وقال في (384 )
وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ إِلَّا عَلَى مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ حُقُوقٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ بِغَيْرِ شَهَادَةٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ فَرْضًا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَقَدْ أَشْهَدَ بِذَلِكَ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُوصِيَ بِهِ إِلَّا فِرْقَةً شَذَّتْ فَأَوْجَبَتْ ذَلِكَ وَالْآيَةُ بِإِيجَابِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ مَنْسُوخَةٌ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي بَابِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يُوصِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَتْ الوصية واجبة كَانَ أَبْدَرَ النَّاسِ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (( أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ تُعْطِيَ وَأَنْتَ صحيح شحيح تأمل الغنى وَتَخْشَى الْفَقْرَ وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ النَّفْسُ الْحُلْقُومَ قُلْتَ هَذَا لِفُلَانٍ وَهَذَا لِفُلَانٍ )) وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ الزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ كَانَا يُشَدِّدَانِ عَلَى الرَّجُلِ فِي الْوَصِيَّةِ فَقَالَ ( مَا كَانَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَفْعَلَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا أَوْصَى وَأَوْصَى أَبُو بَكْرٍ فَإِنْ أَوْصَى فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يُوصِ فَلَا بَأْسَ )
قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَيْسَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مَا يوصي فيه لأنه مخصوص بأن يكون كلما يَتْرُكُهُ صَدَقَةً
قَالَ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَوْنٍ يَقُولُ إِنَّمَا الْوَصِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ فَأَحَبُّ إِلَيَّ إِذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ غَنِيًّا عَنْهَا أَنْ يَدَعَهَا
وَأَمَّا قَوْلُ سَعْدٍ فِي الْحَدِيثِ ( وَأَنَا ذُو مَالٍ ) فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَا مَالٍ مَا أَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ ( لَأَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ) وَقَدْ مَنَعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَوِ ابْنُ عُمَرَ مَوْلًى لَهُمْ من أن يوصي وكان له سبع مائة دِرْهَمٍ وَقَالَ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنْ تَرَكَ خَيْرًا وَلَيْسَ لَكَ كَثيرُ مَالٍ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : ( لَا يَجُوزُ لِمَنْ كَانَ وَرَثَتُهُ كَثِيرًا وَمَالُهُ قَلِيلًا أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِ مَالِهِ) قَالَ وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ : قَلِيلٌ ، وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ أربع مائة دِرْهَمٍ وَلَهُ عِدَّةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَقَالَتْ : مَا فِي هَذَا فَضْلٌ عَنْ وَلَدِهِ .)) انتهى
ـ وجاء في شرح النووي على مسلم (6/ 16):
وَفِي هَذَا الْحَدِيث مُرَاعَاة الْعَدْل بَيْن الْوَرَثَة وَالْوَصِيَّة ، قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء : إِنْ كَانَتْ الْوَرَثَة أَغْنِيَاء اُسْتُحِبَّ أَنْ يُوصِي بِالثُّلُثِ تَبَرُّعًا ، وَإِنْ كَانُوا فُقَرَاء اُسْتُحِبَّ أَنْ يَنْقُص مِنْ الثُّلُث . وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء فِي هَذِهِ الْأَعْصَار عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ وَارِث لَا تَنْفُذ وَصِيَّته بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُث إِلَّا بِإِجَازَتِهِ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى نُفُوذهَا فِي جَمِيع الْمَال . وَأَمَّا مَنْ لَا وَارِث لَهُ فَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور أَنَّهُ لَا تَصِحّ وَصِيَّته فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُث ، وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه وَإِسْحَاق وَأَحْمَد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيّ وَابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا .)) انتهى
ـ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَخْصِيصٌ لِلْقُرْآنِ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِمِقْدَارٍ لَا يُتَعَدَّى وَكَانَ مُرَادُهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ كَلَامِهِ مَا بَيَّنَهُ عَنْهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )) يَعْنِي لِتُبَيِّنَ لَهُمْ مُرَادَ رَبِّهِمْ فِيمَا احْتَمَلَهُ التَّأْوِيلُ مِنْ كِتَابِهِمُ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِمْ ( 9 )
ـ (( وفي الحديث أنه ينبغي للإنسان مشاورة أهل العلم لأن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه استشار النبي صلى الله عليه وسلم حينما أراد أن يتصرف بشيء من ماله فقال: يا رسول الله إني ذو مال كثير ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي ؟ قال: لا ..
وكل إنسان بحسبه فمثلاً إذا كنت تريد أن تقدم على شيء من أمور الدين فشاور أهل العلم لأنهم أعلم بأمور الدين من غيرهم، إذا أردت أن تشتري بيتاً فشاور أصحاب المكاتب العقارية، إذا أردت أن تشتري سيارة فاستشر المهندسين في ميكانيكية السيارات وهكذا .
ولهذا يقال: ما خاب من استخار ولا ندم من استشار .
والإنسان بلا شك لا ينبغي له أن يكمل نفسه، من ادعى الكمال لنفسه فهو الناقص بل لابد أن يراجع خصوصاً في الأمور الهامة التي تتعلق بمسائل الأمة فإن الإنسان قد يحمله الحماس والعاطفة على فعل شيء هو في نفسه حق ولا بأس به لكن التحدث عنه قد يكون غير طيب إما في الزمان أو في المكان أو في الحال .
ولهذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء الكعبة على قواعد إبراهيم خوفاً من الفتنة فقال لعائشة رضي الله عنها: ( لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم ولجعلت لها بابين، باباً يدخل منه الناس وباباً يخرجون منه .)
من أجل أن يتمكن الناس من دخول بيت الله عز وجل، لكن ترك ذلك خوف الفتنة مع كونه مصلحة .
بل أعظم من ذلك أن الله نهى أن نسب آلهة المشركين مع أن آلهة المشركين جديرة بأن تسب وتعاب وينفر منها لكن لما كان سبها يؤدي إلى سب الرب العظيم المنزه عن كل عيب ونقص، قال الله عز وجل: { ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون } فالمهم أنه ينبغي أن نعلم أن الشيء قد يكون حسناً في حد ذاته وفي موضوعه لكن لا يكون حسناً ولا يكون من الحكمة ولا من العقل ولا من النصح ولا من الأمانة أن يذكر في وقت من الأوقات أو في مكان من الأماكن أو في حال من الأحوال وإن كان هو في نفسه حقاً وصدقاً وحقيقة واقعة ومن ثم كان ينبغي للإنسان أن يستشير ذوي العلم والرأي والنصح في الأمر قبل أن يقدم عليه حتى يكون لديه برهان لأن الله قال لأشرف خلقه عليه الصلاة والسلام وأسدهم رأياًَ وأبلغهم نصحاً محمد صلى الله عليه وسلم قال: { فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله } هذا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم أسد الناس رأياً وأرجحهم عقلاً، وأبلغهم نصحاً .
الإنسان ربما تأخذه العاطفة فيندفع ويقول هذا لله هذا أنا سأفعله، سأصدع بالحق سأقول سوف لا تأخذني في الله لومة لائم وما أشبه ذلك من الكلام ثم تكون العاقبة وخيمة، ثم إن الغالب أن الذي يحكم العاطفة ويتبع العاطفة ولا ينظر للعواقب ولا للنتائج ولا يقارن بين الأمور الغالب أنه يحصل على يديه من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله عز وجل مع أن نيته طيبة وقصده حسن لكن لم يحسن أن يتصرف لأن هناك فرقاً بين حسن النية وحسن التصرف قد يكون الإنسان حسن النية لكنه سيئ التصرف وقد يكون سيئ النية والغالب أنه سيئ النية سيئ التصرف، لكن مع ذلك قد يحسن التصرف لينال غرضه السيئ .
فالإنسان يحمد على حسن نيته لكن قد لا يحمد على سوء فعله إلا أنه إذا علم منه أنه معروف بالنصح والإرشاد فإنه يعذر بسوء تصرفه ويلتمس له العذر ولا ينبغي أيضاً أن يتخذ من فعله هذا الرأي لم يكن موافقاً للحكمة بل لا يجوز أن يتخذ منه قدح في هذا المتصرف وأن يحمل ما لا يتحمله لكن يعذر ويبين له وينصح ويرشد ويقال يا أخي هذا كلامك أو فعلك حسن طيب وصواب في نفسه لكنه غير صواب في محله أو في زمانه أو في مكانه .
المهم أن في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يستشير من هو أكمل منه رأياً وأكثر منه علماً .
ـ وفيه من الفوائد: أنه ينبغي للمستشير أن يذكر الأمر على ما هو عليه حقيقة لا يلوذ يميناً وشمالاً بل يذكر الأمر حقاً على ما هو عليه حتى يتبين للمستشار حقيقة الأمر ويبني مشورته على هذه الحقيقة ولهذا قال سعد: (( إني ذو مال ولا يرثني إلا ابنة .))
فقوله: إني ذو مال بيان لسبب العطية التي يريد أن يعطيها ولا يرثني إلا ابنة بيان لانتفاء المانع، يعني لا مانع من أن أوصي كثيراً لانتفاء الوارث .
والمستشار عليه أن يتقي الله عز وجل فيما أشار فيه وأن لا تأخذه العاطفة في مراعاة المستشير لأن بعض الناس إذا استشاره الشخص ورأى أنه يميل إلى أحد الأمرين أو الرأيين ذهب يشير عليه به .
ويقول: أنا أحب أن أوافق الذي يرى أنه يناسبه وهذا خطأ عظيم بل خيانة، الواجب إذا استشارك أن تقول له ما ترى أنه حق وأنه نافع سواء أرضاه أم لم يرضه، وأنت إذا فعلت هذا كنت ناصحاً وأديت ما عليك ثم إن أخذ به، ورأي أنه صواب فذاك وإن لم يأخذ به فقد برئت ذمتك .
مع أنك ربما تستنتج شيئاً خطأ، قد تستنتج أنه يريد كذا وهو لا يريده فتكون خسراناً من وجهين: من جهة الفهم السيئ، ومن جهة القصد السيئ .
ـ في قول الرسول عليه الصلاة والسلام : (( لا )) دليل على أنه لا حرج أن يستعمل الإنسان كلمة (( لا )) وليس فيها شيء، فالنبي عليه الصلاة والسلام استعمل كلمة
(( لا )) وأصحابه رضي الله عنهم استعملوا كلمة (( لا )) .
فجابر رضي الله عنه لما أعيا جمله، ولحقه النبي عليه الصلاة والسلام، كيف لحقه وهو هزيل هل الجمل قدام الناس ؟ لا لكن من عادة الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه راعي أمته أن يمشي في الآخر لا يمشي قدامهم بل يمشي وراءهم لأجل أنه إذا احتاج أحد إلى شيء يساعده عليه الصلاة والسلام، انظر إلى التواضع وحسن الرعاية .
لحق جابراً وكان جمله قد أعيا لا يمشي فضربه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له وقال: بعنيه بوقية قال جابراً (( لا )) قال : (( لا )) للرسول عليه الصلاة والسلام ولم ينكر عليه الرسول عليه الصلاة والسلام .
فلا مانع من كلمة (( لا )) فإنها ليست سوء أدب وخلق، كثير من الناس الآن يأنف أن يقول لا يقول سلامتك، هذا طيب أن تدعو له بالسلامة لكن إذا قلت لا فلا عيب عليك )) ( 10 )
ـ قوله (( إلا ابْنَةٌ لي ))
قال الحافظ في فتح الباري (8/ 297)
وَهَذِهِ الْبِنْت زَعَمَ بَعْض مِنْ أَدْرَكْنَاهُ أَنَّ اِسْمهَا عَائِشَة ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهِيَ غَيْر عَائِشَة بِنْت سَعْد الَّتِي رَوَتْ هَذَا الْحَدِيث عِنْده فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيه وَفِي الطِّبّ ، وَهِيَ تَابِعِيَّة عَمَّرَتْ حَتَّى أَدْرَكَهَا مَالِك وَرَوَى عَنْهَا وَمَاتَتْ سَنَة مَائَة وَسَبْعَة عَشْرَ ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُر أَحَد مِنْ النَّسَّابِينَ لِسَعْدٍ بِنْتًا تُسَمَّى عَائِشَة غَيْر هَذِهِ ، وَذَكَرُوا أَنَّ أَكْبَر بَنَاته أُمّ الْحَكَم الْكُبْرَى وَأُمّهَا بِنْت شِهَاب بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث بْن زُهْرَة ، وَذَكَرُوا لَهُ بَنَات أُخْرَى أُمَّهَاتهنَّ مُتَأَخِّرَات الْإِسْلَام بَعْد الْوَفَاة النَّبَوِيَّة ، فَالظَّاهِر أَنَّ الْبِنْت الْمُشَار إِلَيْهَا هِيَ أُمّ الْحَكَم الْمَذْكُورَة لِتَقَدُّمِ تَزْوِيج سَعْد بِأُمِّهَا ، وَلَمْ أَرَ مَنْ حَرَّرَ ذَلِكَ
ـ قوله ((إنَّكَ إنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أغنِيَاءَ خيرٌ مِنْ أنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يتكفَّفُونَ النَّاسَ ، وَإنَّكَ لَنْ تُنفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغي بِهَا وَجهَ اللهِ إلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ في فِيِّ امْرَأَتِكَ ))
ـ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْبَنِينَ وَالزَّوْجَاتِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ وَإِنْ تَرَكَ الْمَالَ لِلْوَرَثَةِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بِهِ إِلَّا لِمَنْ كَانَ وَاسِعَ الْمَالِ وَالْأُصُولُ تُعَضِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَرْضٌ وَأَدَاءُ الْفَرَائِضِ أَفْضَلُ مِنَ التَّطَوُّعِ ( 11 )
ـ وقال ابن عثيمين رحمه الله في شرحه ج 1 / ص 28
إذا كان مال الإنسان قليلاً وكان ورثته فقراء فالأفضل أن لا يوصي بشيء لا قليل ولا كثير لقوله عليه الصلاة والسلام: ( إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة ) خلافاً لما يظنه بعض العوام أنه لابد من الوصية هذا خطأ، الإنسان الذي ماله قليل وورثته فقراء ليس عندهم مال لا ينبغي له أن يوصي، الأفضل أن لا يوصي .
ويظن بعض العامة أنه إذا لم يوص فإنه لا أجر له وليس كذلك بل إذا ترك المال لورثته فهو مأجور في هذا، وإن كان الورثة يرثونه قهراً، لكن إذا كان مسترشداً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: ( إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة ) فإن أجره بذلك أفضل من أن يتصدق عنه بشيء من ماله .
(( ـ يدل الحديث على اِسْتِحْبَاب الْإِنْفَاق فِي وُجُوه الْخَيْر .
ـ والحديث دليل على أَنَّ الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يُثَاب عَلَى عَمَله بِنِيَّتِهِ ، وَفِيهِ أَنَّ الْإِنْفَاق عَلَى الْعِيَال يُثَاب عَلَيْهِ إِذَا قَصَدَ بِهِ وَجْه اللَّه تَعَالَى .
ـ والحديث يشير وينبه على أَنَّ الْمُبَاح إِذَا قَصَدَ بِهِ وَجْه اللَّه تَعَالَى صَارَ طَاعَة ، وَيُثَاب عَلَيْهِ ، وَقَدْ نَبَّهَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا بِقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حَتَّى اللُّقْمَة تَجْعَلهَا فِي فِي اِمْرَأَتك ) ؛ لِأَنَّ زَوْجَة الْإِنْسَان هِيَ مِنْ أَخَصّ حُظُوظه الدُّنْيَوِيَّة وَشَهَوَاته وَمَلَاذه الْمُبَاحَة ، وَإِذَا وَضَعَ اللُّقْمَة فِي فِيهَا فَإِنَّمَا يَكُون ذَلِكَ فِي الْعَادَة عِنْد الْمُلَاعَبَة وَالْمُلَاطَفَة وَالتَّلَذُّذ بِالْمُبَاحِ ، فَهَذِهِ الْحَالَة أَبْعَد الْأَشْيَاء عَنْ الطَّاعَة وَأُمُور الْآخِرَة ، وَمَعَ هَذَا فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إِذَا قَصَدَ بِهَذِهِ اللُّقْمَة وَجْه اللَّه تَعَالَى ، حَصَلَ لَهُ الْأَجْر بِذَلِكَ ، فَغَيْر هَذِهِ الْحَالَة أَوْلَى بِحُصُولِ الْأَجْر إِذَا أَرَادَ وَجْه اللَّه تَعَالَى ، وَيَتَضَمَّن ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَان إِذَا فَعَلَ شَيْئًا أَصْله عَلَى الْإِبَاحَة ، وَقَصَدَ بِهِ وَجْه اللَّه تَعَالَى يُثَاب عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ كَالْأَكْلِ بِنِيَّةِ التَّقَوِّي عَلَى طَاعَة اللَّه تَعَالَى ، وَالنَّوْم لِلِاسْتِرَاحَةِ ؛ لِيَقُومَ إِلَى الْعِبَادَة نَشِيطًا ، وَالِاسْتِمْتَاع بِزَوْجَتِهِ وَجَارِيَته ؛ لِيَكُفّ نَفْسه وَبَصَره وَنَحْوهمَا عَنْ الْحَرَام ؛ وَلِيَقْضِيَ حَقّهَا ؛ لِيُحَصِّل وَلَدًا صَالِحًا ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَفِي بُضْع أَحَدكُمْ صَدَقَة " وَاَللَّه أَعْلَم )) ( 12 )
ـ قال المحدث العلامة عبدالمحسن العباد في شرح سنن أبي داود ص 2
أن الإنسان حتى في الأمور التي للنفس فيها حظوظ إذا احتسب الأجر عند الله عز وجل فإنه يؤجر على ذلك، بل الأمور الواجبة على الإنسان من النفقات الواجبة من الناس من يحتسب الأجر ويرجو الثواب، ومنهم من يكون غافلاً عن ذلك ولا يفكر، ومن الناس من يمنع الحق الواجب عليه، ولا يخرج إلا عن طريق القاضي أو السلطان، مثل هذا لا يحصل أجراً على النفقة التي ألزم بها من جهة السلطان وهو غير منشرح الصدر لها، والإنسان الذي يؤدي ما هو واجب عليه، وما هو متعلق بحظ نفسه حتى مع أهله وزوجته فإنه يكون مأجوراً على ذلك.)) انتهى
ـ أَنَّ سُؤَال سَعْد رضي الله عنه يُشْعِر بِأَنَّهُ رَغَّبَ فِي تَكْثِير الْأَجْر فَلَمَّا مَنَعَهُ الشَّارِع مِنْ الزِّيَادَة عَلَى الثُّلُث قَالَ لَهُ عَلَى سَبِيل التَّسْلِيَة إِنَّ جَمِيع مَا تَفْعَلهُ فِي مَالِك مِنْ صَدَقَة نَاجِزَة وَمِنْ نَفَقَة وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَة تُؤْجَر بِهَا إِذَا اِبْتَغَيْت بِذَلِكَ وَجْه اللَّه تَعَالَى ، وَلَعَلَّهُ خَصَّ الْمَرْأَة بِالذِّكْرِ لِأَنَّ نَفَقَتهَا مُسْتَمِرَّة بِخِلَافِ غَيْرهَا ( 13 )
ـ قوله ((قَالَ : فَقُلتُ : يَا رسولَ اللهِ ، أُخلَّفُ بعدَ أصْحَابي ؟ قَالَ :إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعملَ عَمَلاً تَبتَغي بِهِ وَجْهَ اللهِ إلاَّ ازْدَدتَ بِهِ دَرَجةً ورِفعَةً ، وَلَعلَّكَ أنْ تُخَلَّفَ حَتّى يَنتَفِعَ بِكَ أقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخرونَ . ))
ـ قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد 8/ 387
أَمَّا قَوْلُ سَعْدٍ ( أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي )
فَمَعْنَاهُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أُخَلَّفُ بِمَكَّةَ بَعْدَ أَصْحَابِي الْمُهَاجِرِينَ الْمُنْصَرِفِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَمَّا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ ) وَتُنْفِقُ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ أَيْقَنَ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ فَاسْتَفْهَمَهُ هَلْ يَبْقَى بَعْدَ أَصْحَابِهِ فَأَجَابَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَرْبٍ مِنْ قَوْلِهِ ( لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ )
وَهُوَ قَوْلُهُ ( إِنَّكَ إِنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ )
وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِتَصْرِيحٍ وَلَكِنَّهُ قَدْ كَانَ كَمَا قَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَقَ فِي ذَلِكَ ظَنُّهُ وَعَاشَ سَعْدٌ حَتَّى انْتَفَعَ بِهِ أَقْوَامٌ وَاسْتَضَرَّ بِهِ آخَرُونَ
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ قَالَ سَأَلْتُ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِيهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ
( وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ ) فَقَالَ أُمِّرَ سَعْدٌ عَلَى الْعِرَاقِ فَقَتَلَ قَوْمًا عَلَى رِدَّةٍ فَأَضَرَّ بِهِمْ وَاسْتَتَابَ قَوْمًا سَجَعُوا سَجْعَ مُسَيْلِمَةَ فَتَابُوا فانتفعوا
قَالَ أَبُو عُمَرَ: مِمَّا يُشْبِهُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدٍ رضي الله عنه هَذَا الْكَلَامُ قَوْلُهُ لِلرَّجُلِ الشَّعِثِ الرَّأْسِ ( مَالَهُ ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقُتِلَ الرَّجُلُ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ )
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ ( أَمِيرُكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَإِنْ قُتِلَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ نَعَى إِلَيْهِمْ أَنْفُسَهُمْ فَقُتِلُوا ثَلَاثَتُهُمْ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ)
وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا قِصَّةُ عَامِرِ بْنِ سِنَانٍ حِينَ ارْتَجَزَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَيْرِهِ إِلَى خَيْبَرَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ يَا عَامِرُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَمْتَعْتَنَا بِهِ قَالَ وَذَلِكَ أَنَّهُ مَا اسْتَغْفَرَ لِإِنْسَانٍ قَطُّ يَخُصُّهُ بِذَلِكَ إِلَّا اسْتُشْهِدَ فَاسْتُشْهِدَ عَامِرٌ يَوْمَ خَيْبَرَ)
وَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِتَصْرِيحٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الْقَوْلِ وَلَا تَبْيِينٍ فِي الْمُرَادِ وَالْمَعْنَى وَلَكِنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ كُلُّهُ كَمَا تَرَى
وَقَدْ خُلِّفَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ نَحْوَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَتُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ .
ـ وَفِي هَذَا الْحَدِيث : فَضِيلَة طُول الْعُمْر لِلِازْدِيَادِ مِنْ الْعَمَل الصَّالِح ، وَالْحَثّ عَلَى إِرَادَة وَجْه اللَّه تَعَالَى بِالْأَعْمَالِ . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم .( 14 )
ـ و فوائده اللطيفة الكثيرة القيمة : َأَنَّ أَعْمَال الْبِرّ وَالطَّاعَة إِذَا كَانَ مِنْهَا مَا لَا يُمْكِن اِسْتِدْرَاكه قَامَ غَيْره فِي الثَّوَاب وَالْأَجْر مَقَامه ، وَرُبَّمَا زَادَ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ سَعْدًا خَافَ أَنْ يَمُوت بِالدَّارِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا فَيَفُوت عَلَيْهِ بَعْض أَجْر هِجْرَته ، فَأَخْبَرَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ إِنْ تَخَلَّفَ عَنْ دَار هِجْرَته فَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا مِنْ حَجّ أَوْ جِهَاد أَوْ غَيْر ذَلِكَ كَانَ لَهُ بِهِ أَجْر يُعَوِّض مَا فَاتَهُ مِنْ الْجِهَة الْأُخْرَى ( 15 )
قوله ((اللَّهُمَّ أَمْضِ لأصْحَابي هِجْرَتَهُمْ ولاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أعقَابهمْ ، لكنِ البَائِسُ سَعدُ بْنُ خَوْلَةَ يَرْثي لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -أنْ ماتَ بمَكَّة ))
ـ قوله: ( اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم )
سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يمضي لأصحابه هجرتهم وذلك بثباتهم على الإيمان وبقائهم في الأوطان التي هاجروا إليها من مكة ولهذا قال: ولا تردهم على أعقابهم الرد على العقب يعني الكفر بعد الإسلام والعياذ بالله كما قال تعالى: { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون }البقرة 217 ( 16 )
ـ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَحْزَنُ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ لِأَنَّهُ مَاتَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا لَا أَنَّهُ لَمْ يُهَاجِرْ كَمَا ظَنَّ بَعْضُ مَنْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لِأَنَّ سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالسِّيَرِ وَالْخَبَرُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا نَصًّا، وَقَدْ رَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمِّي جَرِيرُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرِضْتُ بِمَكَّةَ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمُوتُ بِأَرْضِي الَّتِي هَاجَرْتُ مِنْهَا ثُمَّ ذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ هَذَا وَفِي آخِرِهِ ( لَكِنْ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ الْبَائِسُ قَدْ مَاتَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا ) ( 17 )
![]()




رد مع اقتباس
