وفيك بارك أخي الحبيب أبا أنس .
بمناسبة دخول فصل الزواج {الاعراس} نقدم بعض الارشدات بالأحرا النصائح من شيخنا الفاضل الشيخ فركوس حفظه المولى
في حكم استعمال شريط الأناشيد في العرس
السؤال: هل يجوز استعمال شريطِ الأناشيد في العرس؟
الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإن خَلَتْ هذه الأناشيدُ أو الغناء من مزاميرِ الطربِ وآلاتِه ما عدا الدُّفَّ المرخَّص فيه، وتَجَرَّدَت كلماتُها مِن وصفٍ للخُدُود والخمور والخواصر، وذِكْرٍ للفُجُور، وكان إعلان النكاح بين النساء، والْمُنشدةُ منهنّ، بهذه الشروط السابقة أرجو أن يصحّ ذلك، لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها: «أَنَّهَا زَفَّتْ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: يَا عَائِشَةُ! مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ؟ فَإِنَّ الأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ»(١- أخرجه البخاري: كتاب «النكاح» باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها، رقم: (4867)، من حديث عائشة رضي الله عنها)، وعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: «جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَّاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ، وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ، فَقَالَ: دَعِي هَذِهِ، وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ»(٢- أخرجه البخاري في «النكاح»: (4852)، والترمذي في «النكاح»: (1090)، وابن ماجه في«النكاح»: (1897)، والبيهقي: (15054)، من حديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «فَصْلُ مَا بَيْنَ الحَلاَلِ وَالحَرَامِ: الصَّوْتُ بِالدُّفِّ»(٣- أخرجه النسائي في «النكاح»: (3369)، والحاكم: (2750)، وأحمد (17815)، وسعيد بن منصور في «سننه» (629)، من حديث محمد بن حاطب رضي الله عنه. وحسنه الألباني في «الإرواء»: (1994)، وفي «آداب الزفاف»: (111)).
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
في حكم التصديرة
السؤال:كثيرٌ من النِّساءِ في يومِ زِفافِهنَّ يَقُمْنَ بما يُسمَّى «التّصديرة»، ويُوجد معها عادةً «الحِنَّاءُ»، وقد اجتمعتْ في هذه العادةِ أمورٌ كثيرةٌ منها: اعتقادُ أنّه إذا لم تُحَنَّ العروسُ فلن تُنْجِبَ الذُّرِّيّةَ، وبعد انتهاءِ «الحِنَّاءِ» يجب إخفاءُ الإناءِ الذي مُزِجَتْ فيه «الحِنَّاءُ»؛ لكي لا يقعَ في أيادٍ خبيثةٍ حاسدةٍ، تستخدمه في السّحرِ وإلحاقِ الضّررِ بالعروسِ، وكذا «الحِنَّاءُ» التي في يدِ العروسِ يجب أن لا تقعَ في يدِ أحدٍ فيستعملَها في السّحرِ -والعياذُ باللهِ-، وتُمزَج الحنّاءُ أحيانًا بالبيضِ؛ اعتقادًا منهنّ أنّ البيضَ من علاماتِ الإنجابِ والولادةِ وجلبِ السّعادةِ للزّوجين.
فبعد سَردِ هذه المعتقداتِ حول هذه العادةِ فما حكمُها ؟ مع العلمِ أنّ النّساءَ يُنْكِرنَ وجودَ هذه الاعتقاداتِ، ويَتَحَجَّجْنَ بأنّها عادةٌ وعلامةُ فرحٍ، ونيَّتُهنَّ صافيةٌ، وإذا طُلِب منهنّ عدمُ القيامِ بها بناءً على أنّها مجرَّدُ عادةٍ، وأنَّه لا يضرّ إن لم تُفعَلْ؛ أَبَيْنَ وأَصْرَرْنَ عليها.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدّين، أمّا بعد:
فالتّصديرةُ -وإن كان المرادُ منها مباحًا، وهو: أن تتصدّرَ المرأةُ على منصّةٍ مرتفعةٍ تعلو جمْعَ النّساءِ اللّواتي يُحِطْنَ بها على وجهِ البروزِ إكرامًا لها- إلاَّ أنّ حُكْمَها يتغيّر بوجودِ المحاذيرِ الشّرعيّةِ الواردةِ في السّؤالِ، منها:
• أَوَّلاً: «التّصديرةُ» فيها إسرافٌ وتبذيرٌ في الفساتينِ التي تَلْبَسُها العروسُ يومَ عُرسِها، والتي تدفع عليها ثمنًا باهضًا، ومُعظمُها لا يُستعمَل بعد ذلك، كما أنّ فيها مَدعاةً للافتخارِ والمباهاةِ، كما أنّ العروسَ تُضْطَرُّ لكشفِ عورتِها أمام من تُعِينُها على ارتداءِ وتغييرِ ملابسِها على التَّكرارِ، وإذا تَضمَّنَتْ هذه المحاذيرَ مع الإسرافِ والتّبذيرِ فلا شكَّ أنَّه لا يجوز؛ لأنّ اللهَ تعالى نهانا عنِ التّبذيرِ، حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 27].
• ثانيًا: أمّا عن صفةِ «الحنّاءِ» الواردةِ في السّؤالِ؛ فالجوابُ أنّ «النِّيَّة الحَسَنَة لاَ تُبَرِّرُ الحَرَامَ بِحَالٍ»، فإذا كانتْ هذه العادةُ مَمزُوجةً بتلك الاعتقاداتِ؛ فإنّ القيامَ بفعلِها ضربٌ من الشِّركِ الذي يَزجُرُ عنه الشّرعُ، وفي الحديثِ عن النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم: «إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ»(١- أخرجه أبو داود في «الطّبّ»، باب في تعليق التّمائم (3883)، وابن ماجه في «الطّبّ»، باب تعليق التّمائم (3530)؛ وأحمد (3615)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيّ في «الصّحيحة» (331)، وفي «صحيح الجامع» (1632).)، وفي حديثٍ آخَرَ: «مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ»(٢- أخرجه أحمد (17422)، والحاكم فِي «المستدرك» (7501) ولفظه: «مَنْ عَلَّقَ فَقَدْ أَشْرَكَ»؛ من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيّ في «الصّحيحة» (492).)، وفي حديثٍ مرفوعٍ: «مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ»(٣- أخرجه التّرمذيّ في «الطّبّ»، باب ما جاء في كراهية التّعليق (2072)، وأحمد (18781)، والحاكم (7503)، من حديث عبد الله بن عكيم رضي الله عنه، والنّسائيّ في «تحريم الدّم»، باب الحكم في السّحرة (4097). والحديث حسّنه الألبانيّ في «صحيح التّرغيب» (3456)، وفي «غاية المرام» (297)، وضعّفه في «ضعيف الجامع» (5702)، وأمّا في «صحيح التّرغيب» فقال: «حسنٌ لغيره»، ولفظه: «مَنْ عَلَّقَ...»، الحديث.).
فكلُّ عادةٍ مُحرَّمةِ الأصلِ فالتّذرُّعُ بتحكيمِها باطلٌ في الشّرعِ، إذ إنّ «العُرْف أَوِ العَادَةَ إِذَا كَانَ يُحَرِّمُ حَلاَلاً أَوْ يُحِلُّ حَرَامًا؛ فَهُوَ فَاسِدٌ وَبَاطِلٌ»، والاعتدادُ به غيرُ جائزٍ شرعًا، وآثِمٌ صاحبُه، وما دام اعتقادُه على هذا الوجهِ المنهيِّ عنه متفشِّيًا عند عامّةِ النّاسِ؛ فإنّ نفْيَ بعضِهم لقصدِ هذا الاعتقادِ لا يُصيِّرُ هذا الفعلَ حلالاً؛ لأنّ الأصلَ معروفٌ بهذا الاعتقادِ المحرَّمِ، والتّمسُّكُ بإرادةِ التّزيّنِ والتّجمّلِ لا ينفي بقاءَ المعتقَدِ الفاسدِ في آحادِ النّاسِ، فيكون العملُ به بهذه الصّورةِ إعانةً على الباطلِ والإثمِ، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].
لذلك يُمنع طريقُ الفسادِ إليه مطلَقًا، عملاً بِمبدإِ «سَدِّ الذّرائعِ»، ولأنّ دفْعَ مفسدةِ الاعتقادِ المحَرَّمِ أولى من جلبِ مصلحةِ التّجمّلِ والتّزيّنِ، كما هو مُقرّرٌ في قواعدِ مصالحِ الأنامِ، أمّا تزيُّنُ المرأةِ بالحنّاءِ لزوجِها فمعلومٌ جوازُه.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.
الجزائر في: 18 شعبان 1419ﻫ
الموافق ﻟ: 07 ديسمبر 1998مفي طلب العون من جمعية خيريةالسـؤال:
لغرض الزواج
هل يجوز طلب العون من جمعية خيرية لإقامة مشروع زواج جماعي؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالأصلُ أنَّ العَوْن الدنيوي أو المادي لا يطلبه المسلمُ إلاَّ من الله سبحانه رغبة إليه وتوكُّلاً عليه، وذلك تحقيقًا لقوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5]، ولقوله تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ [الشرح:7-8]، أي: ارغب إلى الله لا إلى غيره، ولقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لابن عباس رضي الله عنهما: «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ..»(١- أخرجه أحمد (1/303)، والترمذي كتاب «صفة القيامة والرقائق والورع» (2516)، والحاكم (3/623)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» والألباني في «صحيح الجامع» (7957).)؛ ذلك لأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- خيرُ كفيلٍ في أن يُسخِّر له مَن يُعِينُه في أمور زواجه إذا أراد العفاف وتحصين نفسه، وهذا وَعدٌ من الله تعالى لِلمُتَعَفِّفِين من عباده حيث قال: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللهُ مِن فَضْلِهِ﴾ [النور:33]، وقال النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «ثَلاَثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللهِ عَوْنُهُمْ: النَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ، وَالمكَاتِبُ الَّذِي يُرِيدُ اْلأَدَاءَ، وَالمجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ»(٢- أخرجه الترمذي في «الجهاد» (1655)، والنسائي في «النكاح» (3218)، وابن ماجه في «العتق» (2518)، والحاكم (2859)، وأحمد (7368)، والبيهقي (22231)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث حسَّنه البغوي في «شرح السُّنة» (5/6)، والألباني في «غاية المرام» (210)، وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (13/149)).
وسؤال الناس إنما يباح للضرورة، وتركه -توكُّلاً على الله- أفضل، لما يترتَّب في سؤال المخلوقين من مفسدة الافتقار إلى غير الله وهي نوع من الشرك، ومفسدة إيذاء المسؤول وهي نوع ظلم الخلق، ومفسدة الذل لغير الله وهي ظلم للنفس(٣- انظر «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (1/190). قلت: وهذا بخلاف السؤال في أمور الدين فقد يرقى إلى درجة الوجوب العيني، وكذلك الحقوق العينية والأدبية والمعنوية الثابتة للإنسان بدليل شرعي يجوز له أن يسألها ممَّن هي بيده ويطالب بها )، وإذا أبيح السؤال لضرورة فينبغي أن تقدَّر بقدرها.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 7 رجب 1430ﻫ
الموافق ﻟ:30 جوان 2009م
بارك الله فيك على تذكيري أخي أباأنس
يتبع إنشاء الله.....




رد مع اقتباس
