بسم الله الرحمن الرحيم
هل
يجوز نصب خليفتين كلاهما مستقل دون الآخر ؟.
في ذلك ثلاثة
أقوال:
الأول: قول الكرامية بجواز ذلك مطلقا محتجين بأن عليا
ومعاوية كانا إمامين واجبي الطاعة كلاهما على من معه، وبأن ذلك يؤدي إلى كون كل
واحد منهما أقوم بما لديه وأضبط لما يليه.
وبأنه لما جاز بعث نبيين في عصر واحد ولم يؤد ذلك إلى إبطال
النبوة كانت الإمامة أولى.
القول الثاني: قول جماهير
العلماء من المسلمين: أنه لا يجوز تعدد الإمام الأعظم، بل يجب كونه واحدا، وأن لا
يتولى على قطر من الأقطار إلا أمراؤه المولون من قبله، محتجين بما أخرجه مسلم في
"صحيحه" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:"إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما".
ولمسلم أيضا: من حديث عرفجة رضي الله عنه قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق
عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه".
وفي رواية: "فاضربوه بالسيف كائنا من
كان".
ولمسلم أيضا من حديث
عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة
قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر" ثم قال: سمعته أذناي
من رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعاه قلبي".
وأبطلوا احتجاج الكرامية بأن معاوية أيام نزاعه مع علي لم يدع
الإمامة لنفسه، وإنما ادعى ولاية الشام بتولية من قبله من الأئمة، ويدل
لذلك:
إجماع الأمة في
عصرهما على أن الإمام أحدهما فقط لا كل منهما.
وأن الاستدلال بكون كل منهما أقوم بما لديه وأضبط لما يليه،
وبجواز بعث نبيين في وقت واحد، يرده قوله صلى الله عليه وسلم: "فاقتلوا الآخر
منهما"؛ ولأن نصب خليفتين يؤدي إلى الشقاق وحدوث الفتن.
القول الثالث:
التفصيل فيمنع نصب إمامين في البلد الواحد والبلاد المتقاربة، ويجوز في الأقطار
المتنائية كالأندلس وخراسان.
قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه: لكن إن تباعدت
الأقطار وتباينت كالأندلس وخراسان، جاز ذلك على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
انتهى منه بلفظه.
والمشار
إليه في كلامه: نصب خليفتين، وممن قال بجواز ذلك:
الأستاذ أبو إسحاق كما نقله عنه إمام الحرمين.
ونقله عنه ابن كثير والقرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة.
وقال ابن كثير: قلت: وهذا يشبه حال الخلفاء: بني
العباس بالعراق، والفاطميين بمصر، والأمويين بالمغرب.
من تفسير سورة
البقرة
أضواء البيان




رد مع اقتباس