صلاة الفاتح أفضل من القرآن بستمائة ضعف!!

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المجتبى وعلى آله ومن سار على هديه واقتفى أما بعد :
فإن من بدع أهل التصوف التي تكاد لا تنقضي ومن تلبيس شياطين الإنس والجان على العوام أن يزيِّنواْ لهم المحدثات والخرافات .
فمما يُحكى عن كتب الطائفة التيجانية أنهم يزعمون أن صلاة الفاتح أفضل من كلام الله جل وعلا بأضعاف مضاعفة !! وهذا مصادم للنصوص الشرعية ومخالف لمدلولها ومناقض لأمر معلوم من الدين بالضرورة .
فمن ذلك حديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ". أخرجه البخاري فى التاريخ الكبير (1/216) والترمذي (5/175 ، رقم 2910) وقال : حسن صحيح غريب. والبيهقى فى شعب الإيمان (2/342 ، رقم 1983) وصحَّحه الألباني (تخريج الطحاوية ، رقم 139) و (المشكاة ، رقم 2137).

قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي": وَهُوَ أَقَلُّ التَّضَاعُفِ الْمَوْعُودِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } { وَاَللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ }.

ومن أخبث كتب هذه الطائفة الصوفية كتاب الرِّماح وكتاب جواهر المَعاني والظاهر أن هذه الصلاة مبثوتة فيها .
وهي من رواية حرازم عن التِّجاني .
ومما يدل على أفضلية كلام الله عز وجل على سائر الكلام ما بوبه البخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب فضائل القرآن (باب فضل القرآن على سائر الكلام) .

جاء في جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني لعلي حرازم بن العربي الفاسي.
قال: (..ثم أمرني بالرجوع صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الفاتح لما أغلق ،فلما أمرني بالرجوع إليها سألته صلى الله عليه وسلم عن فضلها فأخبرني أولا بأن المرة الواحدة منها تعدل من القرآن ست مرات ،ثم أخبرني ثانيا أن المرأة الواحدة منها تعدل من كل تسبيح وقع في الكون ومن كل ذكر ومن كل دعاء كبيراً وصغيراً ومن القرآن ستة آلاف مرة لأنه من الأذكار ).
والحمد لله أن أهل السنة لا يقبلون إلا ما كان من طريق صحيحٍ متواتراً كان أو آحادا ولله در الإمام عبد الله بن المبارك إذ يقول :(( لو لا الإسناد لقال من شآء ما شآء )) وقال الإمام محمد بن إدريس رحمه الله :(( مثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد كمثل حاطب ليل )) .
قال الشيخ العلامة محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله :
اعلم أيها القارئ الذي أنجاه الله من الوقوع في حبائل الطرق، وأنت أيها القارئ المسكين الأسير العاني المكبول بكبل الطريقة إذا وفقك الله لقراءة هذا الكتاب أنَّنِي وجدت في جوهر المعاني وغيره من كتب الطريقة ضلالات وموبقات كثيرة جدا يضيق الوقت عن وضعها في الميزان، فأردت أن أختار منها نبذة أرجو أن تكون كافية بتحذير الناس من الطريقة إن كانوا سالمين من الدخول فيها ولإنقاذ من أراد الله به خيراً ممن ابتلوا بها، وسأقتصر في هذه الخاتمة على جواهر المعاني الذي زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قـال هو كتابي وأنـا ألفته للأحباب يعني التجانيين، فأقول وبالله التوفيق وهو الهادي بمنه إلى أقوم طريق .. اهـ الهدية الهادية.

فهذه هي حقيقة هذا الكتاب الموسوم بالجواهر وحق أن يسمى بالضلال المبين ...
وهذا الورد البدعي له حالتان بخصوص من يتعبدُ به :
الحالة الأولى : أن الذي يردده جاهلاً ببدعيته دون اعتقاد أفضليته فلا يقبل الله منه هذا لاشتراط المتابعة في قبول الأعمال .
الحالة الثانية : أن يردده معتقداً أفضليته على كلام الله وهذا على خطرٍ عظيم إذ ترك المشروع وركب المحدثات بل دخل في دوامة إنكار أمر معلوم من الدين بالضرورة .

وعذر الجاهل أمرٌ مطلوب لأن البعض إذا سمع عن فلان من الناس يردده يعمد إلى تكفيره وجعل الصلاة خلفه باطلة ، وإذا ذهبت تناقش هذا الإمام عن هذه الصيغة البدعية يقابلك بإجابة الجهل المركب ، كأن يقول أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيها سعة !
فبأي الصيغ صليت عليه أجزأتك !! .
حينئذٍ تبين له أن العبادات توقيفية لا مجال للرأي فيها ولا نصيب ، وإلا كان عملك هذا من الهباء المنثور كما أنك تحذِّره أيضاً من اعتقاد أفضلية هذه الصيغة المحدثة على كلام الله جل وعلا ،وتعذره لجهله ولأنه من موانع التكفير والتبديع وكذا التفسيق ؛كما قال العلامة صالح الفوزان حفظه الله أن الموانع أربعة : الجهل والتأويل والشبهة والخطأ .
وقد التبس الأمر على بعض الإخوة فأحببت أن أرقم هذا للبيان والإيضاح ، خاصة وأن شوكة المتصوفة قوية والبدع والمحدثات منتشرة قد عمت وطمت بها المساجد ، نسأل الله العافية والسلامة .

وفي المأثور الصحيح غنية عن المختلق المصنوع ، وفضل الصلاة والتسليم على رسول الله وارد في الكتاب والسنة قال الله عزوجل :( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَآأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً).


قال ابن كثير رحمه الله: ( المقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى بأنه تصلي عليه الملائكة ثم أمر الله تعالى العالم السفلي بالصلاة والسلام عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعاً ) أ.هـ.

قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في جلاء الأفهام: ( والمعنى أنه إذا كان الله وملائكته يصلون على رسوله فصلوا عليه أنتم أيضاً صلوا عليه وسلموا تسليماً لما نالكم ببركة رسالته ويمن سفارته، من خير شرف الدنيا والآخرة ) اهـ
ومن السنَّة حديث أبي محمد بن عجرة قال: خرج علينا النبي فقلت: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلِّي عليك؟ فقال: { قولوا اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل ابراهيم إنك حميد مجيد } [متفق عليه].

وعن أبي حميد الساعد قال: قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: { قولوا اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد } [متفق عليه].
ومن السنة حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة.
رواه مسلم (384).

فينبغي علينا جميعاً أن نبدأ بتعليم أهلينا وأنفسنا قبل ذلك ، عملاً بقول الله تعالى :( يآأيها الذين آمنواْ قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ) .
ورحم الله أبي الأسود الدؤلي إذ ينشد :
يا أيها الرجل المعلم غيره... هلا لنفسك كان ذا التعليم

تصف الدواء لذي السقام وذي... الضنى كيما يصح به وأنت سقيم

و أراك تصلح بالرشاد عقولنا... نصحاً وأنت من الرشاد عديم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيِّها... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

هذا والله أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .