بسم الله الرّحمن الرّحيم
قال الإمام العلم العلّامة المحدّث الفقيه بحقّ "
.....وكان يقول )): إنّما جُعل الإمامُ ليُؤتمّ به... وإذا قال : سمع الله لمن حمده ؛ فقولوا:)){الّلهمّ} ربّنا! ولك الحمد))؛ يسمع الله لكم، فإنّ الله تبارك وتعالى قال على لسان نبيّه- صلّى الله عليه وسلّم-: سمع الله لمن حمده)). انتهى كلامه – رحمه الله - .
محمّد ناصر الدّين الألبانيّ - رحمهُ الله - في كتابه الفذّ "
صفةُ صلاة النّبيّ – صلّى الله عليه وسلّم –
من التّكبير إلى التّسليم كأنّك تراه
صفحة (117-118)
" تحت فصل "
الاعتدال من الرّكوع، وما يقول فيه
ثمّ علّق في هذا الموضع بكلام نفيس جدّاً....
قال – رحمه الله -:
مسلم وأبوعوانة وأحمد وأبو داود.
(تنبيه):هذا الحديث لايدلّ على أنّ المؤتمّ لايُشارك الإمام في قوله : ((سمع الله لمن حمده))، كما لايدلّ على أنّ الإمام لايُشارك المؤتمّ في قوله : ((ربّنا ولك الحمد))؛ إذ أنّ الحديث لم يُسق لبيان ما يقوله الإمام والمؤتمّ في هذا الرّكن؛ بل لبيان أنّ تحميد المؤتمّ إنّما يكون بعد تسميع الإمام، ويؤيّدُ هذا أنّ النّبيّ – صلّى الله عليه وسلّم - كان يقول التّحميد وهو إمام، وكذلك عموم قوله - عليه السّلام - : (( صلّوا كما رأيتُمُوني أصلّي)) يقتضي أن يقول المؤتمّ ما يقوله الإمام كالتّسميع وغيره. وليتأمّل هذا بعض الأفاضل الذّين راجعونا في هذه المسألة، فلعلّ فيما ذكرنا ما يُقنع.
ومن شاء زيادة الاطّلاع؛ فليُراجع رسالة الحافظ السّيوطي في هذه المسألة (( دفع التّشنيع في حكم التّسميع)) ضمن كتابه ((الحاوي للفتاوي )) (1/529 ).انتهى كلامه - رحمه الله وغفر له- .
قال – حفظه الله -: ( في صفحة رقم (247) ، في الهامش"وفي هذا القدر الكفاية في نظري؛ ولكن للبيان أكثر أقف بكم إخواني على تعليق للفقيه الأصوليّ العلّامة الشّيخ : محمّد بن عمر سالم باز مول – حفظه الله ورعاه – معلّقاً على هذه الفقرة من كتاب العلّامة الألبانيّ المحدّث والفقيه بحقّ - نحسبه كذلك والله حسيبه ولانزكّي على الله أحداً -.
أقول: هذا الفصل فيه مسائل وهي التّالية:
المسألة الأولى: في موضع التّسميع والحمد. يُشرع للمصلّي أن يقول في حال رفعه من الرّكوع إلى القيام يعني ما بين الرّكوع والاستواء قائماً، يقول: سمع الله لمن حمده، وعقب القيام يقول: ربّنا ولك الحمد. وهذا المعنى جاء واضحاً في حديث المسيء صلاته بالرّواية التّي أوردها المصنّف – رحمه الله - ، حيث قال: ((وأمر بذلك(المسيء صلاته)، فقال له: ((لاتتمّ صلاة لأحد من النّاس حتّى ... يكبّر...ثمّ يركع...ثمّ يقول : سمع الله لمن حمده حتّى يستوي قائماً)). ثمّ كان يقول وهو قائم: (ربّنا ولك الحمد) إذن موضع قوله :) ربّنا ولك الحمد) بعد القيام، وموضع قوله: (سمع الله لمن حمده) في حال رفعه من الرّكوع إلى القيام.
المسألة الثّانية: هل يجوز للمصلّي سواء كان منفرداّ أو إماماً أو مأموماً أن يجمع بين قول : (سمع الله لمن حمده) و (ربنا ولك الحمد) ؟
أقول: اختلف في ذلك أهل العلم؛ من أهل العلم من ذهب إلى أنّ المصلّي المنفرد والإمام يجمع بين قول: (سمع الله لمن حمده) و (ربنا ولك الحمد)، أما المأموم فليس له إلّا أن يقول: (ربنا ولك الحمد)، واستدلّ هؤلاء بحديث الرّسول – صلّى الله عليه وسلّم – أنّه قال: ((إنما جعل الإمام ليؤتمّ به فإذا كبّر فكبّروا، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد)). قالوا: هذا الحديث فيه أنّ المأموم إذا صلّى خلف الإمام لايجمع بين قول: (سمع الله لمن حمده) و(ربنا ولك الحمد). وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنّ المأموم يجمع بين قول: (سمع الله لمن حمده) و (ربنا ولك الحمد). وقالوا: المراد بحديث الرّسول – صلّى الله عليه وسلّم - : ((إنما جُعل الإمام ليُؤتمّ به ))،بيان أنّ فعل المأموم يقع بعد أو عقب فعل الإمام، فهو– صلّى الله عليه وسلّم – إنّما أراد بيان مواضع الائتمام، وليس مراده بيان ما يقوله المُصلّي مأموماً. فقوله: ((إذا كبّر فكبّروا، وإذا ركع فاركعوا)) يبيّن أنّ فعل المأموم يقع عقب فعل الإمام، فإذا قال: ((سمع الله لمن حمده)) فقولوا: ((ربنا ولك الحمد)) : معناه يقع قولكم عقب فعل الإمام أو عقب قول الإمام، ولايفهم من هذا الحديث أنّ المأموم لايجوز له الجمع بين(سمع الله لمن حمده) و ( ربنا ولك الحمد ) . والدّليل على هذا القول: أنّ الرّسول– صلّى الله عليه وسلّم – كان يصلّي ويجمع بين(سمع الله لمن حمده) و (ربّنا ولك الحمد)، وهو إمام للنّاس، والرّسول– صلّى الله عليه وسلّم – يقول: (( صلّوا كما رأيتموني أصلّي))، فلو كان لايشرع للمصلّي أن يجمع بينهما إذا كان مأموماً لوجب على الرّسول – صلّى الله عليه وسلّم – أن يبيّن ذلك؛ لأنّه لايجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. ومعلوم أنّ خطابه – صلّى الله عليه وسلّم – بقوله: ((صلّوا كما رأيتموني أصلّي)) إنّما توجه للصّحابة الذّين كانوا يصلّون معه، وقد كان يجمع - صلّى الله عليه وسلّم- بين قول : (سمع الله لمن حمد) و (ربّنا ولك الحمد)، فما دام الحال كذلك، فإنّ المصلّي يشرع له الجمع بينهما سواء كان منفرداً أو إماماً أو مأموماً.
المسألة الثّالثة: فيه تأكيد الاهتمام بقول: (سمع الله لمن حمده) (ربّنا ولك الحمد)، وذلك لأنّ الرّسول – صلّى الله عليه وسلّم - بشّرنا وأخبرنا بأنّ الله سبحانه وتعالى يسمع لعبده إذا قال: (سمع الله لمن حمده) (ربّنا ولك الحمد) أو (( الّلهمّ ربّنا ولك الحمد)) أو(الّلهمّ ربّنا لك الحمد) فإذا قالها العبد سمع الله – عزّ وجلّ – منه هذا الدّعاء وتقبله منه وأثابه عليه، وجاء ما يُؤكّد هذا المعنى في قوله – صلّى الله عليه وسلّم - : ((فإنّه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدّم من ذنبه)). انتهى المقصود والحمد لله ربّ العالمين.