متن : بنعمته (1)....
----------------
1 – وقوله : بنعمته : أي تفضلا منه سبحانه وتعالى وإحسانا إليه ، وليس وجوبا عليه، إذ لا يجب على الله شيء؛ فهو المالك لهم ولما عندهم، وهو الملك لكل الخلق، وهو الرب مربيهم بنعمه، والسيد المدبر لجميع شؤونهم ، وهو خالق كل شيء ، ونعمة إيجادهم من أعظم النعم .
قال تعالى : {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }(7)المائدة.
وقال جل وعز {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} (9)الأحزاب .
وقال عز وجل {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ }(53)النحل . {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}20 لقمان.
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله – (1/649)يمتن تعالى على عباده بنعمه، ويدعوهم إلى شكرها ورؤيتها؛ وعدم الغفلة عنها فقال: {ألم تروا} أي: تشاهدوا وتبصروا بأبصاركم وقلوبكم، {أن الله سخر لكم ما في السماوات} من الشمس والقمر والنجوم ( والرياح والأمطار ) ، كلها مسخرات لنفع العباد.
{وما في الأرض} من الحيوانات والأشجار والزروع ، والأنهار والمعادن ونحوها كما قال تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا}.
{وأسبغ عليكم} أي: عمكم وغمركم نعمه الظاهرة والباطنة التي نعلم بها؛ والتي تخفى علينا، نعم الدنيا، ونعم الدين ، حصول المنافع ، ودفع المضار، فوظيفتكم أن تقوموا بشكر هذه النعم ؛ بمحبة المنعم والخضوع له ؛ وصرفها في الاستعانة على طاعته ، وأن لا يستعان بشيء منها على معصيته. {و} لكن مع توالي هذه النعم؛ {من الناس من} لم يشكرها؛ بل كفرها؛ ( وجحدها ) وكفر بمن أنعم بها ؛ وجحد الحق الذي أنزل به كتبه ؛ وأرسل به رسله، فجعل {يجادل في الله} أي: يجادل عن الباطل؛ ليدحض به الحق؛ ويدفع به ما جاء به الرسول من الأمر بعبادة الله وحده ، وهذا المجادل على غير بصيرة ، فليس جداله عن علم ، فيترك وشأنه، ويسمح له في الكلام {ولا هدى} يقتدي به بالمهتدين {ولا كتاب منير} [غير مبين للحق فلا معقول ولا منقول ولا اقتداء بالمهتدين] وإنما جداله في الله مبني على تقليد آباء غير مهتدين، بل ضالين مضلين.
وقال تعالى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ }(18) النحل.
كم من نعمة يتقلب فيها العباد ؟؟ إنها نعم كثيرة وعظيمة ، وهل يمكن أن يحصي أحدنا نعم الله عليه ؟؟
يجيبنا ربنا سبحانه {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } ، وإذا كان الأمر كذلك أنه لا يمكن أن نحصي نعمه فبالضرورة لا يمكن أن نؤدي شكرها كلها بل لابد من التقصير في الشكر ولكن الله غفور رحيم غفور للتقصير رحيم بعباده .
يا له من إله عظيم ما قدرناه حق قدره ؛ وما شكرناه حق شركه ، ومع ذلك إنه غفور رحيم ، أنظروا كيف أسبغ علينا نعمه العظيمة الكثيرة ظاهرة وباطنة ، في السماء والأرض ، في البر والبحر ، وانظروا كيف أتمها علينا، وسخرها لنا ، وانظروا كيف يتحبب بها إلينا ، وكيف يذكرنا بها ؟؟!!
وما كان ذلك التذكير كذلك إلا لأننا قصرنا وغفلنا عن شكره سبحانه ومع ذلك فإنه غفور رحيم شكور حليم .
يتبع -إن شاء الله -




رد مع اقتباس