بسم
الله الرحمن الرحيم
سئل الشيخ عبد العزيز بن الشيخ حمد بن ناصر بن
معمر، رحمهم الله
إذا غسل يديه ثم استنجى، ثم
أراد أن يتوضأ، فهل يغسل يديه بعد الاستنجاء وقبل الوضوء؟
فأجاب
هذه المسألة لم أرها في كلام أحد من الأصحاب،
وإنما ذكروا استحباب غسلهما عند الوضوء، وإن تيقن طهارتهما، لعموم الأدلة؛ قاله في
الإنصاف، وقيل: لا يغسلهما إذا تيقن طهارتهما، بل يكره، ذكره في الرعاية. وقال
القاضي: إن شك فيهما غسلهما، وإن تحقق طهارتهما خُيِّر. انتهى. والأول هو قول أكثر
أهل العلم، لأن عثمان وعلياً وعبد الله بن زيد، وصفوا وضوء رسول الله صلى الله عليه
وسلم وذكروا أنه غسل كفيه ثلاثاً؛ لكن يقال: إذا غسل الإنسان كفيه عند الاستنجاء،
ثم استنجى وتوضأ في الحين من غير فصل، وهو الصورة المسؤول عنها، فقد حصل المقصود من
غسلهما قبل الوضوء؛ والفقهاء عللوا الأمر بغسلهما بإرادة نقل الماء إلى الأعضاء،
ففي غسلهما احتياط لجميع الوضوء، وهذا حاصل بغسلهما قبل الاستنجاء.ويدل على هذا: أن
عائشة وميمونة، رضي الله عنهما، وصفتا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرتا
أنه يغسل يديه قبل أن يستنجي، ولم يذكرا ذلك عند إرادته الوضوء، وفي لفظ حديث
عائشة، رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يده، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ
وضوء الصلاة " 1، وحديث ميمونة: "أدنيت لرسول الله صلى
الله عليه وسلم غسله من الجنابة، فغسل كفيه مرتين أو ثلاثاً، ثم أدخل يده في
الإناء، ثم أفرغ على فرجه فغسله بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكاً شديداً،
ثم توضأ وضوء الصلاة، ثم أفرغ على رأسه " 2، وذكر تمام غسله في كلا
الحديثين، ولم يذكر أنه غسل كفيه بعد الغسل الأول؛ وهو دليل على ما ذكرنا.
---------
1 مسلم: الحيض (316).
2
البخاري: الغسل (265), ومسلم: الحيض (317), والترمذي: الطهارة (103), والنسائي:
الغسل والتيمم (419), وأبو داود: الطهارة (245), وابن ماجة: الطهارة وسننها (573),
وأحمد (6/329).
الدرر
السنية