تنبيه الأنام عن مخالفات في صلاة القيام

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا بني بعده، وبعد :

لا يُتخيل أن يُذكر شهر رمضان من غير أن يُذكر معه صلاة القيام، حتى أنك من الممكن أن ترى الرجل لا يقوم لله ـ عز وجل ـ من الليل طوال السنة لكن إن دخل رمضان تجده حريصاً على هذه الشعيرة طلباً للفضل الذي أشار إليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديثه: ((من قام رمضان ، إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه )) [ متفق على صحته ]، لكن الكثير يغفل عن تعلم آداب هذه الشعيرة والتي هي داخلة تحت قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) [ رواه البخاري]، وهذا ربما يوقع العبد في حد البدعة وربما يُرد عليه عمله بالكلية! وذلك لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )) [رواه مسلم]، ومعنى فهو رد : يعني مردود علي صاحبه غير مقبول منه، لأن الله ـ عز وجل ـ لا يقبل العمل إلا إن كان خالصاً صحيحاً ، ومعنى أنه خالص يعني لا يُقصد به إلا وجه الله ، وصحيحاً يعني: موافقاً لهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فهذه بعض التنبيهات عن المخالفات التي أحدثها الناس في هذه الشعيرة ننبه عليها حتى تصفوا هذه العبادة :
1- انتظار بعض المأمومين إلي ركوع الإمام ثم الدخول معه بسرعة في الصلاة لإدراك الركعة!.
والصواب أنهم اخطئوا ، لتعمدهم بهذا التأخير ترك قراءة الفاتحة، وهي ركن لا تسقط عن الإمام، أو المأموم، أو المنفرد .

2- استخدام مكبرات الصوت المشتملة على صدى الصوت في الصلاة
وقد سُئل عن ذلك العلامة ابن عثيمين - رحمه الله – فأجاب :
أرى أنها حرام لأنه يلزم فيها زيادة حرف أو أكثر في القرآن، وهذا لا يجوز، والواجب على الأئمة أن يتقوا الله ـ عز وجل ـ وألا يتخذوا للقرآن مزامير كمزامير اللهو دون أن تكون مزامير كمزامير آل داود، ومزامير آل داود حسن الصوت المجرد، أما أن يضيفوا إليه آلة تكرر معه بحيث يكون الحرف الأخير ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة حروف فهذا والله تحريف للقرآن لا يجوز .[جلسات رمضانية 19 / 11 شاملة].

3- استحباب صلاة التراويح بسورة القلم " اقرأ " ، لأنها أول ما نزل من القرآن ، وآخر ما نزل .
قال بكر أبو زيد : فلم أرى لهذا الاستحباب دليلاً .

4- استئجار القراء لصلاة التراويح .
قال الشيخ الشقيري : ((أما استئجار القراء للقراءة في ليالي رمضان بالأجرة فبدعة مذمومة، ثم ذكر حديث: ((اقرءوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه )) [قال الشيخ الألباني : إسناده صحيح رجاله رجال مسلم] .

5- تقليد بعض الأئمة لأصوات مشاهير القراء .
وقد نبه بكر أبو زيد على هذا في كتابه "بدع القراء" .

6- قراءة سورة الإخلاص ثلاث مرات بين ركعات التراويح .

7- الدخول في صلاة التراويح بعد صلاة العشاء مباشرةً، وترك سنة العشاء.

8- متابعة بعض المأمومين لما يقرءاه الإمام في التراويح بالنظر في المصحف.
وفيه تضييع لسنة وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، وسنة النظر إلى موضع السجود، فضلاً عن أن الإمساك بالمصحف في الصلاة من أجل الفتح على الإمام بدعة، فالصلاة ليست موضع تعليم أو تعلم، كما أن هذا الفعل يتنافى مع قوله تعالى : {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (( إن في الصلاة لشُغلاً ))
[ متفق على صحته] .


9- الزيادة على إحدى عشرة ركعة.
قال الشيخ الألباني في كتابه " صلاة التراويح " (1 /86) :
((ولقد تبين لكل عاقل أنه لا يصح عن أحد من الصحابة صلاة التراويح بعشرين ركعة، وأنه ثبت عن عمر رضي الله عنه الأمر بصلاتها إحدى عشرة ركعة، كما تبن أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يصلها إلا إحدى عشرة ركعة، فهذا كله مما يمهد لنا السبيل لنقول: بوجوب التزام هذا العدد، وعدم الزيادة عليه إتباعاً لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة )) .
ثم قال الشيخ : إني أرى أن الزيادة عليها مخالفة لأن الأمر في العبادات على التوقف والإتباع لا على التحسين العقلي والابتداع ، ومن العجيب أن العامة قد تنبهوا لهذا، فكثيراً ما تسمعهم يقولون في هذه المناسبة وغيرها : ( الزايد أخو الناقص ) فما بال الخاصة؟!
ويعجبني في هذه المناسبة ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد قال : ( جاء رجل إلى ابن عباس فقال : أني وصاحبي كنا في سفر فكنت أُتم ، وكان صاحبي يُقصر ، فقال له ابن عباس : بل أنت الذي كنت تقصر وصاحبك الذي كان يُتم )).

10- مواظبة بعض الأئمة على سجود التلاوة كلما مروا بأي سجدة .
وتلك المواظبة تُشعر بالوجوب، وأنه يُفضل ترك بعض المندوبات خوفاً من خلط العوام بين السنة والفرض، مثل مواظبة الأئمة والخطباء على الدعاء دُبر خطبة الجمعة حتى فهم العوام أنها واجبه، وإن لم يدعوا الخطيب وقعت الجمعة باطلة، وقد نبه الإمام "الشاطبي" في الجزء الثاني من كتابه " الاعتصام " على هذا الأصل : ( وهو أنه يُفضل ترك المندوبات أحياناً )، وضرب مثالاً وهو: مواظبة الأئمة في الديار المصرية على قراءة سورة السجدة كل ليلة جمعة والإتيان بالسجدة فيها وعدم تركها أحيانا، حتى زرع هذا في قلوب عوام المصريين أن ليلة الجمعة فُضلت بسجدة !).

11- صلاة الركعة الأولى في الوتر بسورة " الإخلاص "، والثانية بـ " الفلق" ، والثالثة بـ "الناس".
و قد ورد في ذلك حديث ضعيف لا يصح العمل به.

12- قول بعض المأمومين في التأمين على الدعاء " حقاً - صدقاً - نشهد - .... " .
وهذا من الممكن أن يكون مبطلاً للصلاة لأنه ليس من ألفاظ الصلاة ولكن من كلام الدنيا ، على خلاف قولهم " آمين " فهي من ألفاظ الصلاة .

13- تنبيه بعض الأئمة على هيئة صلاته للوتر، وأنه سيصلي الوتر ثلاث ركعات بتشهد واحد، أو أنه سيصلي ركعتين وركعة، وهذا لا نعلم له سلف.

وعلى المأموم أن يدخل الصلاة بنية متابعة الإمام في الوتر لعموم الحديث: (( فإنما جُعل الإمام ليؤتم به )).
وقد سُئل العلامة "ابن عثيمين" ما حال المأموم إذا نوى أن يصلي الوتر مع الإمام بـ " سبح "، و" قل يا أيها الكافرون " ، ثم ركعة، ثم أن الإمام وصل ثلاث ركعات ببعضها ؟
فأجاب: ((المأموم لا يضُره إذا نوى الوتر سواء سلم الإمام من ركعتين أم لم يُسلم، لا يضُره شيئاً )) [جلسات رمضانية 21/14 شاملة] .

14- صلاة الوتر على هيئة صلاة المغرب بلا تسليم بعد التشهد الأوسط .
وهذه هيئة لم تأتي بها السنة، والأصل في العبادات التوقف والاتباع، وقد قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( صلوا كما رأيتموني أُصلي )) [رواه البخاري].

15- غفلة بعض المأمومين عن قول " سمع الله لمن حمده " .
وهذا خطأ لأننا مأمورون بمتابعة الإمام في التكبيرات الانتقالية ، وأما الاكتفاء بذكر " ربنا لك الحمد " فهذا ذكر الاعتدال من الركوع، ويتبقى ذكر الرفع من الركوع، والذي هو " سمع الله لمن حمده " وهو على الإمام ، والمأموم ، والمنفرد .
وقد نبه الشيخ الألباني - رحمه الله - على هذه المسألة في كتابه صفة الصلاة ( هامش ص/ 135 و 136 طـ الثانية . مكتبة المعارف ).

16- قول بعضهم عند القيام في التراويح {رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء 89].
وهذا القول بدعة محدثة إذ لم تأتي به السنة، ويدخل في مجمل ما أحدثه الناس في الصلاة، مثل قولهم دُبر الصلاة: " حرماً ، و "تقبل الله" ، والمصافحة بعد التسليم ، أو قولهم عند الوضوء "زمزم " .

17- جمع آيات سجدات القرآن في الركعة الأخيرة بعد الختمة من التراويح .
قال الإمام السيوطي : ((وابتدع بعضهم بدعة أخرى، وجمع آيات سجدات القرآن عُقيب ختم القرآن في صلاة التراويح في الركعة الأخيرة فيسجد بالمأمومين جميعاً)). [الأمر بالإتباع و النهي عن الابتداع ص 192].

18- دعاء ختم القرآن في صلاة التراويح .
قال بكر أبو زيد : ((ودعاء ختم القرآن داخل الصلاة في التراويح عملٌ لا أصل له من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من هدي الصحابة رضي الله عنهم ، ولم يرد فيه مروي أصلا ، ومن أدعى فعليه الدليل)) . [ تصحيح الدعاء ص 423 ، 424 ] .


19- المواظبة على عقد مجلس وعظ أو تذكير بعد الركعة الرابعة .
وهذا لا يُعلم من فعل السلف ، فضلاً عن أنه كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يفعل ويترك، قال العلماء: حتى يبين أن هذا الفعل سنة ، فما بالك بما لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم ؟.
وقد سُئل العلامة ابن عثيمين عن هذا فقال : ((إنه ليس من هدي السلف، وإذا أراد الإمام أن يعظ الناس فليجعله في آخر شيء إذا انتهت الصلاة نهائياً حتى يكون الناس باختيارهم إن شاءوا بقوا، وإن شاءوا انصرفوا)) .ا هـ [ لقاء الباب المفتوح لقاء رقم 229 ].
قُلت : ولا يلزم المواظبة على هذه الهيئة أيضا، فمن الممكن جعل هذا المجلس بعد الركعة الثانية تارة، وأخرى بعد الركعة السادسة، وأخرى يُعلم أن الشيخ أو المحاضر موجود، ولكن لا يقوم بوعظ الناس حتى يستقر في النفوس أن هذه الهيئة ليست واجبة.

20- قراءة سورة الأنعام في ركعة واحدة من صلاة التراويح .
((ويروون في ذلك حديثاً لا أصل له عن ابن عباس عن ابي بن كعب رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أُنزلت سورة الأنعام جملة واحدة يُشيعها سبعون الف ملك بالتسبيح والتحميد ) وهذا الحديث إسناده ضعيف مظلم ، فاغتر بذلك من سمعه من عوام المصلين، ثم أن هذا الحديث لم يكن فيه دلالة على استحباب قراءتها في ركعة))[ الأمر بالإتباع والنهي عن الابتداع ص 20 ، للسيوطي ] .

21- قول بعض المصلين في أول ركعتين " أبو بكر! " ، وبعد الأربع ركعات " عمر !" ، وبعد الست ركعات " عثمان !" وبعد الثمان ركعات " علي! "
فوزعوا الخلفاء الأربعة على الثمان ركعات! .


22- إطفاء الإضاءة عند بدء صلاة التراويح.
اعتاد بعض الأئمة على إطفاء الأنوار عند بدء الصلاة، وأداء الصلاة في المكان المظلم لا حرج فيه وهو أمر جائز، ولكن اعتقاد الصلاة فيه ميزة أو أنه أقرب للخشوع فهذا أمر مُحدث لا أصل له، ولعله من تلبيس إبليس، فقد غر أقواما قديماً بتغميض أعينهم في الصلاة ، فلما تنبهوا أن هذا خلاف السنة خدعهم مرة أخرى بإطفاء الأنوار، فضلاً عن أنه قيل أن إطفاء الأنوار عند بدء الصلاة هو من عادات النصارى!، فإن ثبت هذا فيُحرم هذا الفعل من باب ترك التشبه بالكافرين .

23- ترك مراعاة حال المأمومين كتعند بعض الأئمة في الإصرار على ختم القرآن في الصلاة .
وربما نبه على هذا، وأخبر على أن الذي لا يوافق على هذا يذهب إلى مسجد أخر!، فيطرد أهل المسجد لكي يصفوا له ولأتباعه ، ونقول: إن ختم القرآن في صلاة التراويح وإن كان شيئاً طيبا قريبا للنفس ، إلا أنه لم يثبت في السنة، ولم يثبت عن أحد من الأصحاب عليهم الرضوان، والذي ينبغي للإمام إن يعلم أنه لا يصلي لنفسه حتى يصنع ما شاء، بل يصلي لغيره، ولهذا يُعبر الصحابة فيقولون : (( صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم )) فهو يصلي لغيره، وقد نصح النبي صلى الله عليه سلم معاذ بن جبل فقال : (( أنت إمام قومك، وأُقدر القوم بأضعفهم )) [رواه أبو داود والنسائي، وحسنه الحافظ في الفتح 2/299]، وفي المتفق علي صحته أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( يا أيها الناس ، إن منكم منفرين ، فمن أم الناس فليتجوز ، فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة))، وهذا في الفرض فما بالك في النافلة؟! ، أما من أراد الإطالة فليصلي لنفسه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا صلى أحدكم لنفسه فليصلي ما شاء )) .

24- تعمُد بعض الأئمة أن يختم القرآن في الصلاة في أيام قلائل .
وذلك بإتباع سرعة القراءة، ولكن الملاحظ والمُشاهد من حال هؤلاء أنهم يقرؤون بطريقة يصعب فيها متابعة الإمام ورده إن اخطأ، فضلاً عن ترك التدبر والتأمل في معاني الآيات، وحجة هؤلاء هو تحصيل ثواب القراءة ويستدلون على هذا بحديث : ((لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف))، و نسأل: هل ورد هذا الحديث في أحاديث صفة الصلاة، وهو القائل ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( صلوا كما رأيتموني أصلي)) ، أم ورد في فضل قراءة القرآن ؟، وأيضاً هذه الهيئة في القراءة مخالفة لأمر الله عز وجل : {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا}[ المزمل: 4 ]، وقد كانت تُعد حروف الكلمة الواحدة من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا تدعوا إحياء السنة بمخالفة السنة !.

25- إتباع بعض الأئمة سياسة استحلاب الدموع عند الدعاء .
فتراهم يتجهزون لهذا الأمر بأدعية مخترعة الغرض الوحيد منها هو جعل المأمومين ينتحبون ويبكون، ويُخشى أن يكون هذا من الرياء والسُمعة، وهيئة هذه الأدعية كتفصيلهم في وصف النار كـ ( اللهم إن نعوذ بك من النار، ومن حر النار، ومن زقوم النار، ومن عقارب النار، ومن .... ) وهذا كله من اللغو، فلو أعاذك الله ـ عز وجل ـ من النار ابتداء لأعاذك من كل هذا، وقد سمع "سعد بن أبي وقاص" - رضي الله عنه – ابناً له يدعو (( اللهم أني أسألك الجنة، ونعيمها، وبهجتها، وكذا، وأعوذ بك من النار، وسلاسلها، وأغلالها، وكذا، وكذا، فقال له : يا بني إني سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول : ((سيكون قوم يعتدون في الدعاء ، فإياك أن تكون منهم ، إنك إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير ، وإن أعذت من النار أعذت منها ، وما فيها من الشر ))[أخرجه احمد، وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 3/218 ) ، وانظر دعاء القنوت للشيخ بكر أبو زيد ص12 ، 13 ].

26- زيادة لفظة"حليم" في دعاء ليلة القدر .
فإن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها – سألت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( إذ أنا وافقت ليلة القدر فبما أدعو فقال : قولي اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فأعف عني )، وقد صحح الشيخ الألباني لفظة (( عفو كريم )) كما في تحقيقه لسنن ابن ماجة، فيزيد بعضهم فيقول : ( اللهم انك عفوٌ حليم تحب العفو فأعف عني ) ، فهذا استدراك على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ربما يأثم صاحبه .

27- إحداث بعض الزيادات عن دعاء القنوت المأثور .
كقولهم : (( فلك الحمد على ما قضيت، ولك الشكر على ما أنعمت به علينا وأوليت ))، ومثل الزيادة في : (( اللهم أهدنا بفضلك يا مولانا فيمن هديت )) ، قال العز بن عبد السلام في فتاواه ص 87 : (( ولا ينبغي أن يُزاد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في القنوت شيء ولا يُنقص )) .

28- دعائهم عند ختم القرآن بحديث داود بن قيس .
وفيه: (( اللهم ارحمني بالقرآن، واجعله لي إماماً ونوراً، اللهم ذكرني منه ما نُسيت، وعلمني منه ما جهلت ... ))، [وهذا الحديث ذكره الغزّالي في الإحياء بدون سند ، وضعفه السيوطي] .

29- تفصيلهم في الطلب عند الدعاء .
فتراهم يدعون: (( اللهم أدخلنا الجنة، وزوجنا من الحور العين، واسقنا من خمر الجنة، وثمر الجنة، وطير الجنة ... ))، والسنة على خلاف هذا، فجاءت السنة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالتفصيل في الاستغفار، والإجمال في الطلب .
فتراه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يدعو : (( اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا ، وما أسررنا وما أعلنا ... )) .
ويقول : ((إني أعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك)
ويقول : (( اللهم إني أعوذ بك من عُضال الداء ، وخيبة الرجاء ، وشماتة الأعداء ... ))، هذا في الاستغفار .
أما في الطلب فيقول : (( إذا سئلتم الله الجنة فأسالوه الفردوس الأعلى .. ) .

30- مبالغة بعض المأمومين في التأمين .
حتى أنك ترى في بعض الأحيان يصل الأمر صيحات بصرخات حماسية تشبه الهتافات، وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه – أنهم كانوا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سفر، فجعل الناس يجهرون بالتكبير، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( أيها الناس ، أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعاً قريباً وهو معكم )) [متفق على صحته]، وتأمين المأمومين في الصلاة من الذكر الذي يُسن الجهر به بقدر يحصل به المقصود .

31- ابتداء دعاء القنوت بعض الثناء والمحامد .
فإنه ليس من السنة البدء ببعض المحامد الطويلة التي يُستفتح بها دعاء القنوت، ولكن يدخل مباشرة في دعاء القنوت كما علمه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للحسن بن علي - رضي الله عنهما - .

32- التزام السجع في الدعاء.
ومن صورة هذا التزامهم بأحاديث واهية السند، لكنها يظهر فيها هذا السجع، مثل حديث: (( اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته .... )).
ومن الأدعية المخترعة المسجوعة : (( اللهم ارحمنا تحت الأرض، وارحمنا فوق الأرض، وارحمنا يوم العرض .... ))، وقد ثبت في صحيح البخاري عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما – أنه قال له : ( فانظر السجع في الدعاء، فاجتنبه، فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب )).[ دعاء القنوت لبكر أبو زيد ص 11 ، 12 دار ابن الجوزي ].

33- إطالة الدعاء .
قال البغوي : (( يُكره إطالة القنوت كما يُكره إطالة التشهد الأول))[ المجموع 3/479 ].
وقال بكر أبو زيد : ((وإذا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لمعاذ - رضي الله تعالى عنه - لما أطال في صلاة الفريضة أفتانٌ أنت يا معاذ ؟ فكيف في هذا الحال؟)) . [ دعاء القنوت صـ 14].

34- فتح مكبرات الصوت ليلاً في صلاة القيام .
وذلك يُكره لما يترتب عليه ضرر يلحق بعض الطلبة، أو عدم راحة بعض المرضى، فضلاً عن أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( ألا إن كلكم مناج ربه ، فلا يؤذين بعضكم بعضا ، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة " ، أو قال : " في الصلاة))[رواه أحمد، أبو داود وغيرهما ، وصححه الحاكم، والذهبي، وكذا الألباني]

35- تساهل بعض الأئمة في مسألة الوقف والابتداء .
المُشاهد الآن في كثير من المساجد أن بعض الأئمة تشهي التلاعب في مسألة الوقف والابتداء ، وذلك زعماً منهم أنه يُنبه المستمع، ولا يجعله ينشغل عن القرآن!، وهذا ما أظنه إلا من تلبيس الشيطان، فإنهم يُحدثون معاني جديدة من الممكن أن تُفسد المعنى كقولهم: { يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ }، ثم يقفون، ولا يكملون عن عمد، فيتوهم السامع أن الذي أكل البقر كان سبع ( أسد )، إلى غير ذلك من التلبيس .
فنقول لهؤلاء وغيرهم : (( أيها الناس التزموا بالسنة، ولا تتلونوا فإن دين الله واحد )) .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
جمع وترتيب
أبو صهيب وليد بن سعد
القاهرة 30 / 7 / 2011