متن : وقوله : على ألسنة المرسلين الخيرة من خلقه ..
--------------------
ش/ ليس من شك أن الرسل خير الخلق أجمعين ، فهم صفوة الخلق ، وهم الذين اصطفاهم الله عز وجل ، والله يصطفي من يشاء من خلقه ما يشاء .
قال تعالى : { اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75)} الحج .

قال ابن جرير- رحمه الله - (18/687): يقول تعالى ذكره: الله يختار من الملائكة رسلا كجبرئيل وميكائيل اللذين كانا يرسلهما إلى أنبيائه، ومن شاء من عباده ومن الناس، كأنبيائه الذين أرسلهم إلى عباده من بني آدم.
ومعنى الكلام: الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس أيضا رسلا وقد قيل: إنما أنزلت هذه الآية لما قال المشركون: أنزل عليه الذكر من بيننا، فقال الله لهم: ذلك إلي وبيدي دون خلقي، أختار من شئت منهم للرسالة. انتهى كلامه .
وفي الترمذي من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما - قال: "جلس ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتظرونه قال فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم فقال بعضهم : عجبا إن لله من خلقه خليلا اتخذ إبراهيم خليلا ، وقال آخر: ما ذلك بأعجب من كليمه موسى كلمه تكليما، وقال آخر: فعيسى كلمة الله وروحه ، وقال أخر: آدم اصطفاه الله ؛ فخرج عليهم فسلم وقال: ((سمعت كلامكم وعجبكم إن إبراهيم خليل الله ، وهو كذلك ، وكذلك موسى نجي الله وهو كذلك ، وعيسى روحه وكلمته وهو كذلك ، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك ، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر وأنا أول من يحرك حلقة الجنة فيفتح لي فأدخلها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر)) (ضعيف - المشكاة 5762)و(ضعيف الجامع الصغير 4077)) وضعيف الترمذي (742 – 3877).
وإن كان الحديث ضعيفا من حيث سنده ؛ فبعض الفقرات فيه ثابتة بأحاديث صحيحة ، متنه كله تعضده آيات كثيرة في كتاب الله تعالى ؛ فالله يصطفي ويجتبي ويختار من يشاء من الرسل ومن آلهم وهم أتباعهم.
قال تعالى :{ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)} آل عمران .
قال البغوي - رحمه الله - في تفسيره (2/28): {اصْطَفَى} اخْتَارَ، افْتَعَلَ مِنَ الصَّفْوَةِ وَهِيَ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ .وهو ماذكره الحميدي في تفسير غريب ما في الصحيحين (1/483).
وفيه (1/296): اصْطفى :اخْتَار وانتخب وَرفع وَفضّل .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا} الْآيَةَ .قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَالَتِ الْيَهُودُ نَحْنُ مِنْ أَبْنَاءِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، وَنَحْنُ عَلَى دِينِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. يَعْنِي: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى هَؤُلَاءِ بِالْإِسْلَامِ وَأَنْتُمْ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ. انتهى كلامه.
قال ابن كثير- رحمه الله - (2/33):{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ () ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(33-34)آل عمران .
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ اخْتَارَ هَذِهِ الْبُيُوتَ عَلَى سَائِرِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَاصْطَفَى آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، خَلَقَهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَهُ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ ثُمَّ أَهْبَطَهُ مِنْهَا، لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ.
وَاصْطَفَى نُوحًا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَجَعَلَهُ أَوَّلُ رَسُولٍ [بَعَثَهُ] إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، لَمَّا عَبَدَ النَّاسُ الْأَوْثَانَ، وَأَشْرَكُوا فِي دِينِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانَا، وَانْتَقَمَ لَهُ لَمَّا طَالَتْ مُدَّتُهُ بَيْنَ ظَهْرَاني قَوْمِهِ، يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَجِهَارًا، فَلَمْ يَزِدْهُمْ ذَلِكَ إِلَّا فِرَارًا، فَدَعَا عَلَيْهِمْ، فَأَغْرَقَهُمُ اللَّهُ عَنْ آخِرِهِمْ، وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَهُ عَلَى دِينِهِ الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ بِهِ. وَاصْطَفَى آلَ إِبْرَاهِيمَ، وَمِنْهُمْ : سَيِّدُ الْبَشَرِ وَخَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَآلَ عِمْرَانَ، وَالْمُرَادُ بِعِمْرَانَ هَذَا: هُوَ وَالِدُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ، أُمِّ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسار رَحِمَهُ اللَّهُ: هُوَ عِمْرَانُ بْنُ يَاشَمَ بْنِ أَمُونَ بْنِ مَيْشَا بْنِ حِزْقِيَا بْنِ أحريق بن يوثم بن عزاريا ابن أَمْصِيَا بْنِ يَاوشَ بْنِ أجريهو بْنِ يَازِمَ بْنِ يَهْفَاشَاطَ بْنِ إِنْشَا بْنِ أَبِيَّانَ بْنِ رُخَيْعَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. فَعِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ.
قال ابن المنذر- رحمه الله - في تفسيره (1/171):368 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الأَصَمُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِّنَ اللهَ اصْطَفَى إِبْرَاهِيمَ بِالْخُلَّةَ، وَاصْطَفَى مُوسَى بِالْكَلامِ، وَاصْطَفَى مُحَمَّدًا بِالرُّؤْيَةِ "
وقال الخازن - رحمه الله - في تفسيره (3/216): وقال تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ }وقال تعالى في حق موسى :{إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي } .
وقال تعالى:{ وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ} وغير ذلك من الآيات التي تدل على كونهم موصوفين بالاصطفاء والخيرة.
وقال سبحانه وتعالى :{ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59)} النمل .
قال ابن كثير- رحمه الله –(6/181): يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَيْ عَلَى نِعَمِهِ عَلَى عِبَادِهِ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى وَعَلَى مَا اتَّصَفَ بِهِ مِنَ الصِّفَاتِ الْعُلَى وَالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ اصْطَفَاهُمْ وَاخْتَارَهُمْ وَهُمْ رُسُلُهُ وَأَنْبِيَاؤُهُ الْكِرَامُ، عَلَيْهِمْ من الله أفضل الصلاة والسلام، وَهَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَغَيْرُهُ: إِنَّ الْمُرَادَ بِعِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، هُمُ الأنبياء، قال: وهو كقوله: سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [الصَّافَّاتِ: 180- 182] .
وقال واثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ،: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (( إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» مسلم (2276) والترمذي (3606) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1495) و (1496) .
وقد اصطفى الله هذه الأمة من بين الأمم كما قال سبحانه وتعالى :{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } آل عمران (110) اصطفاهم واجتباهم لمقام صفوته وخيرته صلى الله عليه وسلم على سائر الخلق.
قال ابن كثير (2/9): يخْبِرُ تَعَالَى عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بِأَنَّهُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ فَقَالَ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} .
قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَيْسَرة، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قَالَ: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ (صحيح البخاري برقم (4557) .
وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، ومُجاهد، وعِكْرِمة، وعَطاء، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَعَطِيَّةُ العَوْفيّ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} يَعْنِي: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ وَأَنْفَعُ النَّاسِ لِلنَّاسِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}.
وقد اصطفى الله الصحابة - رضوان الله عليهم – من هذه الأمة كما اصطفاهم على جميع الخلق بعد الأنبياء ، اصطفاهم ليناسبوا مقام النبي المصطفى ، فلا يليق أن يرسله الله في سفلة من النّاس وأراذلهم ، وإنما أرسله في خير النّاس وفي خير الأمكنة ، وخير الأزمنة ، وأختار له من خير النّاس أفضلهم وأصدقهم وهم صحابته .
قال ابن جرير رحمه الله – (19/482-483): القول في تأويل قوله تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمْ مَا يُشْرِكُونَ (59) } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (قُلِ) يا محمد (الْحَمْدُ لِلَّهِ) على نعمه علينا، وتوفيقه إيانا لما وفِّقنا من الهداية، (وَسَلامٌ) يقول: وأمنة منه من عقابه الذي عاقب به قوم لوط، وقوم صالح، على الذين اصطفاهم، يقول: الذين اجتباهم لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فجعلهم أصحابه ووزراءه على الدِّين الذي بعثه بالدعاء إليه دون المشركين به، الجاحدين نبوّة نبيه. وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك ، قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك:
حديث أبو كُرَيب، قال: ثنا طلق، يعني ابن غنام، عن ابن ظهير، عن السديّ، عن أبي مالك، عن ابن عباس: (وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) قال: أصحاب محمد اصطفاهم الله لنبيه.
حدثنا عليّ بن سهل، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: قلت لعبد الله بن المبارك: أرأيت قول الله (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) من هؤلاء؟ فحدثني عن سفيان الثوري، قال: هم أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
وقال ابن كثير (6/181) : وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالسُّدِّيُّ: هُمْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَضِيَ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أيضا، وَلَا مُنَافَاةَ فَإِنَّهُمْ إِذَا كَانُوا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ اصْطَفَى فَالْأَنْبِيَاءُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى.
وَالْقَصْدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ رَسُولَهُ وَمَنِ اتبعه بعد ذكره لَهُمْ مَا فَعَلَ بِأَوْلِيَائِهِ مِنَ النَّجَاةِ وَالنَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ وَمَا أَحَلَّ بِأَعْدَائِهِ مِنَ الْخِزْيِ وَالنَّكَالِ وَالْقَهْرِ، أَنْ يَحْمَدُوهُ عَلَى جَمِيعِ أَفْعَالِهِ، وَأَنْ يُسَلِّمُوا عَلَى عِبَادِهِ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ.
وأخرجه البخاري من رواية عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - بلفظ: "خير الناس قرني" ومن رواية عمران بن حصين "خير أمتي قرني". (انظر البخاري كتاب فضائل أصحاب النبي باب (1ج4/189) ومسلم فضائل الصحابة باب (52ج4/1962)، وأبو داود في كتاب السنة باب (10ج5/44)، والترمذي في كتاب الفتن باب (45ج4/500)ّ.
وروي عنه - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَنه قَالَ : ((إنَّ اللهَ اختارَ أصحابي عَلى العالَمينَ؛ سِوى النبيينَ والمرسلينَ، واختارَ لي مِنْ أصحابي أربعةً - يعني -: أبا بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعلياً، رَحمهُمُ الله؛ فَجعلَهُمْ أصحَابِي. وقالَ في أصحابي كُلهُم خيرٌ، واختارَ أمتي عَلى الأممِ، واختارَ [من] أمتي أربَعَ قُرونٍ : القَرنَ الأولَ، والثاني، والثالثَ، والرابعَ)) . السلسلة الضعيفة (6123) وقال ضعيف .
وَفِي رِوَايَة (أَنْتُم موفون سبعين أمة أَنْتُم خَيرهَا وَأَكْرمهَا على الله عز وَجل)مسند أحمد 20015 " قال محققه إسناده حسن. وقال في صحيح الجامع (2301) (حسن) ... [حم ت هـ ك] عن معاوية بن حيدة. المشكاة (6294).
وقال تعالى :{ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} أي: يصطفي من يشاء، فيجعله رسولًا، فيوحي إليه ذلك، أي: ليس الوحي من السماء إلى غير الأنبياء، عليهم السلام.
فلله سبحانه وتعالى أن يصطفى من يشاء من عباده لا يسأل عما يفعل، والرسل عليهم الصلاة والسلام هم ممن اصطفاهم الله، واجتباهم لحمل رسالته إلى عباده، فجعلهم سفراءه إلى الناس بالرحمة والهدى..
وهؤلاء الرسل- على علوّ مقامهم وشرف منزلتهم- هم درجات عند الله في الفضل.. بعضهم أفضل من بعض، فكما اصطفى سبحانه وتعالى هؤلاء الرسل من بين
خلقه، اصطفى منهم صفوة جعلها في الدرجة العليا من هؤلاء المصطفين الأخيار..واصطفى من بينهم نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم فأرسله رحمة للعالمين ، وجعله الرحمة المهداة والنعمة المسدات .
واصطفى لهم- سبحانه وتعالى - من يناسبهم في خيرتهم من أصحابهم وأتباعهم وحواريهم ، وجعل نبينا أفضلهم وأمته أفضل المم وأصحابه أفضل الأصحاب والأتباع ، وقد كمل منهم الكثير ولم يكمل من النساء إلا أربعة .
اللهم صل وسلم على من اصطفيتهم من عبادك وسلم تسليما كثيرا على أوليائك أتباعهم إلى يوم الدين ، ونسألك ربنا أن تحشرنا في زمرتهم ، وتبلغنا منازلهم في جنات عدن برحمتك يا أرحم الراحمين .

يتبع - إن شاء الله -