قال حفظه الله في ردّه على المأربي في "نقمة أبي الحسن على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

ولنعط لمحة عن سوء الظن وحسن الظن .

حسن الظن المهلك هو حسن الظن بأهل الباطل كفاراً كانوا أو مبتدعة أو فساقاً.

فالذي حمل الكفار على تكذيب الرسل والكفر الغليظ بهم وبما جاؤا به إنما هو سوء الظن بأهل الحق ، وهم الأنبياء وأتباعهم وحسن الظن بآبائهم وأديانهم الباطلة الكفرية .

وأهل البدع مثل الروافض والخوارج والصوفية والمرجئة والقدرية وأمثالهم وأهل التحزب الباطل إنما أهلكهم حسن الظن بشيوخهم ورؤسائهم وعقائدهم الفاسدة ولهذا حذر الرسول والصحابة والسلف منهم ومن الفساق والكذابين فلم يأمنوا أهل البدع على دينهم ولم يقبلوا روايات دعاتهم حماية للأمة والدين من غشهم وخيانتهم وكذبهم .

كما أهلكهم سوء الظن - من جهة أخرى- بالحق وأهله ، وأبو الحسن له ولأتباعه نصيب من حسن الظن المهلك ، وسوء الظن المهلك على الوجه الذي ذكرناه .

وللصوفية قصص عجيبة وغريبة في باب حسن الظن بشيوخهم منها – أنه يجب عليك حسن الظن بالشيوخ ولو رأيتهم يرتكبون الفواحش ، من شرب الخمر والزنا وترك الصلاة والصيام ، فلا يجوز في شريعتهم أن تسيء الظن بالشيخ مهما فعل من الأفاعيل ، وهم سائرون مع شيوخهم على هذا المنهج ويسيئون الظن ويعادون من ينقد شيوخهم وأباطيلهم وشركياتهم ، ويقولون لا تعترض فتنطرد .

ومن طرائف قصص النقشبندية الصوفية أن شيخ النقشبندية حكى قصة طاعته لشيخه وحسن ظنه به وأدبه مع الكلاب .

قال أمرني شيخي برعاية الكلاب فرعيتها أظنه قال ثمان سنين ثم قال لي إرع كلاب الحضرة فرعيتها وكان فيها كلب قال لي شيخي أنه سيحقق الله لك خيراً كثيراً على يد هذا الكلب فكنت أتأدب مع هذه الكلاب ولا أمشي أمامها فلما كان ذات يوم رأيت ذلك الكلب مستلقياً على ظهره رافعاً يديه إلى السماء وهو يبكي ويئن فرفعت يدي أؤمن على دعائه .

وهكذا يفرض أهل الضلال حسن الظن على أتباعهم أشباه الأنعام حتى إنهم ليأمرونهم بحسن الظن بالفجار والكلاب .

ونـزه الله أهل السنة عن سوء الظن بأهل الحق وأهل السنة ، وعن حسن الظن بأهل الباطل ولضلال فإنه من الأسباب المردية .

أسأل الله أن يعافي هذه الأمة وخاصةً شبابها من سوء الظن المذموم وأن يرزقهم حسن الظن المحمود ، حسن الظن بالله وبكتابه ورسله والملائكة وأهل الحق وأن يرزقهم التمييز بين أسباب الخير والسعادة وأسباب الشر والشقاء إن ربنا لسميع الدعاء، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


"مجموع فتاوى العلامة ربيع ج13 /363 - 364"