حكمهم؟
فأجاب – عفا الله عنه -:
" نعم ما فيه شكٌّ،
من أثنى عليهم ومدحهم هو داعٍ لهم، يدعو لهم،
هذا من دعاتهم،نسأل الله العافيـة".
قال الشيخ يحيى الحجوري:
" فليس هو كل من لم يُبَدِّع المبتدع فهو مبتدع على الإطلاق ولكن هناك تفصيل في حق من أعان على الإثم والعدوان ولم يُبَدِّعه رضاً ببدعته ولم يُبَدِّعه أيضاً بكونه يسير على مساره ويرضى بطريقه ولم يُبَدِّعه باعتبار أنَّ هذا قد وضَح له -يعني- بكلِّ بيان فمثل هذا نعم قد يُقال: لم يُبَدِّعه و(المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)[1] قال أحمد: (هم منهم) فما كان من هذه الأدلَّة تُنَزَّل بحسبها وما كان من ذلك أيضاً يُوضع بحسبه في من لم يصلح تبديعه على إطلاقه."[منقول من شبكة العلوم السلفية]
أقول:
فهذه بعض النقولات (2)لعلماء ومشايخ من أهل السنة في مسألة الإلزام بالتبديع والتفصيل فيها أما المميعة والذين رأيت أن أكثر من ينشر الفهم الخاطئ لكلام العلامة ربيع أعلاه هم فإنهم ينكرون الإلزام بالتبديع مطلقاً.
هذا وصل اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
............................
( [1]) ولو أخذت في تعداد ما خالف فيه أهل التشغيب الشيخ ربيعاً لطال المقام بنا لكن اللبيب بالإشارة يفهم.
( [2])مستفادة من أحد المقالات المنشورة





رد مع اقتباس