شبكة الأمين السلفية - Powered by vBulletin
لا إلهَ إلاَّ اللَّه وحْدهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَهُ الحمْدُ، وَهُو عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ  |  لا حول ولا قوة إلا بالله  |  أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيومَ وأتوب إليه
النتائج 1 إلى 25 من 26

الموضوع: أحكام الأضحية ، وما جاء في عشر ذي الحجة من الفضائل والأعمال للإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    85

    افتراضي رد: أحكام الأضحية ، وما جاء في عشر ذي الحجة من الفضائل والأعمال للإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

    جزاكم الله خيراً

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Aug 2012
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: أحكام الأضحية ، وما جاء في عشر ذي الحجة من الفضائل والأعمال للإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

    باب ما جاء في جنس ما يضحى به

    قال الإمام في (أحكام الأضحية والذكاة)(2/ 229 ـ 230)
    (( الجنس الذي يضحى به: بهيمة الأنعام فقط لقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى
    مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}[الحج: 34].
    وبهيمة الأنعام هي: الإبل، والبقر، والغنم من ضأن ومعز، جزم به ابن كثير وقال: قاله الحسن وقتادة وغير واحد، قال ابن جرير: وكذلك هو عند العرب. ا.هـ.
    ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن" . رواه مسلم ، والمسنة: الثنية فما فوقها من الإبل والبقر والغنم، قاله أهل العلم رحمهم الله.
    ولأن الأضحية عبادة كالهدي، فلا يشرع منها إلا ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه أهدى أو ضحى بغير الإبل والبقر والغنم.)) ا.هـ
    أفضل الضحايا
    قال الإمام في (أحكام الأضحية والذكاة)(2/ 229)
    (( الأفضل منها:الإبل ثم البقر ثم الضأن ثم المعز ثم سبع البعير ثم سبع البقرة.
    والأفضل من كل جنس أسمنه، وأكثره لحما، وأكمله خلقة، وأحسنه منظراً، في(صحيح البخاري) عن أنس
    بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين أقرنين أملحين .
    والأملح ما خالط بياضه سواد.
    وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن فحيل يأكل في سواد، وينظر في سواد، ويمشي في سواد. أخرجه الأربعة. وقال الترمذي: حسن صحيح .
    وعن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ضحى اشترى كبشين سمينين، وفي لفظ: موجوأين يعنى خصيين. رواه أحمد
    فالفحل أفضل من الخصي من حيث كمال الخلقة؛ لأن جميع أعضائه لم يفقد منها شيء، والخصي أفضل من حيث أنه أطيب لحما في الغالب.))
    ومما جاء عنه من الفتاوى في هذا الباب أنه سئل ـ رحمه الله ـ : أيهما أفضل في الأضحية كبيرة الحجم كثيرة الشحم واللحم أم غالية الثمن؟
    فأجاب بقوله: (( هذه مسألة هل الأفضل في الأضحية رفيعة القيمة أو السمينة الكبيرة؟
    الغالب أنهما متلازمان وأن الكبيرة ذات اللحم الكثير تكون أفضل، لكن أحيانًا يكون بالعكس، فإذا نظرنا إلى منفعة الأضحية قلنا الكبيرة أفضل، وإن قلَّت قيمتها، وإن نظرنا إلى صدق التعبد لله عز وجل قلنا كثيرة الثمن أفضل ، لأن بذل الإنسان المال الكثير تعبدًا لله يدل على كمال عبادته وصدق عبادته .
    والجواب أن نقول: انظر ما هو أصلح لقلبك فافعله ما دام المصلحتان قد تعارضتا، فانظر ما هو أصلح لقلبك، فإن رأيت أن النفس يزداد إيمانها وذلها لله عز وجل ببذل الثمن فابذل الثمن الكثير. )) ([1])
    2 ـ سئل فضيلته : ورد في كلامكم في فضل الأضحية أنها كلما كانت أكمل كلما كانت أفضل مع أن الثنية من الضأن أفضل لحمًا وأقل ثمنًا عند الناس من التي أكبر منها فأيهما أفضل؟
    فأجاب بقوله: (( الأفضل ما كانت أكثر لحمًا وأنفع للفقراء، وإن كان بعض العلماء يقول ما كانت أكثر ثمنًا، فالمسألة فيها خلاف بين العلماء إذا كان الأمر بين أن تكون أكثر ثمنًا أو أكثر لحمًا وأنفع، فمن العلماء من يرجح ما كانت أكثر ثمنًا ، لأن كون الإنسان يبذل المال الأكثر في مرضاة الله هذه درجة عالية، ومنهم من يقول: إذا كان القصد نفع الفقراء، ونفع الأهل والأكل فإن الأفضل ما كان أكثر لحمًا، فكل من العلماء نظر إلى ناحية، ولكن الذي يظهر أن الأفضل ما كان أنفع للفقراء وأكثر للحم لتكثر الهدية والصدقة والأكل، اللهم إلا أن يمتاز الأقل بفضل آخر أو بميزة أخرى، مثل أن يكون أطيب لحمًا وأشهى للناس، ويكون الناس في زمن الرفاهية لا يأكلون من اللحوم إلا ما كان غضًا طريًا فهنا يرجح. )) ([2])
    فائدة :جاء في (فتاوى اللجنة الدائمة)(11/ 398)
    (( السؤال الأول من الفتوى رقم (1149) : أيهما أفضل في الأضحية: الكبش أم البقر؟
    الجواب : أفضل الأضاحي البدنة، ثم البقرة، ثم الشاة، ثم شرك في بدنة -ناقة أوبقرة-؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الجمعة: «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة» ووجه الدلالة من ذلك: وجود المفاضلة في التقرب إلى الله بين الإبل والبقر والغنم، ولا شك أن الأضحية من أعظم القرب إلى الله تعالى، ولأن البدنة أكثر ثمنا ولحما ونفعا، وبهذا قال الأئمة الثلاثة أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد ، وقال مالك: الأفضل الجذع من الضأن، ثم البقرة، ثم البدنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين، وهو صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا الأفضل.
    والجواب عن ذلك: أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم قد يختار غير الأولى رفقا بالأمة؛ لأنهم يتأسون به، ولا يحب صلى الله عليه وسلم أن يشق عليهم، وقد بين فضل البدنة على البقر والغنم كما سبق. والله أعلم.
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
    عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز)) ا.هـ
    وجاء عنها أيضا (11/ 415)
    (( السؤال الخامس من الفتوى رقم (5637) : يقول كثير من الناس: إن الضبع يضحى به عن سبعة أنفار.
    الجواب : لا يضحى بالضبع لا عن واحد ولا عن سبعة؛ لأن الضحية الشرعية إنما تكون من الإبل والبقر والغنم ، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
    عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز )) ا.هـ
    باب ما جاء في شروط ما يضحى به، وبيان العيوب المانعة من الإجزاء
    قال الإمام في (أحكام الأضحية والذكاة)(2/ 235)
    (( الأضحية عبادة وقربة إلى الله تعالى فلا تصح إلا بما يرضاه سبحانه، ولا يرضى الله من العبادات إلا ما جمع شرطين:
    أحدهما: الإخلاص لله تعالى، بأن يخلص النية له، فلا يقصد رياء ولا سمعة ولا رئاسة ولا جاهاً، ولا عرضاً من أعراض الدنيا، ولا تقربا إلى مخلوق.
    الثاني: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}[البينة: 5]، فإن لم تكن خالصة لله؛ فهي غير مقبولة، قال الله تعالى في الحديث القدسي:" أنا أغنى الشركاء عن الشرك، ومن عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" .
    وكذلك إن لم تكن على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي مردودة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وفي رواية:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه
    فهو رد" ، أي مردود .
    ولا تكن الأضحية على أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا باجتماع شروطها وانتفاء موانعها.
    وشروطها أنواع: منها ما يعود للوقت، ومنها ما يعود لعدد المضحين بها، وسبق تفصيل القول فيهما، ومنها ما يعود للمضحي به وهي أربعة:
    الأول: أن يكون ملكا للمضحي غير متعلق به حق غيره، فلا تصح الأضحية بما لا يملكه؛ كالمغصوب والمسروق والمأخوذ بدعوى باطلة ونحوه؛ لأن الأضحية قربة إلى الله عز وجل، وأكل مال الغير بغير حق معصية، ولا يصح التقرب إلى الله بمعصية، ولا تصح الأضحية أيضا بما تعلق به حق الغير كالمرهون إلا برضا من له الحق، ونقل في(المغني) عن أبي حنيفة فيمن غصب شاة فذبحها عن الواجب عليه تجزئه إن رضي مالكها، ووجهه أنه إنما منع منها لحق الغير، فإذا علم رضاه بذلك زال المانع.
    الثاني: أن يكون من الجنس الذي عينه الشارع، وهو الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها، وسبق بيان ذلك .([3])
    الثالث: بلوغ السن المعتبر شرعا، بأن تكون ثنيا إن كان من الإبل أو البقر أو المعز، وجذعا إن كان من الضأن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن " رواه مسلم .
    وظاهره لا تجزئ الجذعة من الضأن إلا عند تعسر المسنة، ولكن حمله الجمهور على أن هذا على سبيل الأفضلية وقالوا: تجزئ الجذعة من الضأن ولو مع وجود الثنية وتيسرها، واستدلوا بحديث أم بلال ـ امرأة من أسلم ـ عن أبيها هلال عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يجوز الجذع من الضأن ضحية " ، رواه أحمد وابن ماجه ، وله شواهد منها :
    حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجذع من الضأن، رواه النسائي ، قال في (نيل الأوطار) : إسناد رجاله ثقات.
    ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " نعم أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن "، رواه أحمد والترمذي .
    وفي (الصحيحين) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم بين أصحابه ضحايا فصارت لعقبة جذعة، فقال يا رسول الله، صارت لي جذعة، فقال: (ضح بها) .
    فالثني من الإبل: ما تم له خمس سنين، والثني من البقر ما تم له سنتان، والثني من الغنم ضأنها ومعزها ما تم له سنة، والجذع من الضأن: ما تم له نصف سنة . ([4])
    قلت ( بشير) : إن ما استظهره الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ هنا من الشرطية المعتبرة في سن الأضحية شرعا ، وما يجزيء فيها ، مع تدليله على ذلك بحديث :" لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن " رواه مسلم .
    ثم قال : (( ظاهره لا تجزئ الجذعة من الضأن إلا عند تعسر المسنة، ولكن حمله الجمهور على أن هذا على سبيل الأفضلية وقالوا: تجزئ الجذعة من الضأن ولو مع وجود الثنية وتيسرها، واستدلوا بحديث أم بلال ـ امرأة من أسلم ـ عن أبيها هلال عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يجوز الجذع من الضأن ضحية " )) وذكر شواهده ، حملني على معرفة مخارج كلام الشيخ والنظر في علة تلك الشواهد على شيء من توسع وإطناب ، معتمدا في ذلك على تخريجات وتحقيقات الإمام الألباني، فانتهى بي المطاف إلى ما ذكره ونبه عليه الإمام الألباني ، فلفائدته وغزارة مادته ونفاسة بحثه وخلاصته ، جادت نفسي على نقله للقراء وطلبة العلم الكرام ليتأملوا ويتفكروا في فقهه ونفاسة علمه ، فيكون حافزا لهم على زيادة البحث والتحقيق في هذه المسألة واستخراج كنوزها وأسرارها ، وبيان الراجح فيها ، وقد وسع الكلام فيها الحافظ النووي في ( شرح مسلم)(13/ 117) ، والحافظ العراقي في (طرح التثريب في شرح التقريب)(5/ 191 ) ، والحافظ ابن حجر في (فتح الباري)(10/ 13) ، فليرجع إليهم ، أما في جمعي هذا ، فلا أبخل على إخواني بنقل كلام وبحث الإمام الألباني في هذه المسألة :
    قال في (سلسلة الأحاديث الضعيفة)(1/ 157 ـ 165) عند بيان علة حديث " يجوز الجذع من الضأن أضحية " ((ضعيف ، أخرجه ابن ماجه (2 / 275) والبيهقي وأحمد (6 / 338) من طريق محمد بن أبي يحيى مولى الأسلميين عن أمه عن أم بلال بنت هلال عن أبيها مرفوعا، وهذا سند ضعيف من أجل أم محمد بن أبي يحيى فإنها مجهولة كما قال ابن حزم (7 / 365) وقال: وأم بلال مجهولة، ولا ندري لها صحبة أم لا، قال السندي ، قال الدميري: أصاب ابن حزم في الأول، وأخطأ في الثاني، فقد ذكر أم بلال في الصحابة ابن منده وأبو نعيم ، وابن عبد البر، ثم قال الذهبي في" الميزان ": إنها لا تعرف ووثقها العجلي.
    قلت: الحق ما قاله ابن حزم فيها، فإنها لا تعرف إلا في هذا الحديث، ومع أنه ليس فيه التصريح بصحبتها ففي الإسناد إليها جهالة كما علمت فأنى ثبوت الصحبة لها؟ ! ثم من الغرائب أن يسكت الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 217 - 218) على هذا الحديث مع ثبوت ضعفه! وفي الباب أحاديث أخرى أوردها ابن حزم في " المحلى " (7 / 364 - 365) وضعفها كلها، وقد أصاب إلا في تضعيفه لحديث عقبة بن عامر قال: ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجذع من الضأن.
    أخرجه النسائي (2 / 204) والبيهقي (9 / 270) من طريق بكير بن الأشج عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عنه، وهذا إسناد جيد رجاله ثقات، وإعلال بن حزم له بقوله: ابن خبيب هذا مجهول، غير مقبول، فإن معاذا هذا وثقه ابن معين وأبو داود وابن حبان وقال الدارقطني: ليس بذاك ولهذا قال الحافظ في " الفتح " بعد أن عزاه للنسائي: سنده قوي، لكن رواه أحمد (4 / 152) من طريق أسامة بن زيد عن معاذ به بلفظ: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجذع؟ فقال: " ضح به، لا بأس به "، وإسناده حسن وهو يخالف الأول في أنه مطلق، وذاك خاص في الضأن، وعلى الأول فيمكن أن يراد به الجذع من المعز وتكون خصوصية لعقبة، لحديثه الآخر قال: قسم النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه ضحايا فصارت لعقبة جذعة فقلت: يا رسول الله صارت لي جذعة، وفي رواية عتود وهو الجذع من المعز قال: " ضح بها "، أخرجه البخاري (10 / 3 - 4 و9 - 10) والبيهقي (9 / 270) وزاد: " ولا أرخصه لأحد فيها بعد "، ويمكن أن يحمل المطلق على الضأن أيضا بدليل حديث أسامة وعليه يحتمل أن يكون ذلك خصوصية له أيضا، أو كان ذلك لعذر مثل تعذر المسنة من الغنم وغلاء سعرها وهذا هو الأقرب لحديث عاصم بن كليب عن أبيه قال: كنا نؤمر علينا في المغازي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وكنا بفارس، فغلت علينا يوم النحر المسان، فكنا نأخذ المسنة بالجذعين والثلاثة، فقام فينا رجل من مزينة فقال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبنا مثل هذا اليوم فكنا نأخذ المسنة بالجذعين والثلاثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الجذع يوفي مما يوفي الثني "، أخرجه النسائي والحاكم (4 / 226) وأحمد (268) وقال الحاكم: حديث صحيح، وهو كما قال .
    وقال ابن حزم (7 / 267) : إنه في غاية الصحة، ورواه أبو داود (2 / 3) وابن ماجه (2 / 275) والبيهقي (9 / 270) مختصرا، وفي روايتهم تسمية الصحابي بمجاشع بن مسعود السلمي وهو رواية للحاكم، فهذا الحديث يدل بظاهره على أن الجذعة من الضأن إنما تجوز عند غلاء سعر المسان وتعسرها، ويؤيده حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا: " لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن "، أخرجه مسلم (6 / 72) وأبو داود (2 / 3) (3 / 312، 327) وقال الحافظ في " الفتح ": إنه حديث صحيح.
    وخلاصة القول أن حديث الباب لا يصح، وكذا ما في معناه، وحديث جابر وعاصم ابن كليب على خلافها، فالواجب العمل بهما، وتأويلهما من أجل أحاديث الباب لا يسوغ لصحتهما وضعف معارضهما، والله أعلم....
    استدراك: ذلك ما كنت كتبته سابقا منذ نحو خمس سنوات، وكان محور اعتمادي في ذلك على حديث جابر المذكور من رواية مسلم عن أبي الزبير عنه مرفوعا: " لا تذبحوا إلا مسنة ... "، وتصحيح الحافظ ابن حجر إياه، ثم بدا لي أني كنت واهما في ذلك، تبعا للحافظ، وأن هذا الحديث الذي صححه هو وأخرجه مسلم كان الأحرى به أن يحشر في زمرة الأحاديث الضعيفة، لا أن تتأول به الأحاديث الصحيحة .
    ذلك لأن أبا الزبير هذا مدلس، وقد عنعنه، ومن المقرر في " علم المصطلح " أن المدلس لا يحتج بحديثه إذا لم يصرح بالتحديث، وهذا هو الذي صنعه أبو الزبير هنا، فعنعن، ولم يصرح، ولذلك انتقد المحققون من أهل العلم أحاديث يرويها أبو الزبير بهذا الإسناد أخرجها مسلم، اللهم إلا ما كان من رواية الليث بن سعد عنه، فإنه لم يروعنه إلا ما صرح فيه بالتحديث، فقال الحافظ الذهبي في ترجمة أبي الزبير - واسمه محمد بن مسلم بن تدرس بعد أن ذكر فيه طعن بعض الأئمة بما لا يقدح في عدالته: وأما أبو محمد بن حزم، فإنه يرد من حديثه ما يقول فيه عن جابر ونحوه لأنه عندهم ممن يدلس، فإذا قال: سمعت، وأخبرنا احتج به،
    ويحتج به ابن حزم إذا قال: عن مما رواه عنه الليث بن سعد خاصة، وذلك لأن سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا الليث قال: جئت أبا الزبير، فدفع إلى كتابين، فانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو أننى عاودته ، فسألته أسمع هذا من جابر؟ فسألته، فقال: منه ما سمعت، ومنه ما حدثت به، فقلت: أعلم لي على ما سمعت منه، فأعلم لي على هذا الذي عندي، ثم قال الذهبي: وفي " صحيح مسلم " عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع من جابر، ولا هي من طريق الليث عنه، ففي القلب منها شيء، وقال الحافظ في ترجمته من " التقريب ": صدوق إلا أنه يدلس.
    وأورده في المرتبة الثالثة من كتابه " طبقات المدلسين (ص 15) وقال: مشهور بالتدليس، ووهم الحاكم في " كتاب علوم الحديث " ، فقال في سنده: وفيه رجال غير معروفين بالتدليس!
    وقد وصفه النسائي وغيره بالتدليس، وقال في مقدمة الكتاب في صدد شرح مراتبه: الثالثة من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقا، ومنهم من قبلهم، كأبي الزبير المكي.
    قلت: والصواب من ذلك المذهب الأول وهو قبول ما صرحوا فيه بالسماع وعليه الجمهور خلافا لابن حزم فإنه يرد حديثهم مطلقا ولو صرحوا بالتحديث كما نص عليه في أول كتابه " الإحكام في أصول الأحكام " على ما أذكر، فإن يدي لا تطوله الآن وأرى أنه قد تناقض في أبي الزبير منهم خاصة، فقد علمت مما نقلته لك عن الذهبي آنفا أن ابن حزم يحتج به إذا قال: سمعت، وهذا ما صرح به في هذا الحديث ذاته فقال في" المحلى " في صدد الرد على المخالفين له (7 / 363 - 364) : هذا حجة على الحاضرين من المخالفين، لأنهم يجيزون الجذع من الضأن، مع وجود المسنات، فقد خالفوه، وهم يصححونه، وأما نحن فلا نصححه، لأن
    أبا الزبير مدلس ما لم يقل في الخبر أنه سمعه من جابر، هو أقر بذلك على نفسه، روينا ذلك عنه من طريق الليث بن سعد ، انظر "الإحكام" (1 / 139 - 140) ، ومقدمتي لـ"مختصر مسلم" (المكتبة الإسلامية) .
    وجملة القول: أن كل حديث يرويه أبو الزبير عن جابر أو غيره بصيغة عن ونحوها وليس من رواية الليث
    بن سعد عنه، فينبغي التوقف عن الاحتجاج به، حتى يتبين سماعه، أو ما يشهد له، ويعتضد به.
    هذه حقيقة يجب أن يعرفها كل محب للحق، فطالما غفل عنها عامة الناس، وقد كنت واحدا منهم، حتى تفضل الله علي فعرفني بها، فله الحمد والشكر، وكان من الواجب علي أن أنبه على ذلك، فقد فعلت، والله الموفق لا رب سواه.
    وإذا تبين هذا، فقد كنت ذكرت قبل حديث جابر هذا حديثين ثابتين في التضحية بالجذع من الضأن، أحدهما حديث عقبة بن عامر، والآخر حديث مجاشع بن مسعود السلمي وفيه: " أن الجذع يوفي مما يوفي الثني "، وكنت تأولتهما بما يخالف ظاهرهما توفيقا بينهما وبين حديث جابر، فإذ قد تبين ضعفه، وأنه غير صالح للاحتجاج به، ولتأويل ما صح من أجله، فقد رجعت عن ذلك، إلى دلالة الحديثين الظاهرة في جواز التضحية بالجذع من الضأن خاصة، وحديث مجاشع وإن كان بعمومه يشمل الجذع من المعز، فقد جاء ما يدل على أنه غير مراد وهو حديث البراء قال: ضحى خالي أبو بردة قبل الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تلك شاة لحم "، فقال: يا رسول الله إن عندي جذعة من المعز، فقال: " ضح بها، ولا تصلح لغيرك " وفي رواية: " اذبحها، ولن تجزئ عن أحد بعدك " وفي أخرى:" ولا تجزيء جذعة عن أحد بعدك "، أخرجه مسلم (6 / 74 - 76) والبخاري نحوه ويبدو جليا من مجموع الروايات أن المراد بالجذعة في اللفظ الأخير الجذعة من المعز، فهو في ذلك كحديث عقبة المتقدم من رواية البخاري .
    وأما فهم ابن حزم من هذا اللفظ جذعة العموم فيشمل عنده الجذعة من الضأن فمن ظاهريته وجموده على اللفظ دون النظر إلى ما تدل عليه الروايات بمجموعها، والسياق والسباق، وهما من المقيدات، كما نص على ذلك ابن دقيق العيد وغيره من المحققين ، ذلك هو الجواب الصحيح عن حديث جابر رضي الله عنه .
    وأما قول الحافظ في " التلخيص " (ص 385) : تنبيه: ظاهر الحديث يقتضي أن الجذع من الضأن لا يجزئ إلا إذا عجز عن المسنة، والإجماع على خلافه، فيجب تأويله، بأن يحمل على الأفضل وتقديره: المستحب أن لا تذبحوا إلا مسنة.
    قلت: هذا الحمل بعيد جدا، ولو سلم فهو تأويل، والتأويل فرع التصحيح، والحديث ليس بصحيح كما عرفت فلا مسوغ لتأويله.
    وقد تأوله بعض الحنابلة بتأويل آخر لعله أقرب من تأويل الحافظ، ففسر المسنة بما إذا كانت من المعز! ويرد هذا ما في رواية لأبي يعلى في " مسنده " (ق 125 / 2) بلفظ: " إذا عز عليك المسان من الضأن، أجزأ الجذع من الضأن " ، وهو وإن كان ضعيف السند كما بينته في " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " (رقم 1131) ، فمعناه هو الذي يتبادر من اللفظ الأول.
    ولعل الذي حمل الحافظ وغيره على ارتكاب مثل هذا التأويل البعيد هو الاعتقاد بأن الإجماع على خلاف ظاهر الحديث، وقد قاله الحافظ كما رأيت ، فينبغي أن يعلم أن بعض العلماء كثيرا ما يتساهلون في دعوى الإجماع في أمور الخلاف فيها معروف، وعذرهم في ذلك أنهم لم يعلموا بالخلاف، فينبغي التثبت في هذه الدعوى في مثل هذه المسألة التي لا يستطيع العالم أن يقطع بنفي الخلاف فيها كما أرشدنا الإمام أحمد رحمه الله بقوله : من ادعى الإجماع فهو كاذب، وما يدريه لعلهم اختلفوا، أو كما قال ، رواه ابنه عبد الله بن أحمد في " مسائله ".
    فمما يبطل الإجماع المزعوم في هذه المسألة ما روى مالك في " الموطأ " (2 /482 / 2) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتقي من الضحايا والبدن التي لم تسن ورواه عبد الرزاق عن مالك عن نافع بن ابن عمر قال: " لا تجزيء إلا الثنية فصاعدا "، ذكره ابن حزم (7 / 361) وذكر بمعناه آثارا أخرى فليراجعها من شاء
    الزيادة.
    وختاما أقول: نستطيع أن نستخلص مما سبق من التحقيق: أن حديث هلال هذا:" نعمت الأضحية الجذع من الضأن "([5]) وكذا الذي قبله، وإن كان ضعيف المبنى، فهو صحيح المعنى، يشهد له حديث عقبة ومجاشع، ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت، لما أوردتهما في هذه " السلسلة " ولأوردت بديلهما حديث جابر هذا، ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ولله في خلقه شؤون. ))
    أما حديث " نعمت الأضحية الجذع من الضأن " الذي أشار إليه الشيخ هنا فقال في شأنه في نفس المصدر
    (1/ 155) : (( ضعيف ، أخرجه الترمذي (2 / 355) والبيهقي (9 / 271) وأحمد (2 / 444 - 445) من طريق عثمان بن واقد عن كدام بن عبد الرحمن عن أبي كباش قال: جلبت غنما جذعانا إلى المدينة فكسدت علي، فلقيت أبا هريرة فسألته؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكر الحديث، قال: فانتهبه الناس، وقال الترمذي: حديث غريب يعني ضعيف، ولذا قال الحافظ في"الفتح"
    (10 / 12) : وفي سنده ضعف.
    وبين علته ابن حزم فقال في " المحلى " (7 / 365) : عثمان بن واقد مجهول، وكدام بن عبد الرحمن لا ندري من هو، عن أبي كباش الذي جلب الكباش الجذعة إلى المدينة فبارت عليه، هكذا نص حديثه، وهنا جاء ما جاء أبو كباش، وما أدراك ما أبو كباش، ما شاء الله كان!
    كأنه يتهم أبا كباش بهذا الحديث، وهو مجهول مثل الراوي عنه كدام، وقد صرح بذلك الحافظ في"التقريب"، وأما عثمان بن واقد فليس بمجهول فقد وثقه ابن معين وغيره، وقال أبو داود: ضعيف، وللحديث علة أخرى وهي الوقف فقال البيهقي عقبه: وبلغني عن أبي عيسى الترمذي قال: قال البخاري: رواه غير عثمان بن واقد عن أبي هريرة موقوفا، وله طريق آخر بلفظ: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى فقال: كيف رأيت نسكنا هذا؟ قال: لقد باهى به أهل السماء، واعلم يا محمد أن الجذع من الضأن خير من الثنية من الإبل والبقر ولو علم الله ذبحا أفضل منه لفدى به إبراهيم عليه السلام، وفيه إسحاق بن إبراهيم الحنيني، قال البيهقي: تفرد به وفي حديثه ضعف.
    قلت: وهو متفق على ضعفه، وقد أورده العقيلي في " الضعفاء " وساق له حديثا وقال: لا أصل له، ثم ساق له هذا الحديث، ثم قال: يروي عن زياد بن ميمون وكان يكذب عن أنس، ومن أوهى التعقب ما تعقب به ابن التركماني قول البيهقي المتقدم فقال: قلت: ذكر الحاكم في المستدرك هذا الحديث من طريق إسحاق المذكور ثم قال: صحيح الإسناد!
    قلت: وكل خبير بهذا العلم الشريف يعلم أن الحاكم متساهل في التوثيق والتصحيح ولذلك لا يلتفت إليه،
    ولا سيما إذا خالف، ولهذا لم يقره الذهبي في " تلخيصه " على تصحيحه بل قال (4 / 223) : قلت: إسحاق هالك، وهشام ليس بمعتمد، قال ابن عدي: مع ضعفه يكتبه حديثه .
    وليس يخفى هذا على مثل ابن التركماني لولا الهوى! فإن هذا الحديث يدل على جواز الجذع في الأضحية وهو مذهب الحنفية وابن التركماني منهم ولما كانت الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة لا يحتج بها أراد أن يقوي بعضها بالاعتماد على تصحيح الحاكم! ولو أن تصحيحه كان على خلاف ما يشتهيه مذهبه لبادر إلى
    رده متذرعا بما ذكرناه من التساهل! وهذا عيب كبير من مثل هذا العالم النحرير، وعندنا على ما نقول
    أمثلة أخرى كثيرة لا فائدة كبيرة من ذكرها.)) ا.هـ
    نصيحة وتحذير
    سئل الشيخ ـ رحمه الله ـ : كيف أعرف الإبل التي تجوز الأضحية بها من جهة السن؟ لأن أصحاب الإبل يقولون إنها تضحي لكي يسوِّقون بضاعتهم، فما الحكم؟
    فأجاب بقوله: (( لا تأخذ بقول البائع أنها بلغت السن الذي يجزئ إلا إذا كنت تعرفه شخصيًا أنه ثقة، وإلا فلا تأخذ بقوله؟ لأنه يريد أن يمشي سلعته، كذلك إذا كنت من يعرف الأسنان هل هي ثنية الآن أو جذعة.)) ([6])
    عودا على بدء في إتمام الشروط التي ذكرها الشيخ ، قال في (2/ 237)
    (( الرابع: السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء : وهي المذكورة في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أربع لا تجوز في الأضاحي ـ وفي رواية: لا تجزئ ـ: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والكسير التي لا تنقي" ، رواه الخمسة. وقال الترمذي: حسن صحيح .
    والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم، وفي رواية للنسائي قلت: ـ يعني للبراء ـ فإني أكره أن يكون نقص في القرن، وفي أخري أكره أن يكون في القرن نقص، أو أن يكون في السن نقص، فقال ـ يعنى البراء ـ: ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد ، وقد صحح النووي في(شرح المهذب) هذا الحديث وقال: قال أحمد بن حنبل: ما أحسنه من حديث، ورواه مالك في (الموطأ) عن البراء بن عازب بلفظ: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا يتقى من الضحايا؟ فأشار بيده وقال: ((أربعا: العرجاء البين ظلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي)) ، وذكرت العجفاء في رواية الترمذي وفي رواية النسائي بدلا عن الكسير.
    فهذه أربع منصوص على منع الأضحية بها وعدم إجزائها.
    الأولى: العوراء البين عورها، وهي التي انخسفت عينها أو برزت، فإن كانت لا تبصر بعينها ولكن عورها غير بين أجزأت، والسليمة من ذلك أولى.
    الثانية: المريضة البين مرضها، وهي التي ظهر عليه آثار المرض مثل الحمى التي تقعدها عن المرعى، ومثل الجرب الظاهر المفسد للحمها أو المؤثر في صحتها، ونحو ذلك مما يعده الناس مرضا بينا، فإن كان فيها كسل أو فتور لا يمنعها من المرعى والأكل أجزأت لكن السلامة منه أولى.
    الثالثة: العرجاء البين ظلعها، وهي التي لا تستطيع معانقة السليمة في الممشى، فإن كان فيها عرج يسير لا يمنعها من معانقة السليمة أجزأت، والسلامة منه أولى.
    الرابعة: الكسيرة أو العجفاء (يعنى الهزيلة) التي لا تنقي، أي ليس فيها مخ، فإن كانت هزيلة فيها مخ أو كسيرة فيها مخ أجزأت إلا أن يكون فيها عرج بين، والسمينة السليمة أولى.
    هذه هي الأربع المنصوص عليها، وعليها أهل العلم، قال في (المغني) : لا نعلم خلافا في أنها تمنع الإجزاء. ا.هـ. ويلحق بهذه الأربع ما كان بمعناها أو أولى، فيلحق بها:
    العمياء: التي لا تبصر بعينها؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العوراء البين عورها.
    فأما العشواء : التي تبصر في النهار، ولا تبصر في الليل فصرح الشافعية بأنها تجزئ؛ لأن في ذلك ليس عورا بينا ولا عمى دائما يؤثر في رعيها ونموها، ولكن السلامة منه أولى.
    الثانية: المبشومة حتى تثلط؛ لأن البشم عارض خطير كالمرض البين، فإذا ثلطت زال خطرها وأجزأت إن لم يحدث لها بذلك مرض بين.
    الثالثة: ما أخذتها الولادة حتى تنجو؛ لأن ذلك خطر قد يودي بحياتها، فأشبه المرض البين، ويحتمل أن تجزئ إذا كانت ولادتها على العادة ولم يمض عليها زمن يتغير به اللحم ويفسد.
    الرابعة: ما أصابها سبب الموت كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع؛ لأن هذه أولى بعدم الإجزاء من المريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها.
    الخامسة: الزمنى وهي العاجزة عن المشي لعاهة؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البين ظلعها.
    فأما العاجزة عن المشي لسمن فصرح المالكية بأنها تجزئ، لأنه لا عاهة فيها ولا نقص في لحمها.
    السادسة: مقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من العرجاء البين ظلعها، ولأنها ناقصة بعضو مقصود فأشبهت ما قطعت أليتها.
    هذه هي العيوب المانعة من الإجزاء وهي عشرة: أربعة منها بالنص وستة بالقياس، فمتى وجد واحد منها في بهيمة لم تجز التضحية بها؛ لفقد أحد الشروط وهو السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء.
    ما جاء في العيوب المكروهة في الأضحية
    الأولى: العضباء : وهي مقطوعة القرن أو الأذن، لما روى قتادة عن جري بن كليب عن على بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي أن يضحي بأعضب الأذن والقرن. قال قتادة: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال: العضب: النصف فأكثر من ذلك. رواه الخمسة. وقال الترمذي: حسن صحيح.
    قلت: جري بن كليب قال عنه في(خلاصة التذهيب) : روى عنه قتادة فقط. وقال أبو حاتم: لا يحتج به . ولذلك قال في(الفروع) وفي صحة الخبر ـ يعنى خبر العضب ـ نظر.([7])
    فأما مفقودة القرن والأذن بأصل الخلقة فلا تكره، لكن غيرها أولى.
    الثانية: المقابلة: وهي التي شقت أذنها من الأمام عرضاً.
    الثالثة: المدابرة : وهي التي شقت أذنها من الخلف عرضاً.
    الرابعة: الشرقاء: وهي التي شقت أذنها طولا.
    الخامسة: الخرقاء: وهي التي خرقت أذنها.
    لحديث على رضي الله عنه، قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن، وأن لا نضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء. رواه الخمسة، وقال الترمذي: حسن صحيح .
    وأخرجه ابن حبان والحاكم والبيهقي والبزار ، وأعله الدارقطني، ونقل في (عون المعبود) عن البخاري أن هذا الحديث لم يثبت رفعه، والله أعلم.([8])
    السادسة : المصفرة : وهي التي تستأصل أذنها حتى يبدو صماخها، وهكذا في الخبر، وفي(التلخيص) :
    أنها المهزولة، وذكرها في النهاية بقيل كذا وقيل كذا.
    السابعة: المستأصلة : وهي التي ذهب قرنها من أصله.
    الثامنة: البخقاء : وهي التي بخقت عينها، قال في(النهاية): والبخق أن يذهب البصر وتبقى العين قائمة ، وفي (القاموس) : البخق أقبح العور وأكثره غمصا، وعلى هذا فإذا كان البخق عورا بينا لم تجز كما يدل عليه حديث البراء السابق.
    التاسعة: المشيعة : وهي التي لا تتبع الغنم عجفاً وضعفا، تكون وراء الغنم كالمشيع للمسافر، وقيل بفتح الياء لحاجتها إلى من يشيعها لتلحق بالغنم، وهذه إن لم يكن فيها مخ فلا تجزئ لحديث البراء، وإن كان فيها مخ ولا تستطيع معانقة الغنم لم تجز أيضا؛ لأنها كالعرجاء البين ظلعها، وإن كانت تستطيع معانقة الغنم إذا زجرت فهي مكروهة؛ لحديث يزيد ذي مصر قال: أتيت عتبة بن عبد السلمي فقلت: يا أبا الوليد، إني خرجت ألتمس الضحايا فلم أجد شيئا يعجبني غير ثرماء فما تقول؟ . قال: ألا جئتني أضحي بها؟ قلت: سبحان الله، تجوز عنك ولا تجوز عني. قال نعم، إنك تشك ولا أشك، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المصفرة والمستأصلة والبخقاء والمشيعة، والكسراء، فالمصفرة التي تستأصل أذنها حتى يبدو صماخها، والمستأصلة التي ذهب قرنها من أصله، والبخقاء التي تبخق عينها، والمشيعة التي لا تتبع الغنم عجفاء وضعفا، والكسراء التي لا تنقي،رواه أحمد وأبو داود والبخاري في تاريخه،وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.([9]) وقوله: والكسراء التي لا تنفي سبق ذكرها في العيوب المانعة من الإجزاء.
    وإنما قلنا: هذه العيوب التسعة مكروهة لورود النهي أو الأمر بعدم التضحية بما عاب بها، ولم نقل: إنها مانعة من الإجزاء؛ لأن حديث البراء بن عازب رضي الله عنه خرج مخرج البيان والحصر؛ لأنه جواب سؤال، والظاهر أنه كان حال خطبة وإعلان، ولو كان غير العيوب المذكورة فيه مانعاً من الإجزاء؛ للزم ذكره لامتناع تأخير البيان عن وقت الحاجة، فالجمع بينه وبين هذه الأحاديث لا يتأتى إلا على هذا الوجه بأن نقول:
    العيوب المذكورة في حديث البراء مانعة من الإجزاء، والعيوب المذكورة في هذه الأحاديث موجبة للكراهة غير مانعة من الإجزاء لما يقتضيه سياق حديث البراء؛ ولأنها دون العيوب المذكورة فيه، وقد فهم الترمذي رحمه الله ذلك فترجم على حديث البراء: (باب ما لا يجوز من الأضاحي) وعلى حديث علي: (باب ما يكره من الأضاحي) .
    ويلحق بهذه العيوب المكروهة ما يأتي:
    الأولى: البتراء من الإبل والبقر والمعز : وهي التي قطع ذنبها، فتكره التضحية بها قياسا على العضباء؛ لأن في الذنب مصلحة كبيرة للحيوان ودفاعا عما يؤذيه، وجمالا لمؤخره، وفي قطعه فوات هذه الأمور.
    فأما البتراء بأصل الخلقة فلا تكره لكن غيرها أولى.
    وأما البتراء من الضأن وهي التي قطعت أليتها أو أكثرها فلا تجزئ؛ لأن ذلك نقص بين في جزء مقصود منها.
    فأما إن قطع من أليتها النصف فأقل فإنها تجزئ مع الكراهة قياسا على العضباء، قال الشافعية: إلا التطريف وهو قطع شي يسير من طرف الألية، فإنه لا يضر؛ لأن ذلك ينجبر بزيادة سمنها فأشبه الخصاء.
    وأما مفقودة الألية بأصل الخلقة فإن كانت من جنس لا ألية له في العادة أجزأت بدون كراهة؛ لأنها لا نقص فيها عن جنسها، وإن كانت من جنس له ألية في العادة لكن لم يخلق لها أجزأت، وفي الكراهة تردد؛ لأننا إذا نظرنا إليها باعتبار جنسها قلنا: إنها ناقصة بفقد جزء مقصود لكن لا يمنع الإجزاء لأنه بأصل الخلقة، وإذا نظرنا إليها باعتبار الخلقة قلنا: إنها ناقصة فلم تكره كالجماء. وعلى كل حال فغيرها أولى منها.
    الثانية: ما قطع ذكره : فتكره التضحية به قياسا على العضباء، فأما ما قطعت خصيتاه فلا تكره التضحية به لما سبق من الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى به، ولأن الخصاء يزيد في سمنه وطيب لحمه.
    الثالثة: الهتماء: وهي التي سقط بعض أسنانها، فتكره التضحية بها قياسا على عضباء القرن، فإن في
    الأسنان جمالا ومنفعة، ففقد شيء منها يخل بذلك .
    فإن فقد شيء منها بأصل الخلقة لم تكره إلا أن يؤثر ذلك في اعتلافها.
    الرابعة: ما قطع شيء من حلمات ضرعها : فتكره التضحية بها قياساً على العضباء.
    فإن فقد شيء منها بأصل الخلقة لم تكره قياسا على المخلوقة بلا أذن.
    وإن توقف ضرعها عن الدر فنشف لبنها أجزأت بلا كراهة؛ لأنه لا نقص في لحمها ولا في خلقتها، واللبن غير مقصود في الأضحية، والأصل الإجزاء وعدم الكراهة حتى يقوم دليل على خلاف ذلك.
    هذه هي العيوب المكروهة التي يوجب وجودها في الأضحية كراهة التضحية بها، ولا يمنع من إجزائها وهي ثلاثة عشر: تسعة منها ورد بها النص، وأربعة منها رأيناها مقيسة على ما ورد به النص، وأسأل الله تعالى أن نكون فيها موفقين للصواب هداة مهتدين.([10])
    ومما جاء عنه من الفتاوى في هذا الباب أنه سئل فضيلته : ما حكم الأضحية بشاة فيها نوع من المرض يسمى بالطلوع وهل يعتبر عيبًا؟
    فأجاب بقوله : (( الطلوع إذا كان ظاهرًا فإنه يسال أهل الخبرة هل هذا من الأمراض الخطيرة؟
    إن قالوا: نعم. فهو مرض ظاهر لا يضحي بالشاة التي فيها طلع، وإن قالوا: ليس خطيرًا والشاة ليس فيها ضعف من جهة الصحة والنشاط والاكل فإنه يضحي بها إلا إذا قرر البياطرة أن في أكل لحمها ضرر فهنا لا يضحي بها.)) ([11])
    2 ـ سئل : قلنا في مسألة الأضحية: إن الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأضحية التي لا تجزئ يُبَيِّن أربعة أشياء، وقسنا عليها بعض الأشياء التي إما أن تكون أَولى، أو تكون ظاهرة القياس للعلة بينها.
    طيب! يا شيخ، قد يقول قائل: أنى نقيس على بعض أركان الإسلام أموراً أخرى على ما هي محددة في الحديث، فما هو الضابط فيها؟
    فأجاب الشيخ : (( أولاً: العيوب التي نص عليها الشارع في الأضحية أربعة، لأنه سئل: "ماذا يُتَّقَى من الأضاحي؟ فقال: أربعاً، وأشار بيده: العوراء البيِّن عَوَرُها، والمريضة البيِّن مرضها، والعرجاء البيِّن ضلعها، والعجفاء التي لا تنقى" .
    فهذه أربعة عيوب، ونحن نعلم أن الشريعة مبنية على الحكمة، فإذا نص الشارع على شيء كان نصاً عليه وعلى ما في معناه أو أَولى منه.
    أما مسألة أركان الإسلام، لو أراد أحد أن يقيس عملاً صالحاً على ركن من الأركان منعناه: أولاً: لأنه من باب فعل الأوامر، وليس من باب الأوصاف التي عُلِّقت بها الأحكام، ولا يمكن أن نثبت أمراً إلا بإذن من الشرع.
    ثانياً: أننا نقول لكل من أراد أن يلحق شيئاً من غير أركان الإسلام في أركان الإسلام: من قال لك: إن هذا الشيء الذي تريد إلحاقه يساوي عند الله ما يساويه الركن؟! لا يمكن، فلهذا يمتنع القياس بالأوامر، الأوامر لا يمكن أن تقيس عليها شيئاً، فتقول: إذا أمر الشارع بهذا أمر بهذا! أما مسألة العيوب أو الأحكام المعلقة بأوصاف: فمتى وجدت هذه الأوصاف في شيء أو ما هو أَولى منه ثبت فيه الحكم، أرأيت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "خمس من الدواب كلهن فواسق يُقْتَلن في الحل والحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأر، والكلب العقور" ؟!
    هل نقول: إن الأسد لا يُقْتَل في الحرم؟! يُقْتَل، وهو أَولى من الكلب العقور بالقتل.
    هل نقول: إن الحية لا تُقْتَل في الحرم؟! لا نقول هذا، بل نقول: تُقْتَل؛ لأنه إذا نص على العقرب فالحية أشد ضرراً منها ، فإذا نص على شيء ثبت الحكم في مثله أو أَولى منه.
    السائل: تعني: وجود العلة يا شيخ؟
    الشيخ: نعم. )) ([12])

    يتبع إن شاء الله ...

    ([1]) (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)(25/ 35)

    ([2]) (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)(25/ 35 ـ 36)

    ([3]) قال النووي في (شرح مسلم)(13/ 117) : (( أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا تُجْزِي الضَّحِيَّةُ بِغَيْرِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ))

    ([4]) قال الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ في ( سلسلة الأحاديث الضعيفة)(1/ 160) :
    (( فائدة : المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم، وهي من الغنم والبقر ما دخل في السنة الثالثة، ومن الإبل ما دخل في السادسة والجذع من الضأن ما له سنة تامة على الأشهر عند أهل اللغة وجمهو ر أهل العلم كما قال الشوكاني وغيره . )) ا.هـ
    وقال الإمام النووي في (شرح صحيح مسلم)(13/ 118) :(( وَالْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ مَا لَهُ سَنَةٌ تَامَّةٌ هَذَا هو الأصح عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الْأَشْهَرُ عِنْدِ أَهْلِ اللُّغَةِ وغيرهم))
    وقال في ( المجموع شرح المهذب)(8/ 393 ـ 394) : (( ثُمَّ الْجَذَعُ مَا اسْتَكْمَلَ سَنَةً عَلَى أَصَحِّ الْأَوْجُهِ .. وَأَمَّا الثَّنِيُّ مِنْ الْإِبِلِ فَمَا اسْتَكْمَلَتْ خَمْسَ سنين وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ ، وَرَوَى حَرْمَلَةُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ الَّذِي اسْتَكْمَلَ سِتَّ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّابِعَةِ ، قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَيْسَ هَذَا قَوْلًا آخَرَ لِلشَّافِعِيِّ وَإِنْ تَوَهَّمَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَلَكِنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ نِهَايَةِ سِنِّ الثَّنِيِّ وَمَا ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ هُوَ بَيَانٌ لِابْتِدَاءِ سَنَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
    وَأَمَّا الثَّنِيُّ مِنْ الْبَقَرِ فَهُوَ مَا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ ، وَرَوَى حَرْمَلَةُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مَا اسْتَكْمَلَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ الْأَوَّلُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهِمْ )) ا.هـ
    وجاء في (طرح التثريب في شرح التقريب)(5/ 193 ـ 194) للحافظ العراقي : (( اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سِنِّ الْجَذَعِ الْمُجْزِئِ فِي الْأُضْحِيَّةِ إمَّا مِنْ الضَّأْنِ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَوْ مِنْ الْمَعْزِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ، عَلَى أَقْوَالٍ:
    (أَحَدُهَا) أَنَّهُ مَا أَكْمَلَ سَنَةً وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَحَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ الْكِسَائِيّ وَالْأَصْمَعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَابْنِ قُتَيْبَةَ ، قَالَ وَقَالَهُ الْعُدَيْسُ الْكِلَابِيُّ وَأَبُو فَقْعَسٍ الْأَسَدِيُّ وَهُمَا ثِقَتَانِ فِي اللُّغَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ .
    (الثَّانِي) سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي مَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ.))
    وذكر الأقوال الأخرى ، وقد ذكر أيضا هذا الإمام ابن حجر ـ رحمه الله ـ في ( فتح الباري)(10/ 16)

    ([5]) الشيخ يشير إلى حديث هلال " يجوز الجذع من الضأن أضحية "، والذي قبله هو الذي ذكره هنا ، كأن في الكلام تقديم وتأخير أو سقط ، والله أعلم

    ([6]) (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)(25/ 36)

    ([7]) قال الإمام الألباني في (إرواء الغليل)(4/ 361 ـ 364) : (( منكر ، أخرجه أبو داود (2805) والنسائى (2/402) والترمذى (1/284) وابن ماجه (3145) والطحاوى (2/297) والحاكم (4/224) والبيهقى (9/275) والطيالسى (97) وأحمد (1/83 , 101 , 127 , 129 , 137 , 150) وأبو يعلى فى " مسنده " (ق 18/1) من طريق قتادة قال: سمعت جرى بن كلب عن على بن أبى طالب به ، والسياق لابن ماجه وآخرين , وكلهم قدموا القرن على الأذن , سوى أبى داود , إلا أنه قال " بعضباء " , ولم يذكر النسائى " الأذن "! وزاد جمهورهم: " قال قتادة: سألت سعيد بن المسيب عن (العضب) ؟ قال: النصف فما زاد " ، وقال أبو داود: " جرى سدوسى بصرى , لم يحدث عنه إلا قتادة "، ونقل الذهبى فى" الميزان" مثله عن أبى حاتم وقال: " لا يحتج به " فتعقبه بقوله: " قلت: قد أثنى عليه قتادة ".
    وكأنه لذلك لما قال الحاكم: " صحيح الإسناد ". وافقه الذهبى فى " تلخيصه "، وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ".
    قلت: ولعل ذلك لطرقه , وإلا فأحسن أحواله أن يبلغ رتبة الحسن.
    وقد رواه جابر عن عبد الله بن نجى عن على به ، أخرجه الطيالسى (97) وعنه البيهقى وأحمد (1/109) .
    وجابر هو ابن يزيد الجعفى وهو متروك.
    وقال البيهقى عقب هذه الرواية والتى قبلها: " كذا فى هاتين الروايتين , والأولى: مثلهما , والأخرى أضعفهما ; وقد روى عن على رضي الله عنه موقوفا خلاف ذلك فى القرن ".
    ثم ساق عن طريق سلمة بن كهيل عن حجية بن عدى قال: " كنا عند على رضى الله عنه , فأتاه رجل فقال: البقرة؟ فقال: عن سبعة , قال: القرن (وفى رواية: مكسورة القرن) ؟ قال: لا يضرك , قال: العرج , قال: إذا بلغت المنسك , أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن" ، وأخرجه الترمذى (1/284) والدارمى (2/77) وابن ماجه (3143) والطحاوى (2/297) والحاكم (4/225) وأحمد (1/985 , 105 , 125 , 152) . وقال الترمذى: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
    قلت: هو على كل حال أحسن إسنادا من الأول , ولكنه لا يبلغ درجة الصحة فإن حجية هذا , وإن كان من كبار أصحاب على رضى الله عنه كما قال الحاكم , فقد أورده الذهبى فى " الميزان " وقال: " قال أبو حاتم: شبه مجهول , لا يحتج به. قلت: روى عنه الحكم وسلمة بن كهيل وأبو إسحاق , وهو صدوق إن شاء الله تعالى , قد قال فيه العجلى: ثقة "، وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطىء ".
    قلت: ويشهد لحديثه المرفوع ما روى زهير: أنبأنا أبو إسحاق عن شريح ابن النعمان ـ قال: وكان رجل صدق ـ عن على قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن , وأن لا نضحي بعوراء ولا مقابلة , ولا مدابرة , ولا شرقاء , ولا خرقاء ".
    قال زهير: فقلت لأبى إسحاق: أذكر عضباء؟ قال: لا , قال: قلت: ما المقابلة؟ قال: هى التى يقطع طرف أذنها , قلت: فما الدابرة؟ قال: التي يقطع مؤخر الأذن , قلت: ما الشرقاء؟ قال: التي يشق أذنها , قلت: فما الخرقاء؟ قال: التي تخرق أذنها السمة " ، أخرجه الإمام أحمد (1/108 , 149) وأبو داود (2804) والبيهقى عن زهير.
    ورواه الترمذى (1/283) وصححه والدارمى (2/77) وابن الجارود (906) والطحاوى والحاكم (4/224) والبيهقى أيضاً وأحمد (1/80 , 128) من طرق أخرى عن أبى إسحاق به دون ذكر " العضباء ".
    وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبى.
    وفيه نظر , فإن أبا إسحاق وهو عمرو بن عبد الله السبيعى كان اختلط , ثم هو مدلس وقد عنعنه , وروى الحاكم من طريق قيس بن الربيع قال: قلت لأبى إسحاق: سمعته من شريح؟ قال: حدثنى ابن أشوع عنه.
    قلت: وابن أشوع اسمه سعيد بن عمرو , وهو ثقة من رجال الشيخين , فإذا صح أنه هو الواسطة بين أبى إسحاق وشريح , فقد زالت شبهة التدليس , وبقيت علة الاختلاط.
    وله طريق أخرى عن على مختصرا قال: " أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن فصاعدا ".
    أخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " (1/132) من طريق أبى إسحاق الهمدانى عن هبيرة بن يريم (بوزن عظيم , وفى الأصل: مريم وهو تصحيف) عن على.
    قلت: وهبيرة أورده الذهبى في " الضعفاء " وقال: " قال أبو حاتم: شبه المجهول " ، وبقية رجاله ثقات رجال مسلم , لكن أبو إسحاق الهمدانى وهو السبيعى فيه ما عرفت.
    وجملة القول: أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح , وذكر " القرن " فيه منكر عندى لتفرد جرى به , مع مخالفته لما رواه حجية عن على أنه لا بأس به. والطريق الأخرى لا غناء فيها لشدة ضعفها بسبب الجعفى , والله أعلم.
    (تنبيه) : عرفت مما سبق أن الطيالسى أخرج الحديث من الطريقين , فاعلم أنه وقع في النسخة المطبوعة منه سقط , فلم يذكر فيها إسناد الطريق الأولى ولا متنها المرفوع , وجعل سؤال قتادة لسعيد بن المسيب من تمام الطريق الأخرى , فيصحح ذلك من البيهقى , فقد أخرجهما كليهما عن الطيالسى , وقد وقعت الأولى في " ترتيبه " دون الأخرى!. )) ا.هـ

    ([8]) قد وقف القارئ الكريم أن الإمام الألباني قد نبه على علة هذا الحديث عند بيان علة الحديث السابق ، وأيضا مما جاء عنه في شأن هذا الحديث ما ذكره في ( ضعيف أبي داود)(2/ 378) ، فليرجع إليه والله الموفق .

    ([9]) قال الإمام الألباني في (ضعيف أبي داود)(2/ 376 ـ 377) : (( قلت: إسناده ضعيف؛ أبو حُميْد وشيخه
    يزيد مجْهُولان؛ كما قال ابن حزم وغيره .
    إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي. (ح) وحدثنا علي بن بحْر: ثنا عيسى عن ثور: حدثني أبو حميد الرعيْنِيُّ ...
    قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ أبو حُميْدٍ الرعيْنِيُّ وشيخه يزيد ذو مِصْر مجهولان؛ كما قال ابن حزم، ونقله ابن حجر في "التهذيب "، وأقره. وأما في "التقريب " فصرّح في الأول أنه مجهول. ومثله قول الذهبي: " لا يعرف ". وفي الآخر قال:" مقبول ". وكأنه لتوثيق ابن حبان إياه (3/292) .. ولا قيمة له؛ لما نبّهْنا عليه مراراً.
    وأشار الذهبي إلى ذلك هنا أيضاً؛ فقال: "وُثق ".
    وسكت المنذري عن الحديث! وهذا من تساهله الذي يجْهلُة كثير من المتأخرين.
    والحديث أخرجه البيهقي (9/275) عن المؤلف بإسناديه عن عيسى- وهو ابن يونس السّبيعي-.
    وأخرجه أحمد (4/185) : ثنا علي بن بحْر ... به ، ومن طريق اخر عن عيسى ... به ، والحاكم (4/225) من طريق علي بن بحر، لكن وقع في إسناده تحريفات في إسناده! وصححه! وسكت عنه الذهبي! )) ا.هـ

    ([10]) (أحكام الأضحية والذكاة)(2/235 ـ 244)

    ([11]) (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)(25/ 52)

    ([12]) (لقاء الباب المفتوح)(3/ 13)

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. بعض أحكام الأضحية ومشروعيتها :.. للشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله
    بواسطة أبو عبد المصور مصطفى الجزائري في المنتدى المنبــر الإسلامي العــام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-Sep-2015, 10:25 AM
  2. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-Oct-2013, 10:28 PM
  3. " أحكام العيد وسننه " للشيخ محمد ين صالح العثيمين رحمه الله
    بواسطة أبو عبد المحسن زهير التلمساني في المنتدى منبر العلوم الشرعية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-Nov-2011, 05:49 PM
  4. مطوية - عشر ذي الحجة - قرأها الشيخ محمد بن صالح العثيمين
    بواسطة محبة المنهج السلفي في المنتدى مـنــبر الأســـرة المـــســلـــمـــة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-Oct-2011, 02:23 PM
  5. أحكام العيد وسننه ...... للشيخ محمد ين صالح العثيمين
    بواسطة أبو خالد الوليد خالد الصبحي في المنتدى منبر العلوم الشرعية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24-Mar-2010, 07:44 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •