قال الشيخ علي رضا :ذكر شيخنا الألباني رحمه الله تعالى في " الصحيحة " برقم (2399)
أن لحديث جابر مرفوعاً : " نهى عن محاش النساء " شاهداً من رواية عقبة بن عامر
مخرج في " آداب الزفاف " ص30 .
وبالرجوع للحديث هناك قال :"ملعون من يأتي النساء في محاشهن. يعني: أدبارهن" ,
ثم قال في الحاشية :
" أخرجه ابن عدي 211/1 من حديث عقبة بن عامر بسند حسن وهو من رواية ابن وهب عن ابن لهيعة " !
ومن ثم حكم عليه في " صحيح الترغيب والترهيب " 2 / 313
بقوله : " حسن صحيح " !
قلت : هذا الحديث أعله أبو حاتم بالنكارة ؛ فقال ابن أبي حاتم في
" علل الحديث " 4 / 32 :
" وسمعتُ أبي وحدَّثنا عن عبد الصَّمد بْنِ الفَضْل بْنِ هِلالٍ الرَّبَعي ، عَنِ ابْنِ وَهْب ، عَنِ ابْنِ لَهيعة ، عَنْ مِشْرَح بْنِ هَاعَانَ ، عَنْ عُقْبَة بْنِ عَامِرٍ الجُهَني ؛ قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" لَعَنَ اللهُ الَّذِينَ يَأْتُونَ النِّسَاءَ في مَحَاشِّهِنَّ " ؟
قَالَ أَبِي : هَذَا حديثٌ مُنْكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ، مَا أعلمُ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ وَهْب غَيْره .
قلت : الحديث رواه : ابن عدي في " الكامل " – المطبوع – 5 / 243 , والعقيلي في " الضعفاء " 3 / 84 , والطبراني في " الأوسط " برقم ( 1931 ) .
عبد الصمد - الذي انفرد به عن ابن وهب به – هو ابن الفضل بن خالد بن هلال الربعي المرواحي : مجهول العين لم يوثقه أحد وانفرد عنه أبو حاتم بالرواية كما في " سير النبلاء " 5 / 1171 .
ومجهول العين ضعيف الحديث جداً ؛ فاجتمعت السوءتان
( جهالة العين والنكارة كما سيأتي ) !
ثم هو قد انفرد بهذا الحديث ولم يتابعه عليه أحد من أصحاب ابن وهب وتلاميذه وهم كثيرون جداً منهم أئمة أثبات فلم يتابعوه على هذا الحديث ؛ ولهذا قال أبو حاتم : " هَذَا حديثٌ مُنْكَرٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ، مَا أعلمُ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ وَهْب غَيْره " .
وقال العقيلي : " لا يتابع على حديثه – أي : عبدالصمد - ولايعرف إلا به " .
وقال الطبراني : " لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابن لهيعة إلا ابن وَهْب ، تفرد به عبد الصمد بن الفضل " .
وقال الذهبي في " الضعفاء " 1 / 151 :
" عبد الصمد بن الفضل : عن ابن وهب في دبر النساء ، لا يصح . "
ثم وجدته في " مسند عقبة بن عامر " لا بن قطلوبغا برقم 236 فقد رواه بسنده إلى أحمد وغيره قال :
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , عَنِ الْفَضْلِ بْنِ خَالِدٍ الرَّبَعِيِّ , عَنِ ابْنِ وَهْبٍ , عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ , عَنْ مِشْرَحٍ , عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَعَنَ اللَّهُ الَّذِينَ يَأْتُونَ النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ " .
وفيه نفس النكارة وجهالة العين .
والخلاصة في أوهام شيخنا الألباني :
1- لم يتنبه شيخنا إلى كلام أبي حاتم الرازي في " العلل " لابن أبي حاتم من كونه سنداً منكراً !
2- على فرض صحة كلام شيخنا من كون ابن لهيعة صحيح الحديث إذا روى عنه العبادلة ومنهم ابن وهب ؛ لأنهم رووا عنه قبل احتراق كتبه ؛ ففي السند إلى ابن وهب رجل مجهول العين لم يلحظه شيخنا أصلاً !
3- الصحيح الذي عليه أكثر الحفاظ أن ابن لهيعة ضعيف ؛ بل هو ضعيف قبل احتراق كتبه وبعدها !
4- المنكر عند شيخنا منكر دائماً ؛ كما قاله في رسالة :
(صلاة التراويح) (ص57) : " فثبت أنَّ الشاذ والمنكر ممَّا لا يعتد به ولا يستشهد به ؛ بل إن وجوده وعدمه سواء !." .
5- الذي لا أشك فيه أن شيخنا الألباني من أسرع الناس رجوعاً للحق كما قاله لي ؛ فإذا تبين له كل ما ذكرته سابقاً ؛ فسيعود للحكم على الحديث بالضعف الشديد والنكارة كما تقدم .
ومما تقدم فإن الحديث يحول من " صحيح الترغيب " إلى " ضعيف الترغيب " .
المصدر