بسم الله الرحمن الرحيم
هذه كلمة كنت قد كتبتها لبعض الإخوة في وسيلة الواتساب وفيها لمحة مختصرة جدا عن الإخوان وجماعتهم , وعنيت بها من يشنعون على أهل السنة الناصحين , ويصفونهم بأوصاف وتسميات منفرة , تقليداً لمشايخهم من قادة الإخوان الذين يسعون لمحاربة الحق بشتى الطرق ولو كان الطعن في العلماء والتحذير منهم . أنقلها هنا لعل الله أن ينفع بها .
فإن كانت صواباً فمن الله والحمد له تعالى .وإن كان فيها من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان فأستغفر الله العظيم وأتوب إليه .
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. { يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ ٱللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) } (آل عمران:102), { يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللّهَ ٱلَّذِي تَسَآءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) } (النساء:1), { يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُوا ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) } (الأحزاب:70, 71) , أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم , وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.
يسأل كثير ممن قلَّ نصيبهم في العلم عامة وفي فقه السنة خاصة ؛ لماذا تُبَدِّعون سلمان العودة وعائضاً القرني وسفراً الحوالي ومحمداً العريفي , ومن لفَّ لفَّهم , ونحا نحوهم ؟. مع أنَّ أهل العلم بينوا ما عند القوم من خلال أقوالهم وأفعالهم ومؤلفاتهم , ولم يقتنع هؤلاء السائلون ؛ لأنَّ الهوى قد أعماهم وأصمهم عن الحق وقبوله بعدما بان لهم . فنقول لهم : لم لا تسألون هؤلاء المبتدعة أنفسهم ؟؛ قولوا لهم : لماذا يبدعكم أهل السنة والجماعة ؟!. لماذا هم تحديداً دون غيرهم من دعاة الغفوة يُصَرَّحُ بتبديعهم ؟, إلاَّ لأنَّهم رؤوس في البدعة ودعاة إلى بدعهم , وعلى رأس تلك البدع التحريض على الخروج على ولاة الأمر تحت حجة المطالبة بالحقوق ورفع الظلم - زعموا - .
وهنا أنبه على أمر مهم ؛ أرجو من كل من تأخذه العاطفة والتعصب لهم ؛ أن يتأمل ؛ لماذا يزعم هؤلاء المبتدعة سراًّ بين أفراخهم أن الدولة قد عطلت الشريعة بتعطيل فريضة الجهاد , بينما لا نسمع منهم مطالبات بتطبيق الشريعة ؟, مع العلم أننا لا نكاد نجد دولة تطبق الشريعة مثل دولتنا ولله الحمد .
لأنَّهم لو فعلوا ذلك لبان كذبهم عند الصغير والكبير والقاصي والداني والعالم والجاهل . لأنَّه كما يعلم الجميع أننا الدولة الوحيدة التي تطبق شرع الله - ولله الحمد - على الوجه الذي يرضي الله تبارك وتعالى .
وأما أفراد الأخطاء فلم يسلم منها حتى مجتمع الصحابة رضوان الله عليهم .
وأنا أتحدى أي شخص عنده مثقال ذرة من الصدق والأمانة أن يقول أنَّ عائضاً وسلمان والحوالي والعريفي قد طالبوا الدولة يوماً بتطبيق الشريعة ؛ لأنَّهم يشيعون سراً عند طلابهم السذج والمغترين بهم أنَّ الدولة عطلت الشريعة بتعطيل فريضة الجهاد .
بل غالب دندنتهم حول رفع الظلم وإحلال الإصلاح والمطالبة بحقوق الرعية - زعموا - , وما هذا إلاَّ لاستمالة الناس وتهييج مشاعرهم على ولي الأمر .
فلينظر كل عاقل بعين البصيرة من المُحِقُّ ومن المبطل؟.
الذين يدعون الرعية إلى طاعة ولي الأمر بالمعروف , أم الذين يهيجونهم ولو من طرف خفي ؟؛ فحسبنا الله ونعم الوكيل .
فلا يلام من قال بأنَّ سلمان العودة وعائضاً القرني وسفراً الحوالي ومحمداً العريفي مبتدعة حزبيون إخوانيون ؛ جمعوا البدعة من أطرافها . وأنهم مفتحوا أبواب ضلالة على الأمة .
بيدَ أنَّ العريفي حاد عن حزبهم الإخواني ليكون تبليغياً بامتياز , بالرغم من مشاطرته لهم بدعة الطعن في ولي الأمر والتحريض عليه . والذين يدافعون عن هؤلاء ؛ من الأغمار والحمقى وحدثاء الأسنان ولم يعاصروا فتنة الغزو الصدامي للكويت ؛ نقول أنهم قد فاتهم شوطٌ كبير من بدء ظهور فتنة الإخوان المسلمين وبدء نشاطهم التكفيري وما جرَّه على شباب المسلمين حين اشتد وبلغ أوجه في عام 1416 للهجرة النبوية ؛ وما رافقه من أحداث التفجيرات وبدء ظهور ثمار فكر سيد قطب الذي تربى عليه أكثر شباب الإخوان المسلمين .
فكان في طليعة المؤيدين لهذا التوجه التكفيري ومن المباركين له سفر الحوالي وسلمان العودة ومعهم عائض القرني على استحياء , ومن أراد دليلاً على قولي هذا فعليه بقصيدة ( دع الحواشي واخرج ) من ديوانه ( لحن الخلود ) فسيجدها خير شاهد على هذا .
ولما تصدى لهم علماء السنة وطلابهم في ذلك الوقت ؛ وعلى رأسهم فضيلة الشيخ العلامة ربيع ابن هادي المدخلي حفظه الله وفضيلة الشيخ العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله وفضيلة شيخنا العلامة أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله وفضيلة شيخنا العلامة زيد بن محمد المدخلي حفظه الله وفضيلة شيخنا العلامة محمد بن هادي المدخلي حفظه الله ؛ وبقية مشايخ المدينة النبوية السلفيين ؛ وبينوا أخطاءهم وأنكروا عليهم , بدأ بعد ذلك هؤلاء الحزبيون بالتشنيع عليهم والتنفير منهم فسموهم جامية ومداخلة ؛ جرياً على عادة أسلافهم الخوارج المبتدعة , الذين كانوا يحذرون من أئمة السلف فيسمونهم حشوية ومسودة وعلماء خرق وحيض .

فلا نعجب اليوم من صنيع هؤلاء في التغرير بكثير من الحمقى ممن قلَّ نصيبهم من العلم الشرعي ؛ أن يغتروا بهم ويقلدوهم في ترديد مثل هذه التسميات بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير .

فلا يكترث طالب العلم السلفي لهذه التسميات التنفيرية ولا يلتفت لها , التي لا يرجوا من وراءها الحزبيون إلا صد أفراخهم عن العلماء حتى لا يحذرونهم من البدع والمبتدعة .
وأنا أسأل الآن سؤالاً يطرح نفسه ؛ لو أنَّ رجلاً قام وقال : ( لا تفرقوا الناس بدعوتهم إلى التوحيد ) ؛ تهويناً من أمر التوحيد , ونحن نعلم تمام العلم أنه دعوة الأنبياء والرسل , فما موقفنا ممن يقول مثل هذا القول ؟. حتماً سنجمع كلنا على أنه خالف هدي الأنبياء والرسل ولا شك , ومن خالف هدي الأنبياء والرسل فقد ضلَّ وهلك . فما الفرق إذن ؛ بينه وبين من يقول أنَّ التوحيد لا يحتاج المسلم لتعلمه وفهمه أكثر من عشر دقائق فقط ؟. والجواب : أنَّه لا فرق بينهما ؛ فكلاهما يهونون من أمر التوحيد . أو يقول قائلٌ مثلاً : لماذا كلُّ وقتكم تدعون إلى التوحيد ؟. لماذا لا تتكلمون عن الحكام وعن ظلمهم ؟.
نقول أن الله تعالى خلق الخلق لعبادته وحده دون سواه . والمتأمل اليوم في حال الأمة يجد أنَّ أكثرهم غارقون في الشرك ولا حول ولا قوة إلا بالله . وهم أحوج ما يكونون إلى بيان حقيقة التوحيد ومكانته وأهميته وفضله , وأما الحكام فليسوا بمعصومين , ولكن لمناصحتهم طرق شرعية لا يعلمها إلاَّ العلماء الربانيون الراسخون في العلم , فهم الأعرف بها وبأداءها على الوجه الذي جاء عن الله تبارك وتعالى وعلى لسان رسوله
صلى الله عليه وسلم .
فأيهم أنفع وأنصح للأمة ؛ الذين يدعون إلى إفراد الله بالعبادة وتوحيده , وينهون عن المظاهرات والاعتصامات وينهون عن التهييج على ولي الأمر , أم الذين يهيجون الأمة على ولاة الأمور ويكونون سبباً في سفك دماء المسلمين ؟. وبمناسبة الحكم والحكام ؛ أسوق لكل قارئ نكتة عن الإخوان تدلنا على عمق سعي الإخوان في خيانة أمة محمد صلى الله عليه وسلم , ودعواهم الكاذبة إلى السعي لتحكيم الشريعة . وهي أنَّ الإخوان عامة وقيادييهم خاصة لما كانوا وراء القضبان في المعتقلات وقبل وصولهم إلى سدة الحكم في مصر ؛ كانوا يطالبون الرئيس مبارك ومن قبله من رؤساء مصر بتحكيم الشريعة . فلما خرجوا عليه وآلت الأمور إليهم واختاروا محمد مرسي رئيساً لمصر؛ ماذا فعلوا ؟.
هل حَكَّمُوا الشريعة كما وعدوا ؟.
أسوق لكم مثالين على دعواهم الكاذبة :
أولاً : حكموا القوانين المدنية التي كانوا بسببها يُكَفِّرُون الرئيس مبارك .
ثانياً : خرج رئيسهم الإخواني محمد مرسي بتصريح للكابريهات ( المراقص الليلية ) لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد . فهذا هو نصر جماعة الإخوان للشريعة الإسلامية .
وأضيفوا على هذا أيها القراء الكرام أنَّ الإخوان فتحوا مصرَ على مصراعيها للروافض ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله . واعلموا أنَّه إن عادت دولة العبيديين الباطنية فللإخوان اليد الطولى في ذلك .

وكنت قد سمعت قولاً لرويبضة من جماعة الإخوان يدعى وجدي غنيم ؛ يخاطب به الرئيس مرسي ؛ يقول له : (
اقتلهم والقرآن والسنة معك ) يعني به من هموا بالخروج على الرئيس مرسي والثورة عليه .
وأما في عهد الرئيس مبارك لم يكن القرآن والسنة معه لأنَّه كان في نظرهم طاغوتاً من الطواغيت كما يسمي الإخوان حكام المسلمين .فتذكرت قول الله تبارك وتعالى : { وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ (48) وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (49) أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (50) } (النــور: 48 , 50) .
هذه صفحات سوداء من حشايا البهرجة الكاذبة لجماعة الإخوان منذ نشأتها إلى يومنا هذا. ويظهر من خلالها أنَّها جماعة بدعية حزبية مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة؛ وأنا أكتب لكم هذه اللمحة السريعة لتاريخ هذه الجماعة نصيحة لكل من انخدع بها وبرؤوسها الجهال ممن ذكرنا هنا وممن لم نذكر ممن لهم باع في قيادتها والتنظير لها .
وأسأل الله أن يرينا جميعاً الحق حقاً وأن يرزقنا اتباعه , وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه , وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

كتبه أخوكم
أبو حمود هادي بن قادري بن حسين محجب.
م:سحاب.