بسم الله الرحمن الرحيم
أحسن الله إليكم وبارك فيكم، هذا سائل يسأل ويقول: هنالك قَصَّاصون على الساحة الدعوية، من أمثال:سعيد بن مسفر والدويش والعريفي والجبيلان وغيرهم.
كيف يتعامل مع أشرطتهم التي هي مجرد قصص وتشويق وفكاهات؟ هل ينصح بسماعها بارك الله فيكم؟
أقول: هدي رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، وهدي خلفاءه، وسائر أصحابه، وأئمة العلم والدين والإيمان من بعده، من أهل القرون المفضلة ومن هو على النهج، هديهم هو تقرير قواعد الدين وأصوله الكلية ، يأمرون بالتوحيد ويقررونه للناس بابًا بابًا، وينهون عن الشرك ويحذرون منه ويفصلون فيه تفصيلًا، حتى تكون الأمة على حذر منه.
كما أنهم أيضًا لا يَدَعون الأمر لجميع فرائض الدين العملية، ويبينون للناس الحلال والحرام، وكذلك هم ينهون عن جميع المعاصي والبدع والمحدثات في الدين، وقد يقولوا في مقالاتهم وخطبهم شيئًا من الوعظ للترغيب والترهيب.
ومن هنا نقول إن الوُّعاظ قسمان:
القسم الأول: قسم على ما سبق من تقرير أصول الدين وقواعده الكلية بالدليل، ويكون في مواعظهم وخطبهم شيئًا من الوعظ للترغيب والترهيب-تذكير بالموت، الاستعداد للجنة، الحذر من النار، ولكن هذا إلى جانب تقعيد القواعد وتأصيل الأصول قليل.
القسم الثاني: لمَّا يعتنون بقرير قواعد الدين وأصوله، ولا يهتمون بالتوحيد توحيدُ ولا شرك، وديدنهم كله أو جله هو كما ذكرت في سؤالك، قصص وفكاهات ومجرد تشويق أي ترهيب خالي أو ترغيب خالي، فهؤلاء قصاصون وفي أشرطتهم مضيعة للوقت ومشغلة عن طلب العلم الشرعي، الذي أخبر نبينا-صلى الله عليه وسلم-أنه سبيل الخيرية التامة، الخيرية التي تتضمن سعادة الدنيا والآخرة(من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين).
فهؤلاء يجب على المسلمين أن يحذروا أشرطتهم، وكتبهم وأن يحذروا منها، لأن التلمذة عليهم لا تورث إلا الجهل، ترقيق قلوب بدون علم، والله-سبحانه وتعالى-ما أثنى على الوعظ ثناءً مجردًا، بل أثنى على العلم وأهله، (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، وقال: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)، وقال: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)، وقال-صلى الله عليه وسلم-: (من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا، سهل الله له طريقًا إلى الجنة)، (وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما صنع)، (وإن العالم ليستغفر له من في السماوات والأرض حتى الحيتان في جوف الماء)، (وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب)، (وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظٍ وافر).
التحذير من الوعاظ والقصاص وأصحاب الفكاهات والقصص والأساليب المشوقة، دون استناد إلى علم شرعي يقرر منه أصول الدين وقواعده الكلية، هؤلاء يحذر منهم ويُحذَرون، وليس لأنهم لم يكونوا على هدي رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وهدي خلفاءه وأصحابه وأئمة التابعين ومن بعدهم، لا.
قام بتفريغه: ابو عبيدة منجد بن فضل الحداد


رد مع اقتباس
